الادمان على المخدرات في العراق .. قمة جبل الثلج العائم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الادمان على المخدرات في العراق .. قمة جبل الثلج العائم
سحر الخالدي من بغداد: فجأة وجد سمير نفسه يعيش حياة لم تطف بخياله يوما..
الشارع غير آمن بسبب المفجرين الانتحاريين والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة حيث
الموت يترصد الجميع..
والعمل لا يوفر ملاذا مؤقتا من خطر الشارع وهموم المنزل لسبب بسيط..انه لا يعمل.
سمير وهذا ليس اسمه الحقيقي مجرد حالة من آلاف الحالات من مدمني المخدرات في العراق الذين لا تتوافر إحصاءات دقيقة عنهم ولا عن حجم الكميات المهربة الى داخل بلد لم تكن مشكلة الادمان معروفة فيه قبل سنوات قلائل.
يقول مصدر في وزارة الصحة العراقية ان عدد المدمنين على المخدرات شهد ارتفاعا في الاونة الاخيرة حيث تتجاوز الحالات المسجلة (7 ) الاف مدمن على المخدرات اغلبها في بغداد وكربلاء خصوصا وباقي المحافظات عموما باستثناء منطقة كردستان لعدم توفر احصائية عن عدد المدمنين فيها واغلب المدمنين من الشباب تتراوح اعمارهم من 15-45 سنة من الذكور.
وقد يبدو الرقم غير كبير في بلد يصل عدد سكانه الى حوالي 27 مليونا لكن أحد العاملين في مجال الرعاية النفسية والاجتماعية يقول ان هذا "مجرد قمة جبل الثلج العائم" لانه يتعلق فقط بالحالات المسجلة وليس بالعدد الحقيقي للمتعاطين والمدمنين.
لكن الرقم مع ذلك وهو يتعلق بالحالات المسجلة لعام 2004 وعام 2005 حتى الان يمثل قفزة خطيرة عند مقارنته بالارقام المسجلة السابقة بين الاول من آيار مايو 2203 اي بعد أقل من شهر من دخول القوات الامريكية الى بغداد وحتى نهاية آب أغسطس عام 2004 حيث بلغ عدد الحالات المسجلة 2029 حالة.
قبل الاطاحة بنظام صدام حسين لم تكن المخدرات تمثل مشكلة حيث كانت مجرد حالات فردية تكاد تعد على أصابع اليدين.
وعندما حدث الغزو كانت هناك كمية من المخدرات المصادرة موجودة في الطب العدلي لكنها اختفت إبان حالة الوضى التي واكبت الغزو.
تردد ان القوات الامريكية استولت عليها وتقول بعض المصادر انه تمت مفاتحة هذه القوات بشأنها لكنها رفضت تزويد السلطات العراقية بأي معلومات في هذا الصدد.
ومعظم المخدرات التي تدخل الى العراق تأتي من ايران وفقا لمصادر وزارة الداخلية وتتمثل في الافيون والحشيش والحبوب المخدرة.
واكد المصدر المسؤول في وزارة الصحة ان اعلى نسب حلات الادمان سجلت في محافظة كربلاء حيث بلغ عدد المسجلين في مراكز الصحة في المدينة 730 مدمنا توفي 15 منهم عازيا السبب الى دخول كميات من المواد المخدرة عن طريق المهربين الذين يندسون بين الوافدين من ايران لزيارة العتبات المقدسة في المدينة.
وقال عضو في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات وممثل عن وزارة الداخلية ل (أصوات العراق) ان دول الجوار هي المصدر الاول لهذه المخدرات خصوصا في مناطق الوسط والجنوب.
ويقول مصدر في وزارة الداخلية انه باستثناء ايران التي يتم تهريب اكبر كمية من المخدرات منها فان كميات قليلة يتم تهريبها ايضا من سوريا والاردن والسعودية.
وعزا عضو اللجنة الوطنية اسباب انتشار تعاطي وترويج المخدرات الى الانفلات الامني وغياب الرقابة داخل الاراضي العراقية التي تدخل اليها كميات كبيرة من المخدرات عبر دول الجوار وحل الاجهزة الامنية وضمنها مكاتب مكافحة المخدرات وامتلاك المهربين اجهزة الاتصالات الحديثة وتراجع مستوى اجهزة الشرطة العراقية وفتح الدول المجاورة حدودها وتدهور الوضع الاقتصادي والحالة الاجتماعية بسبب البطالة.
واقترح العضو الذي طلب عدم ذكر اسمه مجموعة اجراءات للحد من عمليات تهريب المخدرات منها تعزيز ضبط الحدود واجهزة الكشف عن المخدرات واستخدام الكلاب البوليسية واشراك العاملين في مجال مكافحة المخدرات وخصوصا رجال الشرطة بدورات تدريبية للتعرف على انواع المخدرات. كما دعا الى تشجيع المواطنين للابلاغ عن حالات تعاطي وترويج المخدرات وتخصيص مكافات مالية للمتعاونين وتقديم مكافات مالية كبيرة لرجال الامن لمكافحة الفساد الاداري والاستفادة من خبرات الدول الاخرى وتبادل المعلومات مع الدول المجاورة في مجال ضبط المخدرات وتجريم عمليات غسيل الاموال التي طبقا لاتفاقية الامم المتحدة للاتجار بالمخدرات الخاصة بالعام 1988.
غير أن المسؤولين لا ينتظرون تحقيق هذه الحلول للتصدي للمشكلة.
فقد اشار مصدر في شعبة مكافحة المخدرات في وزارة الصحة العراقية الى أنه سيتم افتتاح وحدات صحية لمعالجة المدمنين في جميع محافظات العراق مشيرا الى اهمية بناء قاعدة بيانات حقيقية وهو امر يستحق بذل كل الجهود اذ يعتبر الركيزة الاساسية في انجاح مشروع مكافحة المخدرات.
وقال انه تم تدريب 125 طبيبا في مصر والاردن للتعرف على احدث الاساليب والتقنيات المتقدمة في مكافحة المخدرات وبد ذلك سيقوم الاطباءباعطاء دورات تدريبية للاطباء داخل العراق .
وعزا انتشار المخدرات الى ضعف تطبيق القانون بحق المتجاوزين وعدم الاستقرار الامني والبطالة وسهولة توفر المواد المخدرة والموقع الجغرافي للعراق حيث تحيط به بلدان تنتج وتروج للمخدرات وقيام النظام السابق باطلاق سراح الاف المجرمين من المدمنين اصلا على المخدرات.
لكنه اشار الى عدم امكانية الوزارة لوحدها التصدي للمشكلة مشددا على ضرورة ان يكون هنالك تعاون وتنسيق مع جهات عدة منها صحية وامنية وقانونية وتعليمية ودينية لمواجهة المشكلة التي تحيط بالمجتمع العراقي .
غير أن سمير الذي بدأ التعاطي كنوع من التجربة والهروب من الواقع بناء على تحريض من أصدقائه لا يرى نورا في نهاية النفق في المستقبل المنظور.
يقول سمير (29) خريج الجامعة وابن الاسرة المتوسطة ان حل المشكلة لا يمكن ان يتم بمعزل عن كل المشاكل الاخرى التي يعاني منها العراق من انعدام الامن الى وجود القوات الاجنبية ومن البطالة الى خطر التشرذم الطائفي.
ويضيف بسخرية مرة "ساعتها ربما لا أجد ما يدعوني الى الهروب من واقعي.. أما الان فلا."
أصوات العراق