إيلاف+

الجدار يدمر مستوطنة رومانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أسامة العيسة من القدس: أدت أعمال ما زالت مستمرة لتشييد الجدار الإسرائيلي الفاصل، على الأراضي الفلسطينية، إلى تدمير عشرات المواقع الأثرية الفلسطينية والتي تعود إلى عصور قديمة، دون أن يثير ذلك اهتماما محليا أو عالميا. ومن المتوقع أن يؤدي بناء مقاطع من هذا الجدار، جنوب القدس، حول مدينة افرات الاستيطانية، إلى تدمير ما تبقى من مستوطنة رومانية قديمة تقع في منطقة يطلق عليه الفلسطينيون اسم (خربة عليا).
وتسكن هذه الخربة عائلتان فلسطينيتان، إحداهما تركت المكان لان الموقع سيطرت عليه قوات الاحتلال احد القبور المهدمة الإسرائيلية خلال انتفاضة الأقصى، وأقامت عليه أبراج مراقبة ونقاط عسكرية استخدمت لقصف المنازل الفلسطينية، بينما تعيش العائلة الأخرى في رعب دائم من جنود الاحتلال والمستوطنين.
وتضم الخربة قبورا رومانية قديمة محفورة في الصخر، بشكل فني بديع، تظهر هندسة القبور في تلك الفترة، وبعض هذه القبور هي عبارة عن قبور فردية، وهذا يتضح من احتوائها على لحد واحد محفور هو الآخر في الصخر، ضمن مقاييس معينة، بينما تحتوي قبور أخرى على اكثر من لحد، بالإضافة إلى ما يشبه المساطب الحجرية، والتي يمكن أن تؤشر على بعض المعتقدات لدى الأقوام التي استوطنت المكان، وتتعلق بالحياة بعد الموت، والتي ربما خصص وجودها لجلوس الميت بعد أن ينهض من القبر، ليستريح، وفقا لتلك الاعتقادات.
ويطلق السكان المحليون على هذا النوع من القبور (النواميس)، ويعتقد أن بعض هذه النواميس استخدمت كأماكنه للسكن، في العصور الماضية، واستخدمها بعض السكان في التاريخ الحديث للاختباء كما حدث في حزيران (يونيو) 1967، في أثناء احتلال إسرائيل للضفة الغربية، أو خلال الانتفاضة من قبل المطاردين لقوات الاحتلال.
وتضم الخربة آثارا أخرى كالآبار المحفورة في الصخر، وخزانات المياه الصخرية، وغرف واسعة ذات أبواب كبيرة، يتوقع أنها كانت مساكن، بالإضافة إلى آثار لا يعرف عددها تغطيها الأتربة والصخور.
وكان شق شارع استيطاني عريض يربط بين شارع ضخم يطلق عليه شارع 60، شقته إسرائيل لربط المستوطنات اليهودية في الضفة مع مدينة القدس، ومدينة افرات الاستيطانية، أدى إلى تقسيم (خربة عليا) إلى عدة أقسام، وتدمير أثار لا يعرف حجمها.
ويقول أحد سكان المنطقة، بان دائرة الآثار الإسرائيلية، حضرت إلى المكان، عندما بدأت أعمال شق الشارع لحد داخل احد القبور الاستيطاني العريض وسط الخربة، بعد أن كشفت الحفريات عن وجود آثار، ولكن بعد تصوير تلك الآثار، من قبل موظفي دائرة الآثار الإسرائيلية، واصلت الجرافات عملها التدميري للآثار، وهي تشق الشارع.
وتوجه اتهامات لإسرائيل، بعدم ايلاء أهمية لأية آثار لا تخدم الأيديولوجية التي تتبناها، مما جعلها تدمر عشرات المواقع الأثرية خلال بناء الجدار الفاصل فقط، كما يقول الاثاري الفلسطيني الدكتور إبراهيم الفني لمراسلنا.
واضاف الفني "الجدار دمر أكثر من 200 موقع اثري حضاري جزء منها كشفت عنه الحفريات وجزء آخر تم إجراء مسوحات أثرية فيها، وهذه المسوحات كثيرة بدأت منذ عام 1863 وما بين عامي 1927 ـ 1944 وبين عامي 1963-1960 وكذلك عام 1985".
ويهدد الجدار الان ما تبقى من (خربة عليا)، لانه سيبنى وسط ما تبقى من الخربة وبشكل يتقاطع مع الشارع الاستيطاني الذي كان تم شقه مخترقا الخربة، ومدمرا مواقعها الأثرية.
ومما يزيد الأمر سوءا، في نظر الباحثين، هو أن هذه الآثار في هذه الخربة، وغيرها من المستوطنات الرومانية في فلسطين، لم تحظى بدراسات، خصوصا وان الأدوات الأثرية في قبورها ومنازلها كالفخاريات والزجاجيات والمعادن وغيرها، نهبت في عصور لا يمكن تحديدها من السكان المحليين، وما تبقى من هذه المستوطنات يتم نهب كنوزها الان، حيث تنتعش أسواق سرية لبيع الآثار، يشارك فيها فلسطينيون وإسرائيليون، بينما تقف السلطة الفلسطينية عاجزة عن عمل أي شيء، لمحدودية صلاحياتها، ولجهلها بكثير من المواقع الأثرية، في حين يعتقد أن السلطات الإسرائيلية التي تحارب التنقيب غير الشرعي عن الآثار تغض النظر عن ما يجري، لان المنهوبات في النهاية تجد مكانها في متاحف إسرائيلية، أو في يد تجار إسرائيليين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف