إيلاف+

الدروس الخصوصية في تونس: سيف على رقبة الأولياء

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

إيهاب الشاوش من تونس: شر لا بد منه، و سيف مسلط على رقبة الأولياء. هكذا هي الدروس الخصوصية في تونس. ظاهرة، استفحلت في المجتمع، و تحولت الى ممارسة تخضع لقانون العرض و الطلب.
الأولياء يشتكون في العلن و في الخفاء ينفقون اموالا طائلة في سبيل ضمان نجاح أولادهم، و وزارة التربية التونسية تؤكد انها لا تتسامح مع هذه الممارسات الاستفزازية، إلا أنها عجزت عن إيجاد حلول جذرية لإقتلاع هذه الظاهرة من جذورها. بل انها تلقي باللوم في غالب الأحيان على المواطن باعتباره مسؤولا او مشاركا بصفة او بأخرى في انتشار الدروس الخصوصية.
وظاهرة الدروس الخصوصية، كان يمكن لها ان تكون "معقولة" و "مقبولة" لو انها استجابت لأوامر وزارة التربية، المنظمة للقطاع. وهو الأمر عدد 679 لسنة 1988 المؤرخ في 25 مارس 1988 و المتعلق بضبط شروط تنظيم دروس التدارك و الدعم و الدورس الخصوصية. غير ان الواقع في واد، و تراتيب وزارة التربية التونسية في واد آخر.

طرق عديدة لإجبار التلاميذ

و رغم ان للتلميذ حرية الإختيار، بين الالتحاق بهذه الدروس، من دونه، الا ان بعض المربين و الأساتذة يعمدون إلى إجبارهم، بعديد الوسائل. يقول محمد(معلم تطبيق اول)" و سائل الضغط تتمثل، اولا في الضغط على الأعداد خلال الثلاثي الأول لإيهام الولي بأن ابنه ضعيف في بعض المواد. او وضع التلميذ في آخر الفصل و عدم الإهتمام به.او ايضا بتسريب بعض الفروض للتلاميذ الذين يتعاطون الدروس الخصوصية".
و يروي لنا "محمد"، كيف ان معلمة، قامت بافتكاك محفظة احد التلاميذ لأنه تأخر في سداد معلوم هذه الدروس. مما اضطر الولي لتقديم شكوى لمدير المدرسة.
رواية اخرى لا تقل غرابة، روتها لنا "يسرى"(ممرضة). بطلها الدروس الخصوصية، و ضحيتها احد المعلمين. و تقول محدثتنا" تسببت الدروس الخصوصية في بتر ساق زوج زميلتي في العمل. حيث كان هذا الأخير يدرس في احد المدارس بالوسط. و ذات يوم جرت بينه و بين زميلته في العمل، مشادة كلامية بسبب اعتمادها اقصاء تلميذ و إسناده علامات ضعيفة، رغم انه يستحق علامات مميزة. فنهرت هذه المعلمة زميلها واتهمته بأنه قاطع ارزاق و لا يترك" الناس تخدم". و لما كان الرجل مصاب بداء السكري. أغمي عليه و نقلوه الى المستشفى. و بعد مدة بتروا ساقه...
سنيا(موظفة) تتهم من جهتها المعلمات، خاصة بقبول الهدايا كالفساتين و الماكياج و الهواتف المحمولة. و تقول في هذا السياق" في بعض الأحيان يعود ابني من المدرسة و يبلغني ان المعلمة طلبت منه هدية، بطريقة غير مباشرة" و لما طلبنا منها زيارة هذه المعلمة و التحدث إليها رفضت سنيا ذلك، خوفا من ردة فعل المعلمة على ابنها.

التعليم الثانوي ليس أحسن حالا

في التعليم الثانوي يكثر الإقبال على مادة الرياضيات و اللغات الأجنبية و الفيزياء و خاصة في الأقسام النهائية، حيث يضحي الأولياء بالغالي و النفيس من اجل ان يتخطى ابنائهم مناظرة الباكالوريا ولو كان ذلك على حساب حاجيات اخرى، اذ تصل بعض الدروس الخصوصية الى 80 دولارا.
هذه الدروس تبدوا في كثير من الأحيان ضرورية لاجتياز مناظرة الباكالوريا، إلا أنها تقدم في ظروف مزرية.
مراد(أستاذ فرنسية) اصطحبنا الى احد أحياء العاصمة بتونس. دخلنا مستودعا يقول مراد انه استأجره مع مجموعة من زملائه، لتقديم حصص دعم في مواد الإنجليزية و الفرنسية و الرياضية، لتلاميذ السنة السادسة و السابعة ثانوي. المستودع يتكون من فضاء، بعض الكراسي و صبورة معلقة في قاع المستودع. لا هواء نقي و لا منافذ لخروج النجدة و لا هم يحزنون...

البعض الآخر يعمد لاستغلال غرف الأسطح، او محاضن الأطفال او غرف الأكل. يقول احمد ساخرا (تلميذ)" خلال حصص الدروس الخصوصية في مادة الرياضيات كنا نتكهن بالأكلة التي تجهزها زوجة أستاذنا. كنا ندرس في غرفة قرب المطبخ. و كنا 15 تلميذا في فضاء لا يتسع لأكثر من 5 تلاميذ".
و يشير الفصل السابع من الأمر الوزاري المنظم للدورس الخصوصية الى انه يمكن للمدرس الواحد القيام بدروس خصوصية لفائدة مجموعات من التلاميذ، لا يتجاوز عددها بأي حال من الأحوال الثلاث مجموعات، و لا يمكن ان يتجاوز عدد التلاميذ بالمجموعة الواحدة الأربعة تلاميذ.

ولا تقتصر على تلاميذ الأقسام النهائية الذين يستعدون لمختلف الامتحانات النهائية كالباكالوريا، بل امتدت لتشمل حتى تلاميذ السنة الأولى من التعليم الأساسي وهو منافي للقانون التونسي.
تقول سلوى، منذ اول سنة دراسة لابنتي كنت مضطرة لدفع 40 دينار شهريا للمعلمة مقابل ثلاث ساعات اسبوعيا، تراجع خلالها المعلمة دروس ابتني.

قانون الدروس الخصوصية في تونس

الأمر عدد 679 لسنة 1988 المؤرخ في 25 مارس 1988 المتعلق بضبط شروط تنظيم دروس التدارك أو الدعم أو الدروس الخصوصية.
يرخص لرجل التعليم الابتدائي والثانوي القيام بدروس خصوصية حسب الشروط التالية:
- يمكن للمدرس الواحد القيام بدروس خصوصية لفائدة مجموعات من التلاميذ لا يتجاوز عددها بأي حال من الأحوال الثلاث مجموعات ولا يمكن أن يتجاوز عدد التلاميذ بالمجموعة الواحدة الاربعة تلاميذ.
- يجب أن تلقى الدروس في قاعات معدة للغرض تتوفر فيها الشروط المناسبة (قواعد حفظ الصحة، الاتساع، التهوئة.
- لا يمكن للمدرس بأي حال من الأحوال أن يقبل في الدروس الخصوصية التي يقوم بها تلاميذ الاقسام التي توكل له في المؤسسة التي يدرس بها.
- على رجال التعليم الذين يعتزمون القيام بدروس خصوصية طلب ترخيص في الغرض من الادارة الجهوية للتعليم التي يعودون اليها بالنظر خمسة عشر يوما على الاقل قبل انطلاق الدروس.
- يمكن للجمعيات والمنظمات (مثل المنظمة التونسية للتربية والأسرة) تنظيم دروس خصوصية داخل المؤسسات التعليمية الابتدائية والثانوية الراجعة بالنظر لوزارة التربية والتكوين.
II - دروس التدارك أو الدعم
- يمكن أن تنظم دروس التدارك أو الدعم خارج التوقيت الرسمي لفائدة التلاميذ الذين هم في حاجة الى الدروس.
- يتولى مدير المؤسسة التعليمية ضبط قائمة التلاميذ الذين هم في حاجة الى دروس التدارك أو الدعم بعد أخذ رأي المدرسين.
- يعلم مدير المؤسسة التعليمية أولياء التلاميذ المقترحين لمتابعة دروس التدارك أو الدعم.
- تنظم دروس التدارك أوالدعم داخل المؤسسات التعليميةبمساعدة المنظمة التونسيةللتربية والأسرة ومنظمات وجمعيات أخرى.
- يضبط جدول أوقات دروس التدارك أو الدعم ومحتواها وكذلك عدد التلاميذ بالنسبة لكل مجموعة بمقرر من وزير التربية والتكوين بعد أخذ رأي الهيئات المعنية بالأمر.
III - المراقبة البيداغوجية والادارية
- تخضع الدروس الخصوصية ودروس التدارك أو الدعم والقاعات المخصصة لها الى المراقبة البيداغوجية والادارية للمتفقدين التابعين لوزارة التربية والتكوين.
- كل مخالفة لأحكام الأمر الذي ينظم هذه الدروس يترتب عنها تطبيق العقوبات التأديبية الواردة بالقوانين الجاري بها العمل.

Iheb_ch@yahoo.fr

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف