العلاقة بين الأستاذ والطالب مروان البرغوثي
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
وفي حديث مع إيلاف استذكر فرارجة تاريخ علاقته مع البرغوثي قائلا "تعود علاقتي مع مروان إلى مطلع الثمانينات من القرن الماضي، إلى عامي 82-1983، عندما كنا طلابا في جامعة بير زيت، وكان هنالك تفاعلا فيما بيننا، بحكم الواقع السياسي الذي تعيشه فلسطين، والجامعة بشكل خاص، ولكن تقطعت بنا الأوصال عندما سافرت إلى الولايات المتحدة في عام 1983 للدراسة، وكان أول لقاء لي مع مروان بعد عدة سنوات، ولكن في الأردن، أي بعد أن تعرض للإبعاد عن ارض الوطن، وهنالك التقينا في أحد الأماكن مع بعض الأصدقاء، وشعرت بمرارة النفي والإبعاد من خلال ذلك اللقاء، ومن خلال ما دار بيننا من أحاديث، في اللقاء الذي كان حارا ووديا بعد عدة سنوات من الانقطاع، ولم يكن الأول، حيث حدث انقطاع أخر حتى عامي 1993-1994، عندما عاد مروان إلى فلسطين".
وخلال هذه السنوات، اصبح فرارجة أستاذا في دائرة العلوم السياسية في جامعة بير زيت، والتقى مروان في الجامعة ضمن نشاط سياسي وتبادلا الحديث.
وفي عامي 1994-1995 يقول فرارجة "قررنا مجموعة من الأساتذة، الذين عادوا إلى فلسطين، ومن أبرزهم الدكتور إبراهيم أبو اللغد، أن نبدا برنامجا للدراسات العليا في الجامعة، وعندما بدأنا برنامج الدراسات العليا في الدراسات الدولية كان مروان من أوائل من التحقوا بالبرنامج، ولمست لديه إصرارا منقطع النظير على متابعة الدراسة، رغم الكثير من الأنشطة والانشغالات والعمل السياسي، في تقديري تفتت برنامج أي إنسان، والنقطة الأهم، هي انه بعد التحاقه ببرنامج الماجستير، اصبح طالبا في عدد من مساقاتي، وعند إنهائه للمساقات طرح علي أن أكون المشرف على رسالته للماجستير، فأبديت الموافقة".
وردا على سؤال إذا كان اختيار الطالب لأستاذه المشرف على رسالته، أمر متبع في الجامعة، أم انه استثناء منح لمروان لمكانته السياسية قال فرارجة "لم يكن هنالك أي استثناء لمروان، فأي طالب يختار أستاذه المشرف، ضمن توافق بين الأستاذ والطالب والبرنامج، وبالنسبة لي وافقت على طلب مروان، الذي اصبح عندئذ نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني".
وبالإضافة إلى عضويته في المجلس التشريعي، شغل مروان منصب أمين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح، وهو إطار جمع كوادر ومسؤولي تنظيم فتح في الضفة الغربية، وكان بحكم مسؤوليته هذه متابعا لشؤون التنظيم اليومية، مما جعله مشغولا باستمرار.
ويذكر فرارجة بان مروان، بسبب هذه الأمور لم يكن طالبا عاديا مشيرا إلى انه يذكر نقاطا طريفة عديدة حكمت العلاقة بينهما كأستاذ وطالب قائلا "مروان كان طالبا مثابرا في دراسته للماجستير، ربما اكثر بكثير من طلاب آخرين عرفتهم، رغم انشغالاته الهائلة، ومن اطرف ولربما اغرب ما أتذكره، انه في بعض الوقت كان يجري اتصال بيني وبين مروان، ونلتقي، لمراجعة رسالته بعد الساعة الثانية عشر ليلا، ونمضي، عدة ساعات حتى الصباح، في ظل ظروف الاحتلال الصعبة، وكنت افعل ذلك تفهما مني لوضعه، وكان ما يحفزني على فعل ذلك، أن مروان كان يلتزم بكافة الإرشادات والتعليمات التي أعطيه إياها في عمله على الرسالة، وهذا كان أمرا محفزا لي للغاية، لان المسالة تصبح عملية تفاعلية، وانهى مروان رسالته بجدارة، وناقشها أيضا بجدارة، واستمرت العلاقة بيننا التي بدأت منذ ما لا يقل عن 24 عاما رغم التقطع".
وردا على سؤال ما هي التغييرات التي لاحظها فرارجة على البرغوثي، عندما عرفه لأول مرة كزميل في جامعة بير زيت، ثم كأستاذ له في نفس الجامعة قال فرارجة "اتساع رقعة التجارب التي مر بها مروان والتي يمكن لأي إنسان أن يمر بها، توسع المدارك والآفاق، ولكن الأهم هو ما لمسته لديه من جدية ومثابرة لاجل التحصيل العلمي، هذه كانت ربما واضحة اكثر من أي وقت مضى، ولم يكن علي سهلا أن انتقل من مرحلة الزمالة إلى مرحلة علاقة الأستاذ بطالبه، والإنسان يبتدع الأساليب للمواءمة بين النوعين من العلاقة".
ويضيف "قبل اعتقال مروان، وبعد أن أنهى الماجستير، كان يراجعني باستمرار من اجل إعداد مقترح متابعة دراسته للدكتوراه، كنت المس تفهم مروان لضرورة المواءمة بين الموقع السياسي وزيادة الاطلاع العلمي وتوسيع المعرفة".
وكانت رسالة الماجستير التي أنجزها البرغوثي عن العلاقات "الفلسطينية-الفرنسية منذ عام 1967"، ويؤكد فرارجة بأنه لم يجامل مروان أبدا خلال العمل في الرسالة قائلا "من بيني وبينهم معرفة من الطلاب، تصبح التوقعات لدي اكبر واعلى ممن لا اعرفهم، وبالتالي تصبح درجة الإنجاز أو الأداء المطلوبة أعلى، ومع مروان، ولان هنالك علاقة شخصية لمست لديه تطلعا لمزيد من الدقة، وكوني اعرف أن مروان يتمتع بموقع سياسي، وان الرسالة التي يعمل عليها، هي في موضوع هام وسوف تحظى بأهمية، فبالتأكيد إن درجة الحرص عندي هي أعلى من المعتاد، ومن أي شخص أخر، بل على العكس من ذلك تماما، ففيما يتعلق برسالة الماجستير هي موضوع للاستخدام العام وليس موضوعا محصورا بين الأستاذ وطالبه".
ولا يذكر فرارجة بان مروان غضب منه، أو هو غضب من مروان ولكن "كانت هناك عملية الملاحقة من اجل أن نجد الوقت للعمل سوية، وكما ذكرت كنا نلتقي في وقت متأخر من الليل، وفي إحدى المرات عزل نفسه أسبوعين بشكل كامل منقطعا عن العالم، إلا من أسرته ومن هواتف مني، من اجل التفرغ لإتمام بعض جوانب الرسالة".
وكان مروان يأتي إلى منزل فرارجة ليلا ومعه مرافقين ولكن هذا لم يكن يزعج الأستاذ، الذي لا يذكر بأنه كلف مروان بواجب ولم يلتزم به قائلا "للإنصاف لم يحدث هذا أبدا، بل كان مثابرا في جمع المراجع وإجراء المقابلات لعمل الرسالة مع عدد من المسؤولين في الداخل والخارج، ولربما ساعده في ذلك موقعه في المجلس التشريعي بدون أدنى شك".
وبعد انتهاء رسالة الماجستير استمرت العلاقة بين الأستاذ والطالب بشكل حميم، وخلال الفترة اللاحقة التي اصبح فيها البرغوثي مطاردا لقوات الاحتلال ومهددا بالاغتيال استمرت اللقاءات بينهما، ولم يكن فرارجة يخشى تداعيات ذلك أبدا.
وكان الاثنان يلتقيان في أماكن عامة، ويصف فرارجة الأجواء التي كان يلتقي بها الاثنان بأنها كانت على درجة عالية من التوتر، وفي بعض الأحيان تجبرهما هذه الأجواء على التفرق لأسباب أمنية.
ولم يتوقع فرارجة أن يتم إلقاء القبض على البرغوثي بالسهولة التي تمت بها قائلا "ربما لم أتوقع أن يعتقل بهذه السهولة، ولكنني كنت مقتنعا تماما بان المحاولات الإسرائيلية لاعتقال مروان هي جادة وجدية للغاية، ولكن هذا هو القدر أحيانا".
وأضاف "اعتقد بأنه كان يعرف بان الأمور في غاية الجدية، وكنت أتوقع انه ربما يطول الأمر اكثر من ذلك بكثير، ولكن الهجمة الإسرائيلية في شهر نيسان (ابريل) 2002، المشؤوم للجميع، كانت جادة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى".
ولا يذكر فرارجة أخر مرة التقى أو تحدث فيها مع مروان قبل اعتقاله ولكنه يقول بأنها ليست بالفترة البعيدة، وكان الحديث بينهما يتعلق بالظروف السياسية.
ويشير إلى أن مروان كان يفكر باستكمال دراسته للدكتوراه، ووضع أطروحة تقارن بين الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 وانتفاضة الأقصى من مختلف النواحي، وطرحت أيضا أفكارا أخرى. ويعتقد فرارجة بان مروان البرغوثي تمتع مزايا كثيرة منها امتلاكه "لنظرات ثاقبة للأمور، ولديه قدرة على التحليل، وعلى التعامل مع ما تطلبه بعض الأمور من دقة عالية للغاية، فيما يتعلق بموقع سياسي".
وحول الموقع المستقبلي المحتمل لمروان البرغوثي في السياسة الفلسطينية يقول فرارجة بان ذلك "عائد لتطورات الأمور في مجريات الحركة الوطنية الفلسطينية برمتها، يعني تبعا لاتجاه الأوضاع العامة في فلسطين، وهو الان أسير حرب، ونائبا في المجلس التشريعي، واتجاه الأمور سيساعد على فهم ما قد يكون لمروان من موقع سياسي".
وحول اوجه الاختلاف والاتفاق بين مزايا مروان وغيره من زعماء للحركة الوطنية الفلسطينية كياسر عرفات أو الحاج أمين الحسيني يقول فرارجة "بالنسبة لأبي عمار كان لديه مراس طويل، وباع طولى في التجربة، وتمتع بدرجة عالية جدا من الكاريزما، ولديه القدرة على تطويق الأمور، أما مروان فقد لا تكون لديه نفس التجربة ولكنه أيضا جدي وجاد، ربما تعرضت شعبيته لنوع من الإخلال، في السنتين الأخيرتين، عند إجراء الانتخابات الرئاسية وتغير المواقف، وعند إجراء الانتخابات التشريعية أيضا، ولكن ربما يعزى جانب من هذا الإخلال لكونه في المعتقل، وعدم قدرته على التعامل مع الأمور كما لو كان طليقا، أي كانت هنالك مؤثرات خارجية متعددة من قبل البعض، ممن ربما كانوا يسعون لضعضعة موقع مروان في الشارع الفلسطيني، فكانوا يعطونه معلومات قادته لاتخاذ قرارات تراجع عنها لاحقا، ولكن وكما اتضح خلال السنوات الأولى من الانتفاضة، كان مروان قريبا من هموم الناس، وقريبا من الشارع، كان يدرك تماما ما يتفاعل في الشارع الفلسطيني من خلجات ويتعامل معها على هذا الأساس".
ويصف فرارجة علاقته كأستاذ مع مروان البرغوثي بأنها لا تختلف عن علاقته مع طلبة الدراسات العليا قائلا "لا ارغب على الإطلاق أن أتعامل مع طلبتي من الدراسات العليا، بقوالب رسمية جامدة، بالعكس دائما أتوخى التعامل معهم كزملاء نتبادل المعرفة مع بعضنا البعض ويغذي أحدنا معرفة الآخر، واعتقد أن ذلك أثرى للتجربة ومفيد اكثر للجميع، ويبعد عن شبح العلاقة تلك الجوانب الزائفة".
وبعد اعتقال مروان طرحت أفكارا حول إمكانية أن يكمل دراسة الدكتوراه، ولكن الأمر كان صعبا، لكون مروان في المعتقل، كما يقول فرارجة الذي ينتظر زمنا تتغير فيه الظروف ليكمل مع صديقه القديم وطالبه مروان البرغوثي الطريق الأكاديمي ويشرف على رسالة مروان للدكتوراه، ويتمنى أن لا يكون ذلك الزمن بعيدا.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف