إيلاف+

الارمن في ذكرى المجزرة:أزمة إنتماء وهوية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


100 ألف توزعوا على مناطق مختلفة من لبنان
الارمن في ذكرى المجزرة :أزمة إنتماء وهوية

في برج حمود -تصوير ريما زهار ريما زهار من بيروت: يلتفت المصرفي الارمني اوساب يمينًا وشمالًا قبل الاجابة على اسئلتنا. ويسأل عن السبب الذي يدفعنا الى اجراء هذا الاستفتاء عن ارمن لبنان. وبعد ان يطمئن الى فحوى الاسئلة، يقول انه ولد في لبنان وجده اتى الى هنا بعد المجزرة الارمنية عام 1915، وتاريخ ارمينيا معروف من كل المواطنين الارمن في لبنان لانه يتم تدريسه في كل المدارس. أوساب لم يزر ارمينيا ابدًا لكنه يعتبرها موطنه الاصلي غير انه يرتاح اكثر في لبنان، وهو لا يزال متأثرًا بالحرب اللبنانية خصوصًا عندما كان يسمع العبارة التالية: "البابور (أي الباخرة) الذي اتى بكم الى لبنان ليعدكم الى موطنكم". عن المجزرة الارمنية يتذكر ما قاله له جده ان اهله ذبحوا وبقي الجد في الميتم في ارمينيا قبل ان يذهب الى لبنان.الكسان سيركيجيان يبدو اكثر ترحيبًا من الاخرين بالحديث عن نفسه ويقول ان والده اتى الى لبنان في العام 1963 وهو ولد هنا وجده هرب الى سورية وبعدها الى لبنان. والكسان بائع اكسسوار الكترونيك وكهرباء، لا يزال يذكر ما كان يحدثه به جده لامه عن المجزرة الارمنية وكيف قتل اهله وتفرق مع اخوته الصغار ليلتقوا بعد 3 سنوات مجددًا.وهو يزور ارمينيا ويفكر في بعض الاحيان ان يعود، واهم شيء بالنسبة له الا تُنسى القضية الارمنية لانها اصبحت من ثقافتنا.

كسباريان

ليون كسباريان (صاحب محل في برج حمود) يقول ان والده لجأ الى لبنان بعد "المذبحة" عام 1915، وان هذه المذبحة كانت نتيجة سياسية بين الالمان والانكليز عندما سعى الالمان الى انشاء خط سكة حديد بين تركيا والشرق الاوسط واعترض على الامر شخص ارمني، ولذلك تمت المجزرة بحق الشعب الارمني. ابوه كان تاجرًا في ارمينيا سافر الى اليونان وبعدها الى لبنان، وهو يعتبر نفسه لبنانيًا 100%.وهو لا يحبذ العودة الى ارمينيا ويقول بان احلى بلد في العالم هو لبنان.

بوغوس يقول انه ولد هنا ولا يزال يذكر جده الذي كان يبكي دائمًا عندما يتحدث عن ارمينيا، وهو زارها مرة واحدة مع العائلة، لكنه يحب البقاء في لبنان.

في لبنان ما يقارب الـ 100 الف ارمني، 80 الفا من الارثوذوكس و20 الفا من الكاثوليك، يتوزعزن على مختلف المناطق اللبنانية ويتواجدون بكثرة في منطقة برج حمود وعنجر وانطلياس، وقد حصلوا على الجنسية اللبنانية ولهم في البرلمان اللبناني العديد من النواب امثال جان اوغسبيان وسيرج طورسركيسيان واكوب قصارجيان عن بيروت، واغوب بقرادونيان عن جبل لبنان وهم يتوزعون على ثلاثة احزاب رئيسية: الطشناق والهنشاك ورامغفار.

سوق برج حمود _خاص إيلاف

ولعب الارمن في لبنان دورا مهما في الحياة الاجتماعية وشكلوا ثقلا في الحياة السياسية وبقوا على مسافة واحدة من جميع الطوائف المكونة للشعب اللبناني فلم يستفزوا مشاعر احد ولم يشاركوا في الاحداث الداخلية ودفعوا ثمنا باهظا بسبب موقفهم هذا، الا انهم لم يتراجعوا عن هذه الاخلاقيات وقد احبهم الجميع واحترموا من قبل الجميع. واتسم الارمن بالصدق في تعاملهم وحسن ادائهم. صدقوا في المعاملة وصدقوا في الحياة السياسية وبرز منهم نواب ووزراء وقادة جيش ولهم صحف تصدر بالغة الارمنية "ازتاك" وسواها، ولم يسكن الارمن في مساكن خاصة بهم فأحياؤهم خليط من مختلف شرائح الشعب اللبناني ولهم مدارس وكليات اهمها كلية "هايكازيان". ويتكلم الارمن اللغة العربية الى جانب احتفاظهم بلغتهم الام وارتباطهم العاطفي بانتمائهم فاندمجوا في مجتمعهم .

ويمتاز الارمن عن غيرهم من القوميات بانهم رغم تحسسهم بارمنيتهم كقومية انبثقوا منها الا انهم لم يتخذوا من تجزرهم العرقي سببا للتنكر للارض التي احتضنتهم والشعب الذي اخاهم ليشكلوا نواة قومية منعزلة. لقد كانوا قومية متجانسة في البوتقة الاجتماعية الكبرى وانصهروا فيها، لان في الوحدة القومية تنصهر العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية الصحيحة التي تتكفل بإنهاض الامة، ولقد تفاعل الارمن مع محيطهم الاجتماعي الذي وجدوا فيه وتجانسوا مع المجموعات الاخرى التي عاشوا معها وتفاعلوا وكونوا مشاركين حضارة وسطروا تاريخا ورووا بدمائهم الارض التي اشادوا عليها وطنا احبوه واحبهم ومنحوا هذا الوطن حبهم وولاءهم فكانوا بكل ما فعلوه وتصرفوه يصدرون عن ايمان نابع من شعورهم بأنهم جزء من وطن يشدهم اليه ولاؤهم لدولة لا تقوم على العصبيات والعنصرية الهوجاء. امة هي نتيج سلالي كونته سلالات متعددة جاءت الى هذه المنطقة بالهجرة او بالحروب وتفاعلت مع بعضها مكونة هذا المجتمع الذي يشكل تاريخه وحضارته جوهر بقائه.

ويتذكر ارمن لبنان المجزرة الكبرى التي بدأت بتاريخ ٢٤نيسان/ ابريل ١٩١٥ ، ففي ذلك اليوم المشهود اعتقلت السلطات التركية ستمئة زعيم ارمني في اسطنبول وأقدمت على تصفيتهم جسديًا عن بكرة ابيهم! وسرح كل الجنود الموجودين في الجيش التركي من أصل أرمني ثم ارسلوا الى الاعمال الشاقة وقتلوا هناك.

ثم تلقى الارمن العائشون في منطقة الاناضول الشرقية انذارًا بمغادرة منازلهم خلال اربع وعشرين ساعة وإلا تعرضوا للقتل ،وعندما خرجوا من قراهم تمت تصفية كل الرجال الاصحاء وسمح فقط للنساء والاطفال والشيوخ بالهرب سيرًا على الأقدام مسافة مئات الكيلومترات دون غذاء أو دواء.

وفي الطريق اغتصبت النساء ونكل بالباقين حتى قتل معظمهم بشكل أو بآخر. وانضمت القبائل الكردية والتركمانية الى الجنود العثمانيين من اجل التنكيل بالارمن. وخلال عام أو اكثر قليلًا قتل ما لا يقل عن مليون ارمني: اي نصف عدد سكان الارمن العائشين في ظل الامبراطورية العثمانية اما الاتراك فلا يعترفون بقتل اكثر من ثلاثمئة الف شخص، ويرفضون القول بأن العملية قد تمت بتخطيط أو سابققصد واصرار.
rima@elaph.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف