إيلاف+

حذاء السادات في تحقيقات أدبية وسياسية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سلوى اللوباني من القاهرة: لا زالت الصحف والمجلات المصرية تتناول موقعة حذاء عضو مجلس الشعب "طلعت السادات"، عندما تبادل الاتهامات مع النائب "أحمد عز" في إحدى جلسات مجلس الشعب هم بخلع حذائه تمهيداً للاعتداء عليه، وفي رواية أخرى قيل أنه رفع حذائه في مواجهة نواب الاغلبية، فتناولت مجلة أخبار الأدب الاسبوعية الحادثة من خلال تحقيق طريف وغريب نوعا ما عن الحذاء في الادب والتاريخ، أما مجلة روز اليوسف الاسبوعية تناولته من الناحية السياسية والفكرية، وصحيفة الاخبار اليومية تناولته برسم كاريكاتوري لمصطفى حسين، وأتى الملف الخاص عن الحذاء لمجلة أخبار الأدب على حد تعبيرها أنه "نسبة الى هؤلاء الذين يتحاذون في مصر الان طعناً وتقاسماً للغنائم، وإن كنا لا نستطيع وقف تحاذيهم فاننا نحاول على الاقل أن نرد الاعتبار للحذاء المتعدد الفضائل، الذي يحاول مناخ الاحتباس السياسي إحتكاره وتوظيفه في وظيفة واحدة"، فاحتوى الملف على معلومات متنوعة أدبية وفنية وتاريخية، وبالطبع كان الاسقاط على الحادثة بين أهداف هذه التحقيقات والمعلومات.

الحذاء بين التاريخ والفن
ومن التحقيقات التي ضمها ملف الحذاء معلومات عن أحذية المعارك.. وأحذية الشهرة، ورمز الحذاء في السينما، وأيضاً تناول التاريخ السياسي للقبقاب فأول من استخدم القبقاب في الحياة السياسية كان في بداية العصر المملوكي، عندما اغتيلت شجرة الدر رمياً بالقباقيب على أيدي زوجة السلطان "عز الدين أيبك" في القرن الثالث عشر الميلادي، ويقول التحقيق أن القبقاب حقق الريادة ودخل التاريخ قبل الجزمة بتسعة قرون، كما أشار "عزت القمحاوي" مدير تحرير المجلة في مقاله الى أن تحول العديد من المكتبات الشهيرة وسط القاهرة الى محال للاحذية مع منتصف سبعينيات القرن الماضي له دلالة مخيفة، فهو كان إيذاناً ببداية إنهيار مجتمع بدأ في وضع قدمه مكان الرأس، وفي تحقيق آخر من نوعه اعتبر الحذاء سيد الرموز المتضادة فهو جالب للحظ وأداة لتحقيق العدالة كما في اسطورة السندريلا، كما أنه قرين للسلطة ووسيلة للاذلال وذلك عندما ضرب العراقيون تمثال صدام حسين بالاحذية عقب سقوط بغداد، كما ضم التحقيق أكثر السيدات ولعاً بالحذاء وهم إميلديا ماركوس زوجة الدكتاتور الفليبيني الاسبق (3000) زوجاً من الاحذية، إيفيتا بيرون زوجة الجنرال الارجنتيني التي كانت مولعة بالاحذية هي الاخرى مما يطرح تساؤل حول العلاقة بين الاحذية والسلطة، والمطربة سيلين ديون (500) زوجاً من الاحذية، ولم تكن المسيرة نحو الحذاء سهلة كما قد يتبادر للذهن فهو بدء من لحاء الأشجار الى آلة الاكورديون، كما أن لثقل الحذاء أهميته ففي الجيش يصبح الحذاء هو "البيادة" التي يحملها الجندي أينما سار لا يمكنه خلعه طوال فترة وقوفه وعمله.

الحذاء بين التسخيف والتعظيم في الادب
والتحقيق الذي يلفت النظر كثيراً هو "لشعبان يوسف" بعنوان "الحذاء بين التسخيف والتعظيم في الادب" وضح من خلاله الاستخدامات الفعلية للحذاء في النصوص الابداعية، وتتعدد المعاني وتكثر الاستخدامات عند الشعراء، فالحذاء لم يستخدم فقط للتحقير والتهديد ولكنه أيضاً استخدم في التدليل على وطأة المستعمر كما جاء في ديوان "وش مصر" للشاعر زين العابدين فؤاد، وهو يقول "ايه اتقل من جزمة غريبة في ارض بلدنا"، وفي قصيدة للشاعر "نزار قباني" بعد نكسة 67 في ديوانه "هوامش على دفتر النكسة" قال أنعى لكم يا أصدقائي اللغة القديمة... والكتب القديمة...وكلامنا المثقوب كالاحذية القديمة....، والشاعر "صلاح عبد الصبور" فتش عن إمكانية دلالات الحذاء المختلفة في قصيدته "الحزن" قال.. يا صاحبي إني حزين... طلع الصباح فما ابتسمت ولم ير وجهي الصباح... وخرجت من جوف المدينة أطلب الرزق المباح...فشربت شايا في الطريق.. ورتقت نعلي ولعبت بالنرد الموزع بين كفي والصديق"، وكأن رتق النعل يرافق كيمياء الحزن الذي ينتاب الشاعر، "أمل دنقل" في قصيدته "لا وقت للبكاء" التي يرثي فيها جمال عبد الناصر...يقعى ابو الهول...وتقصى امة الاعداء... مجنونة الانياب والرغبة...تفرش اطفالك في ارض بساطا... للمدرعات والاحذية الصلبة"، اي انه يقرن خطر المدرعات بخطر الاحذية وينبه الامة الا تذرف دموعها فالاعداء متربصون، والاحذية القذرة تدوس صدور الناس والاطفال، كما استخدم الحذاء كعناوين لدواوين شعرية مثل ديوان "بلا مقابل أسقوط أسفل حذائي" للشاعر جرجس شكري، أما الشاعرة "ميسون صقر" فيقول شعبان يوسف أنها تضفي عليه صفات عاطفية وبشرية وتقرنه بالسلوك الانساني، وذلك في ديوانها "مخبية في هدومها الدلع" في قصيدة "قصاد بعض"، ولا تكف استخدامات الشعراء للحذاء فيتلون بألوان عديدة، عند سعدي يوسف، عفيفي مطر، حسن توفيق، يسري حسان، أحمد فؤاد نجم، إضافة الى ذلك تناول التحقيق دلالة ومعاني الحذاء في الروايات منها رواية "ريحانة" لميسون صقر، و"هاتان القدمان" لجمال حسان، وقصة الكاتب السعودي "عبد الله محمد الناصر" في مجموعته "سيرة نعل"، وكذلك قصة "العارف" لابراهيم اصلان، وانتهى التحقيق بأبات شعرية لأمجد ناصر من قصيدة "رعاة العزلة"..
هل كان يعرف وهو يؤلف النشيد المؤابي.....أن عمون ستطعن قلبه بشواط من نحاس.....القبائل المدرجة في خطط السدود...باب المدينة للعيون...قاماتهم كالسرو...وقلوبهم صوان...شلحوا نعالهم...في باب الهوى...وقبلوا يد الامير... المشكولة بالذهب...واستنبتوا التراب خيزران.

علاقة الحذاء بالفكر والنقاش
أما مجلة "روز اليوسف" في عددها الاسبوعي بتاريخ 24 يونيو قدمت تحقيق بعنوان "سياسيون وجزم" لعصام عبد العزيز متسائلاً من خلاله عن العلاقة بين الجزمة والسياسة!! وعلاقة الحذاء بالخلافات الفكرية والنقاش العقلاني!! ولجوء البعض الى استخدام الاحذية في حسم الخلافات وشرح وجهات النظر!! أو في التعبير عن الموقف، ويقول حتى في الرياضة أصبحت الجزمة وسيلة للتعبير عن الرأي أو الاحتجاج أو التهديد، وأطلق على هذه الظاهرة الغريبة إسم "حزب رفع الجزم"، وفي صحيفة "الاخبار" بتاريخ 26 يونيو تناولت موقعة الحذاء من خلال رسم كاريكاتوري لمصطفي حسين بعنوان "موضة التهجم بالاحذية".

salwalubani@hotmail.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف