إيلاف+

وزير حزب الله بلا لحية ويهتم بالنقد والفلسفة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

برغم الحرب ومشاغل الحكومة:
طراد حمادة وزير حزب الله.. يقرأ "أدب ونقد" ومهتم بالبهائية

حسن المصطفى موفد "إيلاف" إلى بيروت: يوم بيروتي من أيام لبنان الباسقة. أزحت كتاب النوم جانبا، وللشمس ألقيت التحية. "أطل كشرفة بيتٍ على ما أريد". هواء الصباح الطري يشق طريقه دون إذن إلى رأتيّ، وجسدي يبحث عن قطرات ماء تداعبه. ما أن يجف الماء، حتى تستنشق مسامي عطور الفجر. فاتنةٌ كبيروتَ لا يصحُ أن تَمثلَ أمامها دون أن تأخذ زينتك ويكونَ لكَ من الحُسن نصيب.
الوزير طراد حمادة بعدسة ايلاف منقوشة الزعتر والجبن ترافقك في مسيرك. يتداعى لك صوت مارسيل خليفة وهو يغني "أحنُ إلى خبز أمي، وقهوة أمي"، ذلك الرغيف المقدس الذي طالما عجنته لك محبة وحنانا.
في نيتك الذهاب إلى مكتبة "أنطوان" تشتري صحف الصباح، تحملها معك لتقرأها وأنت تحتسي قهوتك الصباحية من يد نادلة المقهى الفاتنة. تلك السمراء التي أنارت قلبك هوى وفتنة، من أعانتك نظراتها على تحمل وجع "قانا" وملائكتها الدامية القدمين.
وأنت في الطريق، متجه عكس السير، وقبل أن تصل لمدخل مكتبة "أنطوان"، تقف سيارة صغيرة، لا تعني لك الكثير، فلا هي مميزة، ولا الغيد الحسان يهبطن منها. يترجلُ من السيارة رجل ببزته الرصاصية، وربطة عنق زرقاء مخططة، تتطلع فيه جيدا، لتعلم أن السيارة المتواضعة، لم تكن فقيرة كما ظننت، فها هو الدكتور طراد حمادة، وزير حزب الله في الحكومة اللبنانية ماثلٌ أمامك، في الوقت الذي كنت تبحث عنه.
عيون المارة في الشارع ترصد الوزير/ الحدث. ففي وقت استثنائي كهذا، ترى الرجل إلى جانبك دون احتياطات أمنية مشددة، يجوب شارع الحمرا، ويأتي لمكتباتها، يتصفح الجرائد والمجلات، ويختار منها البعض.
تقرأ الدهشة في عيون الناس. أحدهم علق "ألا يخاف من أن يترصده الإسرائيليون أو عملائهم، فيكون هدفا لنيرانهم؟". آخرٌ يقول مستغربا "ألم يكن بمقدوره أن يوصي مرافقيه أن يأتوه بالمجلات والجرائد". هذه التساؤلات أجابت عليها إحدى الفتيات اللواتي كن بالمكتبة "ربك هو الحافظ، وهذا هو سر تفوق حزب الله، أن قياداته ملتحمة مع الناس، ومتواصلة معها".
حمادة، وقف باحثا إلى جانب صور الصبايا التي تملئ أغلفة المجلات. أول ما وقع بصره على مجلة "أدب ونقد" المصرية، استلها من مكانها، وأعطاها إلى مرافقه. جلس يتصفح المطبوعات العربية والأجنبية، إلى أن اختار منها ما يريد: الحوادث، الكفاح العربي، الأسبوع العربي، Figaro Magazine، Le moned...وغيرها، ليغادر المكان بعد أن تبادل الحديث السريع والتحية مع عدد ممن كانوا هناك.
طراد حمادة، وزير العمل، ابن "الهرمل"، المنطقة المحرمة بأقصى البقاع اللبناني، تسلم أول حقيبة وزارية بعد أن رشحه حزب الله وزيرا للعمل والزراعة، في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي المصغرة العام 2004، بعيد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وأعيد تسميته وزيرا للعمل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
الوزير القاطن في شقة متواضعة بحي "معوض" بضاحية بيروت الجنوبية، دخل السراي الحكومي، وعلى عاتقه دينٌ مالي لأحدى المكتبات، حيث شغفه بالكتب والكتابة. شغفٌ جُبل به منذ صغره، وهو القادم من السلك الأكاديمي، الوزير طراد حماده بعدسة ايلاف دكتورا وأستاذا في الفلسفة الإسلامية، بكلية الآداب بالجامعة اللبنانية.
وزير حزب الله، درس في السربون، الصرح الفرنسي العتيق. لم ينخرط في الجسم التنظيمي للحزب. أتى من خارجه، من مكونات المجتمع المدني، من خانة المثقفين والأصدقاء. لا يجد حرجا في حلق لحيته، ولبس ربطة العنق، على خلاف مسئولي الحزب وقادته.
ولِهٌ بالفلسفة، والعرفان. يقرأ الشعر، ويكتبه. غير منكفئ في زقاق ثقافي ضيق. له من فسحة الثقافة وسعتها الكثير. لأن المهم هو المعرفة والحكمة.
"تسبيح الروح"، "مباحث في الفلسفة الإسلامية المعاصرة"، "ابن رشد في كتاب فصل المقال"، "تحديات الإصلاح والتنمية"...تلك كانت شيئا من مؤلفاته. مؤلفاتُ الوزير المهتم بالقراءة عن البهائية رغم نار الحرب المستعرة. اهتمام قد يثير استغراب الكثيرين، لكنه لدى حمادة، أمر جدُ طبيعي، لأن الحرب زائلة وعابرة، وأما المعرفة فهي الباقية أبد الدهر لا تزول.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف