اعادة التوطين الصعبة للقرى الكردية بعد الانفال
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
باتريك فور مندهوك: "انا مزارع بلا ارض وبلا عمل.اعيش على مساعدة ابنائي" ، بهذه الكلمات يروي خالد محمد اسماعيل الذي كان يرتدي الملابس الكردية التقليدية ويجلس على طاولة في احد مقاهي وسط مدينة دهوك حكايته، وهو واحد من 141 الف كردي تم تهجيرهم خلال "حملة الانفال" ابان حكم الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين.وفي كردستان هناك نوعان من المهجرين ، نوع مثل المزارع خالد تقع قراهم بالقرب من مدينة الموصل (شمال) وقد تم "تعريبها" من قبل النظام العراقي وليس بالامكان العودة اليها اليوم طالما لم يتم الوصول الى اتفاق مع السكان الذي حلوا فيها.
وهناك نوع اخر من المهجرين مثل لقمان خالد ويسي الذي تقع قريته شمال شرق دهوك حيث ثم محوها خلال "حملة الانفال" القمعية في كردستان والتي ادت الى مقتل حوالي 180 الف شخص للفترة من 1987-1988 والتي يحاكم
وجميع هؤلاء النازحين يعيشون حاليا مجبرين في المدن في ظل ظروف صعبة.
ويقول موسى علي بكر وهو مقاتل كردي سابق (بشمركة) يشغل حاليا منصب مدير مكتب النازحين واللاجئين في دهوك ان "مشكلة النازحين ليست في اعدادهم لان صدام حسين قام بعملية تدمير مدروسة لكردستان".
واضاف ان "صدام قام بتهجير السكان ومسح قراهم وتدمير نسيجها الاقتصادي بالاضافة الى الاواصر العائلية وشروط لاي عودة ممكنة".
واوضح ان "المنظمات الدولية المانحة لا تفهم سوى جزء يسير من المشكلة. يجب ان نعيد توطين هؤلاء الناس في قراهم لكن هذا ليس بالامر السهل لانه يجب علينا تأمين الظروف الحياتية من الامن ووقف القتال حتى ما بين الاكراد ونزع نحو 20 مليون لغم".
وتابع "يجب علينا ايضا اعادة تأهيل الطرق المؤدية الى تلك القرى واعادة بناء منازلهم".
ويضيف بكر "يجب علينا ايضا توفير الخدمات الموجودة في المدينة من كهرباء وماء ومدارس وحياة اجتماعية كبناء مركز ثقافي او ملعب لكرة القدم والا فان الناس الذين تعودوا على حياة المدينة لن يكون باستطاعتهم العودة الى قراهم".
واوضح ان "هناك حقيقة وهي ان الارض نفسها التي كانت تؤمن القوت لعشرة اشخاص لم تعد اليوم قادرة على تأمين القوت لعشرين شخصا فالعوائل توسعت لذلك علينا بناء مؤسسات صغيرة ممكن توفر العمل للسكان من غير القرويين وتوفر سوقا لمحاصيل الفلاحين".
ويرى بكر انه "في حال لم نوفر هذه الظروف فأننا سنستمر في صرف الاموال عبثا دون ان يكون باستطاعتنا ان نغير في المشكلة شيئا".
لكن هذه الافكار تبقى بعيدة عن التطبيق وبعد ان كانت "حملة الانفال" مأساة انسانية فهي في طريقها للتحول الى كارثة اجتماعية.
وتعيش عائلة لقمان خالد ويسي اليوم في قلعة نزاركي السجن الذي كانت محتجزة فيه خلال "حملة الانفال" لان قريتهم لازالت الى يومنا هذا بقايا هياكل مدمرة.
وبالنسبة لخالد محمد اسماعيل فأنه في حال كانت لديه القدرة على التوجه الى احدى الهيئات كي يطلب استعادة ممتلكاته واراضيه فأنه تنقصه الارادة السياسية كي يعود الى اراضي تقع في الجنوب واصبحت اليوم خارج حدود كردستان يتقاسم السلطة فيها اناس من مختلف الاتنيات والاديان.
وفي منطقة مام شفان الواقعة على بعد 20 كلم من دهوك عادت 14 عائلة الى قريتها التي كانت تسكنها مئات العوائل قبل "حملة الانفال".
ويأتي اعضاء في منظمة "كونسيرن فور كيدس" الانسانية الاميركية غير الحكومية كل اسبوع من اجل تنقية مياه القرية غير الصالح للشرب لان شبكة المياه تبعد كيلومترين عن هذه القرية.
ويقول بير كاشال وكمال جعفر حمو وهما قرويان يسكنان في هذه القرية "ليس هناك ارادة سياسية. هنا الارض خصبة ولو تم ربطها بشبكة المياه لكانت القرية تعد مئة الى مئتي عائلة".
ويقول موسى علي ساخرا "سيستغرقنا الامر 60 عاما من اجل اعادة بناء ما دمر خلال 30 عاما".
أ.ف.ب