إيلاف+

هولندا اكبر مصدر للورود في خدمة العشاق

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بلد الزنبقة السوداء.. الورود تجعله اثرى بلدان العالم

صلاح حسن من لاهاي: الورد ثقافة قبل ان يكون أي شيء اخر. ويتحدد رقي أي مجتمع في الوقت الحاضر بتعدد استعمالات الورود في المناسبات المختلفة. ففي اروبا يستخدم الورد في كل المناسبات تقريبا.. من مناسبات الولادة الى مناسبات الوفيات.. في الزواج والتعارف.. في تبادل الزيارات واعياد الميلاد.. الى قمة هذه المناسبات واعني به الحب. وكلنا يعرف عيد الحب او عيد فالنتين القديس العاشق الذي يتبادل فيه العشاق الورود الحمراء بكثافة في كافة ارجاء المعمورة.
استخدم الورد منذ اقدم العصور واول من استخدمه هم الصينيون واليابانيون منذ اكثر من 2500 سنة لتزيين قصور الامبراطور ومجالسه وغرف نومه. وبمرور الزمن انتقل هذا التقليد الى الهند ولكن لتزيين المعابد والاماكن المقدسة ومن بعده الى الكثير من مناطق العالم ولكن بنسب متفاوتة. الا ان اكثر من استخدم الورد في الشرق الاوسط كان من قبل الاتراك وفي اوربا من قبل الفرنسيين الذين لم يكونوا يستحمون الا نادرا ، وبسبب الروائح الكريهة التي كانت تنبعث من اجسادهم اكتشفوا العطور واصبحوا الان اهم المنتجين في هذا المجال.
يوجد في العالم اكثر من سبعة الاف نوع من الزهور والورود والنباتات الزهرية بمختلف الاشكال والاحجام والالوان. وفيها ما هو مستنبت من قبل الانسان وما هو بري ، حيث حاولت بعض البلدان استنبات بعض هذه الزهور البرية وحصلت على نتائج مدهشة كما فعلت هولندا حين دمجت بعض البويصلات الهجينة بالبويصلات البرية. ولكن نجاحها الاكبر كان في مجال الالوان.. حيث استطاعت استنبات زهرة سوداء ( زنبقة سوداء ) قبل مئتي سنة ادهشت العالم وكتب عنها الروائي الشهير الكسندر توماس رواية بالعنوان نفسه هي ( الزنبقة السوداء ) حينما كان بطلها سجينا عند ملك الاورنج.
يستهلك العالم سنويا ملياري وردة واكثر من مئتي مليون نبات زهري تتوزع على امريكا واوربا واليابان وبعض البلدان الافريقية. وهناك بورصة للورود في هولندا هي الاكبر في العالم تعقد فيها كل يوم اكثر من سبعين صفقة تصل معدلاتها الى ملايين الدولارات وتدر على هولندا وحدها خمسين الف دولار يوميا. للورود اسعار ايضا.. ففيها ما يباع مفردا او على شكل بوكيت قد تصل اسعار بعضها الى اكثر من سبعين دولارا للبوكيت. وعادة ما تقدم هذه الورود الى سيدات المقام الراقي والاميرات ونجمات الفن الخارقات الجمال.
تعتبر هولندا اكبر دولة مصدرة للورود وتسهم هذه التجارة في تنمية الاقتصاد الهولندي بشكل مهم للغاية. فلا يوجد في هولندا نفط او غاز او كبريت. وكل ما لديها ورود وابقار وصناعات خفيفة ، ومن هذه المصادر استطاع الاقتصاد الهولندي ان يتطور بسرعة بحيث اصبحت هولندا بلدا غنيا من تجارة الورود والاجبان ؟!!! يزرع في هولندا مئات الهكتارات بالورود.. ومن يشاهد المساحات المزروعة بالورود من الطائرة سيصاب بالدهشة لانها تبدو اشبه بلوحة فنية رائعة بألوانها المشرقة القوية الزاهية.. او مثل سجادة متعددة الالوان تمتد على مساحات واسعة من الارض.
بالاضافة الى مزارع الورد في هولندا فأن الكثير من الورود المختلفة تأتي الى هولندا من مزارعها التي تستثمرها في كينيا واوغندا وشمال افريقيا. وتمتاز هذه الورود بندرتها وغلاء ثمنها في بلدان اوربا الباردة في الشتاء. تصدر الزهور عن طريق طائرات خاصة الى شتى انحاء العالم. وغالبا ما تكون هذه الطائرات مجهزة بمبردات لحماية الزهور من التلف. ويعمل في هذا القطاع من التجارة عدد كبير من العمال والخبراء الذين يقومون بفحص الورود قبل عرضها في البورصة.
اما في العاصمة لاهاي فهناك حديقة كبيرة ( فيست بروك بارك ) تمتد الى عدة كيلومترات مربعة تعد من اجمل الحدائق في العالم وتوصف بأنها قطعة من الجنة تقام فيها مسابقات سنوية لاجمل وردة في العالم. تضم هذه الحديقة ورودا من كل بقاع الارض بعضها نادر جدا وبعضها ذات الوان في غاية الجمال والغرابة. وتسعى هولندا حاليا لاستنبات الوردة الذهبية التي يكون لونها مشابها للون الذهب. هذه المسابقة تبدأ من شهر يوليو وتستمر الى بداية اكتوبر وهي مناسبة لمحبي الزهور الذين تكتظ بهم الحديقة هذه الايام.
في وسط الحديقة وجدنا شابا عربيا يتأفف ويزفر فتعجبنا منه وسألناه لماذا هو على هذه الحال وسط هذه الجنينة فقال : انظر الى ذلك الرجل الذي يجلس هناك.. انه ابي.. منذ يومين وهو لا يريد ان يغادر هذه الحديقة ، سوف تنتهي زيارته بعد ايام وانا لدي مشاغل كثيرة.. اردت ان اريه امستردام قبل ان يعود ولكنه يقول دعني بالقرب من الورود لا اريد اكثر من ذلك.
ذهبنا الى الرجل لنسأله عن حاله فقال بحسرة : كانت لدي حديقة في بيتنا وفيها انواع من الورود ولكن ما اراه الان يشبه الجنة.. انها جنة حقيقية بالنسبة لي فكيف تريد مني ان اغادر الجنة ؟؟ بعد ايام سأعود الى بلدي حيث لا ورود ولا حدائق ولا اشجار.. سأعود الى الغبار والاوساخ والجفاف.. دعوني استمتع بهذه الجنة رجاء. !

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف