عاشوراء البحرين: لبيك يا حسين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"زرانيق" المنامة اتشحت بالسواد حدادا
عاشوراء البحرين: لبيك يا حسين
فادي عاكوم من المنامة: لم يخطر ببالي وانا اتجول في شوارع المنامة والمناطق البحرينية قبيل انطلاق مراسم عاشوراء ان اجد كل هذه التحضيرات والترتيبات بل لم يخطر ببالي ان ارى شوارع باكملها تتشح
وعلى الرغم من انتشار الفعاليات في كافة المناطق الا ان اكبر تجمع للمعزين يتم في المنامة العاصمة، حيث يقصدها اكثر من 200 الف بحريني ومقيم للمشاركة في المأتم، والجدير بالذكر ان الفعاليات في المنامة لا تهدأ، وتبدأ صباحا وتشهد الذروة بعيد آذان المغرب حيث يتجول المصلون بعد الصلاة في الزوايا المختلفة التي تعكس خلفيات ثقافية متعددة ولكل منها طابعًا مختلفا عن الاخر، واواخر الليل يبدأ المعزون في التجمع استعدادا لمواكب العزاء التي تتجول في شوارع المنامة وتعد هذه المواكب من ابرز الفعاليات اليومية التي ينتظرها المعزون بفارغ الصبر.
ويبدأ الاستعداد لفعاليات عاشوراء قبل اشهر عدة، إذ نجد أن أغلب قرى البحرين تتشح باللون الأسود وبالعبارات الدينية أو عبارات الأئمة أو العلماء التي تتحدث فيها عن ثورة الإمام الحسين، وبات كثير من هذه العبارات يتكرر سنويا كعبارة ''تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر'' للمهاتما غاندي. وعبارة " إن كان دين محمد لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني"، وهي كلمة تنسب إلى الإمام الحسين ، غير أن هناك من يقول إنها كلمة مأخوذة من قصيدة لأحد الشعراء العراقيين يتحدث فيها عن الإمام الحسين في يوم كربلاء، وكلمات أخرى كثيرا ما تنسب إلى مستشرقين والسيد المسيح، غير أن العبارات المتجددة سنويا هي تلك العبارات أو الكلمات التي تؤخذ من العلماء أو المراجع الدينية التي تتحدث فيها عن ثورة الإمام الحسين.
عاشوراء حسينية ، بحرينية الطابع
بسبب الانفراج السياسي الذي تشهده مملكة البحرين والعهد الجديد المتمثل بالاصلاحات السياسية التي قام بها الملك حمد بن عيسى آل خليفة تشهد المنابر الحسينية نشاطا ملحوظا خلال شهر محرم حيث يتوافد العشرات من الخطباء العراقيين إلى البحرين للمشاركة في إلقاء الخطب الحسينية التي تلقى رواجا كبيرا بين الأهالي، مع الاشارة الى ان جوّا من الارتياح يسود بين جمهور المنابر لما يمكن أن يؤديه هذا الانفتاح إلى مزاوجة بين تجربتي الخطابة في البحرين والعراق.
عدد حسينيات البحرين
في إحصائية سابقة بلغ عدد الحسينيات والمآتم في البحرين اكثر من 500 وهو عدد يعتبر ضخما بالنسبة إلى بلد صغير كمملكة البحرين، وتتميز هذه المجالس الحسينية بالحضور الجماهيري الكثيف والحضور الشبابي ومن مختلف الاعمار. كما تنوعت الشعائر والممارسات الحسينية في المجالس المنعقدة في أرجاء البحرين.
فالبحرين تتميز عن غيرها من الدول الإسلامية التي تحيي ذكرى عاشوراء بأن فعالياتها تشهد التنافس على الابتكار والتجديد مع المحافظة على الطابع التقليدي والفولكلوري فيها، بما يضفي على هذه الفعاليات صبغة يستطيع المراقب للجانب الميثولوجي/ العقائدي أن يجزم بأنها فعاليات خاصة بالبحرين وبأهل البحرين.
عاشوراء العيش المشترك
والحديث عن عاشوراء البحرين تاريخيا يرتبط بما يمتلكه أهل البحرين من ثقافة اجتماعية تتميز بالعيش المشترك، فلا يمكن لأحد من أهل البحرين أن يتعامل مع هذه الفعاليات على اعتبار أنها فعاليات خاصة بالطائفة الشيعية من دون الطائفة السنية التي دأب أهلها على مشاركة إخوانهم الشيعة في هذه الفعاليات، إذ لا نجد من بيوتات أهل السنة من لا يمتلك ذاكرة مليئة بأجواء عاشوراء والمآتم الحسينية وما يصحبها من مواكب عزاء وموائد تنذر لأبي الفضل العباس أو الأكبر، بل وكثيرا ما نجد من أهل السنة من ينذر في يوم الثامن ذلك اليوم المخصص للقاسم ابن الإمام الحسن.
المواكب
تتجمع الجموع الغفيرة على شكل مواكب تسير في الطرق الضيقة، نساء وأطفالا وشيوخا يراقبون المواكب وهي تتحرك في كل الشوارع، بعض المواكب تنقسم طابورين متوازيين يتقدمها شباب حملة الرايات الخضر والحمر والبيض، وفي هذه المواكب نرى ضاربي طبول كبيرة بوساطة العصي المعقوفة وضاربي (الطوس) الدائرية الصفراء المصنوعة من النحاس، هؤلاء يوحدون الحركة لضاربي (الزنجيل) الذين يدورون نصف دورة مع صوت الرادود، وعلى صوت الردات الحسينية تلطم الجموع الصدور.
وتنتشر التكايا على الطرقات وقد وضعت في داخلها الفوانيس واللالات الملونة المصنوعة من الزجاج والكريستال، لتعطي منظرا مدهشا من التناسق الذي يبدأ من الأرض ليرتفع بهذه القوارير الزجاجية المضاءة بمصابيح ملونة يغلب عليها اللون الأحمر إلى سقف التكية المسورة بالقماش الأسود، وصنعت ما يشبه التماثيل في تلك التكايا لمعركة الطف.
يذكر ان المحال التجارية تشارك في الاحتفال حيث يُعلق القماش الأسود على واجهات المحال والتجار يقفلون الأبواب ليلا تاركين الرصيف المقابل لمحالهم لجلوس العوائل، كما تعلق المصابيح الملونة في كل مكان، والناس تتوافد من كل حدب وصوب للمشاركة في هذه المناسبة.
المرسم الحسيني
المرسم الحسيني من ابرز النشاطات التي تشتهر بها البحرين حيث يتفاعل عدد كبير من الرسامين مع المناسبة، ومن ابرز المعارض معرض مأتم زبر الذي تحول الى متحف صغير يحتوي من بين مقتنياته بعض التحف الخاصة بالمنبر الذي تأسس منذ اكثرمن 126 عاما بالاضافة الى مقتنيات الاب الروحي للمنبر الملا عطية الجمري.
وقد حاول العام الماضي القيمون على مركز المنامة الحسيني الدخول في موسوعة غينيس للارقام القياسية من خلال لوحة عملاقة كتبت العبارة الموجودة عليها "لبيك يا حسين" وخلفيتها ببصمات الايدي من 13 جنسية مختلفة، بالاضافة الى العمل على تحطيم الرقم القياسي العالمي لاكبر شمعة في العالم التي بلغ طولها 73.60 مترا حيث تمت الاستعانة بـ 11900 فتيل و30 قالبا من الشمع المذاب طول كل قالب 2.44 متر.
ومن ابرز الرسامين البحرينيين المشاركين في المرسم :الفنان عقيل حسين، والفنان حسن قمبر، والفنان محمد الصفار.
مأتم للصم والبكم
مأتم وموكب حسيني للصم والبكم وهو الاول من نوعه في العالم، رأى النور العام الماضي من خلال الجهد الذي قام به مأتم محمد حسن في النعيم، حيث زود المشاركين ببعض المؤثرات الخاصة التي يتعاملون بها ويعرفونها مدعمة ببعض اللافتات المساعدة على المشاركة.
أصغر خطيب بحريني
يعتبر الخطيب الحسيني السيد هادي صادق الغريفي البالغ من العمر 14 عاما اصغر خطيب بحريني، ويمتلك قدرات كبيرة ويمتاز باجادة الاطوار البحرينية والعراقية.
الملالي والرواديد
لم تكن مواكب العزاء البحرينية في الماضي بهذا الشكل الذي نراه عليها اليوم، ولكن بفعل عناصر التجديد والتطوير تميزت مواكب العزاء البحريني بأشكال متعددة تختلف من قرية إلى اخرى ومن منطقة إلى أخرى بل ومن مأتم إلى آخر كما هو شأن مواكب العزاء في المنامة، إلا أن ما يميز هذه المواكب هو القصيدة والرادود، فالرادود هو نجم الموكب، إذ تسعى المواكب لاستقطاب أهم الرواديد المشهورين في البحرين كالشيخ حسين الأكرف وجعفر الدرازي وغازي العابد وفاضل البلادي وغيرهم.
وينشغل القارئ الحسيني (الملا) والرادود (الشيال) في هذا الموسم أكثر من أي موسم آخر، إذ تتنافس المآتم على استقطاب قارئ مشهور يمتلك أسلوبا خطابيا وحماسيا، إضافة إلى معلومات تاريخية وتحليلية عن ثورة الإمام الحسين، إذ يبدأ القارئ منذ اليوم الأول (يوم حادي ) حتى اليوم العاشر من المحرم بشكل يومي ليقرأ مجالس التعزية على الإمام الحسين، ولمجالس التعزية طقوس خاصة يمارسها المعزون في هذه الأيام كراية العباس في اليوم السابع وزفاف القاسم في يوم الثامن، وعلق الشموع والشبيه وغيرها من الطقوس التي تمارس في هذه الأيام، وقد اشتهر خطباء حسينيون بحرينيون كثيرون كالملا عطية الجمري والشيخ أحمد مال الله والشيخ أحمد العصفور وغيرهم من الخطباء الحسينيين الذين يمتازون بفن الخطابة، يمارسون (الطور البحراني) في القراءة الحسينية إذ يوجد أطوار وفنون عدة في ممارسة الخطابة لمجالس العزاء كالطور العراقي والطور الحساوي.
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاربعاء 24 كانون الثاني 2007