إيلاف+

النجار: احتجاب المرأة لم تعرفه المجتمعات

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الاحتجاب لكامل للمرأة لم تعرفه المجتمعات إلا بعصور الانحطاط

سمية درويش من غزة: قالت الدكتورة مها النجار الناشطة في مجال الحقوق الفلسطينية والمحاضرة الجامعية في حوار خاص مع "إيلاف"، بان هناك حربا إعلامية تقوم على خطط ودراسات لتوظيف كل وسائل التكنولوجيا ابتداء بالفضائيات والصحافة الصفراء، من أجل تعرية المرأة باعتبارها البداية لبوابة تغييب الوعي للإنسان العربي.
وأشارت الكاتبة المصرية، إلى أن مصطلح الحجاب ذاته هو مصطلح خاطئ لم يرد في الشرع إلا بمعنى الاحتجاب الكلي لنساء النبي "ص"، وهو بهذا المفهوم خصوصية لا يقاس عليها، بينما الظاهرة التي تناقش هي لصيانة الجسد البشري عن الاستغلال والتوظيف من قبل الرجل، مؤكدة بان الحجاب بمعنى الاحتجاب الكامل للمرأة عن مشاركة الرجل في شتى مناحي الحياة، لم تعرفه المجتمعات الإسلامية إلا في عصور الانحطاط والتدني الحضاري.
وفي ما يلي نص الحوار :-


- كيف تنظرين للمرأة العربية بشكل عام، وللمرأة الفلسطينية بشكل خاص؟
لقد حصلت المرأة على كثير من حقوقها النوعية، وأن وجود بعض المتاعب لديها ناشئ عن الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتدنية في بلادنا، والتي لا تفرق بين رجل وامرأة، أما على صعيد المرأة الفلسطينية، فلاشك أن ما تعاني منه من مشكلات ومصاعب ناشئ في أكثره عن وجود الاحتلال الإسرائيلي على أراضيها، وما نشأ عن ذلك الاحتلال من أوضاع صعبه، وأحيانا كثيرة أوضاعا مأساوية، أثبتت فيه أنها ذات طبيعة صلبة وإرادة حديدية.

برأيك هل قدمت المرأة العربية لشقيقتها الفلسطينية ما هو مطلوب؟
للأسف الشديد لم تقدم المرأة العربية لشقيقتها الفلسطينية إلا أقل القليل، والجميع تعامل مع القضية الفلسطينية كما يتعامل مع كفالة اليتيم ورعاية الأرامل، وليس كقضية شعب وقضية مصير.

- كيف تنظرين لعلاقة الرجل بالمرأة، وهل من عنف يمارس ضد المرأة العربية ؟
لا يمكن إصدار حكما واحدا على الرجال في علاقاتهم بالمرأة، بل يتوقف الأمر على كثير من العناصر والمعطيات والمنطلقات والثقافات لدى الرجل والمرأة على السواء، وأعتقد أن العلاقة بين الرجل والمرأة في عالمنا العربي والإسلامي أكثر من ممتازة، حيث المنطلقات العقائدية التي تعظم من شأن المرأة كأم، كما توصي خيرا بالزوجات وتجعل المودة والرحمة هي الأساس في التعامل، ولا يمكن أن يقاس ما تتعرض له بعض النساء من امتهان وازدراء وعنف على الوضع العام.
هناك قهر المرأة للمراه أحيانا يكون أكثر من قهر الرجل عليها، ففى صعيد مصر تجد المرأة الأم هي المسيطرة الحاكمة حتى على الرجال أنفسهم، ويطلق عليها اسم "الوتد"، وهنا يحدث قهر من الأم إلى زوجات أولادها، بمعنى قهر الحماة أكثر من الأزواج أنفسهم على زوجاتهم. وأيضا كما لابد وأن نفرق بين العنف الموجه للإنسان العربي والمسلم عموما دون تفرقة بين كونه رجلا أو أنثى وبين العنف النوعي الموجه للنساء لكونهن نساء، وهذا قليل ولا يصدر إلا عن أشخاص غير طبيعيين وغير أخلاقيين.

- هناك من يقول بان المرأة أصبحت سلعة إعلامية تروج عبر الفيديو كليب، ما رأيك بذلك؟
نعم أصبحت سلعة، وهناك حربا إعلامية تقوم على خطط ودراسات وتوظيف لكل وسائل التكنولوجيا، وتجيش للجيوش ابتداء بالفضائيات والصحافة الصفراء، وانتهاء بطابور خامس يتعامل بوقاحة وببجاحة ولا يخفي دوره القبيح في غرس أنياب العهر في عظام القيم العربية.
أصبحنا نخضع لحصار مخيف من الفضائيات التلفزيونية التي لا تتركنا إلا في حالة غيبوبة شبه كاملة أمام كل ألوان العهر، وإن هذه الفضائيات تخصصت في قتل كل القيم والأخلاق، وفى قتل النخوة العربية التي كانت تميزنا كعرب عن كثير من الشعوب.
هذا المشروع يحتاج إلى أموال ومصادر تمويل طائلة لا نعرف بالضبط من أين مصدرها، ولكننا نعرف لماذا تحاصرنا، أجساد تتلوى لتثير الغرائز وليس للفن أو للذوق معها نصيب، المفكر الاستراتيجي صموئيل هنتجتون) (وفرنسوا فوكوياما) فأنهما يعلنانها بصراحة لا مواربة فيها "حرب بداخل الإسلام حتى يقبل الإسلام الحداثة الغربية والعلمانية الغربية ويتم فصل الدين عن الدولة".
كما أعلن توماس فريدمان وهو الكاتب الإسرائيلي الأميركي القريب من صنع القرار، أن حربنا الحقيقة هي ضد الفكر الإسلامي والتربية الإسلامية والتعليم الإسلامي، ويجب أن نبدأ بالمدارس والأعلام مسلحين بالكتب الحديثة لا بالدبابات، وعندما تنموا تربة جديد وجيل جديد سيقبل على سياستنا، كما أحب شطائرنا والى أن يحدث هذا يجب أن نجد لنا أصدقاء هناك، ومن أجل ذلك عروا المرأة لأنها هي البداية لبوابة تغيب الوعي للإنسان العربي.

- ما رأيك بحجاب المرأة، وهل هو قهر للذات كما وصف من قبل الكثيرين ؟
أولا أحب أن أبدأ كلامي بإيماني بالحجاب وتقصيري، وأتمنى أن أخذ خطوة عملية في هذا الموضوع، ثانيا ليست هناك علاقة مباشرة بين ما يسمى بحجاب المرأة وبين حريتها، وربما الذي تسبب في شيوع هذا الربط بين الحجاب والقهر، هو مصطلح الحجاب ذاته وهو مصطلح خاطئ لم يرد في الشرع إلا بمعنى الاحتجاب الكلي لنساء النبي "صلى الله عليه وسلم"، وهو بهذا المفهوم خصوصية لا يقاس عليها، بينما الظاهرة التي نناقشها الآن هي ظاهرة صيانة الجسد البشري عن الاستغلال والتوظيف من قبل الرجل، وهو الأمر الذي نراه جليا في ثقافة الغرب ونظرته المتدنية للمرأة، وتوظيفه لجسدها والمتاجرة بهذا الجسد على كآفة المستويات بهدف المتعة والتكسب من تضاريس هذا الجسد الأنثوي، ونظرة واحدة إلى خطوط الموضة ومسابقات ملكات الجمال.
والكثير من الأعمال الفنية تؤكد على أن المجتمع الغربي هو الأحرى بأن يطلق عليه المجتمع الذكوري لأنه يسخر جسد المرأة لإمتاع الذكوري، وجعل جسد المرأة مادة للتكسب والتربح، أما الإسلام فقد صان الجسد البشري عموما، وساوى في ذلك بين الذكر والأنثى من حيث المبدأ، أي من حيث وجوب ستر العورة سواء عند المرأة أو الرجل.
فالحجاب بالمعنى السائد أي بمعنى بعض أجزاء الجسد ذات الطبيعة الخاصة المحركة للغرائز وفقا لحقائق الطب ووظائف الأعضاء، لا يختص بالمرأة دون الرجل، وإن اختلف الأمر تبعا لاختلاف طبيعة التضاريس الجسدية لكليهما، فلو اعتبرنا أن إلزام الإسلام للمرأة بضرورة تغطية جسدها قهرا، للزمنا أيضا أن نعتبر أن الرجل أيضا يناله من هذا القهر جانبا كبيرا بستر أجزاء من جسده.
أما الحجاب بمعنى الاحتجاب الكامل للمرأة عن مشاركة الرجل في شتى مناحي الحياة، فلم تعرفه المجتمعات الإسلامية إلا في عصور الانحطاط والتدني الحضاري، وعلى نطاق ضيق فقط، وهذا هو الذي يمكننا أن نقول معه بقهر المرأة.

- كيف تنظرين للأقلام العربية،وهل هي منصفة للمرأة التي خاضت كفاحا عبر عقود من الزمن للتحرر من السلطة الذكورية؟
أعتقد أن ادعاء عدم إنصاف المرأة في المجتمعات العربية والإسلامية، هو من اختراع عقول نسوية فارغة تستغل بعض مظاهر الاضطهاد لتخلق لنفسها دورا حضاريا متوهما وغير حقيقي، ولذلك فإنها إن لم تجد اضطهادا حقيقيا فإنها تخلقه من خيالها، وإن معظم هذه الأقلام التي تبنت قضية تحرير المرأة من جوانب خاطئة هي التي أدخلت المرأة في دائرة العبودية والقهر الحقيقي، من حيث الإلحاح عليها بأن تمنح جسدها رخيصا والربط بين هذا التعري وبين التحرر، بهدف الاستمتاع المطلق بجسد المرأة، وهو الذي خلق المجتمع الذكوري الذي أصبح ينظر للمرأة من مؤخرتها لا عقلها، وهذا للأسف ما نراه في الشارع والجامعة وعلى الشاطئ وفى النادي وفى كل مكان.
وما مشهد المئات بل الآلاف من الفتيات في مسابقات الجمال إلا شاهدا على نجاح من يسمون أنفسهم بدعاة تحرير المرأة في استعباد المرأة وحبسها في سجن التضاريس الأنثوية التي أصبحت المسوغ الحقيقي لنجاح الكثيرات، وباعتقادي أن أكثر هذه الأقلام هي السبب في خلق المجتمع الذكوري الذي يستمتع بالمرأة كجسد ويتعامل معها على أنها مجرد تضاريس تحرك غرائزه للمتعة.

ما رأيك بالعمليات التفجيرية التي تنفذها فتيات فلسطينيات؟
بعيدا عن رأى الشخصي الرافض لتفجير هذا الجسد الرقيق الرائع الذي خلقه الله ليعمر البشرية، أقول أن تفجير المرأة هو إحراج للرجل.
صور فريدة تقدمها اليوم نساء فلسطينيات وشابات في عمر الزهور يفجرن أنفسهن، لتثبت للاحتلال أن هذه الأمة إن اختفى رجالها وراء كواليس الدنيا بحثا عن منصب أو كرسي أو غرض زائل من أغراض الدنيا أو شغلوا أنفسهم بأغراض دنيئة، فإن نسائها على استعداد لتلبية نداء الدين والوطن والشرف والكرامة.

- كيف تنظرين للمرأة الفلسطينية في عهد حكومة حماس ؟
ليس من الصواب أن نحسب مكاسب المرأة الفلسطينية أو غيرها بعدد الحقائب الوزارية، بل الأهم هو السلوك الحكومي العام في التعامل مع قضايا المرأة وتوفير حياة حرة كريمة لها، وهى ضرورة التفريق جيدا بين حكومة تصلح لإدارة أزمة وحكومة تصلح لإدارة حكم بين دولة مازالت في طور التشكيل والتأسيس وبين دولة مستقرة وثابتة، وبين دولة مسلوبة الإرادة، وبين دولة تملك قرارها وإرادتها، وفى ظل هذه اللحظة التاريخية التي تمر بها فلسطين وفى ظل المعطيات الدولية الرافضة لتولى التيارات الإسلامية للحكم يكون من الخطأ الجسيم الذي أتى بحماس لتدير أزمة شعب يبحث عن دولة.
وهذا يذكرنا بدعوة فصل قضايا المرأة عن مجمل القضايا السياسية : فى لجنة مركز المرأة (SCW) التابعة للأمم المتحدة،
ولكن فكيف يمكن عزل الأوضاع الاجتماعية التي تعيشها المرأة الفلسطينية مثلا عن واقع الاحتلال العنصري، إذ كيف يمكن العمل من أجل تقدم المرأة على الصعيد الاجتماعي والإنساني، في ظل واقع سياسي متخلف وغير ديمقراطي وغير مستعد للتجاوب مع مشاريع القرارات والقوانين والتشريعات التي تسهم في تقدم وضع المرأة الفلسطينية على استقرار الوضع الاجتماعي المتفجر بسبب سياسة القهر والنهب المتواصلة، وظل قلق داخلي.

- نعرف بان هناك مطاردة من قبل بعض المشعوذين للكاتبة مها النجار، كيف لك ذلك؟
قد شاءت الأقدار والصدف لأن أجد نفسي مضطرة لأن أحمل قلم الكاتبة لكي أخوض معركة شرسة ضد القبح في كثير من أشكاله وألوانه ورموزه، وهنا على شبكة الانترنت عالم مخيف الأقنعة كثير، واغلب الأسماء وهمية، وما بين ناقد وناقم وناصح أجد نفسي مضطرة لمواجهة بعض المشعوذين، وهنا من الكتاب المشعوذين من هم اشد خطورة من الأسماء الوهمية، لأنه عندما لا ترضخ الكاتبة لمطاردته يلجأ إلى محاربة فكرها.
كنت أتمنى أن أرى المثقف أكبر موضوعية في مواقفه، وأكثر نزاهة في أحكامه وأكثر ترفعا في خصومته وأكثر أيمانا بقضيته بعيدا عن مطاردة الكاتبات في بعض المواقع، وأتكلم هنا عن قلة من الكتاب غير مسئولة.

- هل ثمة نية في إصدار مطبوعات لك؟
نعم هناك مفاجآت قريبة إن شاء الله.

اللقاء منشور في ايلاف دجتال يوم الجمعة 26 كانون الثاني 2007

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف