إيلاف+

عاشوراء السعودية رسالة الحسين للانسانية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

علي ال غراش من الدمام: لفاجعة عاشوراء "ذكرى استشهاد الامام الحسين(ع)" مكانة كبيرة لدى عامة المسلمين وبالذات للشيعة. الذين يحيون المناسبة الاليمة ويخصصون الايام العشرة الاولى من شهر محرم (عشوراء) مع بداية كل عام هجري, لاحياء اهداف ثورة نهضة الامام الحسين (ع) الذي استشهاد في عام 61 هجري. على يد من يدعون اتباع رسالة جده النبي محمد (ص) رسالة الاسلام.
ويحيي شيعة السعودية فعاليات عاشوراء هذا العام "كما هي العادة في كل عام" باجواء ممزوجة بنشوة الثقة بالنفس والحرية النسبية في ظل تغطية اعلامية متميزة خاصة الفضائية للقنوات الشيعية, وبخوف وقلق بسبب التوتر والفتنة الطائفية التي تشهدها المنطقة حاليا وبالخصوص في العراق. ولهذا حرص الخطباء في هذا العام بالبعد عن كل ما فيه طائفية او مذهبية وكل ما يؤدي الى التشنج الطائفي, والتركيز على تناول ابعاد ثورة الامام الحسين "عاشوراء" كثورة وقضية انسانية اسلامية لكل المظلومين في العالم.
ويحرص شيعة السعودية الذين يتواجدون في اغلب مدن وقرى المملكة "من الشرق الى الغرب ومن الشمال الى الجنوب" وبنسب مختلفة باحياء ذكرى عاشوراء وممارسة الطقوس الممكنة, وتختلف الطرق والاساليب حسب اجواء المنطقة التي يتواجدون فيها ومستوى التعايش السلمي وحسب الكثافة السكانية... فالشيعة في السعودية من الرجال والنساء "ومن جميع الطبقات" يحيون المناسبة اينما كانوا ومهما كانت الاجواء السياسية والتشنج الطائفي ومهما كانت الظروف. وينتشر الشيعة في السعودية في المنطقة الشرقية(الاحساء والقطيف) ونجران كاكثرية, وكذلك في المدينة المنورة, ويشكلون مانسبته 20 بالمائة من السكان.

شيعة الاحساء والقطيف

ولكن يبقى لشيعة السعودية في المنطقة الشرقية وبالذات في مدن وقرى الاحساء والقطيف الذين يشكلون الاكثرية السكانية والمواطنين الاصليين في المنطقة والتي تعتبر معقلا من معاقل التشيع التاريخية في الخليج. هم الاكثر تميزا وحضورا وقوة... حيث تكون مظاهر الاحياء لعاشوراء الحسين بارزة وواضحة للعيان. نتيجة وجود الكثير من المجالس الحسينية الخاصة بالرجال او النساء(والتي هي على شكل قاعات تختلف مساحاتها وضخمتها بحسب القدرة المالية للقائمين عليها ومرونة المسؤولين في المنطقة) في مدن وقرى المنطقة الشرقية "الاحساء والقطيف بالذات".
ويهتم اهالي المنطقة الشيعة كثيرا بظهور المناسبة الغالية عليهم بالشكل الذي يجمع الفائدة الحقيقية من الثقافة الحسينية واهداف الثورة الرسالية, وبالشعارات الخارجية ذات الطابع الحزين الذي يناسب الفجيعة. وذلك عبر الاستعداد منذ عدة اشهر و تشكيل اللجان المتنوعة من قبل الجنسين ومن جميع الشرائح الاجتماعية, اذ يحرص ابناء الطائفة الشيعية بالتطوع بالمشاركة والعمل حسب القدرة والتخصص. وهذه اللجان هي المسؤولة عن تنظيم حركة السير والمرور والسلامة.

وكما هي العادة في هذه المناسبة توشحت منازل وطرق وازقة احياء المنطقة وبالذات القديمة بوشاح السواد وبالصور المعبرة عن المناسبة, واعتلت سطوح المنازل الرايات: السوداء والخضراء والحمراء... وتم تجهيز الحسينيات "مجالس الاحياء" بكل المستلزمات من فرش واجهزة الصوت الحديثة والتصوير والبث عبر الانترنت, وباستخدم احدث الاحهزة التقنية المفيدة كالكمبيوتر واجهزة البروجكتر, وتجهيز المخيمات الكبيرة في الساحات الخارجية المقابلة للحسينيات التي لا تستطيع استيعاب عشرات الالاف من المستمعين في بعض الحسينيات التي يحاضر فيها احد الخطباء المشهورين في المنطقة.

تشهد مدن وقرى المنطقة الشرقية الشيعية حركة كثيفة جدا خلال ايام عاشوراء وتزداد كلما اقترب يوم العاشر من محرم... وخلال هذه الايام تشهد المنطقة ازدحاما مروريا وبالذات في الفترة المسائية عقب صلاة العشاءين لانها الوقت الانسب لجميع الشرائح والعوائل وخاصة الموظفين.., اما الفترة الصباحية والعصر فالحركة اقل. كما يحرص بعض السنة وخاصة ابناء المنطقة الشرقية و المنفتحين والمتسامحين على الحضور في مجالس احياء عاشوراء على انها مناسبة تخص عموم المسلمين والبشرية.

برامج متنوعة
ولان عاشوراء الحسين ليست خاصة بشريحة معينة او بطريقة محددة فان برامج احياء المناسبة متنوعة لا تقتصر فقط على قراءة مجلس حزين مع محاضرة او مراسم العزاء واللطم. حيث شهدت الاعوام الماضية وبالذات هذا العام تنوعا ملحوظا للبرامج المصاحبة لاحياء فعاليات عاشوراء في السعودية كالندوات التي يشارك فيها الشخصيات الاكاديمية والثقافية ..., وكذلك المسابقات الفنية والعلمية والثقافية والرياضية, وهذه البرامج تقام لجميع الشرائح الاجتماعية على صعيد الرجال والنساء والاطفال.

القنوات الفضائية

وكان للشخصيات الشيعية السعودية حضورا ملفتا على القنوات الفضائية التي تبث برامج عن المناسبة "عاشوراء" هذا العام . كالخطيب الشيخ حسن الصفار على قناة المنار, والخطيب السيد منير الخباز على قناة الفرات, والخطيب الشيخ فوزي السيف على قناة الانوار... بالاضافة الى عدد كبير من الخطباء والعلماء والشخصيات الثقافية والاكاديمية السعودية الشيعية. التي تمثل نقلة نوعية وانطلاقة كبيرة للشخصيات السعودية الشيعية على الساحة الاسلامية بعدما فقدوا الامكانية بالخروج على القنوات المحلية الحكومية.وتحولت هذه القنوات الى مصدر مهم للشيعة للتعرف على فعاليات عاشوراء في دول العالم ومنها السعودية.

استطاعت القنوات الفضائية الشيعية المتعددة ان تجذب المشاهد السعودي الشيعي وان تسد النقص الذي يعاني منه طوال السنوات الماضية في هذا المجال.. وان تكون محل الاهتمام والمتابعة ومتنفسا طبيعيا... بعدما كان بعض الشيعة قبل البث الفضائي ووجود قنوات اخبارية وثقافية وعلمية... يضطرون لمقاطعة التلفاز (ووضع الشريط الاحمر) ... لانها تبث برامج لا تخدم ولا تناسب الحدث الاهم وهو عاشورء الحسين كما يرون. وتنام عدد هذه القنوات هذا العام, وتطورت في البرامج, والاستفادة من تجاربها السابقة. ومع ذلك فهناك حالة من عدم الرضا من قبل الشارع الشيعي السعودي لانشغال هذه القنوات بالخطاب الخاص لا العام وبقضايا لا تخدم المشاهد بالشكل المطلوب مهما كان مذهبه او دينه. مشيرين بان هذه القنوات تحولت الى حسينيات ومجالس عزاء فضائية, ولم تستغل المناسبة بما يخدم نهضة الامام الحسين.

وساهمت القنوات الفضائية في ظهور ما يسمى بثقافة العزاء واللطم والكليبات الدينية الشيعية المتنوعة... مما ادى الى بروز اسماء شيعية سعودية في هذا المجال كمؤديين ومؤلفيين ومصممين ومخرجين بشكل ملفت. وتحول تلك الى صناعة. ويوجد في الشارع السعودي الشيعي من له موقف وتحفظ على هذه الثقافة.

قضايا ودروس
وتميزت مواضيع عاشوراء هذا العام في المنطقة الشرقية من قبل الخطباء بالبعد عن القضايا الطائفية والمواضيع التي تتعلق بالاختلافات المذهبية وتثير التشنج..التي كان لها حضور خلال السنوات الماضية بعدما اثيرت بشكل غير مناسب عبر القنوات الفضائية, والبعد عن العصبية والتعصب. وبالتركيز على البعد الاخلاقي للرسالة المحمدية, عبر تناول بعض من قبسات سيرة النبي محمد (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين وال البيت, وحول اهم الدروس والعبر من النهضة الحسينية"عاشوراء" التي هي رسالة انسانية لكل المظلومين, وبحث القضايا الاجتماعية التي تشغل ابناء المجتمع السعودي, وتنمية روح التعايش والتسامح بين ابناء الدين الواحد والوطن والبشرية, وبناء الشخصية ومواجهات التحديات.

يسود حالة من الهدوء والامان في المنطقة الشرقية هذا العام في هذه الايام الحسينية "عاشوراء" ولم يلاحظ اي استنفار امني ظاهر للقوات الامنية في المدن والقرى الشيعية والطرق الرئيسية, أو مرابطة للجهات الامنية برغم الاوضاع المؤلمة والفتنة الطائفية في العراق في هذه الفترة وانشغال ابناء المنطقة بها - عكس ما كانت عليه المنطقة منذ بداية الثمانيات من القرن الماضي.

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاحد 28 كانون 2007

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف