المواقع الإباحية تقصف عقول المراهقين

الشبكة العنكبوتية مدخلاً افتراضياً لهذا العالم
المواقع الإباحية تقصف عقول المراهقين

خلف خلف من رام الله: وفقاً لقاعدة " كل ممنوع مرغوب " ، يلهث الشباب الفلسطينيون والعرب عموماً نحو الجنس، وليس أفضل من الشبكة العنكبوتية مدخلاً افتراضياً لهذا العالم الذي يعتبر من دائرة المحرمات في كافة البلدان العربية والإسلامية. وسخونة وجوهر الموضوع قيد الحديث يستدل عليها من الإحصائيات والمعطيات التي توضح بشكل قاطع أن حجم إقبال الشبان والمراهقين العرب على مواقع الجنس ليس بسيطاً، بل أنه يدفع تجاه احتلال بعض هذه المواقع ترتيباً متقدماً في عدد الزوار اليومي. وخاصة بما توفره هذه المواقع من مزايا وخدمات لمرتاديها من تحميل للصور والأفلام ومقاطع البلوتوث، وتوفيرها بالإضافة لذلك برامجاً تساعد في عملية التخزين والتحميل والمشاركة في الملفات.

تجربة خاصة جداً

مؤخراً تعرض حاسوبي الخاص لوعكة صحية جراء فايروس لعين، اضطرتني المسألة لأصبح من رواد مقاهي الإنترنت لمدة يومين. وخلال هذه الرحلة لفتت نظري عبارة وضعتها إدارة بعض المقاهي كإرشاد وتحذير لمرتاديها، ومؤداها "ممنوع الدخول للمواقع الإباحية".

وحين استفسرت عن سبب وجودها في إحدى مقاهي مدينة نابلس في الضفة الغربية، تصدى لذلك صاحب المقهى، قائلا: "لذلك أسباب عديدة، أولها ردع بعض المراهقين من الدخول للمواقع الجنسية، مع العلم أننا لسنا مؤهلين لمحاسبة العباد، ولكننا نعاني كثيراً من لجوء الشباب وبخاصة المراهقين منهم لمثل هذه المواقع، وهذا يسبب مشاكل كثيرة للأجهزة في المقهى، لأن معظم هذه المواقع ليست نظيفة، وبعضها يجلب الفيروسات للأجهزة".

وتابع: "معظم الناس في الوقت الحاضر يمتلكون شبكة "انترنت" في منازلهم، ومن يأتون إلى هنا، معظمهم في سن المراهقة، وأنا على قناعة تامة، أن قدومهم، يعود لسببين، هما: "الدخول للمواقع الإباحية هرباً من مراقبة الأهل لجهاز الكمبيوتر في البيت، أما السبب الثاني، فهو أن بعض الأشخاص لا يريدون إلحاق الضرر بأجهزتهم ولهذا يأتون للمقهى لتحميل الأفلام الخلاعية ثم يذهبون، ولهذا فقد أصبح العمل في المقهى لا يأتي بتعبه، وأفكر بإغلاقه".

إشباع الغريزة..تفريغ نفسي

تؤكد دراسات علم النفس الحديث أن إقبال المراهقين على المواقع الإباحية يأتي بسبب الصراع الداخلي للشاب. وهذا ما أكدته لنا المحاضرة في قسم علم النفس في جامعة النجاح في نابلس الدكتورة رسمية عبد القادر، والتي تقول: "نحن كمجتمع فلسطيني تغيرنا في الجانب المادي والثقافي، ولم نتغير في الجانب المعنوي، وبالتالي بقيت العادات والتقاليد كما هي".

وتضيف: "الشاب والمراهق يرى في الإنترنت والقنوات الفضائية أشياء ومعروضات لا تتحقق له في الواقع فيحدث عنده صراع داخلي، وتمرد على الأسرة والمجتمع، ولهذا يلجأ إلى هذه المواقع الإباحية ليخرج ما بداخله، ولو بطرق متخفية وسرية".

وتقول د.رسمية عبد القادر التي أجريت العديد من الدراسات وأوراق العمل في موضوع التربية الجنسية: "عادة ما يكون لدى المراهق صراع داخلي، لأن المجتمع يريد أن يوجهه كما يريد، بينما هناك مثيرات خارجية وعوامل فسيولوجية داخلية تؤثر عليه فيقع فريسة الصراع لعدة اتجاهات نفسية معينة". مشبهة الموضوع بأن نضع الطعام أمام شخص جائع ونطلب منه إن لا يأكل".

وتبين الخبيرة في علم النفس أن المراهق لديه دوافع فسيولوجية كالجوع والعطش والجنس، والأمومة بالنسبة للفتاة، ومجتمعاتنا تبلي الأمور الثلاثة وتنسى الجنس أو تتجاهله وتحذره، ومن هنا يبدأ المراهق يتساءل: "لماذا يتم منعنا من هذا؟. وتبدأ عملية حب الاستطلاع لديه تحفزه على الأقدام على المواقع الإباحية وغيرها من الأمور المشابه.

وتشدد عبد القادر على ضرورة أن يكون بالمجتمع رقابة وتوجيه ومتابعة وتربية سلمية من الأساس وحوار مع المراهق وغرس لديه القيم الدينية حتى تكون هذه القيم مانع له من الانحراق أو الانزلاق إلى مهاوي الرذيلة، مشيرة إلى أن دراسة للدكتور سهيل حسنين مدرس بالجامعة العبرية لعلم النفس أجريت عام 1998 تظهر أن 76% من العينة التي أجراها المراهقين في القدس العربية يتعاطون المخدرات، وقد اتجهوا لهذا الطريق عبر علاقات مع فتيات".

خدمات تلقى قبولاً

وللإيغال أكثر في تفاصيل الظاهرة، كان لا بد من الالتقاء ببعض المراهقين الذين لا يخفون ارتاديهم لمثل هذه المواقع، وسؤالنا لهم كان كالآتي: "هل تجدون ضالتكم في مثل هذه المواقع؟".

الشاب "س" محمود ضحك، ولم أعرف إن سبب ذلك، إن كان على طبيعة سؤالي، أم لنوايا التفكير بجواب، وقال: "جواب سؤالك يعتمد على طبيعة المواقع الذي يرتاده الشخص، فهناك مواقع جيدة، وتقدم خدمات مجانية، وتحديثها للأفلام والمقاطع هو بشكل دائم، كما توفر أرشيف واسع بإمكان الشخص الرجوع إليه متى شاء".

وأستدرك قائلا: "ولكن ليس دائماً بإمكانك العودة للأرشيف، فهناك بعض الأفلام تفقد عن الشبكة بعد فترة محددة، بخاصة أن عملية تخزينها تكون محددة بزمن معين، قد يمتد لأسبوع أو أسبوعين، وربما شهر، هذا يعود لطبيعة الموقع".

"وتوفر العديد من مواقع الإنترنت مساحة ليست بسيطة لرفع الملفات وتخزينها، كما أن هناك برامج عديدة لمشاركة الملفات، باستطاعة الشخص وضع كلمة مفتاحيه أو أسم ملف أو صورة أو وثيقة يبحث عنها على الشبكة، وليس عليه سوى أعطاء أمر البحث وانتظار النتائج، وهذا المواقع باتت هدفاً مفضلاً للكثير من الشبان والمراهقين لتحميل أفلام الجنس، ومن أشهر هذه البرامج "لايم وير"، وايرس"، كما أوضح لنا شاب رفض الكشف عن أسمه.

الظاهرة بلغة الأرقام

أظهر استطلاع للرأي شمل رواد 14 مقهى في فلسطين أن ما نسبته 34% من المراهقين يستخدمون الإنترنت بعرض الترفيه والدردشة، فيما بلغت نسبة الذين قد دخلوا مواقع إباحية خلال الشهر الماضي 30%. وبين الاستطلاع الذي أعد خصيصا لمعرفة حجم الظاهرة في فلسطين، أن 44% من المستطلعين يستخدمون الشبكة من أجل الحصول التزود بالأخبار السياسية، على المعلومات، فيما بلغت نسبة الذين يسعون للحصول على المعلومات 19%.

يأتي هذا فيما كانت معطيات أصدرتها أحدى الشركات في عام 2004 بينت أن عدد زوار المواقع الإباحية من العرب بلغ إكثر من 400 ألف زائر في اليوم الواحد، موضحة أن مواقعاً معينة يزيد زوارها عن 1400 زائر باليوم، وأوضحت إدارة أحد المواقع الجنسية في وقت سابق أن لديها صورة جنسية حملها من الموقع أكثر من مليار شخص من أنحاء العالم.