البحث عن الفضيحة أو إختلاقها!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
نزار جاف من بون: الحديث عن الفضائح حديث شيق و ذو شجون، سيما حين يتعلق الامر بأولئك النخب التي تسير أمور البلاد و العباد. وقد تکون الفضيحة مرادفة للفساد الذي يکاد يکون من أقدم المشاکل التي واجهتها المجتمعات الانسانية، ولم يکن هناك يوما نظاما سياسيا محددا و عبر التأريخ يمکن الجزم بعصمته عنه. ومثلما لم تستطع أعتى النظم الاستبدادية من السيطرة بشکل تام و کامل عليه، فإن أکثر النظم عراقة في الديمقراطية لم تتمکن هي الاخرى من وضع حد نهائي له و بات أصحاب المناصب و المسؤوليات الرفيعة"يتفنون"في إبتکار طرق جديدة للإلتفاف على القوانينب و الانظمة و الحصول على أموال أو مکتسبات غير مشروعة.
أکثرهم ديمقراطية و أکثرهم فسادا
"إسرائيل غدت دولة من المستوطنين تقودها زمر من الفاسدين"، مقولة مشهورة لرئيس الکنيست الاسرائيلي
و لو حاولنا تتبع مسلسل الضائح في البلد العبري فإنه نجد أنفسنا أمام خزين کمي و نوعي يعتد به لساسة هذه الدولة التي أعتبرت واحة للديمقراطية في شرق تتکالب عليه أشنع أنواع النظم الاستبدادية الشمولية، و بإمکاننا الاشارة السريعة لبعض من الفضائح:
ـ الفضائح المالية التي تلاحق رئيس الحکومة إيهود أولمرت التي تتلخص في سيل الرشاوي المقدمة مع فضيحة صفقة خصخصة بنك"لئومي".
ـ الفضائح الجنسية التي تطارد رئيس الدولة"موشيهzwnj; کتساب"المتهم بالتحرش الجنسي و محاولة إغتصاب عدد من الموظفات العاملات في مکتبه.
ـ فضيحة محاولة تقبيل"حاييم رامون" وزير العدل الاسرائيلي لسکرتيرته رغما عن أنفها!
کما أن الاشارة الى إستقالة الرئيس الاسرائيلي"عزرا وايزمن"بسبب من فضيحة مالية و فساد وکذلك الحکم على وزير الحرب"إسحاق مردخاي"بالسجن لمدة 18 شهرا مع وقف التنفيذ بتهمة الاعتداء الجنسي على موظفة في وزارته، تشکلان أيضا أرقاما مفيدة في دائرة الفساد"الجنسية ـ المالية"التي تحيط بقادة دولة تطمح أن تمتد حدودها من الفرات الى النيل!
الفضيحة الغربية.. حدث و لاحرج!
فضيحة"وتر غيت"التي أطاحت بالرئيس الامريکي الاسبق ريتشارد نيکسون، مع إنها کانت بمثابة وصمة عار للرئيس نيکسون من حيث إنه سلك طرقا غير مشروعة لضمان إعادة إنتخابه لدورة رئاسية ثانية عندما نصب أجهزة تنصت ضد خصمه الديمقراطي، لکنها في نفس الوقت أکدت الدور القوي و الفاعل للصحافة و رسخت الاعتقاد السائد من أنها تمثل فعلا السلطة الرابعة في الولايات المتحدة الامريکية، مثلما أوضحت بحقيقة النظام الديمقراطي القائم في واشنطن.
أما الحديث عن فضيحة الرئيس الامريکي السابق بيل کلنتون مع الحسناء مونيکا والتي أقامت الدنيا ولم تقعدها إلا بإعتراف الرئيس صاغرا بالفضيحة، يقود أيضا للکلام عن فضائح غربية أخرى مشابهة بدءا برؤساء الحکومات و مرورا بالوزراء و البرلمانيون و إنتهاءا برجال الاعمال المشهورين. وقطعا ليس بصحيح ان المسؤول السياسي في الغرب لا يأبه للفضيحة فقد تنتهي بالموت"إنتحارا"کما حدثت في حالات کثيرة من بينها إنتحار البرلماني الالماني"مالوان" على أثر فضيحة رشوات مالية تلقاها من دول عربية.
ماذا عن فضائح قادتنا؟
لا يختلف إثنان في ان هناك حجب حديدية مفروضة على الکثير من المجالات في الدول العربية، وقد تکون أهمها و أخطرها و أکثرها حساسية ما يتعلق بفضائح القادة"الرئيسيين" و وزرائهم الميامين التي من النادر جدا أن تجد
قيل أن الزعيم الفلاني"الراحل" قد طلب من الممثلة الفرنسية المشهورة"بريجيت باردو"أن تزوره بشکل خاص الى عاصمته مقابل شيك يسيل له اللعاب، لکن باردو رفضت ذلك!
وقيل بأن رئيس عربي"راحل" قد إستضاف زعيم عربي"راحل"و أعد له أجواء جنسية حميمة و بينما ذلك الزعيم الراحل يرتع و يمرح بين الغيد الحسان و إذا بمجموعة خاصة تدخل عليه و.....!
کثير من الکلام و الاشاعات المتباينة بهذا الخصوص تناقلتها الاوساط المختلفة لکنها لم تصل الى مستوى"الخبر الموثوق"الذي يحسب له حسابه، وحتى أن ما نقلته صحيفة"معاريف"الاسرائيلية بخصوص أن مسلحي حماس الذين سيطروا على مقار أجهزة السلطة في قطاع غزة، ذهلوا حين عثروا على عشرات الاشرطة الجنسية التي توثق لرموز کبار في السلطة الفلسطينية جرى تصويرهم خلسة و في أوضاع مشينة لإبتزازهم، لم يکن هو الآخر أکثر من مجرد خبر غير مدعوم بأسماء و أرقام "قاتلة" ويبقى السؤال: لماذا لا توجد هنالك أرقام و مستندات دامغة تضع النقاط على الحروف وهل أن النظم العربية لوحدها من تقوم بمثل هذا التحجيب أم أن هنالك أيادي أخرى؟
البحث عن فضيحة!
عندما أثارت مصر جمال عبدالناصر قضية رئيس المخابرات المصرية صلاح نصر و تلك المزاعم التي کانت تقول بأنه کان يشکل دولة داخل دولة و علقت على شماعته العديد من المساوئ و الفضائح و قضايا الفساد، فإن کل ذلك في واقع الامر لم يکن يشفع لنظام حکم عبدالناصر الذي ملأ الدنيا بشعاراته القومية و الثورية البراقة و کان مسؤولا أساسيا عن الهزيمة من کل النواحي، و کان الاجدر بذلك النظام قبل أن يقدم صلاح نصر ککبش فداء لأخطاء النظام، أن يقر بفضائح أشنع خدع من خلالها الجماهير من المحيط الى الخليج"وليس في مصر لوحدها"عندما بهرها بصواريخ"الظافر و الناصر"والتي لم تکن في حقيقة أمرها سوى zwnj;أکذوبات براقة لإظهار عضلات مزيفة لنظام کان يحمل رأسه على طبق من فضة لأعدائه.
ومثلما کان صلاح نصر کبش فداء لأخطاء حکم عبدالناصر، فقد قام نظام حکم البعث إبان عهد الرئيس أحمد حسن البکر بتقديم ناظم کزار مدير الامن العام ککبش فداء عن إنتهاکات و أخطاء فضيعة جرت بدون علم القيادة "البريئة" و يومها سلطت الاضواء على معتقل قصر النهاية الرهيب"قصر الزهور الملکي سابقا" وقيل الکثير عن ذلك، لکن السؤال هو: ماذا حدث بعد صلاح نصر و ناظم کزار؟ هل إنتهت حقبة"دولة في داخل دولة"؟ إن الاجابة المنطقية تدل على أن ذلك المفهوم تطور الى"دول داخل دولة" وإن نصر و کزار مازالا يجلسان على کرسيهما و يضحکان على ذقون الجماهير في أکثر من عاصمة عربية.
وللصراعات السياسية حصة
قد تکون الدوافع السياسية سببا مهما و فاعلا في بروز فضيحة ما أو حتى إختلاقها. وهنا تجدر الاشارة الى تلك الازمة الشهيرة التي مرت بها ماليزيا عام 1998، عندما تم إتهام نائب رئيس وزراء ماليزيا و وزير المالية أنور إبراهيم بالشذوذ الجنسي وقد کان من أقرب المقربين لرجل ماليزيا القوي"آنذاك" مهاتير محمد و تم زجه في السجن لسنوات ولم يتم الافراج عنه إلا بعد خروج مهاتير محمد من السلطة مما زاد من إحتمالات أن يکون أنور إبراهيم قد تعرض لفضيحة مختلقة أساسا لدوافع و أهداف سياسية.
الغربان و السنونو
جهاز المخابرات السوفيتي أثناء فترة الحکم الشيوعي، کان هو الآخر يتفنن في صنع و إختلاق الفضيحة، إذ کان لديه فتيات و فتيان مدربون لغرض الإيقاع برجال السياسة من الدول الاخرى و حتى بسفراء دول کانت تلفت إنتباه موسکو. الفتيات کان جهاز ال"K.G.B" يطلق عليهن مصطلح"السنونو" وکن قد تلقين تدريبات مکثفة و مبرمجة للإيقاع بالضحايا، فيما کان الفتيان يطلق عليهم مصطلح"الغربان" وکانوا هؤلاء أيضا قد تم إعدادهم بشکل دقيق للإيقاع بأولئك الساسة الذين لهم ميول شاذة. والامر المثير أن هذا الجهاز الاستخباري المشهور کان يجبر الفتيات و الفتيان على إجراء ممارسات جنسية ثنائية و ثلاثية و حتى جماعية و کان الهدف النهائي أن يکون الشاب أو الشابة قد تجردا نهائيا من کل إلتزام أخلاقي و صارت الاهداف التي يرسمها الجهاز الاهداف السامية التي ينبغي العمل و التضحية من أجلها. ولعل ما حدث للسفير الفرنسي في موسکو في فترة الستينات من القرن الماضي و تمکنه من الفرار بجلده من محاولات المخابرات السوفيتية لجر قدمه للتعاون مع موسکو عبر تهديده بفلم تم تصويره أثناء ممارسته للجنس مع واحدة من طيور"السنونو"السوفيتية.
الذي يميز الفساد في الدول المتقدمة عن الدول الاقل تقدما، هو إن الاولى تطرح مسائل الفساد فيها بطريقة مکشوفة بعد أن يتم طرحها تبدأ الاجراءات القانونية التي تطال عادة أرکان تلك القضايا. فيما تکون الصورة في البلدان الاقل تقدما أو بصورة أدق في بلدان العالم الثالث بصورة مغايرة تماما، إذ قد تکون المسألة مفبرکة من أساسها لأغراض محددة کما کان الامر في حادثة قتل عدي صدام حسين لمرافق أبيه و تلك المسرحية"الماسخة"التي قدمها النظام والتي کانت في خطها العام تسير في سياق توحي من خلاله بعدالة النظام مع الکل بدون إستثناء، وکما في حالات أخرى تجري عندما يکثر الکلام عن الفساد و الرشوة فيتم تقديم کبش فداء لإسکات الافواه و قد يکون کبش الفداء حتى على مستوى رئيس وزراء کما جرى في دولة عربية إدعت في بداية عهد رئيسها"الشاب"من انها ماضية قدما في طريق الاصلاحات، لکن "عادت حليمة لعادتها القديمة" ولم يتغير شيئا سوى بعض الوجوه کما کان الحال سابقا ولازال عليه و سيبقى الى ماشاء الله.
لکن تبقى هناك نقطة مهمة و حساسة، وهي انه و مع إنعدام دولة القانون و المؤسسات و خنق الحريات، فإن حالات الفساد عندما تزکم الانوف و تتعدى الحدود المألوفة عندئذ يبدأ التغيير الانقلابي عندما يطل العسکر من ثکناتهم و يصدرون بيانهم الاول ضد"الخونة و الفاسدين المارقين...الخ" وينشغل الناس حقب أخرى بذلك"الرئيس الفلتة"الذي أنقذ البلاد و العباد من شر الفساد و المفسدين.