إيلاف+

تزايد قوة حركات أنصار البيئة في أمريكا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رضوى عمار: على الرغم من النظر إلى التغيرات المناخية كقضية عالمية، إلا أن الاستجابة لهذا الحدث بشكل عام تتطلب أن يكون هناك رد فعل على المستوى الوطني. ففي عام 1992، صدقت واشنطن على إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية (UNFCCC)، ويُلاحظ أنه خلال أكثر من عقد، اتخذت الولايات المتحدة عدداً من الإجراءات المنظمة والطوعية المقترحة، والتي تشمل مراقبة تأثير إطلاق ثاني أكسيد الكربون، وترشيد الاستخدام، والدفع بتنمية مصادر الطاقة المتجددة. ورغم ذلك فإن إطلاق ثاني أكسيد الكربون استمر في التزايد.

وانطلاقا من تلك الأهمية، يسعى التقرير التالي إلى إلقاء الضوء على الحركات البيئية داخل الولايات المتحدة، بالنظر إلى إسهاماتها على المستوى العالمي فيما يتعلق بالدعوة إلى مكافحة الاحتباس الحراري، تلك الدعوى التي وجدت صدا لها إبان اجتماعات مجموعة الثمانية 2007.

الحركات البيئية داخل الولايات المتحدة: النشأة والتطور
يوضح تصاعد القاعدة البيئية "Environmentalism" في إطار الحركات البيئية ""Environmental Movements، إلى تحول البيئية إلى أيديولوجية في سياق الحركات الاجتماعية. وكحركة اجتماعية وصلت الحركات البيئية إلى قمتها من خلال تصاعد القاعدة البيئية Grassroots Environmentalism""، تلك القاعدة التي صاحبتها التفاعل والاندفاع والتعهد تجاه العملية الديمقراطية. ذلك الأمر الذي كان كبير الأثر على الوعي العام سواء من خلال الأفعال المباشرة، أو الاستراتيجيات المعارضة.

وبالنظر إلى تطور الحركات البيئية في الولايات المتحد الأمريكية يمكن تقسيم البيئية ""Environmentalism إلى أربع مراحل:

المرحلة الأولى: الحفاظ و الصيانة "Conservation And Preservation"

وفي تلك الفترة يُلاحظ أن الاهتمام كان ينصب على الاستخدام الأمثل وتنمية الموارد المادية، وذلك في إطار مواجهة إدارة الأرض التي تتسم بعدم الكفاءة. وفي هذا الإطار، تم وضع إستراتيجية تقوم على أساس الكفاءة، والإدارة العلمية، والتحكم المركزي، إلى جانب تحقيق تنمية اقتصادية بصورة منظمة.

وجدير بالذكر، أن العديد من المنظمات البيئية التي اعتبرت الاتجاه السائد اليوم تكونت في أواخر "1800"، من خلال المحافظين الذين اهتموا بحماية البيئة الطبيعية وصيانة الحياة البرية. وقد أسس المحافظين قاعدة للسياسات الأمريكية في 1901، ويتضح ذلك عندما وضع الرئيس الأمريكي "روزفلت" ""THEODORE ROOSEVELT، الخطوط العريضة بشأن خطط إدارة الموارد للكونجرس.

ويلاحظ أن البيئية environmentalism لم تكن حركة اجتماعية فقط، وإنما تعد محاولة بواسطة الطبقات المسيطرة للحفاظ على الموارد، وذلك حيث أن أفراد الطبقة العاملة والأقليات الإثنية كانت مستبعدة من المنظمات المهتمة بشأن الحفاظ والصيانة. علاوة على ذلك، المناطق الحضرية والصناعية، كان يُنظر إليها من جانب هذه المنظمات كمناطق تلوث، وتعرية،.الخ. وكنتيجة لذلك، لم تتطور البيئية لحركة اجتماعية حتى الستينيات عندما دخلت مجموعات متنوعة الحرب لحماية البيئة.

المرحلة الثانية: البيئيون الجددMODERN ENVIRONMENT" S"
ظهرت البيئية الجديدة في الستينيا"ت، ويُلاحظ أنها تختلف عن سابقتها في أن المرحلة الأولى ركزت على الحماية والإدارة الكفء للبيئة الطبيعية، بينما السياسة الأساسية للبيئيين الجدد تقوم على أساس النظافة والتحكم في التلوث. فضلا عن تعبيرهم عن طبقات اجتماعية التي استبعدتها المرحلة الأولى.

وقد شهدت هذه المرحلة تفاعل من جانب القادة ومطالب المواطنين ومجموعات المواطنين. ويُلاحظ أن الحركة البيئية قد تأثرت بتغيرين اجتماعيين رئيسيين في الثقافة الأمريكية. تمثل التغير الأول، في بدء المواطنين في البحث عن تحسين مستوى المعيشة، والراحة، إلى جانب زيادة الدخل الحقيقي للفرد والمجتمع. فارتفاع مستوى المعيشة سمح للمجتمع الأمريكي النظر للطبيعة كمصدر ضروري لنشاطات إعادة الخلق. أما التغير الثاني، فهو زيادة مستويات التعليم والتي ارتبطت بالقيم التي صاحبت هذا التعليم تلك القيم التي تعلقت بالإبداع الذاتي والتنمية الذاتية والتي تشمل التدخل بالبيئة الطبيعية. كل ذلك سمح للأفراد في التفكير بصورة موسعة عن البيئة الطبيعية التي يعيشون ، ويعملون، ويلعبون فيها.

وقد استجابت البيئية ""Environmentalists لهذه الأحداث بمطالبة الحكومة بالحماية من التدهور البيئي والتلوث. وقد ساعد النشاط البيئيين في هذا الشأن من خلال الضغط لصياغة العديد من التشريعات، مثل: ""THE WILDERNESS ACT عام 1965، قانون الهواء النظيف THE CLEAN AIR ACT" " عام 1967، NATIONAL TRAILS ACT" " عام 1968، أيضاً "THE WILD "AND SCENIC RIVERS ACT"عام 1968.

المرحلة الثالثة: الاهتمام التشريعي
يعد يوم الأرض عام 1976، بداية المرحلة الثالثة " Mainstream Environmentalism " للبيئيين الأمريكيين. وخلال تلك الفترة، حدث تحول فإلى جانب الاهتمام التشريعي، أيضاً حدث اهتمام بإنشاء تنظيمات للإدارة البيئية. فقد خطط الرئيس الأمريكي نيكسون لإنشاء وكالة الحماية البيئية "Environmental Protection Agency"، والتي أحيلت للكونجرس في 2 يوليو 1970، ولم تلقِ أي معارضة من جانب الكونجرس. وكان الاهتمام الأساسي في هذه الفترة للتشريعات بشأن التأثير الضار للتلوث على النظام البيئي.

وفي الثمانينيات ، وبرغم من كون البيئية قد مثلت اتجاهاً سائداً ، فقد ظهرت يقظة في إدارة ريجان المعادية لسياسات الفوضى البيئية "ANTI-ENVIRONMENTAL DEREGULATION "POLICIES".


وبينما تم تجاهل الجماعات البيئية من جانب الإدارة، إلا أنها تطورت إلى مجموعات من جماعات المصالح العامة، فظهرت في صورة جماعات ضاغطة (لوبي) ، خبراء قانونيين، خبراء علميين، إلى جانب أشخاص تخصصت في فن التفاوض.

المرحلة الرابعة: تصاعد القاعدة البيئية "THE RISE OF GRASSROOTS ENVIRONMENTALISM "
وكرد فعل لإدارة ريجان بشأن السياسات المضادة للبيئة ANTI-ENVIRONMENTAL POLICIES. ظهرت القاعدة البيئية تضمنت مبادئ الديمقراطية الأيكولوجية، وتميزت عن البيئية السائدة بإيمانها بمشاركة المواطنين في صنع القرار البيئي. ورغم أن المنظمات السائدة قامت بعمل المهام الضرورية، مثل تعليم الطبقة المتوسطة على الاهتمام بالبيئة، القضاء، ومحاربة التحالفات الصناعية،. وقد خلقت الجماعات القاعدية الحركة الحقيقية بشأن القضايا ومواجهة البيئيين.

الحركات البيئية والتغيرات المناخية
لاشك في أن الاهتمام بالبيئة يُشكل محوراً هاماً لا يمكن أن يتم إغفاله في السياسة الأمريكية. وفي هذا الإطار نشير إلى قضية التغيرات المناخية بصورة أكثر تركيزاً كقضية ركزت البيئيون في الولايات المتحدة، وكان لها جانب واضح في مطالبهم للسياسة الأمريكية. فالعديد من المنظمات والشبكات المهتمة بقضايا البيئة تقدمت بخطاب للرئيس بوش يربط بين الاحتباس الحراري العالمي والفقر العالمي. وقد تحدث الخطاب عن أنه في القرن الماضي، الولايات المتحدة والدول الأخرى الغنية كانوا ولا يزالوا مسئولون عن تفاوت كمية إطلاق غاز لتسميم بيت الزجاج الخاص بزراعة النباتات ووقايتها، الأمر الذي تسبب في ظاهرة الاحتباس الحراري "Global Warming". وذلك باعتبار أن دول مجموعة الثمانية "THE G8 NATIONS" لديها مسئولية فريدة للقيام إجراءات ليس فقط لتقليل إسهامهم في ظاهرة الاحتباس الحراري. لكن أيضاً لتقديم المساعدة للدول النامية لمواجهة التحديات الناجمة عن ظاهرة الاحتباس الحراري. وقد تقدم المعنيون في الخطاب بمطالبة بوش لدعم إقامة المفاوضات حيث أن الولايات المتحدة عليها أن تتعهد في إطار اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ، لإقامة تعهدات أكثر عمقاً لتقليل ما يصدر عن الولايات المتحدة. وقد تم نشر هذا الخطاب في موقع "مركز التقدم الأمريكي" ""Center for American Progress، وذلك في الأول من يناير 2007.

ويُؤكد أهمية الحركة البيئية في الولايات المتحدة ما كتبه "دانييل ج. وييز" ""Daniel J. Weiss بعنوان "الرئيس بوش غائب دون قيادة الدفء العالمي President Bush is Absent Without Leadership on Global Warming" حيث كتب أن الولايات المتحدة تطلق حوالي ثلث الغازات السامة بالبيت الزجاجي في الغلاف الجوي. وأن الولايات المتحدة عليها مسئولية أخلاقية لحفز التركيز على القيام ببذل الجهد الآن لتقليل معدل الاحتباس الحراري العالمي.

وفي هذا السياق أوضح "دانييل" أنه على الرئيس بوش أن ينصت للتحالفات عبر البحار والتعاونيات الأمريكية ، وأن يوافق على الالتزام بتقليل الغازات السامة الضارة بالبيت الزجاجي في وقت محدد، وإلا ستزداد المشكلة وسرعة التأثيرات الناتجة عن هذا الاحتباس أو الحرارة.

وفي تقرير صادر عن "مركز الدراسات السياسية" "Institute for policy "studies بعنوان: " القوة النووية في مرحلة الدفء العالمي: حل جديد أو نفس التهديد القديم؟ Nuclear Power in the age of Global Warming,: New solution or same old threat?" بتاريخ الرابع عشر من يونيو 2007، كتب في ما يخص الطاقة النووية والاحتباس الحراري أن أمريكا أفضل لها أن تستثمر في صيانة، وكفاءة الوقود، الطاقة المتجددة، وتكنولوجيات أسر الكربون.

الاستجابة الأمريكية
غير أنه في هذا السياق لا يمكن إغفال السؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قد استجابت لهذه المطالب بشأن وضع سياسة بيئية واضحة في ظل الإدارة الحالية؟

بدايةً، رغم أن الأمريكيين ظلوا لمدة طويلة يؤيدون التوقيع علي اتفاقيات تعددية في مجال البيئة، وبصورة خاصة فيما يتصل بحماية المناخ. إلى جانب أن بعض الكوارث التي اجتاحت الولايات المتحدة كان لا شك لها أثرها في تعزيز هذا الموقف، مثل إعصار كاترينا.

وفي دراسة مقدمة للكونجرس الأمريكي بعنوان " Climate Change: Greenhouse Gas Reduction Bills in the 110th Congress" أعدها لاري باركر و برنت دي.يعقوب وكي Larry Parker and Brent D.Yacobucci وهما متخصصان في سياسة الطاقة، أشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من معارضة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش لبروتوكول كيوتو عام 2001، والذي كان يطالب الدول المتقدمة بإلزامها بتقليل إطلاق الغازات السامة للخضرة. إلى جانب رفضه لمفهوم تخفيض الإطلاق الإلزامي. إلا أن الإدارة الأمريكية ركزت على سياسة التغيرات المناخية الأمريكية التي تقوم على المبادرات التطوعية لتقليل معدل إطلاق الغازات السامة بالخضرة.

وفي هذا الصدد قدمت عدد من المقترحات للكونجرس بشأن تطوير برامج تهدف لتقليل إطلاق الغازات السامة.والتي كانت تهدف إلى تحسين مراقبة إطلاق الغازات السامة لتقديم أسس للبحث والتنمية ولأي انخفاض مستقبلي محتمل. فضلا عن العمل على إنشاء برامج لتخفيض إطلاق سموم الغازات كاتجاه سوقي market-oriented greenhouse gas reduction program بجانب الاحتياطيات التجارية لبرنامج تقليل الأمطار الحمضية acid rain reduction program والذي تم إنشائه في ظل تعديل قانون الهواء النظيف Clean Air Act Amendments في عام 1990. بالإضافة إلى سن برامج طاقة وأخرى متعلقة والتي يمكن أن يكون لها أثرها في تقليل الغازات السامة للأراضي الخضراء.

وفي هذا الإطار كتب روبرت ليمبرت Robert Lempert بعنوان "خلق أسس لأجل طويل، التغير الجذري Creating Constituencies For Long-Term, Radical Change "، وذلك في مارس 2007 في تقرير قدمه بالتعاون مع مؤسسة رند Rand Corporation أن هناك تقدم يُحسب للولايات المتحدة بشأن الاهتمام بالتغير المناخي. ففي السابع والعشرين من سبتمبر 2006 قام حاكم كاليفورنيا أرنولد شوازينجر Arnold Schwarzeneggar بالتوقيع داخل المجلس القانوني Law Assembly على قانون رقم "32" الذي أودعته كاليفورنيا لشن هجوم بشأن تخفيض الأهداف لعنونة تحدي التغير المناخي. تلك الأفعال قدمت مثالاً مثيراً حول تحول النقاش حول التغير المناخي في الولايات المتحدة الأمريكية. حيث أن انصهار الجليد، والقمم الثلجية، إلى جانب الأعاصير الكبيرة، وزيادة معدلات الطقس كل ذلك أعطى المجتمع الأمريكي أمثلة حية لتقوية التوافق العلمي بشأن ما يصدره الإنسان من ثاني أكسيد الكربون carbon dioxide، وسموم الغاز التي تضر بالمساحات الخضراء greenhouse gases والتي بدأت تحقق تأثير يضر بمناخ الأرض. مما جعل الأمريكيون يطالبون حكومتهم باتخاذ العديد من الإجراءات تجاه هذه التغيرات في المناخ حسبما تشير الاستطلاعات الرأي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
نعم لحماية البيئة
ايوب جمال -

كم كنت اتمنى لو ان نوعا من هذه القوانين البيئية يطبق في لبنان هذا البلد الذي يعاني مجازر بيئية بكل ما للكلمة من معنى

استفيقوا ايها البشر
تماضر العزاوي -

تحية اكبار واجلال لكل من يساهم في احترتم وصيانة كوكب الارض من كل مجازر العولمةوالتي ترتكب يوميا في اليابسة والمياه والهواءواني لاعجب من دول غنية للغاية وتبذخ الاموال الطائلة على مشاريع مخزية منفذة في ذالك اجندة مشبوهة لدول اقوى منه اقتصادا وسطوة وتترك ارضها التي هي اقدس راسمالها تصحر وترتكب فيها ابشع جرائم التدمير البيئي والذي سيؤثر بدوره على الدول المجارة ان من واجب اللذين يدعون بسمو الحضارة الانسانية ورفعة منطلقاتها النظرية الخلاقة ان يلتفتوا الى كوكبهم الباءس المسكين ويطلعوا بامانة على المنحنى الرهيب للتصحر وللتغيير المناخي المخيف الذي يحدث الان وقد ان الاوان باستحداث لجنة دولية مخولةبعقوبات معنوية على اقل تقدير لتلك الدول المارقة بحق كوكبنا الجميل واقامة المهرجانات واصدار الطوابع وتكريم واشهار الدول التي تحقق انجازا في عمليةالاصلاح البيئي المرجوة كذالك المساهمة الايجابية في مساعدة الدول في تامين المياه لها عبر حفر الاباراوتحلية المياه وتكون بذالك قد حققت فائدة مزدوجةلسكان البلاد المحرومين ولارضهم ومايترتب من ايجابيات في البيئة والهواء مع اسمى اعتباري