إيلاف+

الخيول والجوع أهم ما يميز حياة سيدة أمريكية في ايران

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فريدريك دال من قرة تبه شيخ (ايران): اعتبرت الامريكية لويز فيروز ايران وطنها منذ نحو نصف قرن. وهي تبلغ من العمر حاليا 75 عاما وتدير مزرعة للخيول في اقصى شمال شرق البلاد وشهدت تحول وطنها الجديد من حليف للولايات المتحدة الى عدو لها. انتقلت الى طهران في الخمسينات من القرن الماضي للزواج من شاب ايراني من الطبقة الارستقراطية لكن مكانة اسرة الشاب تغيرت بدرجة كبيرة مع قيام الثورة الاسلامية عام 1979 وما تلاها من حرب استمرت ثماني سنوات مع العراق المجاور.

وواجهت فيروز صعوبات مالية وأمضت بعض الوقت في السجن لكنها اكتسبت شهرة في عالم الفروسية بسبب عملها على انقاذ سلالة قديمة من الانقراض والعمل على اظهار صلتها بالسلالات الاصيلة التي تشارك في سباقات الخيل في الغرب.

ايرانيات يلعبن كرة القدم الاميركية وراقبت تحول ايران من حليف للولايات المتحدة الى دولة اسلامية تشجب امريكا باعتبارها "الشيطان الاعظم".

وقالت فيروز وهي تجلس امام مدفأة في منزلها البسيط الذي تعيش فيه وحدها الان "شهدت هبوطا وصعودا عدة مرات." واستغرقت في الذكريات حتى حل الظلام في الخارج حيث تعوي الذئاب.

وتعارض فيروز وهي واحدة من قلة من الامريكيين مازالت موجودة في ايران السياسة الامريكية في الشرق الاوسط وتقول ان أي هجوم بسبب برنامج ايران النووي المثير للجدل سيكون بمثابة كارثة على المنطقة.

وقد يعتقد اصدقاؤها الغربيون انها مجنونة اذ قررت العيش في هذا البلد المعادي للولايات المتحدة لكن فيروز تقول انها لا تشعر بالندم بسبب حضورها لايران ولن تتركها طواعية.

وقالت "لم أعد أعتبر نفسي أمريكية منذ فترة طويلة." وأضافت "كنت سأشعر بخوف أكبر بكثير لو انني أعيش وحدي هكذا في امريكا. أفتقد الكثيرين لكنني لا افتقد أسلوب حياتهم."

وتتباهى فيروز بذكرياتها وهي تسلي زوارها بقصص من حياتها الغنية المتنوعة.

وتضحك عينا فيروز الزرقاوان وهي تتذكر كيف تركت سيارتها -ثم قدمت مفاتيحها بعد ذلك لزوجها- عندما تطاير الرصاص خارج مقر السفارة الامريكية في طهران قبيل أزمة احتجاز الرهائن في عام 1979 التي مازالت توتر العلاقات بين البلدين.

وبعد ذلك تحكي عن اختراق صاروخ عراقي لسطح منزل الاسرة في العاصمة خلال الحرب العراقية الايرانية بين عامي 1980 و1988 وانفجار رأسه الحربية في مكان قريب.

وتذكر من أيام ما قبل الثورة الزوار المهمين الذين كانت هي وزوجها يستضيفانهم ومنهم مبعوثون غربيون وكتاب ومستكشفون.

لكن كل ذلك توقف فجأة عندما أطاحت الثورة الاسلامية بالشاه محمد رضا بهلوي المدعوم من الولايات المتحدة قبل نحو ثلاثين عاما.

وبسبب النظرة المتشككة من جانب الحكام الاسلاميين الجدد لاسم عائلتها الذي يرجع الى اسرة قاجار التي حكمت البلاد قبل أسرة بهلوي سجنت فيروز لمدة ثلاثة أسابيع وسجن زوجها نارسي لمدة ثلاثة اشهر.

وحكم على شقيق زوجها بالاعدام لكن الامر انتهي بقضائه ست سنوات في السجن. وتمت مصادرة ممتلكات اقارب لهم وفروا من ايران. وتم اعدام اخرين من معارفهم.

وقالت فيروز التي ربت ثلاثة أبناء منهم ابن يعمل حاليا كبير مصوري رويترز في ايران انها اضطرت لبيع مجوهراتها وفضتها للعيش من ثمنها.

وقالت "لم يكن لدينا شيء. لم يكن لدينا حتى ما يكفي من الطعام في ذلك الوقت. كنا نجوع أغلب الوقت."

لكنها اضافت ضاحكة "هذا يجعلك تشعر بأنك أصغر سنا. كم من الناس اتيحت لهم الفرصة ان يعيشوا حياتين في عمر واحد.."

وأعادت الاسرة بناء حياتها بالتدريج واقامت المزرعة بالقرب من القرية التركمانية التي تعيش فيها حاليا.

وبعد أن أصبحت أرملة في عام 1994 أصبح اقرب رفاقها الان خمسة كلاب و45 حصانا وسكان القرية التركمان الذين يعملون في المزرعة التي تواجه مصاعب مالية.

ولكسب عيشها تأخذ فيروز مجموعات من السياح الغربيين الباحثين عن الاثارة في رحلة على ظهور الخيل مدتها عشرة ايام في الجبال النائية رغم ان ذراعها المكسورة تبطئ حركتها بعض الشيء.

قال لها طبيبها ان سنها لم تعد تسمح بركوب الخيل لكنها قالت "لست كبيرة على ركوب الخيل بل على الوقوع من فوق ظهورها."

وولدت في مزرعة في فيرجينيا ونقلت حبها للخيل معها الى ايران حيث فتحت مدرسة لتعليم ركوب الخيل وساعدت في انقاذ سلالة قزوين وتربي الان الخيول التركمانية.

وناشدت السلطات مرارا دون جدوى السماح لها بالبدء في تصديرها قائلة ان ذلك سيساعد على ضخ دماء جديدة في سلالات الخيول الغربية التي تقول ان خصالها بدأت تتراجع.

وقالت بفخر وهي تربت على ظهر حصان بني "جياد مثل هذه سيكون لها شأن كبير في الغرب."

وكتب الروائي جيسون اليوت المقيم في لندن في روايته (مرايا غير المرئي... رحلات في ايران) كيف ان عثورها على عدد محدود من الجياد القزوينية خلال رحلة في الجبال "أثار أحاديث زلزلت عالم الفروسية."

وكتب يقول ان فيروز لم تكن أول من توصل الى ان هذه السلالة المنقرضة من اسلاف الخيل العربي الشهير لكنها كانت أول من ثابر لاثبات ذلك.

وتابع "ولم يرحب التقليديون في مجال الفروسية بذلك... فتاريخ الفروسية الغربية الذي سحره جمال الخيل العربي كان ينتهي عادة عند نهر الفرات."

وتقول فيروز في بيتها البسيط المريح المليء بالكتب والسجاد الفارسي ورسومات الجياد انها تعلمت الا تولي اهتماما كبيرا بالممتلكات الشخصية.

وكانت قد قررت ترك الولايات المتحدة عندما بدأت شركات تغريها مع غيرها من الطلاب بمعاشات تقاعد سخية وقالت "روعني ذلك. الان بالطبع ليس لدي اي برنامج تقاعد ولكني قضيت وقتا ممتعا."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف