التشات برسائل الشاشات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الشات برسائل الشاشات: شريط أسفل الشاشة يؤسس لثقافة رسائل الهاتف القصيرة
سكينة اصنيب من نواكشوط: زينت القنوات التلفزية شاشاتها بشريط يظهر أسلفها يحمل الأخبار والتهاني والآراء حول مختلف المواضيع، وقد اتخذ اقتحام الشريط الملون للقنوات الفضائية شكلا سرطانيا متنقلا من قناة لأخرى بمحتو يتناسب وبرامج كل قناة، حيث تتنوع مواضيع هذه الأشرطة تبعا لتخصص كل قناة
ولا تزال هذه الرسائل تثير اعجاب الشباب رغم أنها أصبحت "موضة قديمة"، حيث أدمنت فئة عريضة منهم الدردشة عبر رسائل القنوات الموسيقية.
غير أن ما يثير تساؤل الكثيرين هو أهمية وجدوى الأشرطة غير الاخبارية فمع انطلاقة القنوات المتخصصة وتكثيف عملية "التفريخ" التي تعرضت لها وانتشار خدمات الهاتف الخلوي تغلغلت ثقافة الإعلان التجاري الهاتفي لتطغى على كافة البرامج والقنوات فبات نجاح فنان مرهون بنسبة الرسائل (SMS) التي تحصدها شركات الهاتف، وأصبحت أحدث الطرق لتلقي وإرسال التهاني واختيار الأغاني هي رسائل الهاتف القصيرة.
وتتطرق الرسائل لشتى المواضيع من أحوال الجو إلى الأخبار السياسية والرياضية وآخر صيحات الموضة وأحوال عالم الفن والفنانين، كما أنها تشكل أداة مميزة للعشاق والشعراء الذين يرخون العنان للخواطر الجياشة ويرسلون أشعار تتحف المشاهدين من وقت لآخر. الرسائل هي كذلك وسيلة إشهارية إعلانية حين تعلن عن افتتاح مهرجان أو متجر، أو حين يجيب أحد المشاهدين عن استفسار غيره حول موضوع ما. ومن المفارقات التي تجسدها هذه التقنية هي الرسائل التي تُبعث من الأراضي المحتلة والتي قد تصف قصفا أو انفجار أو حتى عودة التيار الكهربائي.
وقد وجد هواة التعارف ضالتهم في هذه الخدمة التي تتيح لهم الاستمتاع بمشاهدة التلفاز والتحاور مع بعضهم البعض. ولم تغب الأحداث السياسية وأوضاع العالم عن بال المشاهدين وهم يكتبون رسائلهم والتي تطلع غيرهم عن آخر الأخبار، كما تفرض هذه الرسائل مشاركة وتفاعل المشاهدين مع الأحداث عن طريق فتح خدمة الاستفتاءات الحية عن كل ما يحدث من تطورات، حتى تأثير حدث ما ينعكس في رسائل المشاهدين وتفاعلهم مع آراء السياسيين والنقاد والمحللين.
هذه التقنية دفعت قدماً الى تأسيس لغة لها جمهورها من منتجين ومتلقين، وقد ساهم النجاح الكبير الذي حققته بعض البرامج والتي اعتمدت على التصويت عبر الرسائل الهاتفية في تغلغل هذه الظاهرة، فالأصداء الكثيرة ونسبة المشاهدة الكبيرة التي حققتها برامج الغناء والتقديم والتمثيل محليا وعربيا فتح شهية المنتجين والشركات لتسليع المشهدية المعاصرة بعدما كانت كثرة القنوات والبرامج والتي تزداد كثافة وتنوعاً تثير في النفوس حلماً ينبئ بتحول حضاري هام.
ويرى المهتمون بالقطاع البصري أن لا تعارض بين هذه التقنية والوظيفة الاتصالية للتلفزة، بل هي تضيف لها دورا آخر يحول الجمهور من مجرد متلق محايد للأحداث والتطورات إلى فاعل ذي رأي وتأثير، فضلا عن أنها تعزز المردود الإنتاجي والوظيفي للفضائيات. ليبقى السؤال هل أخذت الشركات المنتجة في عين الاعتبار أن غالبية الجمهور العربي من صغار الموظفين وذوي الدخل المحدود والذين لن يتحملوا إغراء استراتيجية وُظفت فيها أحدث التقنيات، قبل أن تنجذب الى دوافع الربح الوافر والسريع؟
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الثلاثاء 13 شباط 2007