المخدرات حرب من نوع خاص ضد الشعب الکوردي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جهات ايرانية خاصة تصدر المواد المخدرة لکوردستان مجانا
مصدر حکومي کردي: إنها حرب من نوع خاص ضد الشعب الکوردي
نزار جاف من برلين: بدأت في الآونة الاخيرة تثار مسألة عبور المواد المخدرة من إقليم کوردستان بإتجاه کل من ترکيا و سوريا ومنهما الى دول العالم الاخرى، وقد أفادت أوساط إعلامية و حکومية مختلفة من أن الرياح الصفراء القادمة من وراء الحدود العراقية و مجتازة المنطقة الکوردية، بمقدورها أن تشکل خطرا مستقبليا جادا على دول المنطقة سيما لو لم يتم تلافي هذه المعضلة و إيجاد الآليات المناسبة للتصدي لها و وضع حدود رادعة لها.
عندما لاتجد بابا عليک بالشباک!
وکأي موضوع حساس و مثير للجدل، لم يکن من السهل أن تکون ضيفا مرحبا له من جانب الجهات الحکومية الکوردية لکي تطرح مافي جعبتک من أسئلة و إستفسارات بخصوص هذا الموضوع، وکعادة الصحفيين الازلية إذا وجدت الابواب مقفلة فعليک بالشبابيک، فقد رأينا أنفسنا مضطرين لأن نسلک دروبا
وقد أفاد مصدر حکومي "واسع الاطلاع" حرص على عدم الإشارة لاسمه، على أن المخدرات کظاهرة جديدة على المجتمع الکوردي بدأت تدق بشکل أو بآخر نواقيس الخطر خصوصا وأن شبکات توريد و تصدير و توزيع هذه المواد الخطيرة على البنيان الاسري و الاجتماعي قد بدأت هي الاخرى أيضا بالاتساع بشکل أفقي مثير للقلق، وأبدى هذا المصدر تشککه من أن تکون الجهود الحکومية المبذولة کافية للجم هذه القضية و الحد من إتساعها خصوصا وأن هناک "جهات إيرانية خاصة"(لم يحددها) وقفت وتقف وراء الامر و قامت بتسريب شحنات کبيرة من المواد المخدرة الى المناطق الکوردية المتاخمة لحدودها بدون مقابل من أجل إيجاد أوساط إجتماعية تحترف مهنة توريد و تصدير و توزيع المواد المخدرة. و أشار هذا المصدر الحکومي الى ان نسبة الادمان بين الاوساط الشعبية الکوردية هي في مستويات متدنية حاليا و لاتشکل تلک الخطورة في الوقت الحاضر، لکن عدم وضع آليـة عملية لمعالجتها و التصدي لها، فإنها سوف تستفحل يقينا و تشکل خطورة على البنى السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للإقليم. وختم هذا المصدر کلامه بإجابة على سؤال لنا بخصوص غاية و هدف"جهات إيرانية خاصة"من وراء تسريب کميات کبيرة من المواد المخدرة الى مناطق الاقليم المحاذية للحدود مع إيران، قائلا:"إنها حرب من نوع خاص ضد الشعب الکوردي ولو لم نبادر منذ هذه اللحظة لأخذ زمام المبادرة فإن الوضع سوف يتعقد کثيرا و يشکل أزمة عويصة قد لاتحل بسهولة".
وبعد عملية بحث و تقصي بخصوص أماکن أو المناطق التي يتم الترکيز عليها من خلف الحدود، أشارت علينا أوساط صحفية و إعلامية من أربيل و السليمانية على ان رأس الثعبان يتواجد في مدينة السليمانية.
شعبة في مقابل مافيا دولية متمرسة
وحين طرقنا أبواب مديرية أمن السليمانية"الآسايش"، و طرحنا مافي جعبتنا من حصيلة و عزمنا على إفشائها في"إيلاف"، وجهونا للإلتقاء بمسؤول شعبة مکافحة المخدرات في مديرية أمن السليمانية العقيد "جلال أمين بک خضر" الذي أکد لنا أنها المرة الاولى التي تقوم جهة صحافية بإجراء هکذا مقابلة حول موضوع المخدرات و قال بانهم لم يفسحوا المجال للامريکان أنفسهم مثل هذه الفرصة التي أتاحوها لنا.
وفي بداية کلامه قال مسؤول شعبة مکافحة المخدرات:"ظبطنا کميات من الترياق و الحشيشة و الهيروئين
وعندما سألناه عن الاوساط التي تتناول المواد المخدرة في کوردستان، أجاب:"الشرائح التي تتناول المواد المخدرة تترواح أعمارها مابين 20 الى 45 عاما، وهي لاتتجاوز 300 الى 400 شخص مدمن على المواد المخدرة وجلهم من أولئک الذين کانوا في فترة الحصار الاقتصادي على العراق إبان حکم الدکتاتور السابق متواجدين في إيران ومع ذلک هناک أيضا أناس آخرين أدمنوا على المواد المخدرة في داخل الاقليم لکنهم کما أسلفت يشکلون رقما ضئيلا".
ولما إستفسرنا عن الطرق التي ترد عبرها المواد المخدرة أجاب بإنها تترکز أکثر في منافذ"بنجوين و قلعهzwnj;دزهzwnj; و حاج عمران و طويلهzwnj; و بيارهzwnj; و خانقين و منذرية ناهيک عن المناطق الجنوبية الاخرى"
13 کيلوغرام حشيشة من بغداد
وأشار الى مفارز شعبة مکافحة المخدرات تمکنت من"إلقاء القبض على عصابات توريد و توزيع المواد المخدرة ولحد الان ألقينا القبض على ثلاثة شبکات لتوريد و توزيع المواد المخدرة و أکبر شبکة تهريب ألقينا القبض عليها، تمت بعد أن ظبطنا کمية"13"کيلوغرام من الحشيشة کانت قادمة من بغداد(!)" ولما أبدينا إستغرابنا من قدوم المواد المخدرة عبر بغداد و سألنا عن سبب ذلک قال"البعض من زوار العتبات المقدسة من الايرانيين يقومون بتهريب المواد المخدرة الى داخل العراق و بيعه ومن هناک يسعون لتوريد کميات محددة لکوردستان من أجل بيعها".
وعندما سألناه عن الحکم القضائي الذي يصدر بحق تجار المواد المخدرة و مدمنيها أجاب قائلا:"الذي يثبت بحقهم تهمة الاتجار بالمواد المخدرة فإنه يتم الحکم عليه بالسجن المؤبد بموجب المادة 14 من قانون العقوبات العراقي، کما أن مروجي المواد المخدرة أيضا يتم مقاضاتهم قانونيا بموجب قانون العقوبات العراقي، أما بالنسبة للمدمنين فإن عقوبتهم تتراوح ما بين 3 الى 15 عشرة سنة و الشائع أن تکون العقوبة ثلاثة أعوام بموجب نفس المادة القانونية المشارة إليها آنفا".
و أشار الى عدم وجود أي تنسيق بين السلطات الکوردية في الاقليم و السلطات الايرانية لمکافحة هذه الظاهرة و أکد أن الامر کله يقع على عاتق شعبته.
وحين سألناه عن رأيه بخصوص رأي البعض من الاوساط الاعلامية من أن کوردستان قد أصبحت"معبرا"للمواد المخدرة قال:"لاأستطيع أن أقول ذلک، لأن إکتشاف المواد المخدرة و ظبطها أساسا ليست بتلک العملية السهلة و من الممکن أن تکون هناک کميات قد تمکنت من العبور من کوردستان الى ترکيا و منها الى دول البلقان حتى تستقر في مکانها النهائي".
ولم ننس أن نبادره بالسؤال هل أن شعبته لوحدها کافية للتصدي لقضية خطيرة کالاتجار و توزيع المواد المخدرة فقال وقد بدا القلق واضحا على کلامه:"الحقيقة أن مکافحة هذا الامر ليس ممکنا إنجازه من قبل الآسايش لوحده ولست أجد فائدة ترجى من العقوبات القانونية کرادع للمتورطين في هذا المجال کما أن شبکات التهريب و عصابات الاتجار بالمواد المخدرة حذرة في و بارعة في تغيير الطرق و المسارات التي تستخدمها لعبور المواد المخدرة و کثيرا ما وجدنا الکمائن التي نصبناها لضبط شحنة واردة وقد رجعت خالية الوفاض بعد أن لم تجد هناک من أي أثر، کما إنهم يلجأون الى تغيير أساليبهم و وسائلهم المستخدمة لتوريد المواد المخدرة الى داخل کوردستان".
وردا على سؤال لنا عن ما ينقصهم لغرض إتمام عملهم على أحسن وجه أردف قائلا:" نحن لحد الان لانملک مختبرا و لاحتى کلابا لتقصي الآثار وکلما نفعله بجهودنا الذاتية المحضة". و أفاد بإنهم قد تمکنوا منذ عام 2005 ولحد هذا اليوم من ضبط 28 کيلوغرام من المواد المخدرة أغلبها من الترياق و الحشيشة وهناک نسبة محددة من الهيروئين فيها أيضا". وأبدى العقيد جلال ثقته من أن الاجرائات التي إتبعتها مديرية أمن السليمانية ضد عصابات تهريب و توزيع المواد المخدرة کان لها أبلغ الاثر في وضع حد معين لعدم تفاقم هذه الظاهرة خصوصا عندما أشار الى الاجرائات المتبعة منذ عامين".
العالم الحقيقي هو عندنا!
لانسميه مستحيلا لکنه کان أمرا قد يقترب من ذلک عندما حاولنا إجراء مقابلات مع أناس مدمنين على المواد المخدرة، لکن"من جد وجد"وإستطعنا أن نصل الى أثنين من المدمنين على المواد المخدرة ومن خلالهما دخلنا الى عالمهم"الخاص جدا".
"ن.7"کما إرتأى رجل في العقد الرابع من عمره أن نرمز إليه، يقول ان قصته مع الادمان قد بدأت إبان الهجرة الجماعية التي تمت في ربيع عام1991 هربا من النظام البعثي آنئذ، ويستطرد قائلا"تعرفت هناک على شاب أشفقت عليه في بادئ الامر بإعتبار انهم بحکم النظام الاسلامي الصارم المتبع هناک فإنهم محرومون من الکثير من الحريات و الامور الترفيهية، لکنه عندما فاجأني بضحکة غير عادية دفعني ذلک للإستفسار وهو ما قادني بالنتيجة الى الحشيشة" وعندما أخبرناه بضررها الکبير على صحته إبتسم وقال بهدوء"هل تريدون أن أغادر عالما خاصا بمحض إرادتي؟ العالم الحقيقي هو هذا الذي عندنا وغيره لاشئ".
أما"ک. ر"، الذي هو في الرابعة و العشرين و هو طالب جامعي"حسبما يدعي"، فقد ألمح بأن لکل أمرء الحق في سلوک الدرب الذي يرغب فيه، وليس بجريمة لو أدمن إنسان على المواد المخدرة طالما إنه لن يؤذي الاخرين، فهناک من يدمن على القتل أو الجريمة أو السرقة وکلها فيها أضرار على الاخرين وتلک هي الجريمة" ولما بادرناه بأن الادمان سيقود في النتيجة الى الجريمة فقال بعد ان إلتقط أنفاسه" حسنا لکن حتى الجائع إذا لم يجد مايأکله فقد يلجأ للسرقة أو الجريمة حتى يسد أوده، کلنا نتشابه أليس کذلک؟".
التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاثنين 19 شباط 2007