سكان مراكش منقسمون حول ازدهار السياحة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
توم فايفر من مراكش (المغرب): كانت مراكش التي تشتهر بمروضي الثعابين ورواة الحكايات والنخيل القائم على خلفية من قمم الجبال المتوجة بالثلوج تجتذب في الماضي الاغنياء والمغامرين الاوروبيين.
والان تحول الفنادق ومساكن العطلات وملاعب الجولف المدينة القديمة الى منطقة جذب لاعداد كبيرة من السياح مما يثير مخاوف بعض السكان من أن هذا التطور قد يكون أكثر من اللازم وأسرع من المطلوب.
لكن أمه قاطعته قائلة "أنت مخطيء... بفضل هولاء الناس نتمكن من كسب عيشنا."
وتريد الحكومة مضاعفة عدد السياح القادمين للمغرب ليصل الى عشرة ملايين سنويا بحلول عام 2010. وفي العام الماضي أقرت مشروعات استثمار حول مراكش تتجاوز قيمتها ملياري دولار.
والهدف هو توجيه بعض من الثروات الاوروبية للبلاد وتخفيف التباين الكبير في الثروات.
ومراكش لا تبعد سوى مسافة تقطع في ساعة بالطائرة من كوستا ديل سول في اسبانيا لكنها تقع في دولة صنفت العام الماضي في المرتبة 123 من بين 177 دولة على مؤشر التنمية البشرية للامم المتحدة الذي يقيس عوامل مثل وفيات الاطفال والرعاية الصحية.
وزاد عدد سكان المدينة الى مثليه في 20 عاما اذ ادت موجات جفاف الى نزوح تدريجي من المناطق الريفية المحيطة بها.
لكن متسولات منقبات يجلسن قرب الفنادق الغالية التي تتكلف الليلة فيها ثلاثة الاف درهم (350 دولارا). وينتشر حراس أمن على مداخل المراكز التجارية الجديدة.
واشترى الاجانب ورمموا أكثر من الف من الرياض في المدينة مما وفر فرص عمل مطلوبة بشدة للحرفيين المحليين لكن ذلك دفع أسعار المنازل الى الارتفاع لخمسة أمثالها في عشر سنوات.
ويهزأ بعض السياح من نصائح السفر ويرتدون أقل القليل أو يأخذون حمامات شمس في شرفات فنادقهم مما يصدم النساء المحليات اللائي يخرجن لنشر الغسيل.
ويشاهد رجال أوروبيون مسنون يتجاذبون الحديث مع سيدات مغربيات شابات في الملاهي الليلية في المدينة مما يثير الشكوك في أن السياحة الجنسية تزدهر كذلك.
ويشكو الأوروبيون من مضايقة باعة التذكارات لهم غير مدركين أن المنافسة بينهم ضارية. فبيع قطعة واحدة قد يطعم أسرة صاحب المتجر لأيام.
ويقول الاسلاميون المعتدلون المتوقع أن يحققوا أداء جيدا في الانتخابات البرلمانية هذا العام إنهم لن يغيروا سياسات تطوير السياحة في البلاد اذا فازوا في الانتخابات.
لكنهم يقولون إن السياح ومشترو المنازل عليهم احترام التقاليد المحلية ودفع اجور مناسبة للموظفين المغاربة.
وقال يونس بن سليمان من حزب العدالة والتنمية الاسلامي "بعض السكان الغربيين استخدموا خادمات وحراسا لكنهم لم يدفعوا لهم الاجور المناسبة فلم يعطوهم سوى ملابس قديمة وبضع عملات... إنهم يتمتعون بالرفاهة بثمن زهيد."
ويقول نشطاء محليون إن الفقر والتفكك الاسري يترك العديد من الشبان عرضة للاستغلال.. وكتبت الصحف عن أطفال الشوارع الذين يغريهم أجانب بالهدايا لاخذهم الى منازلهم حيث يتعرضون لانتهاكات.
وقال عادل عبد اللطيف من الجمعية المغربية لحقوق الانسان "إنها ظاهرة متزايدة... هناك حالات نعرفها لكننا ندرك أن هناك حالات أخرى. انها مجرد قمة جبل الجليد."
وأبلغت الشرطة السكان القلقين أن سياحة الجنس مع الاطفال لا تنتشر وأن الوضع تحت السيطرة.
ولا يغيب شيء عن الحكومة بفضل "المقدمين" وهم عملاء للحكومة يرقبون عن كثب الحياة المحلية ويدفعون لحراس مرائب السيارات وباعة السجائر للحصول على معلومات.
وقال عبد اللطيف إن من بين أكثر من 80 حالة تعرض أطفال لانتهاكات جنسية سجلتها جميعة " لا تمس أطفالي" في مراكش منذ منتصف عام 2004 كانت ثماني حالات تشمل أجانب.
وينفي العديد من سكان مراكش بشدة أنهم يقبلون جرح كرامتهم مقابل دولارات السياح ويقولون إنهم يريدون الزوار ليس فقط من اجل محافظهم بل بسبب التنوع الذي يأتون به.
وعلى عكس مدن أكثر محافظة مثل الرباط وفاس اعتادت مراكش الترحيب بالغرباء.
وعندما كانت طرق القوافل التي تعبر الصحراء ماتزال مستخدمة كانت المدينة هي البوابة للجنوب وفي ميدان جامع الفناء يختلط الفلاحون مع تجار من السنغال والطوارق.
والتغير الأكبر يحدث على أطراف المدينة حيث تنتشر الساحات الترفيهية وحمامات السباحة.
وبنيت خمسة ملاعب جولف وطلبت شركات التطوير العقاري تصاريح لاقامة عشرة ملاعب أخرى. ومع تأسيس مدينة جديدة تسع 300 الف شخص يشعر المزارعون بالقلق من تناقص امدادات المياه.
ويقول مسؤولون محليون إن سدودا جديدة يجري بناؤها ستحجز ما يكفي من المياه من ذوبان الثلوج على قمم جبال أطلس لامداد المدينة المتنامية. وتقيم شركة ليديك الفرنسية للمياه منشأة لتنقية مياه الصرف التي كانت تصب في النهر وتلوث مياه الصنابير بتكلفة 800 مليون درهم (95 مليون دولار).
وقال عبد العزيز بلقزيز المفتش الاقليمي بوزارة أعداد التراب الوطني والماء والبيئة إن المزارعين عادة ما يبددون نصف المياه التي يستخدمونها في الري وتجري مساعدتهم للاستثمار في تكنولوجيا أكثر كفاءة.
ويقول المسؤولون إن التنمية لو أديرت بشكل جيد يمكن أن تحول حياة الاسر التي تجاهد للعيش لكن الحديث مع السكان المحليين ينم عن شعور بالقلق.
وقالت ليتيتيا تروي الفرنسية التي تصمم الحلي وترتب رحلات تسوق سياحية "لا اشعر بارتياح لرؤية فنادق فخمة تفتح ابوابها في أجزاء فقيرة من المدينة."
ويقول بعض المغاربة إن الاجانب ليسوا وحدهم من يتحملون مسؤولية ذلك.
وقال فؤاد شفيق وهو أكاديمي محلي ومستشار تنمية "ما يصدم العديد من سكان مراكش وأنا منهم هو الاسلوب الذي يبعثر به بعض الاثرياء المغاربة ثروتهم."