إيلاف+

مسيحيون فلسطينيون يهربون خارج الاراضي المحتلة

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

المعاناة تدفع مسيحيين فلسطينيين للهروب من الاراضي المحتلة

اليستير ليون من لحم (الضفة الغربية): سافر عدد كبير من المسيحيين الفلسطينيين للعيش في الخارج بعدما أصابهم اليأس من الحياة في ظل الاحتلال الاسرائيلي مما يهدد جذورهم التاريخية في بيت لحم مسقط رأس السيد المسيح. يقول متري الراهب راعي الكنيسة اللوثرية في بيت لحم "هناك مخاوف حقيقية من ان تخلو الأرض المقدسة من المسيحيين بعد 50 عاما من الآن."

ويتعرض المسلمون لنفس القدر من الضغوط ويغادر عدد كبير منهم أيضا ولكن الطائفة المسيحية التي تنكمش تبدو مُعَرَضة لخطر أكبر مع تخلي من هم في سن وحيوية الشبان عن جذورهم.

قسان يدخلان كنيسة المهد في بيت لحم يوم 18 يناير كانون الثاني الماضي وهاجر المسيحيون من بيت لحم وبيت جالا وبيت ساحور القريبتين منذ أكثر من قرن وتتجه الاغلبية لامريكا اللاتينية والولايات المتحدة وكندا هربا من الحروب والازمات المتتالية.

ويقول محافظ بيت لحم صلاح التعمري انه لا سبيل لاجراء احصاء دقيق لعدد المسيحيين والمسلمين الذين غادروا ديارهم منذ اندلاع أعمال العنف بين الاسرائيليين والفلسطينيين في عام 2000.

ويقول "ليس هناك نشاط تجاري ولا حرية حركة. نعتمد على السياحة ولكنها تدمر. أحيانا نستقبل 1500 سائح يوميا ولكن لا يبيت احد منهم ليلته (في بيت لحم). يزورون كنيسة المهد ويغادرون لذا لا نستفيد."

ويطوق حائط اسمنتي شاهق الارتفاع بيت لحم وهو جزء من الجدار الامني العازل الذي تشيده اسرائيل قائله انه يمنع وصول منفذي الهجمات الانتحارية من الضفة الغربية. وشيد جزء كبير من الجدار على اراض فلسطينية صادرتها الدولة اليهودية.

ويقول الراهب "حين ينتهي (بناؤه) لن يتبقى سوى ثلاث بوابات من والى بيت لحم. ستصبح بيت لحم بصفة رئيسية سجنا مفتوحا مساحته عشرة كيلومترات مربعة."

وتقول هيام ابو دية الاخصائية الاجتماعية المسيحية "فصل هذا الجدار بين الكثيرين. أي حياه تلك ان لم تشعر بالحرية أو القدرة على التنقل في بلدك."

وتأمل ابو دية وهي لا تعمل ان تغادر بيت جالا الى ألمانيا التي زارتها أكثر من مرة حين كانت تعمل لصالح الكنيسة.

وتضيف "كثيرون بلا أمل أو عمل. استنفد الناس كل طاقتهم. اذا استمر الحال على ما هو عليه ستتحول فلسطين لمستشفى كبير للأمراض النفسية."

ويعيش نحو 50 ألف مسيحي في الاراضي التي استولت عليها اسرائيل في حرب 1967 وهي القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. ويعيش 110 آلاف آخرين في اسرائيل.

وتعرض الاقتصاد الفلسطيني الذي يعتمد على المعونة لضربة مدمرة حين قرر المانحون الدوليون مقاطعة الحكومة التي شكلتها حركة المقاومة الاسلامية (حماس) عقب فوزها في الانتخابات التي جرت في يناير كانون الثاني 2006.

واقترب الفلسطينيون من نقطة الانهيار بصورة أكبر نتيجة الاقتتال العنيف بين حماس وحركة فتح التي كانت لها الهيمنة على السلطة.

وتقول مؤسسة أوكسفام الخيرية البريطانية ان ثلثي الفلسطينيين يكابدون الفقر الآن وان أكثر من النصف لا يمكنهم تلبية الاحتياجات الغذائية اليومية لاسرهم دون مساعدة.

وبصفة عامة فان حال الفلسطينيين المسيحيين أفضل من الشرائح الأخرى من المجتمع ولكنهم يقاسون أيضا.

ويقول ماهر ربيع الذي يدير مطعما صغيرا للبيتزا في بيت جالا "كان ستة أفراد يعملون في هذا المطعم وكان مزدحما دائما. الآن نحن اثنان نجلس هنا ولا نجد مانفعله."

ومني ربيع بخسائر بلغت 30 ألف شيقل (سبعة الاف دولار) في العام الماضي ليبقي المطعم مفتوحا. ويقول انه ربما يعود للولايات المتحدة حيث عاش 12 عاما اذا لم تتحسن الاحوال في الصيف.

ويضيف "في واقع الأمر لم يعد هناك اقتصاد. انتهى. السنوات الخمس الاخيرة كانت جحيما. احيانا نقول اذا ذهبنا للجحيم فيما بعد سنكون قد عرفنا الحال هناك."

ولدى ربيع وزوجته رانيا ثلاثة صبية في المدرسة أعمارهم ثمانية أعوام و14 و16 عاما. ويقول الاب البالغ من العمر 47 عاما "نفكر ما شكل المستقبل الذي سنوفره لهم اذا استمرت هذه الاوضاع."

ويقول زعماء مسيحيون انهم لا يعانون من اي اضطهاد ديني من الاغلبية المسلمة أو من اسرائيل.

ويقدر برنارد سابيلا استاذ الاجتماع الفلسطيني في جامعة بيت لحم ان مابين 50 و70 اسرة مسيحية تغادر القدس أو الضفة الغربية سنويا لبدء حياة جديدة في الخارج انخفاضا من مستوى قياسي تراوح بين 200 و250 أُسرة في عامي 2002 و2003.

وذكر أن معظمهم استند لدوافع مماثلة للمهاجرين المسلمين وهي الظروف السياسية والبطالة وغياب القانون غير ان البعض تعلل بعدم الارتياح إزاء تنامي مد التشدد الاسلامي.

وأضاف سابيلا "كمسيحيين نريد ان نكون جزءا من هذا المجتمع" مشيرا الى الثراء الثقافي والتنوع والجذور التاريخية للمسيحيين المقيمين في مهد المسيحية.

ويبلغ حاليا متوسط عمر المسيحي الفلسطيني 37 عاما مقارنة مع 19 عاما للسكان بصفة عامة. وتابع سابيلا "اذا غادر الشبان. سنواجه كارثة."

ويتحدث عدد كبير من المسيحيين لغات اجنبية واكتسبوا مهارات تعليمية ولديهم المال وصلات عائلية في الخارج وهي عوامل تسهل الهجرة. ولكن رؤساء الكنائس يريدون منهم البقاء في موطنهم.

ويقول منيب يونان أسقف الكنيسة اللوثرية "نطلب من العالم مساعدة المسيحيين الفلسطينيين على البقاء في بلدهم" مناشدا المساعدة في التعليم وتوفير وظائف والاسكان ومعاونة المؤسسات المسيحية التي يمكنها خدمة الفلسطينيين بصفة عامة.

وعاد مستثمرون مسيحيون من المنفى في الخارج في التسعينات حين بدا أن اتفاقيات اوسلو المرحلية مع اسرائيل قد تعيد السلام وتأتي بالرخاء وبدولة فلسطينية لكنهم بدأوا يفقدون الامل الان.

ويقول الياس سمعان (45 عاما) الذي اقام ورشة لاعمال النجارة عقب انتقاله لبيت جالا من الولايات المتحدة في عام 1992 "الامر يزداد صعوبة يوما بعد يوما.

"نفكر فعليا في الرحيل مرة أخرى تاركين كل شيء بيتنا وعملنا وتجارتنا وأرضنا."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف