إيلاف+

شيعة لبنان الرقم الصعب محلياً وإقليمياً

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

دبي، الامارات العربية المتحدة: يرى الشيعة أن النظام السياسي الذي تشكل إثر قيام الدولة اللبنانية الحديثة قد حرمهم من امتيازات السلطة بما لا يتناسب ووزنهم الديمغرافي الحقيقي.كما يعتبر الشيعة أنهم حرموا من المزايا الاقتصادية - الاجتماعية، مع أنهم أكبر الطوائف اللبنانية. إلا أنه منذ التسعينيات بدأ وزن الطائفة الشيعية النسبي بالتزايد، وأخذ نجمها السياسي بالصعود، وهي بقوتها المحلية وامتداداتها الخارجية، التي يمثلها حزب الله بصورة رئيسية، تمثل رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في رسم مستقبل لبنان، وفي صوغ المعادلات السياسية في المنطقة.


تمهيد

يعود تاريخ التشيع في جبل عامل (الاسم التاريخي لما يعرف حالياً بجنوب لبنان) إلى القرن الميلادي التاسع، خلال العصر العباسي. وتاريخياً، عرف الشيعة في لبنان (أو "المتاولة" كما كان يسميهم أهل بلاد الشام حتى منتصف القرن العشرين، أي الموالين أو المتولين لأئمة أهل البيت) حالات عدة، ما بين تكريس النفوذ والتراجع، بحسب ما آلت إليه الصراعات المتكررة بين الشيعة والسلطات المركزية من جهة، وبين الشيعة والطوائف الأخرى من جهة أخرى.


ويشعر الشيعة أن النظام السياسي والاجتماعي - الاقتصادي الذي تشكل إثر استقلال لبنان في العام 1943، حاف عليهم وحابى الطوائف الأخرى، ولاسيما الطائفة المارونية في المرتبة الأولى، والسنية في المرتبة الثانية. فقد كانت مشاركة الشيعة السياسية دون وزنهم الديمغرافي الحقيقي، وهم يقبعون في أدنى الهرم الاجتماعي ـ الاقتصادي في لبنان.


ويجمع المحللون على أن قدوم الإمام موسى الصدر (اللبناني الأصل الإيراني المولد) إلى لبنان عام 1959 مثَّل انعطافة فارقة في تاريخ الطائفة الشيعية، فهو الذي وضع الطائفة على الخريطة السياسية، بعد أن كانوا مغيبين عنها بسبب الانكفاء السياسي للقيادات الدينية الشيعية التقليدية، وانشغالهم بالمصالح الإقطاعية. ولذلك، عمل الصدر على تعبئة الشيعة في إطار "عصبية طائفية"، مثل الطوائف الأخرى، وأوجد ما يسميه باحثون "الشيعية السياسية".


ورغم أن الشيعة لم يكونوا طرفاً في بدء الحرب الأهلية عام 1975، فقد خاضوها في نهاية المطاف تطلعاً إلى الحصول على نصيب عادل من امتيازات حرموا منها، حيث تمخضت (الحرب) عن تزايد وزن الطائفة النسبي، وأخذ نفوذها السياسي في الصعود.
ومنذ انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، تحت وطأة عمليات "المقاومة الإسلامية" التي قادها حزب الله، ونجاح الحزب في صد الهجوم الإسرائيلي على لبنان في صيف عام 2006، غدت الطائفة الشيعية قوة نافذة، بحيث لم يعد في الإمكان تجاهلها في رسم مستقبل لبنان، وصياغة المعادلات السياسية في المنطقة.


الوضع الديمغرافي/الديني


يتميز المجتمع اللبناني بتنوعه الديني والمذهبي والطائفي، إذ فيه 18 طائفة ومجموعة دينية معترف بها رسمياً. والشيعة (الجعفرية) يمثلون إحدى هذه الطوائف، إلا أنهم أكثرها نمواً ديمغرافياً.



نبيه بري، زعيم حركة أمل، ورئيس المجلس النيابي
ورغم أنه لم يتم إجراء أي إحصاء سكاني رسمي على مستوى البلد كله منذ العام 1932، بسبب حساسية مسألة التكافؤ بين الطوائف، فإن عدداً من المصادر تشير إلى أن الشيعة يمثلون ثلث السكان في لبنان. بينما يذكر تقرير "الحرية الدينية في العالم" لعام 2006، أن نسبة السكان الشيعة تبلغ 25-35 في المائة، من إجمالي عدد السكان، الذي يصل إلى نحو أربعة ملايين نسمة، فإن تقرير "الملل والنحل والأعراق" لعام 2005، يذكر أن الشيعة يشكلون حوالي 29 في المائة من عدد السكان.


وضمن مبدأ تقسيم السلطات والمناصب السياسية وفقاً لمبدأ التمثيل الطائفي، الذي أقره "الميثاق الوطني" عام 1943، وكرسه "اتفاق الطائف" عام 1989، فإن المسلمين الشيعة لهم منصب رئيس مجلس النواب.


ووفق اتفاق الطائف، يتقاسم المسلمون مقاعد مجلس النواب مع المسيحيين (64 مقعداً لكل منهما)، وهكذا خُصص للشيعة 27 مقعداً، ومثلها للسُّنة. أما العلويون، فلهم مقعدان، وأعطيت المقاعد الثمانية الأخرى للدروز، الذين يصنفون ضمن المسلمين.
ويتركز الشيعة في مناطق جنوب لبنان، والبقاع، والضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية، بيروت.


ومثل الطوائف الأخرى، يوجد للشيعة محاكمهم الخاصة التي تُعنى بقضايا الأحوال الشخصية، كما أن لهم مساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم الدينية، وأبرزها "المعهد الشرعي الإسلامي"، الذي أنشأه العلامة السيد محمد حسن فضل الله في العام 1966 ليكون بديلاً للطلاب الشيعة الذين يريدون استكمال تعليمهم الحوزوي المتقدم، من السفر إلى النجف بالعراق أو قم بإيران.


ومن أبرز المؤسسات الدينية للشيعة "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" الذي عمل على تأسيسه الإمام موسى الصدر عام 1967 "لتنظيم شؤون الطائفة وتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية"، والذي يعد أعلى مرجعية رسمية للطائفة الشيعية، والإطار الجامع لأبنائها.


وتاريخياً، يعد المجلس الأعلى قريباً إلى حركة "أمل"، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت نفوذاً متنامياً لحزب الله داخل المجلس.


و يتبع المجلس رسمياً لرئاسة مجلس الوزراء، شأنه شأن مفتي الجمهورية (السني المذهب). ويرتبط بالمجلس مؤسسة "الإفتاء الجعفري"، التي يرأسها الشيخ أحمد قبلان، ابن الشيخ عبد الأمير قبلان.
الشيخ عبدالأمير قبلان، نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى


ومثل الطوائف الأخرى أيضاً، تضم الطائفة الشيعية المتدينون وغير المتدينين. وحزب الله هو التعبير الأبرز لعالم المتدينين في الطائفة، ولاسيما أن الحزب يلتزم بمبادئ الثورة الإسلامية في إيران، ويعتقد بولاية الفقيه، وهكذا يتخذ منتسو الحزب وأنصاره من الولي الفقيه مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، مرجع تقليد لهم، بينما يقلد شيعة آخرون، السيد علي السيستاني في النجف، ونفر منهم يتخذ من السيد محمد حسين فضل الله مرجع تقليد.


وينتقد الشيعة المنتمون إلى الأيديولوجيات اليسارية والقومية والليبرالية، هيمنة المرجعيات الدينية على الطائفة الشيعية بصورة كبيرة.


الواقع السياسي


للطائفة الشيعية في لبنان واجهتان سياسيتان، الأولى حركة "أفواج المقاومة اللبنانية" المعروفة اختصاراً بحركة "أمل"، والتي أسسها الإمام موسى الصدر إبان اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، كإطار عسكري لحركة المحرومين، التي تلاشت بعدئذ.
ويتزعم الحركة نبيه بري منذ العام 1980 (إذ كان الإمام الصدر قد اختفى في زيارة لليبيا عام 1978). وقد هيمنت الحركة على قرار الطائفة الشيعية، إلى أن أعلن عن قيام "حزب الله" عام 1985، الذي أسسه التيار الديني، الذي انفصل عن حركة "أمل".


مثَّل حزب الله خطاً مغايراً للخط الأيديولوجي والسياسي الذي تبنته "أمل"، حيث أكد الحزب منذ البداية على دور الدين ورجالاته في مشروعه السياسي. فعدا عن الانتماء الطائفي، الذي تشترك فيه الحركتان، فإن حزب الله يتفرد بالانتماء الديني للشيعية، كما أن الحزب اتخذ من الثورة الإسلامية الإيرانية أنموذجاً يحتذى به، وتبنى مبادئها ونظرية ولاية الفقيه التي طبقها الإمام روح الله الخميني.


وقد وقع بين الحركتين قتال دموي في الفترة 1987-1988 للسيطرة على قرار الطائفة، ولكن الصراع في حقيقته كان بين إيران (الداعم الرئيسي لحزب الله) وسورية (النصير لأمل)، وقد انتهى القتال بالاتفاق بين عاصمتي الدولتين الراعيتين، ونتج عنه أن أخضع حزب الله الضاحية الجنوبية لسيطرته التامة.


وبعد انتهاء الحرب الأهلية، وإبرام اتفاق الطائف عام 1989، كان حزب الله هو القوة الوحيدة التي احتفظت بسلاحها بصورة شرعية، وانخرط الحزب في مقاومة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بشكل شبه منفرد، بدعم من إيران وسورية.


ومع تولي السيد حسن نصر الله الأمانة العامة للحزب عام 1992 تنامى دور الحزب السياسي والتنظيمي والعسكري، وغلب على المجتمع الشيعي. أما حركة أمل، فقد تركز وجودها وثقلها في مناصب الدولة اللبنانية ووظائفها.


ونظراً إلى أن حزب الله حقق إنجازات كبيرة على صعيد مقاومة إسرائيل، تكللت بانسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان في مايو/أيار 2000، وإطلاق سراح نحو 435 أسيراً لبنانياً وفلسطينياً وعربياً من السجون الإسرائيلية في عمليات التبادل الشهيرة التي جرت في يناير/كانون الثاني 2004، فإن هذه النجاحات جعلت الحزب يحظى بتأييد وتعاطف واسعين في الساحتين اللبنانية والعربية.


إلا أن الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب شكَّل نقطة تحول حاسمة في مسار حزب الله السياسي، إذ وُوجه باستحقاق أن يتحول من مشروع المقاومة إلى مشروع الدولة، وأخذ يتعرض لضغوط محلية ودولية كبيرة بهدف حمله على نزع سلاحه وتحويله إلى حزب سياسي صرف، بدعوى أن الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان أنهى المبرر لاحتفاظ الحزب بسلاحه.


بيد أن الحزب اعتبر أن مبرر احتفاظه بترسانته من الأسلحة مازال قائماً، بالنظر إلى أن إسرائيل مازالت تحتل مزارع شبعا، وتعتقل عدداً من اللبنانيين في سجونها، فضلاً عن أن سلاح الحزب يعد رادعاً في وجه أي "عدوان إسرائيلي"، بحسب تصريحات مسؤوليه.


وبصدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559 في سبتمبر/أيلول 2004، الذي تضمن العديد من القضايا التي أثارت جدلاً واسعاً على الساحة اللبنانية، ومن أبرزها نزع سلاح حزب الله، وانسحاب القوات السورية من لبنان، دخلت القوتان الشيعيتان (حزب الله وأمل) في أتون الاستقطاب السياسي الحاد الذي شهده البلد إثر صدور القرار.


وتحول الاستقطاب إلى انقسام سياسي/طائفي باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري في 14 فبراير/شباط 2005، فانضم حزب الله وحركة أمل إلى تيار المردة (بزعامة سليمان فرنجية) والتيار الوطني الحر (بزعامة العماد ميشال عون)، مشكلين فريقاً سمي بقوى "الثامن من آذار" (نسبة إلى تاريخ التظاهرة الحاشدة التي نظمتها القوى الثلاث الأولى للتعبير عن وفائها لما قدمته سورية للبنان).


أما الفريق المقابل فضم بصورة رئيسية تيار المستقبل (ذو الأكثرية السنية، والذي يتزعمه سعد الحريري)، والحزب التقدمي الاشتراكي (ذو الأكثرية الدرزية، والذي يتزعمه وليد جنيلاط)، والقوات اللبنانية (بزعامة سمير جعجع)، والكتائب (بزعامة أمين الجميل)، وأطلق على هذه القوى "الرابع عشر من آذار" (نسبة إلى تاريخ التظاهرة الحاشدة التي قامت بها للمطالبة بالاستقلال والتحرر من الهيمنة السورية).

ولاشك في أن حزب الله وأمل، الحليفين لسورية، قد دُهما بخروج القوات السورية من لبنان في إبريل/نيسان 2005، وشعرا - بحسب محللين - أن هذا التطور قد يفقد الطائفة الشيعية مكتسباتها.

وقد أدى اندلاع الحرب اللبنانية ـ الإسرائيلية في 12 يوليو/تموز 2006، إثر قيام قوات حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين، وقتل ثمانية آخرين على الحدود في الجانب الإسرائيلي، بهدف "تحرير الأسرى اللبنانيين في المعتقلات الإسرائيلية"، إلى إعادة فتح ملف "سلاح حزب الله"، ودعت قوى الأكثرية النيابية (الموالاة) إلى ضرورة أن يكون "قرار السلم والحرب بيد الدولة اللبنانية."


السيد محمد حسن فضل الله، المرجع الشيعي البارز

وكإحدى تداعيات الحرب وصدور قرار مجلس الأمن الدول رقم 1701 الذي أوقف الحرب، دخل البلد في ازمة سياسية خطيرة، فاستقال الوزراء الشيعة الخمسة من حكومة فؤاد السنيورة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي احتجاجاً على مسودة قانون "المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين باغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ورفاقه وسائر الجرائم المرتبطة بها"، وفشلت مشاورات تعديل تشكيلة الحكومة، فبدأت قوى المعارضة اعتصامها المفتوح (في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2006) في وسط بيروت، بساحتي الشهداء ورياض الصلح، بغية إسقاط الحكومة.


والحقيقة أن هذه الأزمة التي تلف البلد منذ نحو خمسة شهور أوجدت شروخاً جديدة في نسيج المجتمع اللبناني، وزادت التوترات الطائفية والمذهبية، ولاسيما بين الطائفتين السنية والشيعية، نظراً إلى أن كل طائفة اصطفت في موقف سياسي مناقض. ومما لاشك فيه أن الحوار والتفاهم السعودي - الإيراني (الذي تكلل بالقمة الإيرانية - السعودية التي عقدت في الرياض في مارس/آذار الماضي) لعب دوراً أساسياً في تبريد الاحتقان الطائفي السني - الشيعي في لبنان.


وإن كان التنظيمان الشيعيان، حزب الله وأمل، قد تمكنا من احتكار تمثيل الطائفة فـي ظل غياب قوى شيعية منافسة لهما، بسبب تهميش الشخصيات الشيعية التي لا تتوافق توجهاتها و"الشيعة السياسية" التي يعبر عنها هذين التنظيمين، فإن الأحداث التي وقعت عقب اغتيال الرئيس الحريري، أبرزت تجلياً سياسياً ثالثاً في الطائفة الشيعية، فأعلن في 21 إبريل/ نيسان 2005 عن تأسيس "اللقاء الشيعي اللبناني"، برعاية العلامة السيد محمد حسن الأمين، إحدى الشخصيات الدينية الشيعية البارزة.


وضم التجمع 500 شخصية شيعية سياسية ومثقفة مستقلة، وكان الهدف من إقامته، بحسب مؤسسيه، رفع التشكيك الذي لحق بالطائفة الشيعية في لبنان نتيجة لموقف زعامتها السياسية الثنائية (حزب الله وأمل) من حركة "الاستقلال الجديد" التي انطلقت بعد اغتيال الحريري، والتأكيد على أن الطائفة الشيعية جزء من الإجماع الوطني في لبنان.


الحال الاجتماعي والاقتصادي


يشتكي الشيعة أنهم عانوا الحرمان الاجتماعي والاقتصادي منذ تأسيس الدولة اللبنانية الحديثة، وأن مناطقهم الأكثر فقراً وتجاهلاً من السلطة المركزية في بيروت، وأن شبابهم الأكثر بطالة.


ومن هنا لم يكن غريباً أن الشيعة، الذين يمثلون المساحة الأوسع في رقعة الفقر والحرمان، قد استقطبوا من قبل الحركات اليسارية والقومية في الخمسينيات والستينيات التي كانت تطالب بتغيير النظام الاقتصادي - الاجتماعي، والسياسي كذلك، في لبنان.


لذا نجد أن حركات الاحتجاج الاجتماعي تركزت في الطائفة الشيعية.. فحركة المحرومين، التي أسسها الإمام موسى الصدر عام 1973، والتي قامت بتظاهرات واعتصامات وإضرابات لإصلاح أوضاع الشيعة الاقتصادية والاجتماعية، ساهمت في إنجاح مهمة الصدر في ضغطه على الدولة، حتى أنشأت في العام،1970 مجلساً خاصاً لتنمية ورعاية سكان الجنوب، سمي "مجلس الجنوب" (ورغم أن هذا المجلس تابع للدولة فإن "أمل" تسيطر عليه حتى الآن).


وكذلك "ثورة الجياع"، التي أطلقها الشيخ صبحي الطفيلي، الأمين العام الأسبق لحزب الله، في العام 1997، لإجبار الدولة على الاهتمام بالوضع الاجتماعي الاقتصادي المتردي في بعلبك ـ الهرمل.


الضاحية الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية التي تعرضت لتدمير واسع في الحرب الأخيرة

وإن كانت المناطق الشيعية التقليدية في الجنوب والبقاع الأكثر حرماناً، فإن الضاحية الجنوبية، التي لجأ إليها كثير من شيعة الجنوب القرويين هرباً من الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان، شكلت حزاماً للبؤس والفقر حول العاصمة اللبنانية.


إلا أن حزب الله، بواسطة الدعم الإيراني الكبير، عمد إلى تقديم العون الاجتماعي لأعداد كبيرة من الفئات الشيعية الكادحة، وأن يقيم مؤسسات اجتماعية وتعليمية وصحية وخيرية، عوض بها عن غياب دور الدولة في مناطق الأكثرية الشيعية، مما جعل الكاتب اللبناني وضاح شرارة يصفها بـ "دولة حزب الله". ووفقاً لكاتب لبناني آخر، هو حازم صاغية، فقد أوجد حزب الله بمعوناته المالية ومؤسساته الخدمية المتنوعة "اقتصاداً موازياً".


ومما له دلالة في هذا الشأن على أن مؤسسات الحزب الخدمية كانت أكثر فاعلية وكفاءة من أجهزة الدولة في تعويض المتضررين، ومعظمهم من الشيعة، في الحرب اللبنانية - الإسرائيلية التي اندلعت في صيف العام الماضي، فقد منح الحزب كل عائلة دمر بيتها مبلغ 12 ألف دولار أمريكي، كعون طارئ، إلى حين مساعدتهم على إصلاح وإعادة بناء ما دمرته الحرب.


أبرز الشخصيات الشيعية العامة


من أبرز الشخصيات الدينية، العلامة الشيخ عبدالأمير قبلان نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى منذ العام 2001 (منذ اختفاء الإمام موسى الصدر رئيس المجلس عام 1978، يُنتخب نائب للرئيس يتولى إدارة شؤون المجلس، إلى حين معرفة مصير الصدر). وآية الله محمد حسين فضل الله الذي يعد أكثر علماء الشيعة نفوذاً في لبنان، وغم أنه يوصف بأنه المرشد الروحي لحزب الله، فإن فضل الله يختلف مع الحزب حول بعض القضايا، مثل نظرية ولاية الفقيه التي يرفض إطلاقيتها ويقيدها بالشورى، وهو مرجع تقليد لعدد من الشيعة في لبنان وسورية ومنطقة الخليج، ولاسيما في البحرين والكويت والسعودية.


أما الشخصيات السياسية، فلاشك في أن السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله يعد الشخصية الأبرز، وخصوصاً أنه يحظى بشعبية كبيرة في الشارع العربي، الذي أطلق عليه لقب "سيد المقاومة". فضلاً عن نبيه بري، زعيم حركة أمل منذ العام 1980، ورئيس المجلس النيابي اللبناني منذ العام 1992.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف