إيلاف+

ناسك كولومبي يجد الجنة على درب لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

وادي قاديشا (لبنان): كان وادي قاديشا اللبناني بالنسبة للناسك الكولومبي الذي يبعد الاف الاميال عن موطنه هو جنة الله على الارض يأمل ان يقضي فيه اخر أيامه. قد يخسر الاب داريو اسكوبار قدرا من عزلته عندما يتعرف المشاؤون على الدرب القومي الجديد الذي يمر بمحاذاة ديره الصخري الرابض على منحدر على ارتفاع 400 كيلومتر فوق الجبل اللبناني. ويرى المؤسسون مشروع درب الجبل اللبناني في وادي قاديشا بمنحدراته وصخوره وحجارته الكلسية وشلالاته ونباتاته وأشجاره وأديرته القديمة كواجهة لجذب اللبنانيين والاجانب لاكتشاف البلاد سيرا على الاقدام.

ولكن لحسن الحظ لا ينزعج اسكوبار حين يجري المشاؤون تمارين على السير في كجزء من الدرب ويقطعون عليه عزلته.

وقال اسكوبار الذي كان يرتدي ثوبا اسود طويلا وهو يخرج من كهفه بالقرب من كنيسة منحوتة في الصخر وهو يضحك "عادة لا اتكلم مع احد لكن انا اتحدث معك لان احدا قرع بابي."

نظر الاب (72 عاما) ذو اللحية التي خطها الشيب الى الخضرة التي تلف الوادي المحيط بدير سيدتنا حوقا الذي يعود الى القرن الثالث عشر وقال "سأمكث هنا للابد."

تبدو هذه البقعة الهادئة والجميلة حيث يقضي اسكوبار وقته في الصلاة والتأمل بعيدة كل البعد عن صورة لبنان السائدة كمحور لنزاعات الشرق الاوسط والتي يقول مؤسسو هذا الدرب انها جانب واحد فقط من القصة.

وقال كريم الجسر نائب مدير المشروع "على الرغم من كل الازعاج الذي نمر به في لبنان هذا عالم مختلف....انشاء الله درب الجبل اللبناني سوف يقرب الناس من بعضها البعض...ويجذب الناس في لبنان من كل القطاعات الحياتية والاديان والمذاهب والتيارات السياسة."

تأخر المشروع الذي تأسس بمنحه قدرها 3.3 مليون دولار من الولايات المتحدة بسبب الحرب التي اندلعت في يوليو تموز واغسطس اب بين اسرائيل وحزب الله.

ولكن شركة (ايكوديت) وهي شركة استشارية مقرها في الولايات المتحدة لديها عقد مدته عامان لانشاء الدرب تأمل في الانتهاء من وضع خريطة وعلامات للطريق وتسليمه الى منظمة غير حكومية اواخر هذه السنة. كما يجري ايضا التحضير لكتيب وخرائط وموقع الكتروني.

وقال الجسر نائب مدير المشروع وهو يشرح كيف يقود الدرب الى محميات طبيعية ومواقع أثرية ودينية في جبيل وقرى تقع على ارتفاع يتراوح ما بين 800 و 2000 متر "المسألة هي عبارة عن ربط النقاط وربط الاشياء ببعضها."

وتتضمن الفكرة أيضا تسويق السياحة البيئية وهو مفهوم جديد نوعا ما في لبنان حيث ظلت السياحة تعتمد لسنوات طويلة على مواقع مثل بعلبك وجبيل والارز بالاضافة الى التسوق والحياة الليلية في بيروت.

وعلى عكس الدروب الجبلية القفر المشهورة في امريكا الشمالية فان الدرب اللبناني به عدة قرى وتنعش الاموال التي تنفق فيه على المرشدين والاقامة الحياة الاقتصادية في الريف.

ويستخدم الدرب طرقا قديمة عمرها مئات السنين بعضها شوهته القمامة والصيد وقطع الاشجار وعمليات البناء غير الشرعية من بين العديد من العوامل التي تهدد الحياة البرية والطبيعية في لبنان.

الطريق الرابط بين اهدن وبشري الذي يمر عبر وادي قاديشا وطوله عشرين كيلومترا منهك ولكنه ممتع وكنيسة مار مورا الصخرية الصغيرة المشيدة على تخوم اهدن تعود الى فترة العصبيات المسيحية خلال العصر البيزنطي.

قال بول خواجة وهو من متسلقي الجبال ويعمل مع فريق ايكوديت البيئي في عملية رسم خريطة الدرب "انها واحدة من عدة كنائس بناها اليعقوبيون حتى تم طردهم من المنطقة أو قتلهم من قبل الموارنة في اهدن خلال القرن الخامس عشر." وأصل النزاع هو حول الطبيعة الالهية للسيد المسيح.

ويؤدي الدرب الضيق الى طاحونة ماء في قرية عين تنورين. في الغابات يشير عالم النبات نزار هاني الى نباتات الزعتر وغيرها من النباتات الطبية والتي يمكن اكلها ويقول ان الناس يقطفون النباتات البرية مثل الزعتر والخبيرة لتقديمها الى زبائهم في المطاعم لانها شهية وطيبة الرائحة.

ويقع في الوادي دير القديس انطوني قزحيا والذي يعود الى القرن السابع وما قبل حيث يرحب بالزائرين بكؤوس صغيرة من النبيذ. ويحوي الدير الماروني على طابعة تعود الى القرن السابع عشر وهي احدى الطابعات الاقدم في الشرق الاوسط.

بعد الصعود الى قرية حوقا يأتي منزلق هو اختبار قاس لركب المشائين مكون من المئات من الدرجات نحو منعزل اسكوبار والطريق بعدها يؤدي الى المزيد من الاديرة والكهوف حتى الوصول الى نهر يتدفق بالقرب من قنوبين وهي القرية المأهولة الوحيدة في لبنان التي ليس لديها طرق معبدة.

اخيرا يؤدي الدرب الى مرتفع حاد من وادي قاديشا الى كروم التفاح على مشارف بشري مولد الشاعر الامريكي اللبناني الاصل جبران خليل جبران وحينها قد يحتاج المشاؤون المتعبون الذين يتسابقون في الدرب الى سماع مقولة جبران المشهورة "امض ولا تخشى الاشواك او الصخور المسننة على درب الحياة".

من اليستر ليون

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف