إيلاف+

جولة على حافة الحدود التركية القلقة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دهوك: في الطريق الى منطقة "برواري بالا" العصية التي تحاذي الحدود التركية في محافظة دهوك، يبرزالوجه الآخر للطبيعة، فمع اختلاط مشاعر الخوف بمنعطفات الطرق والسكون الذي يلف المنطقة، تشعرأن شيئا ما ينتظر المشهد.

دهوك باتجاه الحدود مع تركيا مع اجتيازآخر نقطة لقوات حرس الحدود العراقيين في قرية كيستة ( شرق زاخو60 كم شمال دهوك 80 كم ) كانت ضحكات الاطفال تنتظرنا وقد تجمعوا حوال سيارتنا ليستفهموا سبب مجيئنا، لم يخلو المشهد من الضحكات التي امتزجت بالخوف. "هذا الشهرإزداد القصف التركي وصار يتكرركل يومين او ثلاثة " هذا ما قاله اسماعيل عمر(55 عاما - من سكنة قرية كيستة شرق زاخو 60 كم وشمال دهوك 80 كم ).
واعرب اسماعيل عن قلقه وهويشيرالى اقرب نقطة قصفتها المدفعية التركية، ويضيف " رغم القصف نمارس عملنا ولكننا نخاف البقاء في بساتيننا طيلة النهار." واردف قائلا " لايستطيعون ايقاف الحياة هنا ( يقصد الجيش التركي ) لأننا تعودنا العيش في هكذا ظروف في زمن النظام السابق لسنين طويلة، ولكننا نخاف على اطفالنا "
يتسائل اسماعيل "ما ذنبهم لكي يعانوا من الخوف؟ حتى في الليل لاينامون مطمئنين بسبب سقوط القذائف المدفعية ". الاطفال تجمعوا حولنا، حيث قطع حديثنا الطفل (هيرش حبيب - 12 عاما) ليقول " حقيقة اخاف من القصف، ولا اعلم ماذا تريد تركيا منا؟ ".
وفيما اذا كان القصف يخيفهم او يؤثر على حياتهم، قال انور طه كيستى (40 عاما) " القصف المدفعي ازداد واصبح اكثر من العام الماضي بكثير، وبات تأثيره واضحا على حياتنا لأننا لا نستطيع مداراة بساتين التفاح والخوخ التي حان موسم قطافهما وهي مورد رزقنا الوحيد ".
وأضاف طه الذي رافقنا لمسافة ليدلنا على مواقع سقطت عليه القذائف بكثافة خلال الايام الثلاثة الماضية "المسؤولون لايعلمون أحيانا بسقوط القذائف ولا بمكان سقوطها، بينما نعرفها نحن اهالي القرية ".
واوضح انور" لا اظن ان تركيا ستقوم بالهجوم على اراضينا، لكنها بدأت تتغلغل يوما بعد اخر، وفي كثير من المواقع عبرت نقاط الحدود القديمة التي نعرفها لمسافات تتراوح بين نصف كيلومتر و2 كيلومتر ".
وأشار انور الى المواقع التي دخلت منها القوات التركية مبينا "كمواطنين نحمل امريكا المسؤولية في منع تركيا من التدخل وتجاوز الحدود ومطالبتها بايقاف القصف المدفعي ".
على امتداد منطقة برواري بالا التي كانت لفترة طويلة مقر للقيادة المؤقتة للحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1976، وبعدها جبل كوماتا المحاذي للحدود التركية والمناطق المجاورة له في قرية نسدورى في عمق وادي يقطعه نهر الخابور، لاتشعر انك في مأمن، فبعد ساعة من السيربالسيارة يبدأ صعود ريق مليء بالمنعطفات، وبعد النزول الصعب واجهتنا اولى نقاط حزب العمال الكردستاني القريبة من الاراضي التركية، مثل هذه المواقع للحزب تمتد على جانبي الحدود، أخذنا أحد مقاتلي الحزب لنرى مواقع القصف ومصادره.. يمكن رؤية مواقع القصف بالعين المجردة رغم كثافة الاشجاروالارتفاعات الجبلية المختلفة.
قبل الدخول في الحديث صادفنا المواطن عبد الرحمن محمود طاهر، وهو منشغل في تربية النحل في ابعد نقطة حدودية هناك فقال " منذ شهر ونصف وانا هنا لتربية النحل، وقد تكثف القصف التركي كثيرا خلال هذه الفترة، واستطيع ان اقول ان المنطقة قد تم قصفها لأكثر من ثلاثين مرة خلال هذه الفترة ".
عبد الرحمن (57 عاما) فقد بعض اصابعه نتيجة عمله في رفع الالغام من منطقته، وهي الطريقة التي تعلمها عندما كان يقاتل في صفوف البيشمركة.
يواصل عبد الرحمن " في كل يوم يزداد الفصف اخاف على عملي، لأن النحل يخاف من الاصوات القوية، لذلك أترك المنطقة، وبدون النحل لا استطيع إعالة اطفالي السبعة ".
واضاف " القصف الحق أضرارا كبيرة بالمنطقة، عشرات الاشجار تقتلع او تحترق او تتقطع اجزائها، وقد تملك المزارعين الخوف من رعاية مزارعهم المهددة بالقصف."
وبصعوبة شق عبد الرحمن الطريق ليدلنا على اثار آخرى لقذيفة سقطت بالقرب منه، تركت القذيفة حفرة سوداء وتقطعت حولها الأشجار، لذلك قال عبد الرحمن "إذا استمر القصف مع الصيف الحار فستشهد المنطقة حرائق لا يمكن وقفها." ويستغرب عبد الرحمن من استهداف هذه المناطق "لا اعلم ماذا تريد تركيا، إذا كانت الحجة هي مطاردة عناصر حزب العمال، فهناك الالاف منهم في شوارع تركيا يرفعون صور أوجلان ".
وعبدالله اوجلان هو زعيم حزب العمال الكردستانى الذى يقضى عقوبة السجن المؤبد فى أحد سجون تركيا.
وعن امكانية تغلغل الجيش التركي في المنطقة العصية قال عبد الرحمن " تركيا تريد توجيه ضربة لأقليم كردستان لأن الوضع فيه لايعجبها، لكنها ستلقى خسارة كبيرة بالتأكيد، واذا لم تمنعهم امريكا، فان الكثيرمثلي سيقفون بوجهها. "
والتقينا بعناصر حزب العمال الكردستاني في ابعد نقطة حدودية، وقال مقاتل منهم رفض الكشف عن اسمه " غالبا ما يأتي القصف من منطقة (شيف رزانكى وئه لمونى) التي تبعد مسافة 3 - 4 كم من هنا ".
واضاف " لايشكل القصف التركي أي تهديد لنا، ولكنه يلحق الضرر بالبساتين والفلاحين في هذه القرى."
لكن مقاتلا اخر يدعى (ازاد كردستاني) قال " لا تستطيع تركيا مواصلة الهجوم اذا لم توافق امريكا، اذا ما

دهوك

تجرأت ستلقى ضربة كبيرة وخسارة لاتتوقعها ".
واضاف ازاد الذي بدا عليه الحماسة " تركيا تتحجج بوجود عناصر حزب العمال، وهذا غير صحيح لأنها تريد تقويض تجربة اقليم كردستان اولا حتى تستمر بمصادرة حرية الشعب الكردي في دولتها وتضطهدهم وتصادر حقوقهم ".
واوضح ازاد " ستحدث مشكلة كبيرة في تركيا لأنه لايزال هناك أكثر من 2000 مقاتل لحزب العمال داخل الاراضي التركية، وهؤلاء لن يتفرجوا الى جانب المؤيدين لأبو" ( يقصد أوجلان ).
وعن وجود تنسيق مع الحكومة في اقليم كردستان قال ازاد " هناك اتفاق وتنسيق مع حكومة الاقليم بعدم مهاجمة القوات التركية الموجودة اصلا في اراضي الاقليم."
المعادلة الصعبة التي لم يوضحها ازاد هي وجود قوات تركية داخل اراضي اقليم كردستان بالقرب من مواقعم منذ عام 1997، لكنه قال " تركيا تريد تدمير تجربة الاقليم، واتصور ان هذه القواعد ستبقى لفترة طويلة هنا اذا لم تتحرك الحكومة العراقية وتساعدها امريكا."
المنطقة التي تحدث منها ازاد هي اخر نقطة حدودية في قرية نسدورى، وهى قرية مهجورة منذ اكثر من عشرين عاما بسبب عمليات الأنفال.
في هذه المنطقة التقينا المواطن رمضان مير مح (55 عاما) فقال " تركت محاصيلي جراء اخر قصف شاركت فيه طائرات الهيلكوبتروالمدافع قبل ثلاثة ايام، خلال هذا الشهر الحق القصف ضررا كبيرا بنا لأن موسم جني المحاصيل الزراعية قد بدأ."
في هذه القرية التي لايزورها سوى العاملين في البساتين، قال رمضان " حسب ما علمنا من خلال عناصر حزب العمال فان القنابل التي تسقط هنا هي من نوع اوبيس، المانية الصنع، تأتي من نقطة قريبة (يشير اليها بيديه) وبسببها ترك الرعاة المنطقة بعد أن كانوا يرعون فيها الاغنام والماعز."
ومع اخر قصف تركي للمنطقة يومي الاربعاء والخميس التقينا مسؤول الحزب الديمقراطي الكردستاني محمد محسن في قضاء عمادية شمال دهوك، قال " حسب معلوماتنا الى الان، لايوجد أي توغل للجيش التركي الى اراضينا في هذه المنطقة، لكن القصف مستمر".
وفيما اذا كانت هناك مؤشرات لهجوم تركي محتمل قال محسن " ليس لدينا مؤشرات، لكن إذا دخلت تركيا سندافع عن اراضينا، ويجب ان تتحمل امريكا مسؤوليتها لأنها تقود قوات التحالف التي يفترض ان تتحمل مسؤولية الحفاظ على الحدود."

أصوات العراق

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف