إيلاف+

الطبق اليهودي التونسي تمسك بالخصوصية وتميز

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيهاب الشاوش من تونس: حملتني، ذكريات الطفولة، الى مدينة حلق الوادي. مدينة عرفت بالتواجد اليهودي، و بمطاعم "الكاشير". المدينة المطلة على البحر، تبعد عن تونس العاصمة قرابة الخمس كلم. تغيرت المدينة كثيرا، منذ تركتها و أناه طفل، وسكانها تغيروا و هندستها المعمارية. هجرها اليهود في الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي. قلة قليلة بقيت، و آخرون هجروها ثم عادوا، إليها من جديد، يحملهم الحنين حينا، و حب الناس الذين تربوا و ترعرعوا بينهم أحيانا أخرى.

مطعم لولوش
في مدينة حلق الوادي كازينو، يقع مطعم احد هؤلاء العائدين. لولوش جاكوب، على بعد أمتار قليلة من دار المسنين المخصصة لليهود التونسيين.
اليهودي جاكوب صاحب احد المطاعم ولوش، في الخمسينيات من العمر، هو أحد المحافظين على الأكلة اليهودية التونسية، استقبلنا في مطعمه، او كما يصفه، " المطعم المنزل". كانت المفاجأة الأولى، حين اكتشفت انه ليسا مطعما بالمعنى التقليدي.
يقول لولوش" هذا ليس مطعما بالمعنى التقليدي، هو مشروع ثقافي. بإمكانك ان تأتي لتذوق الأكلات اليهودية التونسية، الأصيلة، و الاستماع لبعض الأغاني التي انقرضت او مطالعة بعض الكتب."
في الحقيقة، لا لولوش و لا مطعمه يوحيان بأنه ينتمي الى ديانة أخرى. يذكرك لولوش بالتونسي"الزمني"، صاحب نكتة، و روح مرحة. من" قاع الخابية" كما نقول. المطعم المنزل" بسيط، و منفتح على المطبخ.بعض اللوحات الزيتية، معلقة بإتقان، و لافتة ترحاب باللغات الأربع. العبرية، الإنجليزية، الفرنسية و العربية.

مدخل، مزوق بالأشجار، و هر كبير، تعود على زيارة الغرباء..."مامي ليلي"، والدة لولوش جاكوب، تستند على عكازها خشبي.تسأل عن سبب ارتفاع سعر الثوم، و جودته ، و تعاتب رفيقتها، يهودية من مدينة تستور، جراء ارتفاع سعر الثوم. بدينار عن السعر المعتاد...
و لد لولوش جاكوب في مدينة حلق الوادي، كما والده و جده. سافر إلى باريس و عاد سنة 1996، الى تونس، لينفذ حلمه. مطعم متخصص في الأكلة اليهودية التونسية"كاشير". أكلة يضرب بها المثل في لذتها، التي جعلتها قبلة ليس لليهود التونسيين فحسب، بل للمسلمين كذلك، و السياح.
سألته، لماذا كلما نذكر الأكلة اليهودية، إلا و تكون الإجابة بالمديح و الاطراء، ما الذي يميزها؟

يجيب جاكوب" اولا هناك عامل الثقة. فنحن نأكل الحلال. كما ان الأكلة اليهودية التونسية. استفادت من تلاقح الحضارات، و التزاوج بين اليهود القادمين من اسبانيا او تركيا او غيرها من دول العالم. هذا التزاوج، ساهم في تنوع الأكلات اليهودية التونسية".
و يضرب، لولوش، مثلا للكسكسي المغاربي، و يقول" حين، جاء يهود اسبانيا. الى تونس. وجود الكسكسي. أي المادة الخام. لكن طريقة طهيه. و المواد التي توضع فيه، هي خاصية يهودية. كما ان أكلة " العقد". موجودة في اسبانيا. و كانت تقدم لمصارع الثيران. و هي دليل على فحولة الرجل. لذلك يعتقد الكثيرون ان "العقد" مثير للشهوة الجنسية...".

و يضيف محدثنا" أؤكد ان هذه الأكلات هي، يهودية تونسية خالصة. توجد في تونس. و في بعض المناطق الحدودية مع الجزائر".
و تحظى الأكلات اليهودية باحترام شديد من طرف التونسيين. و غالبا ما يكون تواجد يهودي تونسي في مطبخ احد المطاعم قرين، الجودة، و الامتياز. و يفضل الكثير من التونسيين المطاعم اليهودية، او التي يكون مالكها يهودي.
كما دخل العديد من أكلات يهود تونس، الى مائدة بقية التونسين، "كالبريك"، و المروزية" و المدفونة"...
و بدأ في السنوات الأخيرة الكثير من اليهود في العودة الى تونس، و فتح مطاعم، في المناطق التي تركوها. مثل المرسى و حلق الوادي. و جربة.
ولم يتبق من حوالي 100 ألف يهودي كانوا يعيشون في تونس منذ نصف قرن سوى نحو ألفين استقر أكثر من نصفهم، بجزيرة جربة بعد أن هاجر أغلبهم لاوروبا والبعض الآخر لإسرائيل.
و يزور جربة، كل عام آلاف اليهود للقيام بطقوسهم الدينية في معبد الغريبة،أحد أقدم المعابد اليهودية في إفريقيا.
و لم تسجل السلطات التونسية، أي حادث بين التونسيين المسلمين و اليهود التونسيين.

و يهود تونس، هم مواطنون تونسيون. هم يشددون على ذلك، و يفتخرون بانتمائهم. و لما سألت جاكوب، عن علاقة التونسيين باليهود. كانت أجابته" نحن ايضا تونسيون. اليهودية هي ديانة". اعتذرت. وغيرت صيغة السؤال، " عن علاقة اليهود التونسيين، و المسلمين التونسيين؟"
يضرب جاكوب مثلا لنا عن هذه العلاقة" في الستينات و في السبعينيات، كان قاعة سينما راكس، بحلق الوادي. تفتح ابوابها، خلال أعياد الأديان السماوية الثلاثة. و تعرض الأفلام للأطفال بالمجان. في عيد الفطر و نوال. و عيد الأطفال لليهود او "بوغيم". كل الأطفال و من جميع الديان، كانوا يأتون الى السينما لمشاهدة الأفلام. هذه طريقة في التقريب بين الثقافات و الأديان".

iheb_ch@yahoo.fr

التحقيق منشور في ايلاف دجتال يوم الاربعاء 13 حزيران 2007

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف