الحميمة هل دفنتها الرمال في غفلة الزمن؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الحميمة رغم حضورها في ذاكرة التاريخ.. الا ان الرمال دفنتها في غفلة الزمن
حمد الحجايامن الحميمة: لم يظلم التاريخ "الحميمة" فعرفت بـ"حوراء" الانباط قديما وأنصفها الرحالة العرب في كتبهم ومنها بدأ المؤرخون الكتابة عن الدولة العباسية التي ولدت على مهد ترابها.. في حين نسيها الحاضر من ذاكرة المكان.. فدفنتها الرمال في غفلة من الزمن.
عندما تصوب وجهك نحو الجنوب تقصد الارض البكر.. في رحلة البحث عن "الحميمة القديمة" وقبل ان
ورغم حرارة الشمس التي رافقت صعوبة الطريق في ظهيرة ذلك اليوم الا ان مشهد جبال الحميمة الوردية وهي تطفو بين غمام السراب كسفن مزقت اشرعتها الريح.. خفف على النفس وجعها من سبب تناسي ذلك المكان الذي يحمل كل معاني الارث التاريخي وما يخفيه تحت رماله من كنوز اثرية عز مثيلها وجسدت اكثر من اربع حضارات تعاقبت على ارض الحميمة.
ويوصلك الشارع الفرعي بعد عناء الى مبنى مركز الزوار السياحي.. لكن المفاجأة عندما تكتشف ان هذا المبنى ما زال خاليا من الخدمات كافة..حتى الماء يصبح صعبا في حال عدم وجود احد حراس المبنى.
وبعد تجاوز صدمة مدى تجاهل هذا الموقع من خارطة السياحة الوطنية ومشروعات التنمية السياحية ونقص خدمات البنية التحتية.. تبدأ رحلة الاكتشاف لتلك القرية الأثرية الغارقة في لجة الزمن البعيد تاريخا وحضارة..لكنها للأسف ما زالت مدفونة تحت الرمال..
فتندهش من كثرة المواقع الاثرية التي تمثل مختلف الحقب الزمنية والحضارات التي تعاقبت عليها منذ العصور القديمة مرورا بالعصر النبطي والروماني والبيزنطي وانتهاء بالعصر الإسلامي الذي دخلته الحميمة من أوسع أبوابه..
وتزداد افتتانا بالطبيعة الصحراوية الخلابة وسهولها الرملية عندما تطلق للنظر عنانه ليتوه في فضاء تشكيلات الرمال عند قيعان جبال هبيرة والطوال وام اساور وام شداد اضافة الى جبل الحميمة الذي يبلغ ارتفاعه 1237مترا احتمت بسفحه الشرقي "الحميمة الأثرية" من سطوة ريح المواسم وغطتها سوافي الرمال بأرديتها الناعمة.
وبالرغم من هذا الارث التاريخي العريق الذي تحتضنه الحميمة تحت رمالها من أثار فريدة الا انها لا تزال في طي النسيان وخارج دائرة الاهتمام سواء على مستوى بلدية القويرة الجديدة او الدوائر الحكومية الخدمية التي لم تدرجها على لائحة خدماتها " هذا ما افاد به رئيس جمعية الحميمة السياحية محمد هويمل الشياهين لوكالة الانباء الاردنية.
وقال ان وزارة السياحة لم تقم بترويج منطقة الحميمة الأثرية سياحيا وادراجها على خارطة المواقع الأثرية السياحية وتسجيلها ضمن لائحة خط سير الرحلات السياحية لمنطقة المثلث الذهبي "البتراء العقبة رم ".
مدير سياحة العقبة محمود الهلالات اكد حاجة منطقة الحميمة الأثرية لمزيد من الاهتمام ورفدها بمشروعات التنمية السياحية.
واشار الى ان وزارة السياحة نفذت عدة مشروعات لتطوير الموقع وتحسينه سياحيا وقامت بإدراجها على خارطة المواقع السياحية الا ان موقع الحميمة يحتاج الى خدمات البنية التحتية لتصبح جهود ترويج المنطقة سياحيا فاعلة في حال توفر خدمات ادامة بقاء السائح في الموقع مثل الاستراحات والمخيمات السياحية.
وقال انه تم ادراج الموقع ضمن المناطق السياحية التابعة لمنطقة العقبة الاقتصادية الخاصة ومثلث السياحة الذهبي" shy;البترا- العقبة- رم " مشيرا الى ان هناك ترتيبا لإقامة مخيم سياحي دائم بالتنسيق مع الجهات المعنية خلال الاشهر المقبلة كخطوة أولى في ترويج المنطقة سياحيا.
وبين مدير السياحة ان الوزارة قامت بتنفيذ مكرمة جلالة الملك بإنشاء مركز زوار الحميمة وتزويده بالتيار الكهربائي بواسطة الطاقة الشمسية..لكن عدم توفر خطوط توصيل المياه اضطر الوزارة لتزويد الموقع بالمياه بواسطة الصهاريج الى المركز اسبوعيا.
ودعا الشركات والمكاتب السياحية الى القيام بدورها في ترويج منطقة الحميمة الاثرية من خلال إدراجها ضمن خط سير الرحلات السياحية في جنوب الأردن ومنطقة رم.
وحول دور الشركات ومكاتب السياحة في ترويج الحميمة الاثرية سياحيا اوضح مدير مكتب البدوية السياحي اسماعيل الهلالات _ صاحب فكرة ترويج البترا سياحيا من خلال برنامج البترا في الليل _ ان منطقة الحميمة الاثرية بحاجة الى توفير الخدمات السياحية وإدامتها في الموقع الذي يحتاج الى انشاء وتحسين البنية التحتية من مياه وكهرباء وطرق ومخيمات سياحية وترميم جميع المواقع الاثرية الهامة التي تزخر بها المنطقة لتتمكن هذه المكاتب من تفويج الرحلات السياحية الى المنطقة.
وبين ان عدم تنظيم العمل السياحي في مناطق لواء القويرة من خلال تقسيم المناطق السياحية بين الجمعيات السياحية العاملة في كل منطقة على حدة حرم الكثير من المناطق ومنها الحميمة من التشارك في منافع العوائد السياحية التي تستفيد منها مناطق محدودة فقط.
وطرح الهلالات فكرة دمج الجمعيات السياحية العاملة بمناطق القويرة من خلال هيئة تنظم العمل السياحي على أسس عادلة وواضحة توزع من خلالها العوائد السياحية على جميع هذه المناطق.
بدوره أشار نائب رئيس جمعية الحميمة السياحية حسين محمد الجراميه الى ان دائرة الاثار العامة لم تتابع عمليات التنقيب والترميم التي بدأتها منذ عدة سنوات وتوقفت دون اكمال اعمال الحفريات والتنقيب عن كنائس بيزنطية ورومانية قديمة كشفت عنها فرق التنقيب عن الاثار اضافة الى توقف عمليات الترميم لقطع الفسيفساء وابراج الحماية للحصن العسكري الروماني القديم.
وطالب بضرورة رفد مركز زوار الحميمة السياحي بالاثاث واللوازم والخدمات الادارية التي توفر الراحة لزوار الموقع مثل استراحات تقديم الطعام والشراب واروقة لعرض المنتجات السياحية المحلية كما طالب باقامة معرض للاثار في المركز واعادة اللقى الاثرية التي عثر عليها في موقع الحميمة الى مركز الزوار.
مفتشة اثار العقبة سوسن الفاخري اوضحت ان دائرة الاثار العامة هي اول من قام بالتنقيب في الحميمة الاثرية وكشفت بالتعاون مع البعثات الاثرية الاجنبية والمحلية اغلب الاثار الموجودة في الموقع.
وبينت ان الدائرة قامت منذ عام 1989 ولغاية نهاية عام 2006 باعمال ترميم عديدة في الموقع منها ترميم خزانات المياه النبطية والقصر العباسي والمسجد والبيوت الرومانية والكنائس البيزنطية والرومانية التي تم اكتشاف سبع منها..اثنتان منها لها ارضيات فسيفسائية تم طمرهما للحفاظ عليهما من العبث لكون المنطقة مفتوحة وغير مسيّجة.
وقالت انه تم ترميم جزء كبير من الجدران الخارجية للمعسكر الروماني في الواجهة الشرقية والجنوبية وهناك خطة لترميم الجزء المتبقي في العام المقبل في حال توفر تمويل لتنفيذ المشروع.
واشارت الفاخري الى ان الدائرة قامت باعمال صيانة وترميم في الموقع الاثري خاصة ازالة الاتربة والرمال التي كانت تدفن اغلب المواقع ومنها مشروع صيانة وترميم اكبر بركة مياه نبطية في الموقع والتي تجمعت بها كميات من المياه التي يستفيد منها اهالي المنطقة في سقاية مواشيهم ومزروعاتهم.
واشتكى عدد من اهالي المنطقة من تأخير ضم منطقة الحميمة الاثرية وقرية العباسية الى حدود تنظيم بلدية القويرة الذي اصبح اهم عائق امام شمول المنطقة بخدمات البنية التحتية ومشروعات التنمية.
وطالبوا بضرورة إعادة أنشاء الشارع القديم الذي يوصل للمنطقة الأثرية وحاجته للتوسيع وفرشه بخلطة إسفلتية ساخنة وإنشاء جسور وعبارات لتصريف مياه السيول في موسم الشتاء التي يصبح الوصول اليها صعبا لانقطاع الطريق.
وعن اسباب تأخير شمول منطقة الحميمة الاثرية ضمن حدود تنظيم بلدية القويرة بين رئيس البلدية المهندس سميح ابوعامرية ان المنطقة وقرية العباسية المجاورة لها ما زالتا خارج حدود تنظيم البلدية لذلك لا تستطيع البلدية تقديم خدماتها لكون التعليمات والأنظمة المعمول بها لا تسمح بذلك بالرغم من حاجة هذه المناطق لجميع خدمات البنية التحتية.
وأشار الى ان صاحبة الولاية القانونية لإدخال تلك المناطق ضمن حدود تنظيم البلدية هي سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة وهي التي تقرر بشأنها.
مفوض شؤون البنية التحتية والاستثمار في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة المهندس صالح الكيلاني اكد تبعية الحميمة الأثرية والعباسية تنظيميا للمنطقة الخاصة.
وبين ان منطقة العقبة الخاصة تعمل حاليا على تحديث مخططات التنظيم لمناطق ضمن حدود تنظيم بلدية القويرة بناء على قانون مخططات استعمالات الاراضي الذي صدر مؤخرا وسيتم دراسة امكانية ادخال تلك المناطق ضمن حدود التنظيم حسب اسس وتعليمات هذا القانون مع الاخذ بالاعتبار اهمية المنطقة الاثرية والتاريخية والسياحية وحاجتها الى خدمات البنية التحتية والمشروعات التنموية.
وبين الكيلاني ان هناك مسؤولية تنموية واجتماعية لجميع مناطق بلدية القويرة توليها السلطة اهتمامها وتبذل جهودها من اجل تنمية تلك المناطق وتطويرها الى مستوى افضل من خلال مشروعات البنى التحتية والخدمية والسياحية والزراعية التي تعمل السلطة على دعمها للنهوض بالحياة الاجتماعية للمواطنين وتحسين مستواهم المعيشي.
مدير شؤون اقليم القويرة في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة المهندس جمال ابو السمن اكد ان العمل يجري حاليا على تحديث المخططات لقرى الحميمة ودبة حانوت والعسيلية وسيتم المباشرة بتحديث مخططات التنظيم في تلك المناطق خلال الشهر المقبل.
واشار الى انه من الممكن شمول منطقتي الحميمة الاثرية والعباسية في مخططات التنظيم الجديدة في حال أوصت تقارير دراسة تحديث وتوسيع حدود التنظيم بادخالهما لحدود التنظيم وفي حال ضمها سيصار الى تنفيذ مشروعات البنية التحتية والتنموية للمنطقتين.
وتذكر كتب التاريخ ان الحميمة هي الارض التي عشقها الملك النبطي "الحارث الثالث " الذي حكم من تاريخ 67 - 62 ق.م وشيد فيها اجمل مدينة ومركزا تجاريا هاما على الطريق التجاري واطلق عليها اسم " الحوراء" والتي تعني بالارامية والعربية " الارض البيضاء " حسب كتاب الدعوة العباسية والعصر العباسي الاول للدكتور صالح حمارنة.
ودلت المصادر التاريخية والتنقيبات الاثرية على ان اكبر مشروع للحصاد المائي الزراعي كان في منطقة الحميمة الذي زوده الانباط بالمياه عبر قنوات حجرية من الينابيع المجاورة حسب ما ذكر الاستاذ في قسم الاثار في جامعة اليرموك الدكتور زيدون المحيسن في احد ابحاثه.