جثة طافية في برنامج متفائل بتلفزيون عراقي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: تجاذب مقدمو برنامج "صباح الخير يا عراق" أطراف الحديث بشكل ودي أمام خلفية طبيعية لنهر دجلة ببغداد. وفجأة ظهرت للعيان جثة طافية.
ومثل هذه البرامج شائع في الغرب حيث تضم مزيجا من أحاديث المشاهير والتسلية وفقرات مبهجة متعلقة بأساليب الحياة خاصة بالصحة والطهي مع أقل القليل من الاخبار.
وتبث قناة العراقية الرسمية البرنامج الذي أنتجته في الاساس قناة لبنانية لمدة ساعتين على مدى ستة أيام في الاسبوع منذ ثلاثة أعوام مضت لتقدم للعراقيين استراحة قصيرة من وجبة الموت والدمار اليومية.
وأضاف "نريد صرف انتباههم عما يجري في العراق. نحاول امتاعهم بتلك البرامج الخفيفة."
ويواجه تصوير مثل هذا البرنامج في العراق مجموعة فريدة من العوائق مثلما وجد المنتجون عندما ظهرت الجثة الطافية خلال تصويرهم للنهر الذي يخترق قلب بغداد والذي يعد مكانا شائعا لالقاء الجثث يستخدمه الخاطفون والمسلحون.
وتم قطع التصوير بشكل سريع وأنيق والعودة الى الاستوديو بعيدا عن الجثة وهي لواحد من بين عشرات الالاف من العراقيين الذين قتلوا في دائرة من العنف الطائفي المتواصل بالبلاد وتابع مقدمو البرنامج عملهم وكأن شيئا لم يكن.
وقال حبيب محمد مساعد المنتج الفني "لا نريد بث العنف والدمار. الشوارع العراقية شيء ونحن شيء آخر."
وتابع "الصباح يحتاج الى تفاؤل."
وقد يكون الرنامج متسما بالبساطة مقارنة مع المعايير التي وضعتها برامج أمريكية مشابهة ناجحة غير أنه يقدم صورة مصغرة للغاية للحياة في العراق حيث دمر اقتصاد الدولة القائم على النفط بسبب سنوات من العنف والقمع في ظل نظام الرئيس الراحل صدام حسين والعقوبات الاجنبية.
ويقول منتجو البرنامج انهم يحاولون أن يظهروا لباقي العالم أن الحياة الطبيعية لا زالت تمضي في العراق رغم الخطر وحظر التجول وامدادات الكهرباء والمياه المتقطعة.
ومطبخ فراس بدائي بالنسبة لمعايير البرامج المشابهة في الغرب. فبعض الاطباق مكسورة كما لا توجد أدوات كهربية بما فيها الميكروويف والمكونات التي لا تنتج في العراق. غير أنه لا يزال يحلم بجمهور في أنحاء العالم.
وقال فراس "الجميع يخشون الظهور على التلفزيون.. لكني أحب ذلك.. لدي طموح لتطوير نفسي والوصول إلى العالمية."
وتابع يقول "تلقيت رسائل كثيرة عبر البريد الالكتروني من الخارج تطلب عمل هذا النوع أو ذاك من الطعام."
والخطر موجود في كل مكان حتى بالنسبة لأولئك المشاركين في مثل تلك البرامج التي تبدو بسيطة مثل "صباح الخير يا عراق".
والعاملون في مجال الإعلام مستهدفون على نحو متكرر في العراق الذي يعد أخطر مكان في العالم لعمل المراسلين وهناك دوما مخاطر الوقوع وسط أعمال عنف لا تميز مثل التفجيرات الانتحارية التي عادة ما يلقى باللوم فيها على تنظيم القاعدة.
وقال محمد "كنا في أحد الأيام نصور جسر الأحرار في وسط بغداد عندما انفجرت سيارة فوق الجسر. قطعنا البث الحي على الفور وواصلنا تقديم فقرات أخرى."
وبسبب مخاطر التصوير في الخارج ببغداد يعتمد البرنامج على التصوير في مناطق أخرى أقل اضطرابا مثل بابل وذي قار وأربيل في فقراته التي تصور جانبا من الحياة الواقعية.
وقال مخرج البرنامج حسين طاهر إن المصورين يتعرضون دائما لإطلاق النار كما تصعب الشرطة دائما عملهم بسؤالها عن تصاريح التصوير.
ويحرص البرنامج أيضا على عدم المساس بالمشاعر الدينية.
ففي الفقرة الخاصة باللياقة البدنية ترتدي الشابات ملابس رياضية طويلة محتشمة خلال التمارين التي عادة ما يؤدينها تحت النخيل أو بجوار حمام للسباحة.
وهذه الفقرة هي إحدى أكثر فقرات البرنامج شعبية على الإطلاق في وقت تضطر فيه حالة الانعدام الامني في بغداد الكثير من العراقيين إلى البقاء داخل منازلهم وتخوفهم من متابعة رياضات تمارس في مناطق مفتوحة مثل كرة القدم والسباحة والمشي على ضفتي نهر دجلة.
غير أنه في الوقت الذي يحاول فيه المنتجون ومقدمو البرامج إعطاء صورة بديلة للعراق إلا أن شريط الأخبار في أسفل الشاشة هو تذكرة قاسية بواقع العنف في الحياة العراقية.