إيلاف+

السيارات وليس الحرب قد تدمر مآذن أفغانستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

السيارات وليس الحرب قد تدمر مآذن تاريخية بأفغانستان

مارك بندايش من هرات (أفغانستان): ظلت صامدة خلال ثلاثة عقود من الحروب غير أنها تواجه خطر الانهيار بسبب حركة المرور... إنها المآذن الخمس الأخيرة الباقية من العصور الوسطى في هرات والتي تتحول ببطء الى تراب.

هذه المآذن هي كل ما تبقى مما كان يوما تحفة فنية ومعمارية وهو مجمع إسلامي للتعليم والصلاة مزخرف بشكل رائع على طريق الحرير في غرب أفغانستان.

المآذن الخمس الأخيرة الباقية من العصور الوسطى في هرات في صورة أرشيفية وقبل أكثر بقليل من قرن كانت أكثر من 12 من تلك المآذن تطل على مدينة هرات القديمة حيث كانت جزءا من مجمع إسلامي يضم مدرسة ومسجدا بني في القرن الخامس عشر على يد زوجة ابن الامبراطور المغولي الغازي تيمور.

إلا أن الحرب والإهمال أطاحا منذ ذلك الحين بأغلب تلك المآذن المصنوعة من الطوب اللبن ذات اللون البني الفاتح والتي كانت مكسوة يوما بالفسيفساء ذات الألوان الزرقاء والخضراء والبيضاء والسوداء وبلغت ارتفاعاتها أكثر من 30 مترا حيث كانت تسطع في الصحراء.

غير أنه بعدما أطاحت القوات التي تقودها الولايات المتحدة بحركة طالبان من السلطة في أفغانستان في عام 2001 عاد قدر من السلام والرخاء الى هرات وهناك آمال في إمكانية الحفاظ على تلك المآذن.

غير أن هناك مشكلة واحدة كبرى.. إنها المرور.

فالشاحنات والسيارات تمر عبر طريق مزدحم وسط مجموعة المآذن المتبقية وترج الأرض مرسلة هزات عبر أساساتها.

وهناك مخاوف من أنه إذا لم يتم إغلاق هذا الطريق فقد تنهار أو تتهاوى أي من تلك المآذن خلال السنوات والعقود القادمة.

وتعاني إحداها بالفعل من ميل خطير.

وقال أيام الدين أجمل الذي يدير مكتب الآثار التاريخية التابع لوزارة الثقافة في هرات "حاولنا خلال السنوات الخمس الماضية غلق الطريق المار بالقرب من المآذن. نجحنا لحسن الحظ وأغلقنا الطريق.. (ولكن) لفترة قصيرة."

وأضاف أن السكان اعترضوا كما تراجعت الحكومة الإقليمية التي كانت غير قادرة أو مستعدة للاستثمار في تحويل مسار الطريق.

وأعيد فتح الطريق.

وقال أجمل الذي يعمل في مكتب صغير في أحد كنوز هرات الأخرى هو مسجد الجمعة "الحكومة ملتزمة أيضا بالحفاظ على المآذن.. لكننا لا زلنا نلحظ أنها لم تغلق الطريق."

وقدمت الحكومة الأفغانية مدينة هرات القديمة بما فيها المآذن كمرشحة للإدراج ضمن مواقع التراث العالمي. ومن شأن ذلك أن يضع هرات في نفس مرتبة سور الصين العظيم والأهرامات في مصر والاكروبول في أثينا.

وتؤيد الحكومتان المركزية والإقليمية نظريا غلق الطريق للحفاظ على المآذن غير أنه لا توجد في الواقع إرادة سياسية كافية لعمل ذلك.

وقال بريندان كسار وهو مستشار ثقافي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) وهي الهيئة التابعة للمنظمة الدولية التي تعمل مع الحكومات الوطنية للمحافظة على المواقع ذات الأهمية الثقافية العالمية إن الطريق لم يظل مفتوحا فحسب وإنما جرى توسيعه بالفعل خلال السنوات القليلة الماضية.

وأضاف كسار بمكتب اليونسكو الصغير في كابول "يجب أن يكون هناك نوع من الإرادة للحفاظ على التراث.. نوع من التعبير عن الاهتمام بأن هذا هام للتراث الثقافي لأفغانستان وبالتالي للتراث العالمي."

ومدينة هرات القديمة بالفعل على القائمة المؤقتة للانضمام الى قائمة اليونسكو الخاصة بمواقع التراث العالمي.

وقد يسهم وضعها بشكل نهائي على القائمة في ضمان المزيد من التمويل للحفاظ على آثار هرات ووضع المدينة على الخريطة السياحية.

غير أن كلا من أجمل وموظفي اليونسكو في كابول يقولون إن السلطات المحلية تضر بصورة المدينة القديمة ليس فقط برفضها غلق الطريق الذي يمر وسط المآذن وإنما أيضا من خلال سماحها بأعمال تطوير غير محكومة بضوابط.

وبالمقاييس الأفغانية تعد هرات مدينة مزدهرة وهو ما يرجع إلى حد كبير إلى التجارة المنتعشة عبر الحدود القريبة مع ايران والتي تبعد أقل من ساعتين بالسيارة عبر طريق سريع مغلق.

وتطل على المدينة القديمة مبان جديدة من الزجاج والخرسانة تتحدى هيمنة المآذن على الأفق لأول مرة منذ ستة قرون.

وقال أجمل "بنيت كثير من المباني العالية في مدينة هرات وهو ما ينافي قواعد اليونسكو... ينبغي ألا يتجاوز ارتفاع المباني داخل هرات (القديمة) سبعة أمتار."

وعلى جانب الطريق المؤدي الى المئذنة المائلة يوجد مبنى حديث يتجاوز ارتفاعه بالفعل سبعة أمتار بكثير.

والمئذنة نفسها معززة بدعامات لحمايتها على ما يبدو من الانهيار الوشيك على الطريق. وليس ذلك سوى إجراء مؤقت لحين غلق الطريق وإلى أن يتسنى تأمين الموقع بأكمله لأعمال الحفاظ عليه والأعمال الاثرية.

وهناك ثقب واسع قرب منتصف المئذنة يكشف عن الدرج بداخله وهو ما خلفه هجوم بصاروخ أو بالمدفعية في الثمانينات عندما كان المحتلون السوفيت يقاتلون المجاهدين.

وتواصل وزارة الثقافة واليونسكو العمل بخصوص التقدم للحصول على وضع موقع تراث عالمي وتقول اليونسكو إنها تقدم أكثر من 360 ألف دولار هذا العام فقط من تمويل نرويجي لأعمال المحافظة على المدينة القديمة.

غير أنه اذا لم تتمكن السلطات الافغانية على المستوى المحلي أو الوطني من غلق الطريق أو فرض قانون للبناء فان اليونسكو تشكك في التزام تلك السلطات في حماية تراثها الثقافي رغم المزايا الاقتصادية المتمثلة في خلق عامل جذب سياحي.

وقال كسار "هذا موقع تاريخي يمكن أن يساهم في أقوات الناس لعقود قادمة.. إنه (يوفر) وظائف."

لقراءة تحقيقات اخرى في ايلاف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف