إيلاف+

نساجو الساري الحريري بالهند يواجهون مستقبلا قاتما

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

جوناثات الان من فاراناسي (الهند): يقضي شيواجاتان راجبهار أيامه في نسج زهور فضية وذهبية تزين قماش الساري الهندي التقليدي المصنوع من الحرير المنتقى بعناية مستعينا بنول يدوي بسيط في كوخه الطيني.

والساري من أقدم الأزياء التقليدية في الهند وهو ثوب ثمين لاغنى عنه في جهاز العروس الهندية ومتى تم الانتهاء من صنع الساري على النول اليدوي يباع بمبلغ يفوق بمرات كثيرة الدخل الشهري لراجبهار.

وشهرة مدينة فاراناسي في شمال الهند بصنع الساري بواسطة النول توازي شهرة دارجيلينج في الشاي. لكن على الرغم من إنتاج بعض أنواع الساري التي تحظى بأعلى إقبال على اقتنائها في شبه القارة الهندية والتي يقول النساجون إن عددها يتراوح بين 200 الف و500 ألف قطعة فإنهم يؤكدون أنهم لم يتمتعوا بالثراء قط.

وحاليا مع إغراق السوق بأنواع زهيدة الثمن مصنوعة آليا من أثواب الساري أصبح النساجون أكثر فقرا عن ذي قبل وتحول بعضهم إلى الزراعة أو العمل اليدوي بينما لجأ آخرون الى التسول كملاذ أخير.

ووضع النساجين يماثل وضع ملايين الهنود الذين تجاوزتهم قوى السوق حتى مع تمتع أجزاء من المدن الكبرى برخاء متزايد بسبب اقتصاد مزدهر.

وفي التسعينيات من القرن الماضي أصبح استخدام النول الآلي شائعا على نحو متزايد وينتج عدة أثواب من الساري في اليوم الواحد وهي نفس المدة التي يحتاجها شخص مثل راجبهار لينسج فقط أول ياردة (حوالي 90 سنتيمترا) من الساري الكلاسيكي الذي يبلغ طوله ستة أمتار على نوله الخشبي خيطا بعد خيط.

وأغرقت الأثواب الصينية المقلدة المصنوعة آليا الأسواق في السنوات الأخيرة ويبيعها عادة التجار غير الأمناء على أنها أصلية.

ويقول نساجو فاراناسي إنه ليس بمقدورهم المنافسة ومن ثم أطبق الصمت على آلاف الانوال.

ويتذكر موني ديفي الذي يعيش في قرية جاوراكالا التي كان بها ذات يوم نحو 100 نول يدوي "بدأوا في الإقفال ببطء. واحدا او اثنين في كل مرة."

وحاليا لا يوجد سوى اثنين يعملان.

وكثير من الأنوال الأخرى استخدمت في نيران المدفأة. والخنادق التي حفرت في أرضيات منازلهم لوضع بدالات الأنوال تمثل حاليا قبورا ضحلة.

وفي السابق .كانت العائلات متى كسبت الكثير يمكنها بناء بيت قوي من طابقين.. كبير وفقا لمعايير القرية الهندية.

لكن هذه الأيام يتخلى الحرفيون الذين كانوا فخورين بأنفسهم ذات يوم عن مهنتهم بحثا عن النقود ويستأجرون الأرض لزراعتها.

ويشير لينين راجوفانشي من جماعة دعم محلية صغيرة (بي.ف.سي.اتش.ار) الى ان كل النساجين تقريبا إما من الهندوس من طبقة اجتماعية متدنية او من الاقلية المسلمة في الهند وهي جماعات تتعرض غالبا للتهميش ومعظمهم أميون.

وجماعته تريد من الحكومة ان تمضي قدما فيما يتعلق باقتراحها بطرح علامة أصلية لمنتجات النول اليدوي حتى يحصل النساجون على ثمن أكثر عدالة عند بيع ثوب الساري شديد الجاذبية في الاسواق.

ولحين حدوث ذلك اذا لم يكن بمقدورهم كسب الرزق من نولهم اليدوي سيلجأ النساجون الى وظائف أقل شأنا مثل قيادة الريكشا (عربات صغيرة) او بيع الخضروات او العمل في الطرق او التسول.

وفي السنوات القليلة الماضية مات حوالي 50 طفلا وبالغا من عائلات تعمل في النسج جوعا او قتل بعضهم نفسه بدلا من تحمل الفقر الشديد وفقا لتقرير (بي.ف.سي.اتش.ار). وليس لدى الكثير منهم بطاقة الحصص الحكومية التي يحصل عليها الفقراء ويمنحون بموجبها تخفيضا او يحصلون على طعام مجاني.

كما ان السل الرئوي شائع ايضا. وحالة والدي إقبال خان (15 عاما) اللذين يعملان على النول حالة نموذجية..فقد ذهبا الى قبريهما وهما لا يعرفان ان بمقدورهما الحصول على عقاقير مجانية كان يمكن ان تنقذ حياتهما من الحكومة.

ولدى خان حاليا المرض الذي جعله يتيما وينام معظم اليوم بينما تتحمل وطأة العبء الاضافي للعمل على النول اليدوي أخته (8 سنوات) مع عمتيها.

وتتحدث راماوتي راجبهار مثل كثير من النساجين عن فقرها وجوعها بنوع من السخرية.

اما الأطفال الذين يلعبون بين الأكواخ الطينية تبدو عليهم السعادة حتى بعد ان حول سوء التغذية شعرهم الأسود الى الأسمر المصفر وترك جلدهم جافا بصورة بادية.

ويشغل نولان يدويان عتيقان معظم مساحة منزل راجبهار المؤلف من غرفة واحدة في باجوا نالا. وتعمل حاليا كعاملة مؤقتة في مواقع بناء. واذا حصلت على عمل في الصباح تتقاضى 60 روبية (1.50 دولار) تأخذها الى منزلها في المساء.

ويمكنها إطعام أطفالها بصحن او اثنين من الارز فقط وبعض الخبز كل يوم. وفي بعض الاحيان لا يحصلون على شيء.

وتساءلت راجبهار "أخبرني ماذا سأفعل بمئة روبية.. هل أنفقها على الخبز أم على الدواء او تعليم اطفالي." وقالت إن ابنتها الكبرى على وشك أن تصبح عاملة غسل أطباق بدوام كامل.

وأضافت وعيناها محتقنة من فرط الإجهاد "يحدوني أمل ضئيل بشأن المستقبل."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف