إيلاف+

11 سبتمبر من وجهة نظر ايرانية معارضة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نزار جاف من بون: لم يکن يوم 11 سبتمبر من عام 2001 مجرد يوم عادي، بل کان يوما إستثنائيا هز العالم برمته و طعن الولايات المتحدة الامريکية طعنة نجلاء في الصميم بحيث مرغ کبرياءها في وحل مازالت عالقة فيه و تعاني الامرين من تداعياته. وقد طرحت العديد من التفاسير و التحليلات المختلفة و المتضاربة لهذه الحادثة رأت البعض منها أن هذه الکارثة لم تکن إلا مجرد"سيناريو" قامت بإعداده و تنفيذه واشنطن بنفسها من أجل فرض هيمنتها بصورة أکبر و أقوى على العالم، وليس هذا فحسب وإنما يستطردونو يؤکدون إن الحرب ضد الإرهاب الذي أعلنته امريکا، ليست سوى ستار وهمي لحرب"غير واضحة"و"أميبية"تمرر من خلالها کافة مشاريعها و خططها الخاصة بفرض أبجديات هيمنتها و نفوذها على العالم و يدعي أصحاب هذا الرأي أن واشنطن لکي تستمر بفرض نفوذها على العالم کانت بحاجة لمبررات و مسوغات متعددة لکي تدق"أوتاد"نفوذها هنا و هناك ولم يکن هناك من مبرر و مسوغ أفضل من سيناريو 11 سبتمبر. لکن هناك أيضا آراءا مضادة لهذا الرأي وترى في 11 سبتمبر بمثابة"ثورة للفقراء" و إتنتفاضة إستثنائية لليائسين الذين لم يجدون بدا من جعل شمشون بمثابة قبس و منار لهم و طالما إن خير هذا العالم هو للغرب و الولايات المتحدة الامريکية بوجه خاص، فلم لا يقومون بجعل عاليها سافلها"عليهم و على أعدائهم"!! والامر الذي يقض المضجع الامريکي، هو أن"کواعب أترابا"و"کأسا دهاقا" و جنة وصفها رسول الاسلام(ص)"ما لارأته عين و لا سمعته أذن و لاخطر على بال بشر"، تمثل الحافز"العقائدي"الاهم والاقوى الذي يدفع الانسان المسلم للتضحية بنفسه على درب الجهاد الذي يمثل رکنا أساسيا من أرکان الدين الاسلامي.
وقطعا کانت هناك آراء أخرى جمعت شيئا من هذا و شيئا من ذاك، و حاولت الخروج برأي توافقي يعطي تفسيرا منطقيا للکارثة.

أسامة بن لادن... أسطورة العصر!
يذهب الکثيرون الى أن واشنطن تقوم "بصنع و إعداد"أعدائها مثلما تقوم بنفس الامر بالنسبة لأصدقائها و حلفائها، و يزعم أصحاب هذا الرأي من أن أمريکا قد نفذت مثل هذه"الصيغة"في العراق من خلال"صدام حسين" الذي کان بمثابة الجسر الحيوي الذي عبرت على"طيشه و نزقه"السياسي الولايات المتحدة الى المنطقة بصورة لم تشهد المنطقة نظيرا له من قبل، کما يرى أصحاب هذا الرأي أن النظام السياسي في إيران أيضا هو عدو آخر قامت أمريکا بإعداده بصورة غير مباشرة و دفعه الى الزوايا التي تبتغيها وفق سيناريوهات المواجهة و تسخين الجبهات، بالاضافة الى سوريا و کوريا الشمالية، لکن العدو الاهم الذي دخلت أمريکا من خلاله"جوهر اللعبة"لم يکن سوى نظام حکم طالبان و حليفها الاستراتيجي منظمة القاعدة اللذين و مع إکتساح القوات الامريکية لأوکارهما و إنهاء نفوذهما في أفغانستان قبل بضع سنين، فإنهما و في هذه السنة تحديدا قد أثبتا لعالم أجمع إنهما مازالا في"وضعية"تؤهلهما لمزيد من المجابهة و"الجهاد ضد"أعداء الله و المسلمين" و مازال زعيم حرکة طالبان"الملا عمر"بطلا أفغانيا تحتضنه الاوساط الافغانية و توفر له الملاذ الآمن بکل مودة و إيمان، أما أسامة بن لادن زعيم القاعدة فقد صار رمزا أکبر بکثير من سابق عهده فهو بالاضافة الى وضعه في خانة"العدو الدود"رقم واحد لأقوى دولة في العالم، فقد بات يمثل رمزا دينيا ذو صبغة قومية مثلما بات بمثابة الاسطورة التي عجزت أقوى الجيوش و کافة الاجهزة الاستخبارية في العالم من الوصول إليه و تبعا لذلك فقد صار بطلا لايقهر بحق في نظر غالبية الشارع العربي و الاسلامي.

القصة أطول و أکثر عمقا.. وجهة نظر معارض ايراض ايراني
ولتسليط المزيد من الاضواء على حادثة 11 سبتمبر و الظروف التي أحاطت بها، إلتقت"إيلاف" د. سنابرق زاهدي رئيس لجنة القضاء في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية و سألته عن رؤيته للجذور الحقيقية لحادثة 11 سبتمبر، فأجاب:" يكفي مضي ست سنوات على مأساة 11 ايلول 2001 ان نلقي نظرة عميقة الي جذور ذلك الحدث الذي هزّ العالم.

وكانت المقاومة الايرانية قد نشرت عام 1993 كتابا بعنوان "التطرف الاسلامي، التهديد العالمي الجديد". وقدشرح المؤلف السيد محمد محدثين رئيس لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، انه بعد انهيار المعسكر الشيوعي وبعد فشل القومية العربية في العالم وفي منطقة الشرق الاوسط، جائت ظاهرة التطرف الديني لتملأ هذا الفراغ الهائل. ولم يأت هذا الفهم من تعاقب التطورات من الصدف، بل كان نتيجة حوالي عشرين عاماً من النضال الدؤوب والحرب الضروس بين المقاومة الايرانية وبين هذا التيارالمتطرف الذي وصل الي السلطة في ايران عام 1979. لكن مع الاسف ا لشديد لم تأخذ الاطراف المعنية هذه التجربة مأخذ جد، وكثيرون كانوا يقولون انكم تقولون هذا الكلام لانكم تعملون كمعارضة للنظام الحاكم في ايران ونظرتكم هذه تنبع من هذا الواقع. لكن احداث 11 ايلول عام 2001 جاءت كضربة صاعقة على آذان العالم. ويبدو ان قتل حوالي اربعة آلاف شخص كان الثمن لدفع العالم نحو التعرف ان مرضا قاتلا اصيب بالكائن البشري.

وفي تقويم ما حدث قبل ست سنوات في الولايات ا لمتحدة عمد الكثيرون في تعتيم الواقع التاريخي الذي كانت تلك الاحداث المؤلمة وليدته الجديدة، ولاول مرة، على ارض القوة العظمي الاوحد في العالم. لانه لاشك ان هذه الاحداث تركت اثرا كبيراً جدا علي مجمل التطورات في العالم بحيث يمكن القول بانها اصبحت اكبرمنعطف تاريخي بعد الحرب العالمية الثانية.

لكن السؤال هو: من اين جاءت هذه الاحداث؟ هل كان ثمرة افكار بن لادن وبعض المنفذين لافكاره؟ ام كانت القصة اطول واكبرعمقا من ذلك؟


في بحثنا عن التطرف الديني نرى ان هذه الظاهرة ليست ظاهرة جديدة في اصلها، بل كانت موجودة منذ بدايات العصر الاول الاسلامي وحتي يومنا هذا. من جهة اخرى لاشك ان الدين الاسلامي بمختلف فروعه من السنة والشيعة كانت موجودة خلال قرون مضت وان المنتحلين بهذ الدين تجاوزوا مليار شخص منتشرون في ارجاء المعمورة. فالسوآل البسيط هو هل كان الاسلام نفسه هوالتطرف ؟ والجواب بكل بساطة لا. فمن اين جاءت هذه ا لظاهرة؟ الجواب هو ان هذه الظاهرة كانت موجودة في بعض الدول العربية والاسلامية بشكلها المذهبي واحيانا بشكل سياسي ايضاً. لكن كانت الظاهرة محدودة ومعزولة ومحدودة الابعاد. ولم تكن مؤثرة في المعادلات السياسة الكبيرة في العالم.


.....حتي جاء رجال الدين في الحكم في ايران عام 1979. انهم استفادوا من ايران بكل ما يحمله هذا البلد من الحضارة التاريخية ومن المصادر الاقتصادية والبشرية والموقع الاستراتيجي وغيرها من العوامل لتصدير سلعتهم الي مختلف الدول العربية والاسلامية، مع انهم كانوا عاجزين من تلبية ابسط مطالب الشعب الايراني، لكنهم وضعوا "تصديرالثورة" اساس سياستهم الخارجية ودوّنوا دستورهم علي هذا الاساس. فلم يكن من الصدفة ان بعد عام ونصف من مجيئهم الي الحكم بدأت الحرب الايرانية العراقية، كما انه بعد اقل من عامين ونصف بدأت حملة الاعدامات الجماعية ضد المعارضين وضد مجاهدي خلق، وبعد اقل من ثلاث سنوات اسسوا اول حزب عضو وتابع لهم في لبنان، وقاموا بعمليات تفجير في الدول المجاورة، حيث فجروا مقر المارينز الامريكيين في بيروت ومقري السفارة الفرنسية والامريكية هناك. وقدصرح جواد رفيق دوست وزير الحرس في عام 1991 ان التفجير الذي حصل في مقر المارينز الاميركيين في بيروت جاء بفعل العقيدة والمتفجرات التي نقلت كلتاهما من طهران الي بيروت.(صحيفة رسالت2 تموز1991). كما ان تفجير الطائرات الكويتية وقتل المسافرين، وارسال المتفجرات الي جدة عام 1986، واثارة الفوضي في رحاب بيت الله الحرام عام 1987، وقتل الدبلوماسيين السعوديين في تايلندا وفي تركيا و... وقتل الاميريكيين في لبنان وتفجير ابراج خوبر عام 1996 في مدينة دهران السعودية و اغتيال المعارضين الايرانيين في مختلف الدول... ومحصلة حوالي 450 عملية ارهابية خارج ايران كانت الارضية الخصبة والتمهيد لاحداث 11 ايلول في امريكا وما تبعها من العمليات الاجرامية في مادريد وفي لندن وغيرها. كما ان محسن رضائي القائدالعام السابق لقوات ا لحرس والمستشار الخاص لرفسنجاني في الوقت الحالي صرح في صحيفة "كيهان" الايرانية في21 اكتوبر 1991 "ان شرارة غضب وسخط المسلمين ستشعل يوما في واشنطن."
فلايمكن ان ننظر الي احداث 11 سبتمبر 2001 نظرة مخابراتية ونظرة معلومات بل يجب علي كل متتبع مسؤول ان ينظر الي الموضوع نظرة سياسية ونظرة استراتيجية، و ان تكون رؤيتنا نحو الجذور والاصول، حيث لايمكن فهم الاصولية الا من خلال فهم اصول الاحداث.

وفي هذا الاطار لافرق بين الشيعة والسنة لان في هذه الاستراتيجية يمكن الاستفاده من الجميع. ونري اليوم ان العراقو فسلطين ولبنان وافغانستان واليمن وغيرها من الدول اصبحت ساحة جولات وصولات نظام ايران.
هناك نقطة اخرى ايضا يجب التنبة اليها وهو انه بعد هذه الاحداث كان فرضا علي جميع المعنيين التركيز علي الجذور ومعالجتها في عقر دارها. لكن مع الاسف الشديد نرى ان الطرف الذي كان سببا وعاملا رئيسيا لهذه الاحداث استفاد منها اكثرمن اي طرف آخر!! كيف؟ يا ترى ان النظام الايراني و بفضل سياسة المجاملة والمسايرة التي يحظي بها من خلال علاقاته الاقتصادية والسياسية مع الدول الاوروبية، استطاع من دفع هذه الدول- و بتوسط بريطانيا- ان تضع المعارضة الرئيسية لهذا النظام علي قائمة المنظمات الارهابية. ولاشك ان ادراج اسم منظمة مجاهدي خلق في قائمة الارهاب معناه تقييد وتكبيل هذه المعارضة النشطة في نشاطها. وهذا اكبر هدية يمكن اعطائها للنظام الايراني في الغرب وفي اوروبا. كما ان من نتائج هذه السياسة ان نظام الملالي استطاع من تصدير "ثورته" كاملة الى العراق، حيث تقول آخر الاحصائات انه معدل العمليات الانتحارية في العراق فقط كان تقريبا كل يوم عملية انتحارية واحدة خلال اكثرمن اربعة اعوام.

أمريکا أهملت الشرعية الدولية في حربها على الارهاب
وعن تداعيات أحداث الحادي عشر من سبتمبر و تأثيراتها على المنطقة و الخارطة السياسية لها، إلتقت"إيلاف"الکاتب و المحلل السياسي الدکتور جيا عباس فأجاب:" ان احداث 11 ايلول لم تكن وليدة الصدفة رغم هيمنة عنصر المفاجأة وتصويب الاسهم الى قلب اعظم قوة سياسية واقتصادية وعسكرية. هذه الحوادث وماتبعتها ارغمت العالم المتمدن والديمقراطي على العمل من اجل مواجهة ومحاربة قوى الشر الجديدة ومايسمى بالحرب ضد الارهاب الدولي.


ان امريكا التي تقود هذه الحرب الجديدة اعلنت عن ستراتيجية واضحة المعالم: ان لم تكن معنا فانك في جبهة المواجهة ضدنا، وثانيا اهملت امريكا في هذه الحرب المعلنة الشرعية الدولية التقليدية المستندة قوتها من ميثاق وقوانين الامم المتحدة والمحافل الدولية الاخرى. امريكا اليوم منخرطة في ساحات المعارك ضد الارهاب الدولي وفي بقاع عديدة من العالم وهي تستند في حربها على الارضية الفكرية النابعة من فكر المحافظيين الجدد. التي تؤمن بامكانية اصلاح العالم عن طريق القوة وترسيخ جذور الديمقراطية وخلق النماذج الحية للادارة والحكم العصري.

السؤال المطروح، رغم قساوة احداث ايلول والمأساة الانسانية، هل احدثت الحرب الجديدة ضد الارهاب الدولي ثغرات في النظام الدولي وفتحت الابواب امام الحركات التحررية للتنفس وتحقيق جزءا من اهدافها التي كانت لعقود عديدة رهينة موازين القوى والشرعية الدولية البالية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟.
ان دور امريكا في تحديد مجار الاحداث في يوغوسلافيا، افغانستان، فلسطين والعراق واماكن اخرى ترشدنا الى الاستنتاج المنطقي بان الحركات التحررية استفادت نسبيا من الوضع الدولي الجديد بعد 11 ايلول. ان رياح الموت الآتية من الارهاب ايقظت الضمير الدولي الحي وارغمته على البحث عن حلفاء محليين وخاصة في خطوط المواجهة مع منابع وبؤر الارهاب وخاصة في العالم الاسلامي وشرقنا الاوسط.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف