إيلاف+

حملة لإنقاذ مخابيء هتلر النازية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مادلين تشيمبرز من نيتيرشايم (المانيا): وسط دغل كثيف من النباتات الشوكية في تلال جنوب غربي كولون بمنأى عن الطريق السريع يقبع أثر يرجع الى الماضي النازي لالمانيا أهمل على مدى أكثر من 60 عاما. غطى الحطب واوراق الاشجار جزءا من (فيستفال) أو ما يعرف بالانجليزية باسم (خط سيجفريد) وهو خط دفاعي طوله 630 كيلومترا أسفله مخابيء ومنشآت محصنة ضد هجمات الطائرات والذي امتد يوما على طول الحدود الغربية لالمانيا.

ظلت تلك الحصون الخرسانية بلا رعاية طوال عقود من الزمن وغطتها الطحالب حاليا. وبنت الطيور أعشاشا في شقوق الحوائط التي ترك الرصاص أثره عليها بينما تقبع الخفافيش والقطط البرية في الاركان الاشد ظلمة.

لكن بعض سكان منطقة ايفيل حاولوا خلال السنوات القليلة الماضية منع الجرافات من ازالة هذا الاثر الذي يذكرهم بأكثر الفترات قتامة في تاريخ ألمانيا.

وقال سيباستيان شوينه رئيس مشروع تديره مؤسسة الحفاظ على الطبيعة (بي.يو.ان.دي) في ولاية نورث راين فستفاليا التي لا تزال تضم ألفي مخبأ "من المهم الحفاظ على المخابيء كتذكرة للاجيال القادمة.. وأيضا الحفاظ على الحياة البرية.

"لكن القيام بهذا في ألمانيا ينطوي على حساسية شديدة."

ويريد بعض الناس تحويل عدد قليل من التحصينات التي تمتد من كليفى على الحدود الهولندية وحتى قرب بال في سويسرا الى متاحف.

وتعكس هذه المعضلة الخاصة بآثار خط سيجفريد الجدل بشأن ما ينبغي عمله بخصوص الاثار الرئيسية الاخرى لعهد النازي في ألمانيا اذ أن المخاوف من اخفاء جرائم النازي تقابلها مخاوف على نفس القدر من تعظيمها.

ومؤخرا فقط افتتحت معارض ببعض المواقع النازية المعروفة جيدا مثل بيت هتلر الجبلي الذي يعرف باسم (بيرجهوف) في بافاريا والساحة التي كان يعقد فيها الزعيم النازي مؤتمراته الحاشدة في نورمبرج.

أما مخبأ برلين الذي انتحر فيه هتلر فلا يزال مغلقا ولا يسمح بدخوله.

وأمر هتلر ببناء خط سيجفريد الذي يضم 17 ألف مخبأ بين عامي 1936 و1940 لحماية الجانب الغربي من ألمانيا في الوقت الذي وجه فيه الملايين من قواته شرقا.

وصاحب بناء خط الدفاع الذي وصفته الصحف في ذلك الوقت بأنه "الحصن المنيع في الغرب" حملة دعائية واسعة.

ووفرت عملية بنائه عملا لمئات الالاف وصورت عملية البناء لدعم الروح المعنوية في الرايخ الثالث.

وقال بيتر دريسبا الذي ساهم في فتح مركز فيستفال في داليم الذي يجذب سياحا أمريكيين وبريطانيين "لقد صنعوا منه أسطورة.. أرادوا ان يظهروا أنه كان أقوى من أي حصن اخر."

وتابع "نحن لا نمجد تلك المخابيء... اننا في الواقع نظهر كيف أن الرايخ الثالث لم يفلح. نريد فضح الاسطورة."

ويقول كثير من المؤرخين ان الدعاية لخط سيجفريد اثبتت جدواها العملية اذ لم تتعرض المانيا لاي هجوم من الغرب على الاقل قبل عملية انزال قوات الحلفاء في نورماندي عام 1944 .

وقال دريسبا "حين وصل الامريكيون الى هناك في سبتمبر عام 1944 .. كانت التجهيزات ضعفت وانتهى الامر بالجنود الالمان إلى شغل نحو خمس المخابيء فقط."

ثم شهدت تلال ايفيل والغابات المظلمة بعضا من اشرس المعارك.

وفي هرتجينفالد قرب اخين وهي منطقة أودية ضيقة قتل ما يقدر بما بين 12 ألفا و15 ألف جندي ألماني الى جانب ما لا يقل عن 35 ألف جندي أمريكي قبل وخلال هجوم للقوات الالمانية.

وبعد عام 1945 نسف الحلفاء المخابيء وتركوها خرابا.

ولم تكن هناك مطلقا استراتيجية وطنية خاصة بتلك الحصون كما عملت الحكومة على تدميرها تدريجيا بدافع الحرص على السلامة العامة وأيد ذلك مزارعون كانوا حريصين على استغلال الارض.

وظل عدد قليل من الافراد من أمثال دريسبا يكافحون البيروقراطية وينظمون التمويل اللازم للحفاظ على المخابيء. ونجح قلة منهم.

وبفضل حملة مؤسسة الحفاظ على الطبيعة (بي.يو.ان.دي) لم يدمر أي مخبأ في ولاية نورث راين فستفاليا منذ عامين. وتلقت المؤسسة تأكيدات شفهية بأن التوقف عن الهدم سيصبح دائما غير أن الجرافات استمرت في تدمير المخابيء في ولايات أخرى.

وقال شوينه رئيس مشروع المؤسسة في نورث راين فستفاليا "المخابيء تحولت الى جزر للحياة البرية خلال الستين عاما الماضية. انها مأوى قيم للحيوانات البرية والسلطات ستنتهك القانون اذا دمرت موطن أنواع محمية مثل القطط البرية والخفافيش النادرة."

وتوفر البيئة الرطبة والخرسانة المتهالكة أجواء مثالية للاشجار والطحالب النادرة وكذلك للثعابين وعدد كبير من الحشرات والطيور والبوم.

ووجهت اتهامات الى شوينه بتجاهل التاريخ لقصر أولوياته على الحفاظ على الحياة البرية.

وقال شوينه "يقول البعض ان مشروعنا هو محاولة لجعل المخابيء مكانا صحيا وملائما. كنت أعتقد أن الامور ستتغير مع جيل جديد.. لكن الناس ما زالوا يتبنون نفس وجهات النظر ومن الممل ترديد نفس الدفوع."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف