الطوارق سنوات من البحث عن جنة وسط الصحراء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مع إطلالة أوائل التسعينيات من القرن الماضي، اندلعت حركة تمرد في صفوف قبائل الطوارق الرحل الماليين، فبادرت الحكومة إلى إرسال قواتها المسلحة إلى شمال البلاد بهدف سحق تمردهم.
ويطالب الطوارق بحقوق على ملكية الأراضي، إضافة إلى الاعتراف بحقوقهم الثقافية واللغوية.
إذ شكل متمردو الطوارق في النيجر حركة جديدة أطلقوا عليها اسم "حركة النيجر من أجل العدالة".
وكانت التوترات مقتصرة على المنطقة التي يعيش فيها الطوارق في النيجر غير أنها امتدت إلى دولة مالي المجاورة حيث اختطف متمردو الطوارق هناك عشرات الجنود الحكوميين في المناطق النائية من شمال مالي.
ورغم أن متمردي الطوارق في النيجر ومالي يقولون إنهم لا يسعون لتحقيق أي نفوذ سياسي، غير أن اتساع نطاق التمرد في منطقة الساحل الأفريقي يمثل عائقا حقيقيا ومتناميا أمام تحقيق الاستقرار في المنطقة.
من هم الطوارق؟
الطوارق هم قبائل رحل ينحدرون من أصول بربرية في منطقة شمال أفريقيا.
وقد استوطن الطوارق لمئات السنين منطقة الساحل حيث تجوب قوافلهم التجارية منطقة الصحراء الكبرى بهدف الاتجار في التمور والعطور والتوابل والعبيد.
وعادة ما تصل درجة الحرارة في منطقة الصحراء الكبرى خلال فصل الصيف إلى 50 درجة مئوية بينما تهب عواصف تسمى "الهارمتان" خلال فصل الشتاء فيعلو غبار كثيف الأفق مما يؤدي إلى حجب أشعة الشمس لأيام.
وبعد رحيل الاستعمار الفرنسي من منطقة غرب أفريقيا ورسم حدود جديدة في المنطقة، وجد الطوارق أنفسهم مشتتين بين النيجر ومالي وبوركينا فاسو الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، وليبيا والجزائر إلى الشمال.
متمردو الطوارق والحكومة الصومالية يتوصلان إلى وقف إطلاق النار
يتحدث الطوارق لغة مشتركة تُسمى اللغة الطرقية، ولهم ديانة واحدة إذ اعتنقوا الإسلام منذ القرن السادس عشر الميلادي.
ويُعرف الطوارق باسم رجال الصحراء الزرق وذلك بسبب ملابسهم ذات اللون النيلي وعمائمهم التي يستخدمونها أيضا لتغطية أفواههم.
ويحرص الطوارق على احتساء الشاي بصفته عادة اجتماعية لها طقوسها الخاصة بها إذ يتناولون كؤوس الشاي في مجموعات ثلاث ثلاث ويكون الشاي محلى بطعم النعناع.
ما هي تظلمات الطوارق؟
رغم صعوبة تقييم مستوى الدعم الذي يحظى به المتمردون بين مختلف مكونات شعب الطوارق، فإن طبيعة المظالم التي يطالبون برفعها عنهم تظل عموما هي نفسها.
وكان الاستعمار الفرنسي قد نجح في إخضاع أجداد الطوارق الحاليين إلى نظام حكمه، غير أن طوارق اليوم في دولتي مالي والنيجر يشتكون من ضعف تمثيلهم في المؤسسات الحكومية وقوات الجيش في البلدين الذين يسيطر عليهما أفارقة ذوو بشرة داكنة ينحدرون من جنوب منطقة الساحل.
ويقول الطوارق إنهم يعانون التهميش والفقر المدقع بعد أن فشلت الحكومات المتعاقبة في تحسين أوضاعهم المعيشية.
لكن ازدهار صناعة اليورانيوم في شمال النيجر أدى إلى إذكاء مطالب الطوارق إذ يقولون إن الصناعات التعدينية أضرت بأراضيهم الرعوية الخصبة بينما لم ينلهم أي نصيب من عوائد اليورانيوم.
ما الذي قام به المتمردون؟
أدت معاهدات السلام التي وقع عليها الطوارق في مالي و النيجر في أوائل التسعينيات من القرن الماضي إلى إخماد تمردهم المفتوح إذ ساد هدوء نسبي المنطقة على مدى عقد من الزمن.
غير أنه بحلول شهر فبراير/شباط من السنة الجارية، أشهر طوارق النيجر، بعد شعورهم على ما يبدو بالإحباط من اتساع نطاق التفاوت الاجتماعي والاقتصادي بينهم، أسلحتهم في وجه الحكومة النيجرية إذ أسسوا "حركة النيجر من أجل العدالة".
وخلفت الهجمات التي شنها مقاتلو الحركة على منشآت حكومية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى سقوط عشرات القتلى في صفوف الجنود النيجريين.
كما شهدت دولة مالي المجاورة تصعيدا من قبل الطوارق الذين أخذوا أعدادا كبيرة من الناس رهائن خلال هذه السنة للضغط على الحكومة المالية.
وذكرت أنباء أن عقيدا في الجيش المالي انضم إلى المتمردين.
ما الذي تقوم به حكومتا النيجر ومالي؟
على المستوى الدبلوماسي، بذلت الحكومتان النيجرية والمالية مساعي جديدة من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.
سباق الجمال وسيلة لتزجية الوقت عند الطوارق
وفي هذا الإطار، عقدت الحكومة المالية مفاوضات مع حركة "التحالف الديمقراطي" التي تمثل مجموعة من الطوارق المعارضين في العاصمة الجزائرية خلال أوائل هذه السنة.
ومن جهة أخرى، ناشدت الحكومة النيجرية الزعيم معمر القذافي التوسط بينها وبين "حركة النيجر من أجل العدالة" بهدف التوصل إلى اتفاق سلام.
كما عقد وزيرا الأمن في كل من النيجر ومالي مباحثات بهدف تنسيق الجهود الميدانية للتصدي لتمرد الطوارق.
وفي هذا الصدد، اتفق الجانبان على تسيير دوريات مشتركة على طول حدودهما بهدف السماح لقواتهما بتعقب المتمردين.
ما تأثير هذا التمرد على السكان المدنيين؟
رغم أن الحياة تستمر كعادتها في عاصمتي البلدين: باماكو ونيامي، فإن وكالات الإغاثة تقول إن سكان المناطق النائية يعانون بشكل متزايد بسبب عرقلة طرق الإمدادات في منطقة الصحراء الكبرى.
ومن جهة أخرى، أدت الفيضانات الأخيرة إلى نزوح أكثر من 14 ألف شخص عن مساكنهم في النيجر لوحدها.
وتتزايد المخاوف من مغبة الاستمرار في تحويل الموارد المخصصة للمشكلات الحالية مثل السكن ومكافحة الملاريا وصرفها في مجالات أخرى.