إيلاف+

إسرائيل تستغل مقامًا إسلاميًا لتهويد حي عربي بالقدس

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سيطرت على الضريح وحولته إلى كنيس
إسرائيل تستغل مقامًا إسلاميًا لتهويد حي عربي بالقدس

مستوطنون يهود في المكانأسامة العيسة من القدس: بعيدًا عن التصريحات والتجاذبات السياسية، بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، حول عملية السلام، والتحضيرات للمؤتمر الدولي في هذا الخريف، فإنه يبقى شيئًا واحدًا ثابتًا، تستمر بتنفيذه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة وهو تهويد مدينة القدس، التي احتلت إسرائيل قسمها الغربي في عام 1948، وأصبح جزءًا منها، وأكملت احتلالها لباقي المدينة في حزيران / يونيو 1967، ومنذ يوم للاحتلال بدأت بإجراءات تهويد المدينة المستمرة حتى الآن. ولا تقتصر عمليات التهويد الإسرائيلية على البلدة القديمة في القدس المحاطة بالأسوار، والتي تضم الأماكن المقدسة، ولكنها تشمل أيضًا الأحياء العربية خارج الأسوار، التي يتم زرع المستوطنين فيها كما في حي سلوان، أو بناء بؤر استيطانية كما في حي راس العمود، أو بناء مقابر يهودية كما هي الحال في سفح جبل الزيتون وراس العمود وسلوان.

ومن بين الأحياء التي استهدفها التهويد، حي الشيخ جراح، شمال القدس، والذي أخذ اسمه من مقام ومسجد الشيخ جراح في الحي، الذي يوجد فيه ضريح طبيب صلاح الدين الأيوبي، الأمير حسام الدين بن شرف الدين عيسى الجراحي. وكان الحي يقع على خط التماس بين القوات الأردنية والإسرائيلية بعد عام 1948، وبسبب هذا الموقع تعرضت الكثير من أبنيته للدمار، ومن بينها قصر قديم يعرف باسم قصر العماوي.

ونسفت العصابات الصهيونية العديد من منازل الحي آنذاك، ومن بينها منزل شكيب النشاشيبي، ومنازل أخرى، ما زال حطامها يشهد على تلك الفترة.وبعد وقوع القدس، والضفة الغربية، وأراض عربية أخرى، في يد إسرائيل عام 1967، بدأت عملية تهويد حي الشيخ جراح والتي لم تنتهِ حتى الآن.

ومثلما حدث في مرات كثيرة، فإن إسرائيل استغلت وجود ضريح، يطلق عليه المسلمون اسم (مقام الشيخ السعدي)، ينسبه اليهود إلى شخص يدعى (شمعون الصديق)، الذي تعتبره إسرائيل صديقًا يهوديًا، لتبدأ بعملية تهويد الحي العربي.

وسيطرت اسرائيل على الضريح وحولته الى كنيس يهودي باسم (قبر شمعون الصديق)، وبدأت عملية الإستيطان بالقرب من الضريح قبل سنوات، عندما سيطر طلاب يهود من المدارس الدينية، على خمسة منازل قرب الضريح، وحولوا أحدها إلى كنيس يهودي، بينما أسكنت اسرائيل آخرين في المنازل المحيطة به، ويتم حراستهم على مدار الساعة من قبل فرق حراسة خاصة تعتلي أبراجًا وضعت في المكان.

ثم توالت السيطرة على المنازل العربية وطرد سكانها، وفي كثير من المرات كان يتزعم عمليات الاقتحام وطرد الفلسطينيين من منازلهم وزير السياحة الإسرائيلي الأسبق بني ايلون، الذي يوصف بأنه عراب الاستيطان في الشيخ جراح، كما حدث في شهر نيسان (أبريل) 2003، عندما تم طرد 20 شخصًا من عائلة غاوي من منازلهم.

المكان سيطر عليه المستوطنون اليهود وبمبادرة من ايلون، تم بناء عشرات الوحدات الاستيطانية في حي الشيخ جراح لربطه بحي (مئا شعاريم) الذي يقطنه متزمتون يهود، والذي كان يقع على الجانب الآخر من خطوط الهدنة قبل احتلال ما تبقى من القدس.

وكثير من الفلسطينيين الذين طردوا من منازلهم الواقعة قرب ضريح الشيخ السعدي، هم من اللاجئين الذين طردوا من أرضهم عام 1948، وأسكنتهم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) في المكان عام 1951م، بعد استئجاره من أصحابه عائلة حجازي، وعلى الرغم من أنه تم إقرار ملكية الأرض لهذه العائلة الفلسطينية في المحاكم الإسرائيلية، إلا انه بقوة السلاح اصبح قبر الشيخ السعدي والساحة التي أمامها مملوكة الآن للجنة الطائفة السفاردية ولجنة الطائفة الاشكنازية.

وتسعى الجهات اليهودية المسيطرة على المكان إلى الاستمرار بخطتها، وهي كما تقول تقوم بالطرد الهادئ لما تبقى من سكان عرب يعيشون قرب الضريح الذي يعج الآن باليهود، خصوصًا يومي الجمعة والسبت، مما حول حياة ما تبقى من السكان العرب إلى جحيم بسبب ممارسات المستوطنين اليهود ضدهم.
وتحول الضريح الذي يفترض أن يكون استخدامه لأغراض دينية، لأداة تحقيق أهداف سياسية واستيطانية، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فرئيس بلدية القدس أوري لوبوليانسكي، قرر بناء حي استيطاني جديد في هذا الحي لإسكان اليهود فيه، والهدف كما قال إنه سيساهم إلى حد كبير في "توحيد القدس"، واضاف أن "الأمر سوف يقوي الصلة بين الأحياء اليهودية والمؤسسات العامة التي تقع في منطقة جبل سكوبس كالتلة الفرنسية، والجامعة العبرية، ومستشفى هداسا، وبين شرق المدينة القديمة".

وربط رئيس بلدية القدس الإسرائيلية بين الحي اليهودي الاستيطاني الجديد، ومدينة معالية ادوميم الاسيتطانية شرق القدس قائلاً: " إن الحي يقع بجوار الجامعة العبرية، ومن المقرر أن تطل مساكنه على الطريق الرئيس المؤدي إلى معاليه أدوميم من ناحية، وإلى حديقة (عيمك تسوريم) القومية من ناحية أخرى. وفي ضوء ذلك ولأسباب أمنية أيضًا، أعتقد أن إسكان اليهود في الحي، سيضمن أمن المسافرين على الطريق المؤدي لمعاليه أدوميم من ناحية، وأمن زوار الحديقة القومية من ناحية أخرى".

ولا تترك إسرائيل أي شيء دون استغلاله للاستيطان في الحي، مثلما حدث قبالة قصر أديب العربية إسعاف النشاشيبي، حيث وقعت معركة في عام 1948 بين المقاومين العرب والعصابات الصهيونية، وسقط فيها عدد كبير من أفراد هذه العصابات قتلى، فتم بناء نصب تذكاري، تحول إلى مزار دائم، واقيم بجانبه برجًا للحراسة، مما يعني البدء بتهويد المنطقة.

ومنذ سنوات تسعى إسرائيل للسيطرة على المنطقة المعروفة في المكان باسم (كرم المفتي) التي كانت تملكها عائلة الحسيني والت ملكيتها أبان العهد الأردني لشركة استثمارية خليجية، ولكن حكومات اسرائيل لم تنجح حتى الآن في اخذ هذه الارض.

وتسعى إسرائيل أيضًا، إلى امتلاك مبنى في الشيخ جراح هو فندق شيبرد، كان مقرًا للزعيم الفلسطيني الحاج أمين الحسيني، ويسيطر على الفندق الان وحدة من حرس الحدود الإسرائيلي، وبالقرب منه يقع كرم المفتي، الذي إذا تمكنت إسرائيل من تحويله إلى حي استيطاني، فإنها ستضمن تواصلاً يهوديًا من الشيخ جراح إلى حي وادي الجوز الذي يشهد هو الآخر هجمة استيطانية.

ويأتي هذا النشاط الاستيطاني المحموم في الشيخ جراح، ضمن نشاط أوسع في نحو 17 مستوطنة وبؤرة استيطانية داخل البلدة القديمة وخارجها، لأحداث تغيير ديموغرافي في القدس، بحيث يصبح اليهود أغلبية. وتصل نسبة اليهود إلى العرب في القدس الان إلى نحو: 67% يهود مقابل 33% عرب، وتخشى إسرائيل من نسبة الخصوبة الكبيرة لدى الفلسطينيين في القدس، على الرغم من كل محاولات القتل والتهويد والطرد.

ولكي تضمن إسرائيل استمرار التفوق اليهودي في القدس، فإنها تسعى الى تهويد البلدة القديمة بشكل كامل، وتحقيق اختراقات كبيرة في الأحياء العربية خارج الأسوار. ووفقًا لالون، عراب الاستيطان في الشيخ جراح، فان إقامة 17 حيًا استيطانيًا يهوديًا محيطة بالبلدة القديمة، من شأنه أن يحكم السيطرة الإسرائيلية على القدس الشرقية المحتلة عام 1967.

ضريح الشيخ السعدي الذي تحول الى قبر شمعون الصديق

***الصور بعدسة إيلاف

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف