تقسيم العراق.. هل يوسع الصراع ام يجلب الامن؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد: عكس عراقيون من مختلف مناطق البلاد، الخلافات السياسية الحادة بين الأطراف العراقية حول مشروع قدمه الكونغرس الأمريكي بشأن "تقسيم العراق الى فدراليات وفق أسس عرقية وطائفية" ففي حين رأى بعضهم ان من الممكن أن يؤدي المقترح الى "حل" المأزق الأمني الذي تمر به البلاد حاليا" حذر آخرون من ان يمثل "بوابة على فوضى وصراعات أوسع".
وكان مجلس الشيوخ الأمريكي وافق، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي، وبأغلبية (75) صوتاً، على مشروع قرار "غير ملزم" يعتمد خطة لتقسيم العراق يظن مقدموها أنها "الحل الوحيد" لوضع حد لأعمال العنف التي تجتاح البلاد. وتقضى تلك الخطة بتقسيم العراق إلى ثلاثة كيانات: كردي وشيعي وسني، مع حكومة فيدرالية في بغداد تتولى أمن الحدود وعائدات النفط.
وأثار القرار موجة واسعة من ردود الأفعال محليا ودوليا، فاعترضت عليه الحكومة العراقية والائتلاف العراقي الموحد، وهيئة علماء المسلمين، بينما رحبت به رئاسة إقليم كردستان، فيما ارتفعت أصوات من فرنسا والعربية السعودية ومصر وسواها، تحذر من تبعات قرار كهذا.
ويختصر آرام علي (طالب) الموضوع بالقول ان القرار "حل أمثل للمشكلة العراقية، والدليل على ذلك ما تتمتع به كردستان من أمن واستقرار، لأنها منطقة منسجمة قوميا والأكراد يمثلون الغالبية، وهكذا الحال في الجنوب ذي الأغلبية الشيعية، بينما تتركز الاضطرابات في المناطق المختلطة بالشيعة والسنة."
ويمضي قائلا "لو تم فصل أماكن الاختلاط الطائفي عن بعضها من خلال تشكيل كيانات خاصة بالطوائف، فأعتقد ان الأمور ستحل."
أما في بغداد فيرى باسم حمزة (صحفي) ان عددا من "القوى السياسية العراقية سبقت مجلس الشيوخ الأمريكي في طرح هذا الموضوع والتبشير بفدرالية الأعراق والطوائف، ولهذا فإن من الأجدى للمعترضين ان ينتقدوا الأطراف العراقية، قبل انتقاد المشروع الأمريكي لتقسيم العراق."
ويشير بهاء حداد (محلل سياسي) الى ان قرار الكونغرس "مجرد تأييد لمطلب قديم نادى به زعماء شيعة وأكراد، وهو تأكيد لاتفاقيات سابقة أبرمت في لندن عام 2002 قبيل الإطاحة بصدام حسين." مستغربا من اعتراض ساسة أكراد وشيعة على ما جاء به الكونغرس، رغم أنهم طالما "بشروا بأقاليم تقوم على أساس الكيان الكردي والكيان الشيعي."
وتتخوف إنعام (موظفة من البصرة) ان يكون القرار مدخلا الى مشروع لتجزئة البلاد، وتقول "إذا كان التقسيم الفيدرالي يجلب الأمن فلا مانع منه، أما اذا كان تمهيدا لتجزئة العراق فلا نوافق أبدا."
لكن سمير هادي (ناشط في حقوق الانسان من كربلاء) يتساءل "أمام هذا العنف والقتل والموت الجماعي، لماذا لا يقبل العراقيون بأي شيء يمكن ان يحفظ حياتهم أولاً؟ ألا يمكنهم بعد ذلك ان يفكروا بالثروات ووحدة الوطن؟"
ناشط مدني وصف نفسه بأنه علماني، أعرب عن خوفه من ان يفتح قرار التقسيم الباب على مصراعيه أمام تدخل إيران وقوى إقليمية أخرى، معتقدا ان "الوضع الآن غير مناسب لذلك، فالبلد ضعيف ويعاني من تدخلات إقليمية.. بصراحة إقامة فيدرالية في الجنوب ستعني امتدادا لولاية الفقيه في إيران، وقارن بذلك التدخلات الممكنة من الدول الأخرى."
ويدعو رائد العزاوي (إعلامي وكاتب) الأمريكان الى ان يتذكروا أن "الطائفة السنية في سوريا، والأكراد في تركيا، والعرب في إيران..الخ، سيطالبون بفدراليات تقوم على أساس إثني أو عرقي." اذا ما جرى تطبيق نموذج الفدراليات الطائفية والقومية في العراق.
ويشير العزاوي الى ان التقسيم والحال هذه سيؤدي الى "اشتعال المنطقة وهو ما دفع أصدقاء أمريكا في الشرق الأوسط، الى معارضة القرار."
ويعتقد الدكتور عبد الأمير الفيصل (أستاذ جامعي من بغداد) ان أميركا "بدأت، عبر الكونغرس، بتنفيذ خطط جديدة قد تكون معدة سلفاً لتفتيت العراق" بينما يحذر قاطع بنيان (ناشط مدني) ان يقوم الأمريكان بمعالجة "خطأ احتلال العراق بخطأ أفدح من خلال تحويل البلاد الى كانتونات طائفية وعرقية".
ووصف عامر حسن فياض عميد كلية العلوم السياسية بجامعة بغداد القرار بأنه "يكرس المعيار الطائفي القائم أساسا، وهو مؤامرة على الفيدرالية وليس تجسيداً لها."
ويضيف فياض ان "الدستور العراقي ترك مساحة لصياغة نموذج فدرالي وفق معايير متطورة.. فلماذا الحديث الآن عن الأسس الطائفية للفدرلة؟".
ويخشى فياض ان يقدم قرار التقسيم في المستقبل القريب "أرضية خصبة لمواصلة التهجير القسري داخل العراق وتقطيع البلاد او تحويلها الى مسرح للصراع على الثروات إقليميا ومحليا."
ويقول حيدر (طالب ماجستير في جامعة البصرة) "ربما ينتهي العنف الطائفي لو فصلنا الشيعة عن السنة، ولكن من سيفصل بين أطراف الحرب الشيعية - الشيعية، او السنية - السنية، التي نرى بوادرها في البصرة وكربلاء والأنبار وغيرها."
ويتابع حيدر محاولا رؤية المستقبل.. "إنها حرب على الثروات أخذت شكلا طائفيا، وسرعان ما ستتحول الى حرب داخل الطوائف.. لا ضمانة بأن تضع الفدرالية الطائفية حدا للعنف في العراق، طالما كانت الدولة ضعيفة.. هذا ما يوحي بوجود بوابة لفوضى وصراعات أوسع."
إلا ان هادي من كربلاء يصر على المضي في استفهامات تبدو صادمة.. حول الحاضر "أين وحدة الوطن الآن ومناطق بغداد تتقسم أمام أعين السياسيين.. أتحدى أي مسؤول أن يدلني على منطقة مختلطة في بغداد تعيش حالة من الأمن، وإذا كانت مناطق بغداد مقسمة طائفيا في هذه اللحظة، فماذا يمكن ان نعلق على قرار الكونغرس؟"