قصر خداوج العمياء: أسطورة الجزائر الحية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
شيّده الأتراك واتخذه نابليون الثالث مقاما
قصر خداوج العمياء: أسطورة الجزائر الحية
كامل الشيرازي من الجزائر:يعد القصر الأثري العتيق "خداوج العمياء" الذي يقع أسفل حي القصبة الشهير (أعالي عاصمة الجزائر)، تحفة خالدة وأسطورة جزائرية حية، وإحدى الروائع المعمارية النادرة التي تتلألأ قبالة الواجهة البحرية الموروثة عن العهد العثماني، ورغم مرور خمسة قرون طويلة على بنائه أول مرة من قبل البحار التركي الشهير "خير الدين بربروس" في ربيع 1546، إلاّ أنّ أعمدته وأقواسه وفوانيسه لا تزال متشامخة كالطود العتيق على هامة مدينة الجزائر، كتاج يرصّع بلاد الولي الصالح " عبد الرحمن الثعالبي ".
وتروي أسطورة قديمة، دأب السكان على نقلها للأجيال المتعاقبة، أنّ الأميرة "خداوج" كانت فتاة باهرة الجمال والحسن، وفقدت بصرها لإفراطها في استعمال الكحل، وكانت معجبة كثيرا بنفسها، لذا أنفقت الساعات الطوال تتملى جمالات وجهها في المرآة، وبعد أن فاضت روح " خداوج " إلى بارئها، عادت ملكية الدار لإبني شقيقتها "عمر" و"نفيسة".
وفي عام 1783، استأجر القصر، تاجر يهودي ثري ومفاوض بارع يدعى "ميشيل كوهين بكري"، قدم من مدينة جنوة الإيطالية، للإقامة مع أسرته في قصر "خداوج"، وبعد أن استقر به المقام في المدينة، زادت ثروته بشكل مدهش من معاملاته التجارية، لكن بعد دخول المحتلين الفرنسيين إلى الجزائر في 5 يوليو تموز 1830، وقع الاستيلاء على القصر بعد أن تم تعويض ملاّكه بمال زهيد ليصبح قصر " خداوج " فيما بعد مقرا لأول بلدية فرنسية في مدينة الجزائر، وبحسب المؤرخين فإن الغزاة لما دخلوا المدينة من الغرب، أفسدوها، وتركوها تصارع أعمال النهب والسرقة مدة ثلاثة أيام كاملة، وما يؤكد هذا الكلام، هو اختفاء بعض التحف النادرة التي كان عدد من المؤرخين والرحالة الذين زاروا المدينة قبل سقوطها، شاهدين عليها، ومن المفارقات أنّ "عزيزة" وهي حفيدة التاجر اليهودي "بكري"، عملت مترجمة لدى الحاكم الفرنسي، وقد اعتادت الطائفة اليهودية في الجزائر، منح ولائها للفرنسيين بعد سقوط الدولة، وظهر ذلك جليا من خلال هرولتهم للتجنس بالجنسية الفرنسية خلافا للسكان الأصليين من العرب والبربر، وعرف القصر منذ ذاك الوقت عديد التحويرات والترميمات، أخذت شكلا مغايرا بعد استقلال الجزائر في الخامس يوليو/تموز 1962.
ويتكون قصر " خداوج " من ثلاثة طوابق، أولها أرضي يقودك إليه درب صغير موشّى بجداريات من الرخام المزخرف، أما الطابقان الثاني والثالث، فتعثر فيهما على مشربية السلطان، وطقم كامل من غرف النوم والاستراحة وكذا الحمامات، وتتوسط الدار، مثلما هو حال جميع دور المدينة، صحن طويل بنسق فناء شاسع تزينه فصيلة من الأقواس الرخامية أبدعت الأنامل التركية في بسطها ورصّها، لتعانق نوافير يتسلل منها ماء زلال يشفي الظمآن.
ولأنّ القصر درة حية تخلب العقول، ووهج متأجج يأسر العيون في الجزائر، فقد اختاره ملك فرنسا "نابليون الثالث" وزوجته "أوجيني" اعتبارا من عام 1860، مقاما لهما، بين مئات القصور التي كانت تعج بها القصبة خلال القرن التاسع عشر.
ويقع القصر الذي حوّل إلى متحف للفنون الشعبية على مستوى الهضبة الجنوبية للضاحية المسماة " سوق الجمعة "، أين يطل عليك قصر "خداوج" الذي ينتصب فوق كوكبة من الدور والقصور التي بناها الأتراك القدامى على شاكلته.
وأصل حكاية " سوق الجمعة "، الذي هو عبارة عن تعاريج ضيقة، تحيط به منازل الأهالي وقصور أعيان المدينة السابقين، أنّ هذا المكان اشتهر بكونه ملاذا للكثيرين من عشاق الطبيعة، لذا اتخذّ فضاء لعرض وبيع مختلف أنواع الطيور النادرة وكذا الحمائم والعصافير المغردة، كل يوم جمعة اعتبارا من ظهور أولى خيوط الفجر إلى غاية ارتفاع صوت المؤذّن إيذانا بقرب خطبتي وصلاة الجمعة، وكانت زنقة سوق الجمعة من أرقى (الزنيقات) (أي الأزقة) في المدينة، لقربها من قصر الحاكم "الجنينة"، ولمجاورتها قصور الأعيان الواقعة على جانبي زنقة "العرائس"، ولا تزال تستقطب لغاية اليوم، عديد الزوار والتجار والفضوليين.
التعليقات
وطني
اميرة كفوري -الجزائر غنية جدا باثار و عمران من العصور الحجرية لكن للاسف السلطات لا توليها الاهتمام الكافي و لا الصحافة و وسائل الاعلامانا ادعو جميع الاخوة العرب لزيارة الجزائر حيث سيجدون ما يسحرهم مع تحيات القارئة الوفية اميرة
نريد صوراً
محمد بن جميل -مقال جيد ولكن نريد صوراً أكثر..وشكراً
التعرف على القصر
سارة شرفي -اريد التعرف على قصر خداوج العمياء اكثر باللغة الفرنسية