ترميم المخطوطات بالامارات علمٌ وفن وإبداع
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
ترميم المخطوطات علمٌ وفن وإبداع (1)
جراحة علاجية تبدأ بالتعقيم وتنتهي بالتجليد
مروة كريدية: في عصرٍ أمست فيه الكتب والأوعية الورقية بكافة أشكالها عبئًا على أصحابها، وفي زمن التطور الرقمي السريع، وبعيدًا عن إيقاع الحياة الصاخبة وحداثة دبي المعاصرة، إيلاف حاولت ان ترصد الوجه الثقافي والتراثي الصامت لإمارة عريقة عُرفت بالتجارة والاعمار، فاتجهنا الى مركز ثقافي يعتني بالدرجة الاولى بحماية وترميم المخطوطات، انه "مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث"، الذي حمل مؤسسه رجل الاعمال جمعة الماجد على عاتقه مسؤولية "حماية الكتاب أينما وُجد"؛ ويعد هذا المركز استثنائي والاول من نوعه في الشرق الاوسط كونه ينفرد بصناعة المخطوط من الترميم الى التجليد مرورا بكافة المراحل التي يتطلبها هذا الفن الجميل، كما ينفرد بتصميم اجهزة خاصة بهذا الفن نفذت بشكل كامل في الامارات.
التعقيم أولى خطوات طرد الامراض عن الورق
ويعود سبب ذلك الى أن تلك الأوعية تتكون من مواد بروتينية هي الجلود (الأغلفة) ومن مواد نشوية، متمثلة بالورق، وهذه المواد بمجملها تشكل الغذاء الرئيس لتلك الكائنات.
ايلاف اطلعت على عمليات الترميم عن كثب حيث ان الاصابات تختلف شدتها من وعاء ورقي إلى آخر؛ إذ نجد في مراحل متقدمة من تلك الإصابات أن الأوعية الثقافية الورقية قد وصلت إلى درجة من الإصابة والاهتراء بحيث لا يمكن معالجتها أو ترميمها.
وعن آلية الاهتمام بذلك أفادنا أحد الفنيين خلال الجولة ان نجاح عملية الترميم يتوقف على التعقيم لان معالجة الأوراق وتخليصها من الآفات لا يتأتى ذلك إلا بعمليات التعقيم الصحيحة و الشاملة، والتي يمكن تعريفها بأنها الطريقة العلمية والعملية التي يتم فيها القضاء على جميع الكائنات الحية الدقيقة والضارة بكل أشكالها ؛ الحشرات والفطريات والبكتريا، والتي يمكن أن توجد على شكل بيضة أو يرقة أو جرثومة أو أبواغ داخل تلك الأوعية، وعلى الرغم من أننا نتعامل مع الأوعية الورقية، التي تمتلك حساسية شديدة تجاه أي مادة أو جهاز يستخدم لعلاجها إلا أنه لا بد من الدراسة الدقيقة والتقصي الجيد للمواد والطرق المستخدمة بحيث تكون آمنة تماماً عليها في أثناء استخدامها ؛ إذ لا تسبب أي ضرر لها، ليس على المدى القريب فحسب، بل على المدى البعيد أيضاً.
وتعتمد المراكز المتخصصة وسائل عدة لتعقيم المخطوطات والكتب والوثائق تستعمل فيها مواد وأجهزة متنوعة خاصة بكل طريقة، منها ما يستخدم المواد الكيميائية الجافة والسائلة، ومنها ما يستخدم بعض الغازات السامة، ومنها ما يستخدم الطرق الطبيعية، مثل التبريد وبعض أنواع الإشعاعات.
الجهاز يشبه الخزانة يبلغ طوله مترين وعرضه متر تقريبا هو مصنوع من مادة الكروم المقاوم ومزود بعربة داخلي وله واجهة من الزجاج وهو مزود بساحب توربيني للتفريغ، مع مؤقت زمني، وسخان كهربائي ويستوعب ما بين 300 إلى 400 كتاب أو مخطوط. وتستخدم فيه مادتي الثيمول و الباراديكلوروبنزول كمواد معقمة.
وعن طريقة الاستخدام يحدثنا أحد العاملين على الجهاز قائلا:" توضع الكتب على أرفف العربة ثم توضع المادة الكيميائية في وعاء خاص فوق السخان الكهربائي يُغلق الباب ثم يُشغل الساحب التوربيني مدة خمسة دقائق. ُشغل السخان مدة ربع ساعة وتُترك الكتب والمخطوطات داخل الجهاز مدة خمسة أيام."
المعالجات الأولية تعيد للأوراق حياتها
أمام أحد المرممين وقفت أراقب حركة أنامله الرشيقة في معالجة الورق بحذر شديد حيث ان بعض المخطوطات باهظ الثمن وليس من الجائز اتلافه او التهاون في التعاطي معه اثناء ترميمه.
التقينا نضال قواف من قسم المعالجة الذي أخبرنا عن طريقة المعالجات الأولية للمخطوط فقال :" تعاني بعض المخطوطات من جفاف الورق وتيبس الرقوق وتجعدها، حيث تتكسر بسرعة عند أول استخدام لها، وتحصل هذه الإصابة من عدة أسباب ؛ أحدها فقدان هذه الأوعية لرطوبتها النسبية.
ويضيف :"لابد من إعادة رطوبتها النسبية لها واحيانا نلجأ إلى ترطيب الأوراق مباشرة بالماء، إلا أنه لا بد من الحذر في حال كون حبر الورق يتأثر بالماء؛ إذ يمكن أن تؤدي العملية إلى تلف شديد بحبر الكتابة، ومن ثمّ نكون قد أتلفنا هذه الورقة وأفسدناها، لذلك نلجأ في هذه الحال إلى استخدام طرق بديلة أكثر أمنا إلا أنها تحتاج إلى وقت كبير.
اتجهنا فيما بعد للاطلاع على جهاز المعالجات الاولية الذي يقوم الجهاز بتخليص الأوعية الورقية من العوالق الضارة بها من تراب وغبار على اختلاف أنواعها مرة واحدة، ومن غير فكّ الكتاب أو المخطوط وبزمن قياسي لا يتجاوز عشر دقائق. كما أنه يقوم على إعادة الرطوبة النسبية للأوراق والرقوق بدقة متناهية وبأمان مئة بالمئة من غير أي ضرر أو إصابة محتملة.
وعن مميزات الجهاز يقول قواف الزمن الأقصى للعمل في التنظيف الجاف هو عشرة دقائق بمعدل أربعة كتب أو مخطوطات من الحجم الكبير في المرة الواحدة. و الزمن الأقصى للعمل في تطرية الرقوق وفردها هو 24 ساعة بمعدل 30 قطعة من الحجم المتوسط. أما مدة ى التجفيف فهي ساعة، بمعدل 12 كتاباً أو مخطوطاً من الحجم الكبير.
فيما يتعلق بموضوع الامن فقد أشارالى ان الجهاز آمن لناحية الأوعية الورقية التي بداخله إضافة إلى إحكام إغلاقه التام الذي لا يسمح لتسرب أي شيء من داخل الجهاز إلى الخارج مما يعطي حماية تامة للشخص الذي يقوم بالعمل به.
Marwa_kreidieh@yahoo.fr
http://marwa-kreidieh.maktoobblog.com
التعليقات
شكر!
سيمون جرجي -عزيزتي مروة كريديّةآلافٌ من بطاقات الشّكر على هذا التحقيق الرّائع!وبانتظار المزيد.سلمتْ يداك.
بطاقات شكر
عمر البحرة -كل التقدير والإحترام لرجل الأعمال جمعة الماجد الذي إستطاع أن يكون الصورة المثلى لرجل الأعمال الوطني الغيور على الثقافة والتراث ، وأمل ان يحذو حذوه بقية رجال الأعمال لدعم الثقافة والتراث والمنجزات الإنسانية ، أيضا رسالة تقدير للدكتور بسام داغستاني على جهوده في تطوير طرق ترميم المخطوطات ،إضافة إلى ذلك فبسام فنان رائع في الرسم على الورق مستعينا بتقنية رائعة عبر التلوين بواسطة الماءوقد لفتت نظري هذه الطريقة حين شاهدته في أحد المناسبات يقوم بالعمل عليها ، أتمنى أن يعد تحقيقا أخر مع الدكتور بسام حول هذه التقنيةالملفتة للنظر مع الشكر لكاتبة المقال