بوسعادة الجزائرية: قبلة السياح ومحج الفنانين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر: يشعر الزائر لمدينة بوسعادة (422 كلم جنوب الجزائر) بالسكينة والطمأنينة وهو يعانق هذه المنطقة العريقة التي لُقبت قديما بـ"بوابة السعادة"، وكلما يتوغل المرء في جنبات بوسعادة ويغوص في أعماقها يتلمس ينابيع التراث وشموخ الأصالة، ما جعل "جوهرة الصحراء" كما يحلو للكثيرين تسميتها، تتحول منذ زمن بعيد إلى قبلة للسياح ومحج للفنانين الذين انبهروا لثراء المنطقة وتقاليدها وما تختزنه من تميّز في في المعالم والأزياء من البرنوس والقندورة والحلي الفضية وصولا إلى الأواني النحاسية والفخارية والطوبية أيضا، ويدرك كل من يتشمم عبق جوهرة الصحراء، أنّ الأخيرة جزائرية خالصة، فقد أبت المدينة الانسلاخ وظلت مخلصة لشخصيتها الثقافية ورصيدها الحضاري الكبير، ولعلّ شواهدها الحالية تعكس ماضيها الثري الذي يشرح حاضرها ويضيء مستقبلها.
وبحسب معلومات توافرت لـ"إيلاف"، فإنّ العلامة "سيدي تامر بن أحمد" هو من أسس مدينة بوسعادة عام 1120 ميلادي، ووصفها بالسعادة نظرا لغبطته بجمال الطبيعة قبل أن يتحول الاسم إلى "أبي السعادة" ثم إلى "بوسعادة"، وقد شيد سيدي تامر في البداية مسجدا حمل اسمه وما يزال موجودا إلى حد الساعة رغم أنه بُني بالطوب والحطب، دون أي مواد بناء فعالة.
ويروي أبناء المدينة، أنّ المسجد المذكور بمجرد تشييده حتى انفجر بمحاذاته بئر مياهه دافئة شتاء وباردة صيفا، وشكّل مع مرور القرون حوضا مائيا تعيش فيه أسماك تسمى "النون" تقوم بتنظيف حوض المسجد من كل القاذورات والأوساخ ليل نهار وصباح مساء بفعالية كبيرة وكد غريب، ليكتسب مسجد سيدي تامر خواص المعلم الديني والحضاري والتاريخي الهام، وتخرجت منه قوافل من العلماء والأساتذة ورجال الفقه، كما شكّل مزارا دائما للسواح والكتاب والفنانين، ولا أدل على ذلك من تعلق الفنان التشكيلي الفرنسي الشهير "اتيان دينيه" (1861 ـ 1929م) الذي دخل الإسلام وغيّر اسمه إلى "نصر الدين دينيه" قبل أن يكرس حياته في خدمة بوسعادة، تلك الواحة التي تفيأ بظلال عشقها، وخصَّها بفنه الكبير وروائعه الخالدة، فصورها ورسمها تاريخيا واقتصاديا واجتماعيا في لوحات زيتية أخذت شهرة دولية ودخلت كبريات المتاحف في العالم بينما تحول متحفه الكائن ببوسعادة إلى معلم ثقافي شهير يزوره الصغير والكبير وهو أصلا المنزل الذي كان يقطنه قبل وفاته ببوسعادة.
ويقول أعيان بوسعادة أنّ زاوية الهامل التي لا تبعد سوى بحوالي 14 كيلومتر عن وسط المدينة، زادت المنطقة شهرة كونها منارة للعلم والدين والفقه، فقد شيدت سنة 1845 على يد العلامة الراحل "سيدي محمد بن بلقاسم القاسمي"، وعُرفت هذه الزاوية بالدعوة الدائمة إلى تحصيل العلوم والدين والفقه، فتخرجت منها أجيال من المثقفين وعلماء الدين والإطارات والأئمة ورجال الفقه، وعملت هذه الزاوية التي تتبع الطريقة الرحمانية على نصرة مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة "الأمير عبد القادر" ودعمته في الحرب على المحتل الفرنسي، مثلما أيدت وساندت فرسان المقاومة على غرار الشيخ المقراني والشيخ الحداد وغيرهما.
وما زاد زاوية الهامل أبهة وهيبة، عمل القائمين عليها منذ سنوات طويلة على إصلاح ذات البين بين مختلف القبائل المتناحرة وتسوية الخلافات بين العشائر إبان الحقبة الاستعمارية بالطرق السلمية، وقد توسعت أنشطة الزاوية وباتت تحتضن آلاف الكتب والمخطوطات التاريخية يعود بعضها إلى 740 سنة خلت-، وتشمل مختلف ضروب العلم والمعرفة من العلوم الطبيعية والعلوم الدقيقة كالفيزياء والكيمياء والرياضيات، وصولا إلى علوم الدين والشريعة الإسلامية وحفظ القران الكريم وتفسيره ما زاد في إقبال طلبة العلم عليها من شتى أرجاء البلاد.
ولا يمكن لزائر مدينة بوسعادة أن يتعامى عن سوقها الحرفي الشهير، فهنا تصادفك محلات بيع الزرابي بمختلف الأشكال والأحجام والمزركشة بشتى الألوان والرسومات والتي تباع بأثمان معقولة، وهي زرابي تنسج في البيوت بالطرق التقليدية العتيقة، كما تؤكده الحاجة فاطمة (72 عاما) التي تمارس هذه الحرفة في منزلها منذ ستين سنة كاملة، حيث بدأت تكوينها وهي طفلة لم تكد تتجاوز 12 سنة، ومازالت لحد الآن تمارس الحرفة بشغف وعشق كبيرين على غرار معظم نساء بوسعادة .
وما يزيد في إبهار السياح وجعلهم يتشبثون ببوسعادة، تلك المناظر الفاتنة والأخاذة كبساتين النخيل الممتدة على ضفتي الوادي الرقراق التي تتعانق فيها أشجار البلوط بأشجار الرمان وأشجار المشمش بالخروب واللوز، وهو سحر جعل كبار الكتاب والفنانين يزورون بوسعادة باستمرار، وشجّع تنوعها كبار المخرجين العالميين على القدوم إلى المدينة الهادئة لتصوير أعمال اشتهرت دوليا، على غرار فيلم "دليلة وسمسون" الذي مثل فيه "هيدي لامار" و"أنجيلا لانسبوري" وأخرجه "سيسيل بلونت دو ميل" (1948)، وكذا فيلم "بائع العبيد " للمخرج الايطالي الشهير "أنطوني داوسون"، علاوة على أفلام جزائرية كان لها صداها كـ"عطلة المفتش الطاهر" للمخرج موسى حداد، و"وقائع سنوات الجمر" للمخرج محمد الأخضر حمينة (1975) الذي افتك السعفة الذهبية لمهرجان كان، إضافة إلى الفيلم الهزلي" الطاكسي المخفي" للمخرج بن عمر بختي (1989).
ولا يمكن أن تكتمل جولتك عبر جوهرة الصحراء دون زيارة طاحونة" فيريرو" التي لا تبعد عن بوسعادة سوى بثلاثة كيلومترات، وأصبحت بمثابة معلم تاريخي يلجا إليه كل الزوار، تبعا لمجاورتها شلالات رائعة كانت في الماضي تشكل الطاقة المحركة للطاحونة، فيما تحول منزل " فيريرو" اليوم إلى أطلال بديعة خلابة تسبح وسط مياه الوادي المحاط بحدائق عائمة وبساتين خصبة خضراء
التعليقات
جزائر العراقة
هالة -اتمنى زبارة هذا البلد الجميل ومشاهدة كل معاليمه التاريخيةوالأثريةالعريقة رغم ما اسمع عنه من حروبات اهلية ... الله يحميك با بلد الأصالة والعراقة هالة من تونس
Shou halhellow
Nacer -Beautiful site and city
اهلا وسهلا
الى التونسية -اهلا وسهلا بتونس وبناس تونس الخضراء في الجزائر البيضاء بلاد المليون ونصف المليون شهيد ولاتنسي بان دم الجزائريين ممزوج بدم التونسيين في 8فيفري بساقسة سيدي يوسف
MERCI Hala !
NADIA -Tu es chez toi en Algerie ,et la bienvenue ,il ne se passe plus rien de nos jours et tu ne feras qu''embelir ce pays de ta presence Merci a toi .
une histoire pauvre
nawfel -ce sont les turks qui ont construit ca les pauvres algeriens comme ils disent les francais ont les mains coupees
أجمل ;جنة; على الارض
ابو سمرة -هذه المدينة الساحرة ;بوسعادة وصفها مستشرق فرنسي أنها قطعة من الجنة اختارها الخالق لتكون شاهدا على جنة الخلد..طوبى لسكانها
تصحيح
محمد -اريد ان اصحح ان بوسعادة تبعد عن الجزائر العاصمة ب:243كم فقط و انا من سكان هذه المدينة و هي تقع وسط الجزائر في الهضاب العليا انظر خريطة الجزائر
إلى نوفل
لطفي -الجزئريون هم الذين اسسو ا زاوية الهامل واقول لك يا نوفل إقرأ التاريخ ومادام استشهدت ببمثل فرنسي حسب أدعائك روح الحقهم فرنسا خرجت وقال الهواري رحمه الله كيف تشكرنا فرنسا نعرف غلطين والجديث قياس