إيلاف+

شجرة الميلاد تزين بيوت أهالي كركوك

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

علي طالب من كركوك: في سوق المحاكم وسط كركوك، بدت أم ريتا ذات الأربعين سنة، منشغلة مع ابنها كوركيس، باختيار شجرة ميلاد صغيره، بعد أن قررت وعائلتها الاحتفال بعيد الميلاد بالرغم من الظروف الصعبة التي مرت على المسيحيين في العراق. أم ريتا وغيرها من مواطني كركوك المسيحيين على عكس السياسيين وممثلي الأمم المتحدة بدوا أقل اهتماما بما يثيره موقع هذه المدينة الجغرافي وتكويناتها الاجتماعية المختلفة، من تداعيات سياسية، وانصرفوا تاركين السياسة لأهلها، باحثين عن سعادات صغيرة ربما يجلبها لهم العام الميلادي الجديد.

صلوات الميلاد تدعو للسلام للعراق وشعبه

وتشير أم ريتا في حديث لـ"نيوزماتيك" إلى أن "المسيحيين بالرغم من تهجيرهم من منازلهم في الموصل ولجوئهم إلى مناطق آمنة فرارا من المسلحين، ما زالوا يتلمسون الفرحة والبهجة مع قدوم عيد مولد السيد المسيح"، وتضيف "رغم كل تلك المصاعب قررت أنا وعائلتي التحضير لإجراء احتفالا جميلا في منزلنا وبدعوة جميع الأقارب، والدعاء بأن يعم الأمن والسلام على العراق وأهله".

وتقول أم ريتا وهي تحمل بيدها بابا نوئيل "باشرت منذ يومين بالأعداد لقدوم العيد المجيد ورأس السنة الميلادية الجديدة، واشترينا أشياء كثيرة مثل الحلويات والمكسرات، ولكن الأهم من كل هذا هو شجرة الميلاد، فقد خصصت وقت الصباح اليوم لشرائها من المتجر المتخصص، واشتريت دمية تمثل بابا نوئيل، الذي سوف يزور أطفالنا ويضع تحت أسّرتهم ألعابا وهدايا".

ويقول رامز بطرس 33 سنة في حديث لـ"نيوزماتيك" "العيد هذا العام مثله مثل الأعياد السابقة وهذا العيد يمر على المسيحيين وهم أكثر تهجيرا من أي سنوات سابقة في العراق، ولكن رغم هذا فسوف نقيم قداسا للصلوات في الكنائس ونتقرب بالدعاء إلى الله تعالى بأن يجعل العراق آمنا ويجمع بين جميع أهله وأحبتهم".

ويضيف بطرس إن "الاستعداد للعيد يتمثل من شراء الألبسة ومواد العيد وشجرة الميلاد التي تعتبر شيئا مهما في عموم المنازل لتضيف فرحا وبهجة على أعياد الميلاد"، ويتابع "سوف نقيم احتفالا خاصا للأقرباء في منزلنا في اليوم الأول، وبعدها نزور الأقارب في محافظة أربيل ونقضي عطلة العيد معهم في منطقة عين كاوة".

الشجرة تعود بعد غياب أكثر من خمسة أعوام

مع اقتراب أعياد رأس السنة الجديدة وأعياد الميلاد المجيد، يقوم أغلب المحتفلين بالأعياد بشراء شجرة عيد الميلاد التي ترتبط بنص من العهد الجديد، في حين فضل عدد من الأسر المسيحية اختصار مراسم العيد على إقامة الصلوات والقداس والاحتفال في البيوت.

وقد انتشرت شجرة عيد الميلاد في أسواق كركوك هذا العام بشكل لافت أمام واجهات المحلات، بعد أن كادت تختفي من تقاليد المدينة التي شهدت أحداثا دامية، وسلسلة من الإنفجارات والقتل والفوضى.

ويقول محمد ألبياتي، صاحب محل لبيع الأشجار، في أحد أسواق كركوك في حديث لـ"نيوزماتيك"، إن "لدي أشجار مزينة، وأخرى غير مزينة، ويختلف الطلب تبعا لأذواق الناس"، ويضيف أن "هناك من يشتري شجرة بسيطة ويقوم بتزيينها في البيت، وهناك من يفضلون شرائها مجهزة بكرات ملونة ونجوم ودمى صغيرة، لكن في كل الأحوال يجب أن يكون بابا نوئيل حاضرا فيها، لابسا بزته الحمراء وقبعته التي ينسدل منها خيط طويل".

ويلفت البياتي إلى أن "سعر الشجرة الواحدة من غير زينة يبلغ حوالي 35 ألف دينار عراقي، فيما يبلغ سعر الشجرة المجهزة بالزينة إلى أكثر من مائة دولار أمريكي" ويتابع أن "الإقبال على شراء الأشجار هذا العام، يفوق الأعوام السابقة".

وتقول المواطنة جاكلين بولص في حديث لـ"نيوزماتيك" إن "شجرة عيد الميلاد لها خصوصيتها في العراق، ومنذ زمن بعيد يحتفل العراقيون بهذه المناسبة من خلال اقتناء أشجار الميلاد الطبيعية التي توفرها محلات بيع الزهور من مشاتل خاصة، إذ عادة ما تكون الشجرة ذات أحجام مختلفة" وتضيف "في الأسواق العراقية أنواعا أخرى من أشجار الميلاد وهي الصناعية ولها أشكالا جميلة".

وتشير بولص إلى أنها تشتري "الكرات الملونة والنشرات الضوئية وعلبا بأشكال هندسية مختلفة، مكعبة ومربعة ذات أحجام صغيرة ترمز إلى هدايا بابا نوئيل" وتختتم حديثها قائلة "في هذا العام سنضع أحلامنا عند شجرة الميلاد الخضراء التي ترمز للبركة والنماء والحياة المتجددة".

وتشهد أسواق مدينة كركوك، 260 كم شمال بغداد، منذ أيام إقبالا على شراء أشجار عيد الميلاد، بشكل لم تشهده منذ عدة سنوات بسبب سيطرة الحوادث الأمنية، والعنف على مشهد العيد، وقد اعتاد أهالي كركوك من الاحتفال بعيد ميلاد المسيح (عيسى بن مريم) ورأس السنة وميلاد السيد بمختلف قومياتهم وأديانهم.

أول شجرة ميلاد

ويقول المؤرخ والكاتب نزار السلامي، لـ"نيوزماتيك" إن "شجرة الميلاد مرتبطة بالأعياد الرومانية وتقاليدها، وقد أستخدم الرومان شجرة شرابه الراعي كجزء من زينة عيد ميلاد الشمس التي لا تقهر، ومع تحديد عيد ميلاد المسيح يوم 25 كانون الأول أصبحت جزءا من زينة الميلاد وتمّ اعتبار أوراقها ذات الشوك رمزاً لإكليل المسيح، وثمرها الأحمر رمزاً لدمه المراق".

ويضيف السلامي أن "استخدام الشجرة يعود حسب بعض المراجع إلى القرن العاشر في انجلترا، وهو مرتبط بطقوس خاصّة بالخصوبة، حسب ما وصفها أحد الرحّالة العرب، ولكن هذا التقليد ما لبث أن انتشر بأشكالٍ مختلفة في أوروبا خاصّة في القرن الخامس عشر في منطقة الألزاس في فرنسا حين اعتبرت الشجرة تذكيراً بـ(شجرة الحياة) الوارد ذكرها في سفر التكوين، ورمزاً للحياة والنور، ومن هنا برزت عادة وضع الإنارة عليها، وقد تمّ تزيين أول الأشجار بالتفاح الأحمر والورود وأشرطة من القماش".

ويؤكد المؤرخ السلامي، أن "أول شجرةٍ ذكرت في وثيقة محفوظة إلى اليوم، كانت في ستراسبورغ سنة 1605 ميلادية، ولكن أول شجرةٍ ضخمة كانت تلك التي أقيمت في القصر الملكي في إنجلترا سنة 1840 ميلادية في عهد الملكة فيكتوريا، ومن بعدها انتشر بشكل سريع استخدام الشجرة كجزءٍ أساسيّ من زينة الميلاد، وتاريخ استخدام الشجرة كطقس ديني يرجع إلى الآلاف السنين وهو طقس ديني بدائي".

ويشير السلامي إلى أن "الإنسان القديم كان يعتقد بالأرواح أو حلول أرواح الأجداد بالكائنات الحية القريبة من القبيلة أو العائلة أو بتماس مباشر معها، لذلك أعتقد بأن روح الأجداد تحل بالأشجار التي تحميهم وتمدهم بالظل والثمر، لذلك كان جزء من عباداتهم هو عبادة الشجرة".

ويرى السلامي أن "عبادة الشجر موجود بالديانة البابلية، يوم بعث تموز للحياة، يوم 21 آذار، يوم نوروز أو يوم الشجرة في بداية الانقلاب الربيعي" ويضيف "بشكل عام الشجرة تعتبر رمزا للوحدة والقوة وديمومة الحياة، في تقاليد جميع الشعوب والأديان في العالم".

ويحتفل المسيحيون في العراق بعيد ميلاد المسيح (عيسى بن مريم) في بيت لحم كل عام في الخامس والعشرين من شهر كانون الأول، ويختلف المسيحيون الغربيون عن الشرقيين في موعد احتفالاتهم بعيد ميلاد السيد المسيح، فبينما يحتفل في الغرب في الخامس والعشرين من كانون الأول عند الكاثوليك والبروتستانت، فانه عند الأرثوذكس في الشرق يوم السابع من كانون الثاني من كل عام.

وتمتد هذه الاحتفالات حتى نهاية السنة في 31 من كانون الأول، وتبدو مظاهر احتفالات السنة الميلادية بشكل مبهج في العراق، وتكتسي المحلات بالأدوية وتتزين بشجرة عيد الميلاد التي أعتاد العراقيون من المسلمين والمسيحيين على إحياءها، فيما تزدحم الأسواق بالمتبضعين وتنشط حركة بيع الهدايا والملابس استعدادا للاحتفال بالعيد.

يذكر أن العراق يضم أربعة طوائف مسيحية رئيسة وهي الكلدانية "أتباع كنيسة المشرق المتحولين إلى الكثلكة"، والسريانية الأرثوذكسية، والسريانية الكاثوليكية، والآشورية (أتباع الكنيسة الشرقية)، إضافة إلى أعداد قليلة من أتباع كنائس الأرمن والأقباط والبروتستانت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
my dream
Salah Haftaghari -

all i''m whishing for is that some day i could go back and live in Kerkuk/haftaghar with peace and harmony amongst all the people of Kerkuk, I will give up every thing i have and had made in USA for the last 33 years for that DREAM.

كرسلوخ اسمها
jon -

اذا اردتم للتسامح عنوان فقولوا كركوك النار الأزلية