تغير جذري في عادات إقامة الأعراس غرب الجزائر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
كامل الشيرازي من الجزائر:تغيرت عادات إقامة الأعراس بشكل جذري في منطقة تيارت غرب الجزائر، وصارت مختلفة عما كانت عليه قبل عدة سنوات، انطلاقا من اختيار شريك أو شريكة الحياة، وصولا إلى تفاصيل حفلات الزفاف ومختلف جوانب هذا الرباط الحياتي المقدّس، حيث بات سكان تيارت حاليا يحتفظون سوى ببعض العادات المرتبطة بالفأل الحسن لإنجاح مؤسسة الزواج، مسايرين في ذلك رغبات أبنائهم بالموافقة على اختيارهم لشريك أو شريكة الحياة.
وعن هذا التحول في طرق وعادات الزواج، يقول الحاج أحمد (65 سنة) الذي زوّج ابنه الثالث مؤخرا، أنه تعامل مع زفاف نجليه الأولين بالمنطق الذي
ورثه عن آبائه، حيث تكفل شخصيا باختيار العروس وحتى إقامة حفل الزفاف ولم يكن الزوجان يعرفان يعضهما البعض، ولهما اليوم أربعة أبناء دون أن تعترض حياتهما مشاكل كبيرة، تماما مثل الابن الثاني الذي اختارت له والدته عروسا بوساطة سيدة معروفة في هذا المجال.
لكن الحاج أحمد يقرّ بأنّ ابنه الثالث الموظف بإحدى الإدارات هو من قرّر تزويج نفسه واختار شريكة حياته وهي زميلة له في العمل دون أي تدخل من والديه، كما كانت تفاصيل الزواج محل تفاهم بين الخطيبين ولم يقم الأب كما أم العريس بالخوض في أي حديث لا عن أصل العروس أو فصلها ولا حتى المهر وكل ما يتعلق بالزفاف على أساس أنّ كل ذلك كان محل تفاهم بين العريسين، ما جعل أوصياء العائلة يكتفون بمباركة الزواج وتمني كل السعادة للعريسين.
وطال التحول في تقاليد الزفاف في منطقة تيارت، طريقة الاحتفال بالزفاف، أو مخا يُعرف محليا بـ"العرس"، فبعد أن كان الأخير ينشطه ما يسمى بـ"القوم" وهم "الفرسان الخيّالة" الذين تشتهر بهم منطقة تيارت، بجانب ما كان يمتاز به العرس هناك من ألعاب فلكلورية، صار الزفاف مقصورا على تبختر سيارات مكشوفة أوروبية الصنع من نوع "مرسيدس" و"البي أم دابليو" وكذا السيارات الرباعية الدفع، حيث صار الطقس الجديد محلا للتفاخر بين الشباب العرسان.
واللافت أيضا اختفاء عادات قديمة، كإقدام الأب أو الأخ على مصاحبة العروس في خروجها من بيت أهلها، إذ أصبح الشاب العريس هو الذي يتولى إخراج عروسه من بيت أهلها، كما أنّ قاعات الحفلات الخاصة عوضت دفئ الأعراس التي كانت تقام بأفنية البيوت وأسطح المنازل، تماما مثل الغناء على طريقة "الديجي" الذي احتلّ مكان فرق الغناء الشعبي والنساء المدّاحات التي كانت تيارت تزخر بهن وببناديرهن الساخنة.
ورغم ذلك يتفق سكان تيارت وعلى اختلاف طبقاتهم الاجتماعية على ضرورة أن يقوم موكب العرس بزيارة أضرحة الأولياء الصالحين خاصة قبة سيدي خالد بتيارت وسيدي أعمر بفرندة من أجل التبرك، ليكون ذلك فال خير وسعادة على العروسين وعائلتيهما، علما أنّه عند أضرحة الأولياء توضع الصدقات وتؤخذ صور تذكارية للعرسان ومرافقيهم.
ومن التقاليد الجميلة التي لا تزال قائمة، استعمال العروسين للعربة التقليدية التي تجرها الأحصنة أو ما يُطلق عليها "الكاليش" هذا التقليد عاد بعد احتجاب استمر لعدة سنوات، حيث يقوم أهل العرس بكراء هذا (الكاليش) المزيّن لبعض الساعات من أجل نقل العريس أثناء السهرة متقدما موكب السيارات.
وفيما كانت حفلة العرس في الماضي تتواصل لثلاثة أيام بلياليها على الأقل، أصبح العرس اليوم يكتفي بسهرة واحدة، ويرجع كثيرون هذا الاختزال في
الفرح، إلى غلاء تكلفة تنظيم الأعراس الحالية، تبعا لوصول قيمتها المالية في المتوسط إلى نحو ثلاثمائة ألف دينار (ما يعادل أربعة آلاف دولار)، فضلا عن ضيق المساكن العائلية، مما يحتم على مختلف العوائل كراء قاعات الحفلات لليلة واحدة لا أكثر ولسان حالهم يقول "عرس ليلة.. تدبيره فعلا عام".