إيلاف+

الشرقيون و العمل في المانيا: دائرة تضيق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الشرقيون و العمل في المانيا: دائرة تضيق و تضيق!

نزار جاف من بون: إرتفاع نسبة البطالة بوتائر باتت تنعکس أبعادها على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي، و وجود العديد من المشاکل المختلفة التي يعاني منها الاقتصاد الالماني، قد دفع بالضرورة لتقليص مجالات العمل و إستحالة الحصول على فرص عمل جيدة نسبيا تکفل حياة عادية للانسان في دولة صناعية متطورة کألمانيا.

و إذا ماکان المواطنون الالمان بذاتهم يعانون من مشکلة البطالة و يجدون صعوبة في الحصول على فرصة عمل تضمن لهم حياة شبه مرفهة، فإن الامر بالبنسبة للأجانب المتجنسين أو الذين حصلوا على إقامة مؤقتة في المانيا، قد يکون أصعب بکثير، لکنه في نفس الوقت قد يکون أسهل عندما يلجأ الاجانب المقيمون في المانيا للأعمال السوادء أي خارج الاطر القانونية. و إذا ماکان الفرد الالماني يرفض أن يستلم مبلغ 5 أو ستة يورو مقابل ساعة کاملة من العمل، فإن العديد من الاجانب المقيمين في المانيا، ليسوا على إستعداد فقط للعمل ساعة کاملة مقابل ذلكم الاجر الزهيد"قياسا للوضع الاقتصادي الالماني"، بل وحتى ان انهم يعملون مقابل نسبة أدنى من ذلك!


صاحب شرکة تنظيف: المستوى التعليمي يحدد نوع العمل
"محمد کامل قادر"صاحب شرکة للتنظيف في مقاطعة "نورد راين ويستفالن" يقول:"هناك نقطة جوهرية في الموضوع، وهو أن غالبية الجاليات الشرقية تعمل في مجالات التنظيف، سيما الجالية الکوردية التي حظت خلال فترة التسعينيات من القرن السابق بقبول طلبات لجوئها، وذلك کان سببا في حصول هذه الجالية على المساعدات الاجتماعية من قبل السلطات الالمانية، ولذلك، لم يفکر أفراد هذه الجالية بالبحث عن أعمال کي يمارسونها من أجل إستمرار حياتهم، وهذا بنظري کان أمرا في غير صالح الجالية الکوردية، لأن ذلك دعى الى عدم تمرس أفراد هذه الجالية في العديد من الاعمال المهنية أو الاکاديمية المتطورة. وعندما ساءت الظروف الاقتصادية لألمانيا و طغى الرکود الاقتصادي على مختلف مفاصلها سيما مع مطلع الالفية الثالثة للميلاد حيث طفقت السلطات الالمانية تضغط على الاجانب المقيمين لديها من أجل الاعتماد على أنفسهم، وحينئذ وجدت الجالية الکوردية نفسها أمام الامر الواقع خصوصا وأن السلطات الالمانية کانت تطالبهم بالعمل، هذه الجالية لم تجد أمامها من مجال تعمل فيه سوى أعمال التنظيف. لکن هذا الامر قد جاء في ظل ظروف إقتصادية قد تکون عصيبة نوعا ما، حيث ان الشرکات العملاقة الالمانية الکبرى بما لديها من نفوذ و علاقات و خبرة و أموال موظفة، تستحوذ على العقود الکبيرة دوما، وهي"أي الشرکات الکبرى"ولأجل ضمان ربح "رخيص"دون جهد يذکر من قبلها، تقوم بمنح هذه العقود لشرکات أخرى"أصغر" ومن ضمنها شرکات التنظيف، ولکي أقرب الصورة أکثر فسوف أضرب لك مثلا على سبيل المثال وليس الحصر، شرکة کبيرة تحصل على عقد عمل لتنظيف أبنية مؤسسات معينة لأکثر من 50 ألف ساعة عمل، مقابل 20 يورو لکل ساعة عمل، هذه الشرکة عندما توکل هذا العقد بعهدة شرکة أصغر، فإن الشرکة الاصغر تستلم هذا العقد بمبلغ 15 يورو مقابل کل ساعة عمل، وکما هو واضح فإن هذه الشرکة أو الشرکات تقوم بمنح أقل من 10 يوروات مقابل کل ساعة عمل. وإذا وضعنا في حسباننا أن دولا مثل بولندا و جيکيا و المجر قد إنضمت في عام 2008 الى الاتحاد الاوربي و أن دولا أوربية شرقية أخرى مثل رومانيا و بلغاريا سوف تنضمان أيضا الى الاتحاد الاوربي في العام القادم وعلمنا في الوقت ذاته ان العامل البولندي مستعد للعمل مقابل 3 يورو للساعة الواحدة في وقت أن العامل الالماني"خصوصا الشرقي المقيم في المانيا"لن يقبل بأقل من ثمانية يوروات لأسباب متعددة، فإن حجم المنافسة و الرهان و المعاناة سوف يماط اللثام عنه في السنوات القادمة".


الاستغلال وراء من يبيع قوة عمله رخيصا!
"عبدالرزاق.ف" عراقي من مدينة أربيل و هو يقيم في المانيا منذ أکثر من تسع سنوات من دون أن يحصل لحد الان على حق الاقامة الدائمة، حدثنا عن تجربته مع العمل في المانيا قائلا:"في بداية أمري کنت مندفعا لأسباب متعددة، و کنت أعمل بالابيض"أي العمل القانوني أو بمعرفة السلطات الالمانية" وحتى إنني عملت لأکثر من خمس سنوات بالابيض، لکن، مع مرور الوقت و عدم تمکني من حل مشاکلي الخاصة التي تتعلق أهمها بمنحي حق الاقامة و جلب زوجتي و أطفالي من العراق للإقامة معي، وجدت أن العمل بالابيض ما عاد يجدي نفعا سيما وان ما أحصل عليه هنا يطير من هناك، ولذلك فقد وجدت من الافضل أن ألجأ للعمل الاسود حيث الوضع أفضل من کل النواحي، لکن هذا بالنسبة لمن کانت له خبرة و دراية بالامر، إذ أن الکثيرين من الذين ليس لهم أي هم سوى الحصول على عمل ما، فإنهم يقومون ببيع جهودهم مقابل مبالغ ضئيلة في الوقت الذي يذهب جهدهم الحقيقي أو لنقل مستحقاتهم الحقيقية الى جيوب الوسطاء الذين يستغلون وضع و حاجة الانسان لسرقته بطرقهم الخاصة".
"ك.ب"من أفغانستان، وهو متزوج و أب لطفل واحد لم يتمکن لحد الان من الحصول على حق الاقامة القانونية و بالتالي الحصول على جواز سفر، وهو يقول مبتسما:"القانون الالماني لا يمنحني حق العمل لأنني ببساطة مازلت لحد الان لم أحصل على حق الاقامة و مازالت السلطات الالمانية تعطيني إقامة مؤقتة لإسبوعين قابلة للتجديد، علما بإنني أجيد الکثير من الاعمال و الحرف بدءا من السياقة و مرورا بميکانيك السيارات الى النجارة و الحدادة، ناهيك عن کوني طباخ ماهر" وعندما سألناه عن المهنة التي يمارسها حاليا، أجاب"الطبخ، أنا الان لکوني لا أمتلك حق العمل، فإنني مضطر لکي أعمل کمجرد عمال بسيط و إلا لکان بمقدوري أن أکون بدرجة طباخ و لهکذا مهنة إمتيازاتها الخاصة. وأنا الى جانب هذا العمل، أقوم بأعمال أخرى مثل التنظيف و کتاکسي لکن کما قلت کل ذلك بالاسود، لأنه و بصراحة مازلت بنفسي أسودا في نظر الالمان".


أعمال أخرى لکن!!
کاتب و صحفي عراقي مقيم في المانيا بمدينة ميونيخ فضل عدم الاشارة الى اسمه، ذکر لنا ما في جعبته من معلومات قد تبدو غريبة بخصوص بعض من الاعمال التي باتت بعضا من الشرقيين يقومون بها، وأکد:"ان العديد من الشرقيين و ببالغ الاسف لا يألون أنفسهم جهدا في القيام بأعمال مناسبة أو معقولة على أقل تقدير من الناحية الانسانية و حتى الحضارية، إذ لا أجد بأسا من لجوء العديد من الشرقيين الى العمل الاسود لأسباب تکاد تکون جلها إقتصادية بحتة، إلا انني أجد الامر غريبا و غير مقبولا بالمرة عندما تجد نفرا من الشرقيين قد إحترفوا مهنة ليست غريبة على المانيا لوحدها و إنما حتى على أعرافنا و قيمنا الاجتماعية في بلداننا الشرقية، فهناك مجاميع أشبه ما تکون بعصابات تحترف الطعن بالسکاکين في مدن ميونيخ و شتوتکارت مقابل مبالغ محددة، إذ لو کان هنالك مثلا شخصا ما تعاديه أو تکون هنالك خصومة ما بينك و بينه، فإن تلك الشلة مستعدة لتقديم خدماتها لك في مجال عملها، و لو طلبت مثلا طعنه عطنة واحدة، فإن الاجرة ستکون خمسون يورو أما إذا کانت إثنتان فخمسة و سبعون يورو و ثلاث طعنات خمسة و ثمانون يورو وهکذا هلم جرا. و الغريب ان أسواق هؤلاء رائجة و يقبل عليها البعض من أولئك الناس الذين يقومون بتصفية حساباتهم مع خصومهم بطريقة(لامن شاف و لامن دري) کما ان هنالك أعمال أخرى متداولة بصورة غير طبيعية بين الشرقيين، مثل بيع المواد المخدرة ب"القطعة" أو القيام بتهريب الاشخاص بواسطة السيارات أو بوسائل أخرى مقابل"المعلوم". وهنا لابد من الاشارة الى ان شبکة لبيع و توزيع المواد المخدرة قد تم ضبطها و إلقاء القبض على أفرادها في مدينة "بون" وکان معظم أفرادها من الشرقيين!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف