إيلاف+

الربايبية موسيقى تونسية ذات أصول يهودية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

إيهاب الشاوش من تونس: لا يمكن فصل نشأة و تطور الفنون في تونس،موسيقى، مسرح، فنون تشكيلية، سينما، عن دور اليهود التونسيين، الذين كانوا يشكلون جزءا من تركيبة المجتمع التونسي حتى أواخر الستينات. و إذا كان المؤرخون، يعتبرون "سمامة الشيكلي"، رائد السينما في تونس، فإن روادا آخرين، تركوا بصمتهم في تاريخ الموسيقى التونسية، حتى و ان ارتبط اسمهم بما يسمى بالأغنية الخفيفة او "الدنيوية"، التي تقابلها موسيقى الطرق الصوفية. هذا التضاد، و التقابل، بين نوعين من الموسيقى، له في واقع الأمر جذوره في المجتمع التونسي المحافظ ، الذي لم يكن في بداية القرن العشرين يقبل ما كان يعتبره "موسيقى" هجينة و "إباحية".

مراد الصقلي مدير المركز المتوسطي للموسيقى يقول" كانت الأغنية الدنيوية و الخفيفية منتشرة في الأوساط اليهودية، في مقابل الموسيقى الصوفية و موسيقى الطرق. ففي بداية القرن العشرين، كانت العائلات التونسية تستضيف اما فرقا يهودية او فرقا موسيقية يتكون اعضاؤها من فاقدي البصر. حتى لا يتطلعوا الى وجوه النسوة الحاضرات".

عدد كبير من الفنانين اليهود اشتهروا في تونس ، كالشيخ العفريت و روول جورنو، و المغنية والراقصة والممثلة التونسية حبيبة مسيكة، التي قام حبيبها اليهودي، بحرقها بعد ان هجرته. اما ما تعتبر الموسيقى الشعبية آنذاك، فهي موسيقى الربايبية التي انتشرت بسرعة في الأوساط اليهودية و المسلمة على حد سواء.
ولفظة الربايبية أطلقت في بداية الأمر ، على الفرق الموسيقية النسائية التي كانت تمارس في الزوايا شكلا من أشكال الإنشاد الديني الشعبي المرتبط بمدح الأولياء و الصالحين. وكان هذا الإنشاد يصاحب بآلتين ايقاعيتين وآلة نغمية هي "الرباب" ومن ثمة جاءت تسمية الربايبية.
وقد عرفت هذه الممارسة الموسيقية تطورا مع مرور الزمن حيث استبدل الرباب بالكمنجة ثم بالمزود ولم تعد فرق الربايبية حكرا على النساء.
مصطفى بن رمضان، الذي يعتبر آخر المحافظين على هذه التقاليد، في تونس يقول "أول من أدخل هذه الموسيقى الى تونس هم اليهود. و كانت المجموعات الموسيقية متكونة من يهود و مسلمين. اليهود يسمونها ربايبية، لأنها جاءت من الرباب، و نسميها سلسلة ربايبية، لأنها تقدم مجموعة من الطبوع الموسيقية التونسية، كالسلامية و الصطنبالي و المالوف".
و بخصوص المناسبات التي تقام فيها سهرات سلسلة الربايبية، يقول محدثنا" الى جانب التقرب من الله عن طريق المديح و الدعاء، كان اليهود يحيون الطقوس الدينية كالتفليم، بوساطة سلسلة الربايبية. و هي سهرة يحييها اليهود عندما يبلغ الطفل سن الرشد. و يضيف" كما كنا نحيي سهرات في منازل العائلات المسلمة، اما بمناسبة زواج او ختان او غيرها".
و تجمع سلسلة ربايبية، طبوعا مختلفة من الموسيقى التونسية الأصيلة. و تمر الفرقة من عزف لآخر في سلاسة.
و يقدم مصطفى بن رمضان في عروضه، سلسلة من المقاطع الموسيقية التونسية الخالصة التي تسمى سلسلة الربايبية.
يقول مراد الصقلي"الأوزان في هذه الموسيقى هي تونسية بحتة".
وتعتبر ألة المزود، الآلة الرئيسة في موسيقى الربايبية، و هي محور الفرقة الموسيقية.
يضيف الصقلي في هذا الصدد " المزود، في الربايبية هي بمثابة، آلة القانون، فهي آلة لحنية تحوم حولها بقية الالات".
و تلقى آلة المزود رواجا كبيرا في الأوساط و الموسيقى الشعبية التونسية.
و ينفي مصطفى بن رمضان، وجود علاقة، بين موسيقى المزود المنتشرة حاليا في تونس، و الربايبية، و يقول في هذا الصدد" المزود الحالي، هو موسيقى هجينة، و دخيلة على الموسيقى التونسية".
ولولا ان مصطفى بن رمضان، اعاد احياء سلسلة الربايبية بعد رحيل العديد من اليهود التونسيين،مع مطلع الستينات، لاندثرت هذه الموسيقى .
ففي سنة 1968،هاجر مصطفى بن رمضان الى باريس، والتحق بعدد من اليهود التونسيين، وقام بتسجيل، سلسلة الربايبية حيث صاحبته في الغناء، مجموعة من الفنانين اليهود التونسيين، مثل رؤول جورنو و يوسف الربي.
ثم قام مركز الموسيقى العربية و المتوسطية بإعادة تسجيل سلسلة الربايبية، للمحافظة عليها من الإندثار.
و حول سبب هجرته الى فرنسا يقول، مصطفى بن رمضان"عندما رحل جل اليهود من تونس، لم يعد لسلسلة الربايبية وجود، فكل الفنانين اليهود الكبار، رحلوا، كما لم يعد في تونس من يستمع اليها".
بحثنا من جهتنا عن آثار هذه الموسيقى في تونس، و سألنا أحد اليهود التونسيين، رحل الى فرنسا في الستينات، ثم قرر العودة و الإستقرار في تونس، سألناه عن معرفته بالسلسلة الربايبية، فقال"كان اليهود في اعيادهم و مناسباتهم او بمناسبة شفاء المرضى يقيمون السهرات و يجلبون فرقا تقدم السلسلة الربايبية، و بعض العائلات التونسية المسلمة، تقيم هذه السهرات. اما الآن فلم يعد لهذه الممارسات مكان بين اليهود التونسيين. و في المناسبات و الحفلات، ندعو فرقا غنائية عادية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
what do you want to
Mohammad -

ما قصتكم ان اكلنا فلافل قلتم هذه اكلة يهودية وان لبست امرأة زيا قلتم هذا زي يهودي وان استمعنا الى موسيقا قلتم اصلها يهودي علما ان التاريخ يقول انهم عبيد فرعون ليس الا فهل يعقل تن يكون العبد مبدعا

إيه قصة اليهودية
علي -

هذه الآله الموسيقية تسمى الزكره في ليبيا وتشتهر بها المناطق الجبلية الغربية من البلاد التي لم تشهد في تاريخها تجمعا يهوديا ذا بال وتنتشر اكثر بين المعتقين من الأرقاء المجلوبين من أفريقيا والذين بدورهم ليسوا يهودا بالتاكيد. فماهي علاقة اليهود بآلة كانوا يستعملونها كما استعملها غيرهم.