إيلاف+

مهنة الاسكافي تنتعش في غزة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مهنة الاسكافي تنتعش

أسواق قطاع غزة خالية من الأحذية

مرفت ابو جامع من غزة:أكثر من شهر وصديقتي ماجدة البلبيسي تبحث عن حذاء لوحيدها يحيا مما اضطرها الا إعلان ذلك عبر نيك نيم بماسنجرها بجملة " مزنوقة بجزمة ليحيا مقاس 30، ومن ثم تحول بحثها هذا إلى مقال نشرته عبر المواقع الالكترونية بعنوان: الحصار يطال الأقدام بغزة شارحة معاناتها في البحث على حذاء لوحيدها، وعلى الرغم من ان مقاس يحيا 5 أعوام ليس من النوع الصعب العثور عليه بأي مكان ولكن بغزة في ظل هذه الأوضاع يستحيل.

وتقول البلبيسي مراسلة صحيفة جريدة القدس بغزة، "لدي مناسبة أردت حضورها برفقة صغيري يحيا ولكن لم اجد له أي حذاء بمقاسه، فاضطررت لسؤال زملائي في باقي محافظات غزة علهم يعثرون لي على الحذاء المناسب ولكن دون جدوى،الأزمة كانت تنتشر في كل القطاع وتواصل:"أما زملائي بالضفة الغربية فقد استعدوا ولكن حتى إرسالها من الضفة صعب للغاية بسبب إغلاق المعابر.

ويعيش نحو مليون ونصف فلسطيني في سجن غزة الكبير الذي فرض عليه منذ منتصف حزيران الماضي حصار مشددا، عطل كافة مناحي الحياة، بما فيها القدرة الإنتاجية والعمل وكانت اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار قد حفرت مقبرة جماعية لنحو 3900 مصنع تعطلو في الحصار وباتت أسرهم تضاف الى أرصدة العمال من الفقر والبطالة،

وتشير البلبيسي أن ابنها سيمشي حافيا، خاصة ان الصيف على الأبواب، وأحذيته القديمة لم تعد صالحة للاستعمال، بعد ان أصبحت لا تناسب عمره.
وتتساءل البلبيسي بحرقة إلى متى سنحرم من كل شيء،لقد مللنا هذا الظلم الذي تأخر آخره ولماذا ندفع الثمن من حياتنا التي بالكاد نعيشها كباقي العالم؟؟.


الأحذية مفقودة
ولم تكن مشكلة البلبيسي الوحيدة فكثير من المواطنين بغزة يعيشون نفس الهاجس ويتنقلون بين محلات الأحذية من شمال غزة لجنوبها للبحث عما يناسبهم، لدرجة ان بعضهم أصبح حريص على المحافظة على أحذيته من التلف،ويقول صابر البريم وهو سائق أجره " سيضطر أطفالي الذهاب للمدارس حفاة،ذهبت لاشتري لهم أحذية فلم اجد الا انواعا رديئة "لن تصمد أكثر من شهر"، اضطررت لشراؤها وبأسعار مرتفعة، بعد ان مررت بعشرات المحلات دون أن أجد نوعيات تناسبهم خاصة الملائمة لأجواء الصيف المقبل.

رحلة البحث اليائسة تكررت مع الشاب سامي من جنوب قطاع غزة وقال ل" ايلاف" وهو يقف أمام الاسكافي "بحثت كل غزة على حذاء جديد لم اعثر عليه، فمعظم الموجود قديم ولا يناسبني "اخرج جزمة بلون زيتي من غلاف من النايلون وأعطاها للاسكافي وقال هذه أحضرتها من العريش فترة افتتاح المعبر، أصلحها حتى استطيع السير بها ريثما تنتهي الأزمة وتفتح المعابر،

وكانت إسرائيل قد فرضت حصارا على قطاع غزة منتصف حزيران الماضي واعتبرته كيانا معاديا، ومنعت بإدخال أي من المواد الخام إليه،
و يعتمد القطاع بشكل شبه كامل على استيراد البضائع من وعبر (إسرائيل)ولم يسمح بتصدير أي من منتجات القطاع، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر إلى نسبة 85% ومستوى البطالة يصل إلى مستوى 65% الأمر الذي حد من قدرة المواطنين الغزيين على تلبية احتياجاتهم الإنسانية الأساسية بجانب انخفض حاد في مستوى دخل المواطن ليصل ما دون 650 دولار سنويا.

وتشير الإحصائيات أن أكثر من 96% من المنشآت الصناعية البالغ عددها 3900 منشاة صناعية أغلقت، ومنع تصدير أي من بضائعها، الأمر أدى إلى انضمام أكثر من 33،500 عامل في هذا القطاع إلى أعداد العاطلين عن العمل.

من جهته أكد المهندس زياد الظاظا وزير الاقتصاد والشئون الاجتماعية في الحكومة المقالة بغزة أن قطاع غزة يعاني من نقص حاد في الاحتياجات الأساسية، مشيراً إلى أن ما يدخل من الاحتياجات للقطاع هو ما نسبته (10%) من الاحتياجات والمواد الأساسية الذي يسمح بدخولها مثل الأرز والألبان والمجمدات والبقوليات والدقيق الذي يدخل بين فترة وأخرى.
تجار متذمرون

ويقول أيمن مهنا صاحب محلات مهنا للأحذية وهو من اكبر المستوردين والمصنعين للأحذية في قطاع غزة " حاولنا استغلال المصنع الذي تملكه مؤسستنا لحل مشكلة عدم دخول الأحذية من المعابر فلم نجد مواد خام إلا عندما فتحت طريق العريش صنعنا حوالي 2000 زوج من الأحذية نفذت جميعها،وطالب المجتمع الدولي بالضغط لرفع الحصار عن غزة والسماح بدخول البضائع إليه.

وبدا الحاج أبو عادل عبد العال صاحب محلين للأحذية بوسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة،متضايقا جدا من عدم وجود الأحذية في محله وفي السوق ويشير انه تعرض لخسائر فادحة بسبب الحصار والإغلاق وما استطاع إدخاله خلال مدة فتح المعبر في الشهر الماضي فانه نفذ من السوق مشيرا انه يدفع أجرة محل وعاملين في المحل اضطر لتسريحهم.

ويؤكد عبد العال انه منذ ساعات الصباح حتى المساء لم يبع إلا بدولار واحد، وقال الزبائن لا يفضلون شراء الأحذية الصينية أو المصرية، وإنما يريدون الأحذية المصنوعة بالضفة الغربية وتمتاز بجودة عالية والتي تمنع إسرائيل دخولها إلى القطاع منذ منتصف حزيران الماضي.
ووقف محمد لافي 19 عاما يلتقط أنفاسه داخل محل عبد العال ذو الأرفف الفارغة للبحث عن صندل يستخدمه في الصيف ويقول:" هذا رقم عشرة من المحلات أزورها للبحث عن الصندل ولكني لم أجد شيئا، ويتسأل لافي الى متى ستبقى قطاع غزة محروما من ابسط حقوقه،مشيرا ان حذاؤه الحالي لم يعد قادرا على تحمل التصليح.
مصائب قوم عند قوم فوائد"
"مصائب قوم عند قوم فوائد" هذه المقولة تنطبق اليوم على حال الاسكافيين الذين زاد الإقبال عليهم وانتعشت مهنتهم بسبب إغلاق المعابر واضطرار الناس على تصليح أحذيتهم مرات ومرات لعدم مقدرتهم على اقتناء الجديد منها،لارتفاع سعره واختفاؤه من الأسواق.

ويقول الاسكافي رياض الغندور ووجه ضاحكا، ومتكومة أمامه أزواجا من الأحذية للزبائن في محله مقابل قلعة برقوق بخان يونس:" 12 عاما اعمل في تصليح الأحذية ولم تشهد إقبالا مثل هذه الأوقات معزيا ذلك الى خلو أسواق غزة من البضاعة الجديدة وتوفرها بأسعار مرتفعة رغم قلة جودتها "،
ويشير الغندور ان الإقبال على التصليح لم يعد مقصورا على البسطاء والفقراء من المواطنين وانما ذوي الدخل المرتفع أصبحوا يقبلون على تصليح أحذيتهم ساردا ان دكتور من عائلة كبيرة أصلح له حذاؤه وقال له "انا مديون لك بذلك".
لافتا ان الناس من ضيق الحال تحضر أحذية بالية لا يمكن إصلاحها مما يضطر محاولا ذلك بعد توسلاتهم التي تثير شفقته وتعاطفه معهم.

ويقول أبو عامر الاسكافي الذي يبعد أمتار عن محل الغندور،يلجأ المواطنين لتصليح أحذيتهم بسبب ارتفاع أسعار الجديدة رغم رداءة نوعيتها،موضحا ان الطلب على التصليح ارتفع خلال الأشهر الماضية، مشيرا ان عريس اضطر قبل أيام إلى تصليح حذاؤه عنده لعدم تمكنه من العثور على حذاء جديد،يناسب مناسبة فرحه،

وينتظر الطالب محمد السطري 14 عاما فراغ الاسكافي من تصليح 5 أزواج من الاحذية المثقوبة لإخوته في المدارس طالبا منه إصلاحهم في الحال، لعدم توفر أحذية بديلة لهم للذهاب للمدرسة، وقال:" والدي بحث عن أحذية لتلك التي اهترئت ولكنه لم يجد لذا جئت بالقديمة إلى هنا لإصلاحها وسأنتظر حتى الفراغ منها وأعود.

وفي غياب الأحذية يلجأ الغزيون إلى استعارتها خاصة في المناسبات وهذا ما حدث مع إيناس زياد طالبة التوجيهي قائلة " الأحذية من أكثر الأشياء غير المتوفرة في الأسواق وأنا بحثت كثيرا على حذاء مناسب لي ولم أجد وإذا وجدت وبصعوبة فيكون غالي جدا مما اضطرني إلى أن اخذ حذاء من ابنة خالي ".


ويبدوا ان الصيف المقبل سيحمل لقطاع غزة المزيد من الكوارث اذا لم تفتح المعابر ويرفع الحصار عن غزة، مما يضطر الغزيين إلى السير في رمضائه حفاة ويقول مهنا:" إذا جاء الصيف ولم يدخل شيئاً من الأحذية فان أن نصف الشعب القاطن في قطاع غزة لن يجد ما يلبسه في قدمه".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مجهود حربي؟
احفاد زرادشت -

هذه هي منجزات حماس ضد الاسرائلين