استمرار الهجرة من الريف إلى المدينة في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تواصل الهجرة من الريف إلى المدينة في البصرة
البصرة: المدينة تشهد انفجاراً سكانياً، هكذا وصف محافظ البصرة محمد الوائلي التغير الديمغرافي في المدينة بعد ازدياد الهجرة إليها من الأرياف، والتي اعتبرها المحافظ "هجرة فوضوية".
ولفت الوائلي إلى أن الإحصاء السكاني الذي أجري، عام 2007، يشير إلى وجود 2,453,756 نسمة، في محافظة البصرة بينما "يتجاوز عدد سكان البصرة حالياً، الثلاثة ملايين نسمة".
وقد شهدت مناطق الأهوار في عهد النظام السابق، نزوحا كبيرا لسكانها بإتجاه المدن، بسبب سياسة نظام صدام حسين في تجفيف الأهوار، وتحريف مجرى الأنهار، ضمن ما أطلق عليه آنذاك مشروع النهر الثالث، مما أدى إلى انحسار المياه في الأهوار، ولجوء أهلها إلى الهجرة إلى المدينة.
وحذر شيوخ عشائر في البصرة من مغبة تواصل الهجرة الجماعية من الريف إلى المدينة، بشكل عشوائي، وطالبوا ،في أحاديث لـ"نيوزمايتك"، الحكومة بتنظيم تلك الهجرة ووضع حدا لها.
شيخ عشيرة الإمارة عجيل خلف يصف الهجرة من الأرياف إلى البصرة بـ"الكارثية"، ويقول "النازحون من القرى والأرياف إلى المدينة يعاني غالبيتهم من عسر في هضم القانونين، والتأقلم مع الحياة المدنية، علاوة على تدني مستوياتهم التعليمية".
وأوضح الشيخ خلف أن "الكثير من أبناء القرى والأرياف فرضت عليهم الظروف القاسية التي كابدوها، في مناطق سكناهم الأصلية، عدم الامتثال للقوانين لأنها كانت غائبة في الأرياف، وحلت محلها الأعراف والتقاليد التي تنظم الحياة اليومية للأفراد والجماعات، وهي أعراف تختلف قيمها عن قيم الحياة المدنية والحضرية".
ويطالب شيخ عشيرة الإمارة الحكومة بأجراء "مسح شامل لسكان المدن لمعرفة الذين هاجروا حديثاً من القرى والأرياف النائية، وإقامة دورات تثقيفية تعرفهم بالقوانين، وكيفية الاندماج في المدينة، بالإضافة إلى إقامة دورات لمحو الأمية حتى يستطيعوا القراءة والكتابة، على أقل تقدير".
بينما قال رئيس مجلس أعيان محافظة البصرة الشيخ محمد الزيداوي إن "على الأجهزة الأمنية التحري، بشكل دقيق، عن ماضي الأشخاص الذين هاجروا إلى المدينة قادمين من مناطق الأهوار، لأن بعضهم مطلوب للعدالة بارتكاب جرائم خطيرة، لذا يجب كشف هؤلاء ومعاقبتهم"، واستدرك رئيس مجلس أعيان البصرة القول "لا يعني ذلك مضايقة آلاف العوائل التي نزحت مؤخراً من القرى إلى المدينة بحثاً عن حياة أفضل".
وأفاد الزيداوي بأن نسبة كبيرة من العوائل التي توافدت إلى المدينة والقادمة من القرى والأرياف، "سكنت بصورة غير قانونية في مجمعات سكنية تعود ملكيتها إلى الدولة، بالإضافة إلى استيلائها على قطع أراض بأطراف المدينة"، مبرراً ذلك بقوله "عندما لا يجدون أمكان يقطنون فيها، فإنهم تلقائياً سوف يتجاوزون على أملاك الدولة، ويتخذون منها محل سكن لهم، وعلى الحكومة أن تعالج هذه الظاهرة، وان تقوم بإنشاء مجمعات سكنية لإيوائهم بدل طردهم، لأنهم سوف يفترشون أرصفة الشوارع".
بينما قال محافظ البصرة محمد الوائلي إن هذه الهجرة أثرت سلباً على كمية ونوع الخدمات المقدمة إلى المواطنين، وأضاف "المؤسسات والدوائر الخدمية تجد صعوبة في توفير الخدمات، إلى هذه العوائل، لأنها بالآلاف والحكومة المركزية تخصص المبالغ على أساس آخر تعداد سكاني".
وبحسب الباحث الاجتماعي عبد العظيم السامر فأن ظاهرة الهجرة الداخلية وتفاقمها "لا بد أن تعالج بأسلوب علمي تراعى فيه مبادئ حقوق الإنسان"، ويتحدث السامر صاحب كتاب "الهجرة نحو الفقر"، عن كيفية الحد من هذه الظاهرة بقوله "يجب أن يمنح ابن الريف أو البادية صفة المواطنة بشكل حقيقي، حتى لا يشعر بأنه مهمش ولا دور له في المجتمع، وتكون ردة فعله الإنعتاق من مسقط رأسه والهرب بحثاً عن حياة تمنحه كرامته كانسان".
ويقول السامر إن "جانباً من الحل يكمن في ترقية أبن الريف أو البادية ثقافياً، من خلال توسيع رقعة المدارس الابتدائية، والسعي لتأهيل معلمين أكفاء لديهم دراية وإدراك واسع بالأعراف والتقاليد السائدة في تلك المناطق، ويجب أن تكون هناك حملات إلزامية لمحو الأمية تنفذ مناطقياً".
وينتقد السامر في ختام حديثه السياسات التي اعتمدتها الحكومات السابقة في التعامل مع أبناء الأرياف والبادية بقوله "كان الإجحاف من أبرز سماتها، وكأن أبن الريف أقل منزلة من المواطن المتمدن. وهذا يعمق المشكلة، بل رسخها اجتماعياً على مر العقود السابقة، وأصبحت الحلول أكثر تعقيداً وتتطلب جهداً حثيثاً".
بينما قال المواطن سعدون جثير،53 سنة، والذي نزح مؤخراً مع عائلته إلى مدينة البصرة، بعد كان يسكن في هور الحويزة، إنه يواجه صعوبات كثيرة في إنجاز معاملاته الرسمية في دوائر ومؤسسات الدولة، بالإضافة إلى عدم حصوله على وظيفة كان يحلم بها عندما جاء إلى المدينة، قبل شهرين وأضاف "عندما كنت في الهور كنت مزارعاً، وبعد أن هاجرت إلى المدينة بقيت على مهنتي السابقة لعدم توفر فرص عمل أخرى".
جثير المتزوج بإمرأتين ولديه تسعة أطفال، أفاد بأنه قد يكون مضطراً للعودة إلى المنطقة التي جاء منها، بسبب تعثر وضعه الإقتصادي في المدينة، وتدني الأجر الذي يتقاضاه مقابل الخدمات الزراعية التي يقدمها، وأضاف "لقد اعتدنا في الأهوار على العيش دون مشقة من خلال صيد الأسماك والزراعة وتربية الجواميس والدواجن، لكن الحال يختلف جذرياً في المدينة".
جثير الذي اعتاد أن يجلس قرب باب منزله عصر كل يوم، مثلما كان يفعل عندما كان في قريته الصغيرة، اختتم حديثه لـ"نيوزماتيك" بالقول "لو كانت هناك مدارس ومراكز طبية وطاقة كهربائية ومياه صالحة للشرب، لما فكرت يومياً بالهجرة إلى المدينة. لكن تلك الأمور جميعها تكاد تكون معدومة، ونأمل أن تسعى الحكومة بإتجاه العناية بسكان الأهوار، لأنهم ضحية الإهمال وعدم الاكتراث بشأنهم ومصير أطفالهم".
ويذكر أن العراق شهد أكبر موجة نزوح جماعي من الأرياف والبادية إلى المدن، في العقدين الرابع والخامس من القرن المنصرم، وتتبوأ مدينة البصرة المرتبة الثانية، بعد العاصمة بغداد، من حيث جذبها للنازحين بحكم موقعها الجغرافي واكتنازها الثروات الطبيعية ووجود الموانئ فيها، بالإضافة إلى كونها مدينة ذات خليط اجتماعي من مختلف المذاهب والأديان، ويعد الاندماج فيها أقل صعوبة من المدن الأخرى.
وكالة نيوزماتيك
التعليقات
السبب الحقيقى !
حسن/أستوكهولم -كل المليشيات كانت تستغلهم كوقود وضحيّة حتى يصيطروا على أكثر من المناطق نفوذا" وسرقة ونهبا" من التهريب النفط والسلاح وهم عاطلين وجهلة ومشبعين بالطائفية المقيتة والتعصب العشائرى المتخلف . إنهم كانوا مساكين ,كانوا وقودا" لعصابات ومافيات تدعى الدين ولا أستثنى أحدا" من هذه المليشيات . لم يتجرؤا أن يتطرقوا لهذه الحقيقة لأنها تمسّهم .شكرا"لإيلاف على النشر.
التاريخ يعيد نفسه
حسن/أستوكهولم -عند مجيئ البعث فى سنة 1968إستغلواأبناء الريف البسطاء وخاصة" من المناطق الموالية لهم والعاطلين عن العمل وزجّهم فى قوات الامن والاستخبارات بكل أنواعهما والكثيرة المسميات والكل يعرفها . متى يتخلص العراق وحتى دول الجوار والمنطقة من: الفاشية القومية والفاشبة الدينية؟ أوربا تخلصت منهما , متى نحتاج من الوعى والزمن؟ ألف شكر لإيلاف.