إيلاف+

نيالا ذات الثروة الطبيعية والفقر المدقع

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العاصمة الإقتصادية لجنوب دارفور
نيالا ذات الثروة الطبيعية والفقر المدقع

سوق البصل في نيالا مروة كريدية من نيالا ( جنوب دارفور): أول ما يُقابل المرء في مطار مدينة نيالا المروحيات التابعة للأمم المتحدة وطائرات الإغاثة المنتشرة على أرض المطار، ولدى دخولك المدينة يلفحك هواؤها الساخن المليء بالغبار ويقابلك جنوبًا وادٍ منبسط أحمر التربة تتخلله أشجار كبيرة التربة فيه حمراء والحرارة مرتفعة والهواء ساخن مغبر.

وتُعَدّ مدينة نيالا العاصمة الاقتصادية لولاية جنوب دارفور، وهي واحدة من ولايات السودان، وإحدى ثلاث ولايات تشكل معًا إقليم دارفور في غرب السودان. مساحتها 127,300 كم مربع ويقدر عدد سكانها( 2,700,000 ) .

نيالا تُشكل نقطة التقاء محوري، ومركزًا تجاريًّا مميزًا، حيث تحتل نقطة ربط للطرق التي تمر من شرق السودان إلى غربه ومن جنوب دارفور إلى شمالها وتنتهي عندها سكك حديد السودان غربًا، وتمارس تجارة الحدود مع جيرانها عبر بوابات الحدود مع تشاد وأفريقيا الوسطى.

أحد المحال قد إنعكس تمايز موقعها الجغرافي هذا في النسيج الاجتماعي، حيث تضم معظم القبائل الدارفورية بأعراقها المختلفة، وغالبية سكان هذه الولاية من القبائل العربية "البقارة"، ويشتركون في التقاليد والاعراف مع باقي قبائل دارفور؛ أما قبيلة "الزغاوة"، فتعتبر نفسها القوة الرئيسة في الإقليم، أو التي يجب ان تكون كذلك، علمًا أن زعماء القبيلة يعون حجم توازن القوى القائم بينهم وبين القبائل البدوية الأخرى لذلك فهم يعمدون الى التحالفات في معظم الأحيان.

يمتهن معظم سكان الولاية الرعي والزراعة والتجارة ، وتحتوي نيالا بعض المؤسسات التربوية وهي أشباه مدارس تفتقر بطبيعة الحال الى أبسط مستلزمات العملية التربوية ، وفيها ما يسمى بالجامعة: نيالا وزالنجي وتغيب عنها أبسط المقومات الأساسية، أما نسبة الأمية بين السكان فتتراوح بين 20- 45% .

وصرح بعض مسؤولي الاقليم خلال لـ "إيلاف" بأن منطقة دارفور غنية بالمواد الخام كالبترول، ويعتقد أن هنالك احتياطي نفط يبلغ 7 مليارات برميل، علاوة على وجود اليورانيوم وكثرة الثروة الحيوانية حيث تقدر بـ 70 مليون رأس ماشية ، لذلك فهي قد تشكل أطماعًا لأطراف (غربية) تسعى لاستغلال الموقف والصراع الدائر بين القبائل.

أحد مطاعم المدينة كنت اتنقل في نيالا في حي ّيسمى حي الوادي و بجواره حي السوق وهو سوق نيالا الكبير ويضم سوق شعبي للحوم يسمى سوق مُريِّن يقع بالقرب من موقف الجنينة، قمت بزيارته مرات عدة بهدف الإطلاع على سيرورة الحياة اليومية، فالأسواق تعكس الوجه الانساني الحقيقي لمعاناة الشعوب، ولم أكن بطبيعتي النقدية أن أكترث للمعلومات الرسمية الجاهزة، فالمقدمات التي تقدم لنا كصحافيين، توحي بأن المنطقة غنية بالثروات الطبيعية وتؤدي دورًا محوريًا في الاقتصاد، غير أن المشاهدات العملية على أرض الواقع تشير الى فقر مدقع في جميع النواحي وتخلف حادّ عن الحياة الكريمة، فغالب قوت الناس يعتمد على الذرة واللبن على الرغم من الثروة الحيوانية الكبيرة؛ البيوت السكنية عبارة عن أعشاش مبنيَّة من القصب والأعواد والحشائش.

أما دخل الفرد فلا يتجاوز جنيهات معدودة سنويًّا! وهو أقل بكثير من تقديرات منظمة الأمم المتحدة حيث يشكل القرويون والريفيون الفقراء ما نسبته 93% من السكان، وأما من يعيش تحت خط الفقر حسب تقديرات المنظمة هم الحاصلون على ما نسبته 7% من إجمالي الدخل. لذلك، فإن منظمة الامم المتحدة ابتدعت لهم مصطلح (VPP) أي الفقراء جدًا.

( عزيزة إمرأة عصرية في سوق مريّن)...

عزيزة تيجاني.. إمرأة من نيالا عزيزة تيجاني تنتمي إلى قبيلة الزغاوة، وهي قبيلة من جذور تشادية، وتعيش في حيّ النهضة في نيالا، تعمل منذ أكثر من 15 سنة كبائعة توابل وشاي وسلطة في سوق (مُريِّن) للحم، وقد أخبرتني أنها تقوم وأختها بإعالة عائلتها المكونة من خمسة عشر شخصًا خمسة أولاد وعشر بنات.

عزيزة تبلغ من العمر سبعة وعشرين عامًا، وهي مطلقة من زوجها الذي تزوجها بمهرٍ قدره 25 بقرة وهو عرف زغاوي، وأنجبت منه ثلاثة أطفال آخرهم توأمين (ياسين وياسمين) حيث تقوم بإرضاعهما أثناء عملها ثم تعيدهما الى والدتها لرعايتهما، وقد انفصلت عن زوجها لأنه سكيِّر وعاطل عن العمل على حدّ قولها، وعن وضع المرأة تحدثنا قائلة: "المرأة في دارفور مرهقة جدًّا، والرجال عاطلون عن العمل ففرص الانتاج ضعيفة والمردود المادي قليل كما أن الحكومة لا تساعد في توفير فرص العمل" .

واشتكت عزيزة من "قلة الشغل" هذه الايام، حيث أن صافي ارباحها من الدكان يبلغ 10 جنيهات يوميًَا (ما يعادل خمسة دولارات)، بعد ان كان في السابق يتجاوز 40 جنيهًا ، واشتكت من ارتفاع الضرائب، ودون سؤالها عن التفاصيل سردت لنا مصروفاتها : فهي تدفع 28 جنيهًا لقاء رخصتها التجارية، و17 جنيهًا للبطاقة الصحية، و 17 جنيهًا لرخصة من وزارة الصحة ، و 6 جنيهات رسوم النفايات ....

عزيزة سيدة طموحة وأمّ نشيطة وتعتبر نفسها سيدة عصرية مقارنة بنساء دارفور، وهي تطمح أن تتخلى عن بيتها القش وأن تبني بيتًا من الطوب أرضيًّا، كما تسعى لأن تُعلّم أطفالها وتؤمن لهم مستقبلهم، وهي تفتخر بأنها متعلمة واتمت صف السادس الابتدائي ، كما أنها أجرت كافة تطعيمات أطفالها في المستشفى وتعتبر نفسها حريصة على صحة أبنائها وسلامتهم ووقايتهم من الأمراض .


لا توجد إحصاءات دقيقة أو جديدة عن عدد السكان ، وقد جهدت للحصول من المسؤول على أرقام محددة ،غير أني لاحظت أن كثيرًا من السكان في دارفورقد لا يعمدون الى تسجيل أبنائهم في الدوائر الرسمية مما يجعل مهمة الاحصاء السكاني أمرًا غير موضوعي والارقام الواردة اعلاه تعود لتقديرات عام 2000

الزميلة مروة كريدية تتحدث إلى النسوة في السوق

محل لبيع اللحوم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تحقيق جميل
محمد دقامسه -

يعطيك العافية يامروة...تحقيق رائع

مغيرالاحوال
مدمن ايلاف القبطي -

عام 1956 كانت دارفور اغني مقاطعة في العالم من جهه الثروة الزراعية فماذا فعلوا ببلادهم رحم الله الماضي حقيقي من حقهم ان يدفنوا الناس بالحيا باللجو للدين فلم يعد للناس الا الاخرة بعد ان اصبحنا جياع العالم

صعوبة
صديق للكاتبة -

الامر معقد في السودان ... و كما عهدتك في مقالاتك الفكرية العميقة والدقيقة تصيبين الهدف الفكري ...ربما أنا أعلم سبب عزوفك عن تحليل الوضع السوداني في مقالات علمية لانك غير راضية عن اداء السلطات هناك ...اتمنى ان ارى لك دراسة علمية جادة حول موضوع دارفور فإنني ممن يثقون بحياديتك ... واعلم تماما ان لديك من المعلومات اكثر من تقرير عابر ... شكرا لايلاف

تعليق
أبو سفيان -

قرأت التحقيق السابق الذي أعدته السيدة كريدية عن دافور، وتمعنت بالصور المرافقة ولمسات الحنان والشفقة التي رسمتها الكاميرا ..وقد ذكرني ظهور السيدة كريدية وسط هؤلاء البؤساء والجوعى ، بظهور رجل التبشير الأبيض في أفريقيا القرن 18 ، فالصور تعبر عن شيئ من روح الإستعلاء والإستكبار .. الغريب أن بعضا من هذه الروح المتعجرفة الإستعلائية ما تزال تستوطن عقول الكثير من أهل الشام( الذين مازالو يعتقدون أنهم شعب الله المختار ) وخصوصا اللبنانيين منهم )

ما العمل؟
عاتب على ابو سفيان -

هذا ما نحن العرب فالحين فيه ، القيل والقال وكثرة السؤال ....الاوضاع اكيد تعبانه في كل الدول العربية ولكن بتفاوت ... ولو رأينا واحد يفكر جيدا ويعيش بشكل جيدومثقف جيد مثل كل البشر اعتبرناه مستعلي ... ومتعجرف ..ترى هل ينبغي على المراسلة الكريمة ان تكون قاسية حتى نصفها بالتواضع ؟؟ وهل الشعور الانساني يقتصر على الرجل الابيض ؟ على اية حال اتفق معك ابو سفيان ... يبدو من خلال التقارير السابقة ان مروة كريدية رقيقة وجميلة ..

دي حياتهم كدة
أم آلاء -

أخت مروة أتحدث معك عن رؤية ومشاهدة فقد أتيح لي زيارة المدينة التي تحدثت عنها .هولاء الناس حياتهم أصلا مبرمجة علي هذا الشكل فمعروف عن إنسان تلك المنطقة أن المرأة تعمل هناك بجد وجهد ليتفرغ الرجل لاعمال أخرى تعتبر أهم .وهذا لا يعني أن رجل دارفور غير مجتهد في إعالة اسرته ونحن نعلم ان في أغنى مدن العالم تظهر حالة مثل حالة عزيزة والتي طلقها زوجها لتلك الاسباب .أخت مروة خلاصة قولي أن الناس ديل حياتهم كدة وروتينهم كدة ومدينة نيالا من أغنى المدن وإنسانها مبدع وخلاق فلا تنقصيهم حقهم.

إضافة
أم آلاء -

تعليق آخر الأحياء التي ذكرت انك قمت بزيارتها وانت في الطريق لها ألم تمري بحي السينما او حي المطار؟وهذه الصور هل هي تمثل واقع مدينة نيالا فعلا ؟وهل هذه هي مطاعم المدينة؟ ولماذالم تبرزي ملامح واقع أجمل من التي قمت بتصويرها؟ ...

حى الوادى
غنوجه اهلها فى نيالا -

الى كل القراء انا غنوجه اهلى بنيالا اعشقها بكل تفاصيلها /الاحياء الشوارع والاطفال قصصها المفرحه والمؤلمه تهزنى وتبكينى وتضحكنى احيانا وياريت اعود لها حامله لها معى كل الذى احلم واثابر من اجله / ويا ام الاء ياانت ماسمعتى بان حى الوادى اعرق وارقى احياء المدينه