المؤتمرات العربية استعراض للخطابة أم مرحلة إنجاز؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سمية غازي من صنعاء: في كل مرة ينعقد فيها مؤتمر من المؤتمرات العربية، يبرز السؤال الكبير: هل المؤتمرات العربية تكريس لقدرات العرب على الخطابة وإطلاق الإحكام والقرارات الغيبية؟.. أم أنها حقا فترة انتقالية تبشر بولوج مرحلة جديدة من الانجاز القائمة على مستوى متقدم من الوعي الاجتماعي لكل ما يدور من حولنا؟، ودعوة حقيقة لشحذ الهمم وتعبئة الطاقات الشعبية نحو تحقيق الأهداف والتطلعات المنشودة، بناء على تنسيق المواقف وتعميق روابط التعاون والتنسيق المشترك بين الهيئات والمؤسسات العربية المختلفة؟
على هامش أعمال المؤتمر القومي العربي الـ(19)، المختتم أعماله الثلاثاء الماضي بالعاصمة صنعاء تحدث عدد من المفكرين والأكاديميين حول ذلك.
* إنجاز التكليفات الضمنية:
يؤكد الدكتور محمد اشرف البيومي أن هناك مجال لتطوير الأمور ورفع مستوى الانجاز في هذه المؤتمرات. ويرى في عقد المؤتمرات بحد ذاتها إنجازا كبيرا، " لما تتيحه اللقاءات الجانبية من تنسيق للمواقف وتوحيد الرؤى والأفكار، كما أن الحوارات تساعد على المستوى الفردي والجماعي في بلورة
وتبقى فاعلية هذه اللقاءات والمؤتمرات في تحقيق الأهداف المرجوة منها مرهونة في نظر الدكتور البيومي على إنجاز الأعضاء لما عليهم من تكليفات ضمنية، ويقول:" إذا أنجز الأعضاء ما عليهم من تكليفات ضمنية ولو بنسبة 30% لأصبحت طفرة مهمة والانجاز سيكون اكبر مستقبلا".
يشاطره في الرأي المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة " المؤتمرات العربية سواء المؤتمر العربي القومي أو المؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية وغيرها، تظل ضرورة لأنها تكرس لحالة الهوية العربية على مستوى المجتمع حتى عندما تتخلى عنها الدول".
ويضيف "صحيح أن تلك المؤتمرات لم تستطيع في كثير من الحالات تحقيق تكامل اقتصادي اجتماعي لأنه ليس ضمن صلاحياتها أو امكاناتها لكنها بالتأكيد ملأت فراغا معنويا هائلا كانت ستكون كارثة لو أنها غير موجودة والقرارات القومية والإسلامية تساهم مع بعضها وتتفاعل معها،ولولاها لما استطعنا الخروج بأي قرارات ممكنة".
ويؤكد بشارة انه لا يمكن تخيل الساحة بدون عرب يتحاورون ويتابعون ويناقشون قضاياهم.. ويقول " إذا ما تحقق أن ذلك فسيتحقق عندها ما تريده الأنظمة العربية وهو عدم وجود انسجام شعبي على الساحة".
ويعتبر بشارة عقد تلك المؤتمرات " فعلا مباركا ومهما بغض النظر عن هشاشته حتى يتم تحقيق الأهداف العربية والقومية، وإن رأى فيها البعض مضيعة للوقت".
* جامعة شعبية:
من جهته يرى المفكر والباحث العراقي علاء الدين الاعرجي- وهو متخصص في الدراسات الحضارية- أن هناك تفاعل بين المجتمع والسياسة، ويقول:" من المفترض أن يعبر المجتمع عن السياسة بوجه عام، لكن عربيا
السياسة لا تعبر عن أراء المجتمع أو الشعوب بسبب الفجوة بين الأنظمة وبين الشعوب مما يؤدي إلى تنافر تلك العلاقة من ناحية ومن ناحية ثانية رأي الشعوب لا يعبر عنه في الخارج وعلى نطاق عربي أو دولي أو إنساني..
لذا فان هذه المؤتمرات تأتي تعبيرا عن أراء تلك الشعوب".
ويقدم علاء الدين الاعرجي مقترحا بإنشاء جامعة عربية شعبية تقف إلى جانب جامعة الدول العربية، وتعبر عن مواقف الأنظمة العربية.
ويقول" الهدف من هذه الجامعة التي ستكون بمثابة برلمان شعبي يضم الاتحادات العمالية وجمعيات حقوق الإنسان ومراكز الدراسات والأبحاث المستقلة واتحادات المهن المختلفة ومنظمات المجتمع المدني شريطة ان
تكون مستقلة فعليا عن الحكومات والأنظمة الرسمية ".
أما مراقب ومستشار الدائرة السياسية للمؤتمر الشعبي العام عبد الإله أبو غانم فيعتبر أن عقد المؤتمرات " في هذه المرحلة ثمرة مهمة خاصة في ظل الهيمنة الأميركية على المنطقة العربية ومحاولة طمس ثقافة الأمة وتغيير المصطلحات وتسميتها بغير مسمياتها الحقيقية".
ويؤكد على دور هذه المؤتمرات في إيقاظ شعور الجماهير التي انشغلت بقضاياها المعيشية اليومية، " ولذلك هي بمثابة نقطة مضيئة في ظل ما يحاك للأمة من مؤامرات تستهدف ثقافتها ووجودها وثرواتها".
ويختلف رأي مدير المركز الثقافي اليمني في جمهورية مصر العربية خالد عمر عما طرحه عن سابقيه " المؤتمرات العربية التي نتحدث عنها قد لا تفي بالغرض ولا تقود الشعوب العربية لما ينشده من المشروع العربي التقارب والعمل المشترك لكنها تمثل البدائل المتاحة التي ليس لها بديل في ظل نقص العمل العربي المشترك الرئيسي".
* بدائل متاحة:
من جانبها تقول رحاب مكحل مدير عام المؤتمر القومي العربي: " عام 1990 التقت نخبة من المثقفين المناضلين والمتولين مواقع في الأحزاب العربية والنقابات ومؤسسة المجتمع المدني لنطلق فكرة(المؤتمر القومي العربي) جميعا يطمحون إلى أن يقدموا خطاب عربي متجدد ملتزم بالمشروع النهضوي العربي و أصبح عددهم 700 مشارك ومشاركة، يلتقون ليناقشوا أوضاع هذه الأمة وبعد النقاش يصدرون بيان للأمة يكون هذا البيان خلفية لعملهم وتحركهم داخل مؤسساتهم ونقابتهم ومواقعهم الثقافية بما يتيح لهم الفرصة ان يلتقوا في كل بلدانهم حاملين همومهم في معالجة هذا القضايا".
وتضيف " من خلال تلك اللقاءات استطاعت تلك المؤتمرات توفير فرصة للتفاعل المطلوب في ظل الانقسام الراهن بين الأقطار".
وتؤكد أن ذلك التفاعل أنتقل بمستويات مختلفة، بين مجاميع من المنتمين إلى مختلف التيارات في الأقطار المختلفة وداخل القطر الواحد أيضا.
ورغم نبره التشاؤم التي عبر عنها البعض، إلا أن المؤرخ في الشؤون العربية والأردنية ضافي الجمعاني يبدي تفاؤله، ويقول " كل ما يطرح في المؤتمرات لابد أن تأتي مرحلة تتبلور فيه كل تلك الرؤى والأفكار في نهج عربي متكامل قابل للتنفيذ على الواقع العربي وانه من المهم ان يتفق شركاء العمل العربي على برنامج عمل واحد ".
سبأنت