إيلاف+

العقال العربي في العراق هوية وتقليد عشائري عريق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد الكاظم من الناصرية: تعرف الكثير من المدن في العراق بالأزياء التي يرتديها ساكنوها، ويعرف رجالها بنوعية ملابسهم وأشكالها التي تصبح زيا تقليديا لهم مع مرور الوقت. ففي محافظة ذي قار، مركزها مدينة الناصرية 380 كم جنوب بغداد، يتكون الزي التقليدي للرجال من العقال وغطاء الرأس "الشماغ" أو الكوفية، والدشداشة، والصاية وهناك من يطلق عليها اسم "الزبون" ثم العباءة. لكن لم يحظ أي جزء من أجزاء الزي التقليدي العراقي بما يحظى به العقال من احترام وتقدير. ولذلك حفلت الكثير من الأغاني باسم العقال، وفي اللهجة العراقية "العكال". وتقول كلمات أغنية قديمة:

"متغاوي وعكالك مرعز وحزامك فضة مطرز"


سر الحبل الذي تحول الى رمز

تطور العقال عبر الزمن من كونه مجرد حبل تعقل به الناقة، أي تربط به، كي لا تتحرك من مكانها، الى رمز يفخر به سكان مناطق واسعة من العراق والخليج وبلاد الشام. فتعددت أنواعه واختلفت أشكاله عبر السنين لكنه لايزال يمثل قيما خاصة عند المهتمين به كالكبرياء والكرامة. فسقوط العقال حسب الأعراف العشائرية يعني سقوطا لتلك القيم.

يحدث أحيانا أن يتدافع رجلان نتيجة شجار أو ما شابه فيسقط عقال أحدهما، فتحدث عند ذلك مشكلة كبيرة، إذ يضطر الذي أسقط العقال الى دفع تعويض مادي أو معنوي لأن التقاليد السائدة تعتبر سقوط العقال من الرأس إهانة.

سمير صبار، بائع ثياب رجالية يقول لـ"نيوزماتيك" إن "البدو في الصحراء يستخدمون حبلا دائريا صغيرا في ربط قوائم الناقة لتظل واقفة في مكانها أثناء الرعي، وكان هذا الحبل يسمى عقالا لأنه يعقل الناقة، وحين يسير البدوي يضع الحبل على رأسه كي لا يضيع منه لأنه بحاجة دائمة له. وشيئا شيئا اكتشف البدو أن العقال يثبت غطاء الرأس وأخذوا يرتدونه باستمرار فتطور حتى وصل الى الشكل الحالي".

أبو محمد، أشهر من يصنع العقال في مدينة الشطرة، نحو 50 كم شمال الناصرية، يقول لـ"نيوزماتيك" إن "العقال يصنع من الصوف المغزول يدويا، فالصوف يغزل ويصبغ ويمر بعمليات كثيرة حتى يصل الى مرحلة لف العقال وهي عملية متعبة ومعقدة تتم بواسطة اليد وآلة بسيطة هي خشبة ومطرقة. وأحيانا نستعين ببعض الغزول المستوردة لنقوم نحن بلفها يدويا، والنوع الذي يفضله كبار السن هو المصنوع يدويا مئة بالمئة ".

وللعقال أنواع وأحجام، وتبعا لها تتغير الأسماء بحسب أبو محمد، فهناك عقال حب اللؤلؤ، وعقال الصوف، وعقال الوبر، والمرعز، وعقال المخمل، وعقال الشطفة، وغيرها. والاختلاف بين هذه الأنواع هو طريقة اللف والمواد الداخلة في صناعة العقال، وبعض هذه الأنواع لم يعد مستعملا اليوم خاصة عقال الشطفة المربع الذي كان مستخدما قبل أكثر من مئة سنة وارتداه ملوك السعودية، وملك العراق فيصل الأول.

ويشرح أبو محمد لـ"نيوزماتيك" طريقة صنع العقال فيقول إنه "كمية كبيرة من الخيوط تجمع على شكل حبل لتعطي العقال المرونة اللازمة، تلف بخيوط ناعمة سوداء، وقد تزين بخيوط أخرى لامعة، وطريقة لف هذه الخيوط السوداء هي التي تعطي للعقال أسمه وتحدد نوعيته".

الحاج جاسم كاظم، 60 سنة، يرى أن "العقال ليس رمزا للتقاليد العشائرية الأصيلة فقط، إنما هو هوية لمرتديه أيضا". ويضيف "أنا أستطيع أن اعرف مدينة الرجل من العقال الذي يرتديه ".

ويوضح الحاج كاظم إن "سكان الديوانية ومحافظات الوسط يميلون لارتداء عقال صوفي صغير نسبيا يسمى الربع، وسكان الناصرية يرتدون عقالا يكون قطره أكثر اتساعا يسمى النص، وسكان العمارة يرتدون عقالا أكثر سمكا، أما سكان الزبير فيرتدون عقالا رفيعا جدا، والدليم وسكان المناطق الغربية من العراق يرتدون عقالا رفيعا مع الغترة، وهي الكوفية البيضاء غير المنقطة.

العقال في العرف العشائري

ويروي خشان مطلق، 55 سنة، لـ"نيوزماتيك" أن "العقال مرتبط بالتقاليد العشائرية، فعند موت احد الأشخاص لا يرتدي أشقاؤه العقال طوال أيام مجلس العزاء، تعبيرا عن الحزن على فقيدهم".

ويضيف خشان "في التقاليد العشائرية لا يرتدي العقال الرجل الذي تقوم أبنته أو أخته بفعل يسئ الى سمعة العائلة، لكنه يعود الى ارتدائه بعد قتل الفتاه من قبل احد أفراد العائلة غسلا للعار. لذلك يصر الرجل بعد مقتل الفتاة على أن يراه الجميع وهو مرتد عقاله، فيفهموا إنه غسل عاره وأنه عاد ليكون جديرا بالاحترام".

ويقول علوان محمد، 50 سنة إن "الأب لم يكن يضرب أولاده بالعصي لتأديبهم إذا ما أخطأوا، فالعصي للحيوان، بل يضربهم بالعقال لتأديبهم وعدم إذلالهم في الوقت نفسه".

ويضيف محمد أن "إمالة العقال الى مقدمة الرأس كان دلالة على الحزن أو وقوع أمر جلل، فهو يشبه تنكيس الدول لأعلامها عند موت أحد الأشخاص البارزين. وتعد إمالة العقال الى الخلف بدرجة كبيرة دلالة على الكبرياء وقوة التحمل، أما إمالته الى احد الجانبين فتشير إلى التهور والاعتداد بالنفس".

ويروي علوان محمد أن "العقال الذي لا يجوز سقوطه على الأرض، ويمكن أن يسقطه صاحبه أمام شخص وجيه عندما يطلب منه حاجة مهمة، ومعنى هذه الحركة إن كرامتي بين يديك وتستطيع أن تردها لي بتلبيتك طلبي. وفي العادة يقوم الشخص الآخر بحمل عقال الرجل وإعادته الى رأسه في أشارة الى أن كرامتك محفوظة وطلبك مجاب".

الرمز في الصين

أبو عبد الله، بائع ملابس رجالية في الناصرية، يقول إن "العقال المصنوع يدويا في طريقه الى الانقراض، فقد كان هناك العشرات من صناع العقال في المدينة أما الآن فلم يبق فيها سوى محل واحد أو محلين صغيرين. ويعود السبب الى منافسة العقال الجاهز الذي سيطر على الأسواق، العقال الذي يأتي من السعودية أو الكويت أو الصين".

تصورنا أن أبو عبد الله يبالغ عندما تحدث عن العقال الصيني فنحن لم نسمع بوجود عشائر في الصين كما هي الحال عندنا، ولم نسمع بوجود آل بو تشن تشاو كما يوجد عندنا آل بو محمد وآل بو دراج، فنقلنا تساؤلنا الى سجاد يحيى، 35 سنة، بائع ملابس رجالية، فيقول "نعم، هناك عقال مصنوع في الصين، وهناك عقال مصنوع في بريطانيا، فتجار الخليج يعطون التصاميم للمصنعين الأجانب فيصنعون العقال حسب المواصفات، وتلك الصناعة أرخص من صناعة البلدان العربية، فأسواق العراق تستورد العقال من الكويت أو السعودية أو دبي، وهم يصنعونه في الصين". ويضيف يحيى "أغلى الأنواع هو المصنوع في بريطانيا، ولذا فهو غير مرغوب بالنسبة لنا".

وعن الإقبال على شراء العقال يقول يحيى إن "الطلب جيد، ويميل الكثيرون الى الشكل التقليدي للعقال ولا يحبون الصرعات، لكن على العموم الشباب يفضلون أنواعا من العقال غير التي يفضلها كبار السن".

ويتابع يحيى أن الكثير من الرجال الذين لا يتردون العقال، أي ما يطلق عليهم "الأفندية" يشترون العقال ويحتفظون به للطوارئ، أي للمناسبات، ففي مناسبات الأعراس ومجالس العزاء وغيرها يحترم الأشخاص الذين يرتدون العقال أكثر من غيرهم.

وفي القرى المحيطة بمدينة الناصرية ينظر للرجل على أنه شاب صغير غير مؤهل لتحمل المسؤولية حتى يرتدي العقال عندها يعد رجلا حتى لو تجاوز الخمسين من العمر. ورغم كل شيء يبقى العقال واحدا من الرموز التي يعتز بها أبناء جنوب العراق يرتدونه ويهتمون به جيلا بعد جيل.

وكالة نيوزماتيك

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
العقال شرف الرجل
بغداد -

كما قال بوش ,, قول وفعل واله يابوش ,,, وقال : الا ارجع الشعب العراقي للعقال والغتره, واجبروا الحكومة العراقية للظهور امام العالم بالمحكمة بارتداء العقال للكل ما عدا صدام لان كان صلف جدا ولا يستطيعوا تكسيره لاكمال التمثيلة. والحين المتخلفين بالعراق صاروا يتنافسون على العقال والغترة, واهل الخليج بامكانهم ان يلبسوا عقالين عل راسهم لارضاء بوش. اضحوكة للامم.

اعقلها وتوكل
اصل العقال -

ويقصد باعقلها وتوكل اي اعقال ناقة العربي.اما الزخرف على الغتره فهو رمز لشبكة الصيد.كما في الصوره

يعقل الناقة؟
لولو -

هنيئا لكم!! نحن اهالي بغداد العريقة متخلصيين من عكلكم الصحراوية.. حتى عكلكم صناعة خارجية يا للويل!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!1

قصة العقال
كريم البصري -

هنالك ثلاث رويات عن العقال العربي،احدهما ان احد الخلافاء العباسيين امر الناس بوضع عصابة سوداء على رؤسهم حزنا على سقوط الاندلس،والرواية الثانية وهي ان النساء في بعض البلاد العربية قصوا جدائلهن حزنا على سقوط الاندلس ورمنهن بوجه الرجال لعدم نصرتهم اهل لاندلس مما حدا بالرجال ان ياخذوا هذه الجدائل ويضعوها على رؤوسهم على شكل عقال وجرت بعدها العادة،وهذه روايتان ضعيفتنان في تقديري،لان العرب عرفوا العقال اقدم من ذالك وهذا مايعزز الراوية الثالثة التي تقول ان البدوا لديهم عقال لعقر الناقة وحالما يركب البدوي على ناقته يضع هذا العقال على راسه حتى يكون في متناول يده،ثم درجت العادة على ذالك وخصوصا مع خلع العمامة من قبل البدوي وارتدائه الكوفية التي سميت غترة فيما بعد، حينها اكتمل شكل الزي العربي على ماهو علية الان،ولهذه قصة اخرى،حيث يقول ابن بطوطة في رحلته الكاملة(راجعوا الرحلة الكاملة)،عندما وصل الى جنوب العراق،قال وجدت قوما يقطنون المسطحات المائية(الاهوار) ويعتاشون على السمك ويدعون انفسهم اهل حضارة قديمة ويضعون على رؤوسهم قطعة قماش خفيفة يسمونها الكوفية نسبتا الى (الكوفة) وهم ينفردون في هذا الزي،ويذكر ابن بطوطة ان العرب يرتدون العمامة،هذا يعني ان الغترة او الكوفية هي زي عراقي اخذها العرب منهم عندما اختلطوا باهل جنوب العراق،لانهم وجدوها مفيدة للصحراء اكثر من العمامة لانها اكثر برودة من العمامة لذالك وضعوا عليها العقال وصار الزي العربي بهذا الشكل.

تعليق رقم 4
ki -

احب اظيف معلومه للروايه الثالثه للعقال وهي انو اهل الاهوار او جنوب العراق توارثو هذه العاده عن اجدادهم منذ الاف السنين من زمن السومريون و سكان أور حيث كان رهبان المعابد السومريه و الناس يستخدمون العقال اثناء ادائهم المراسيم الدينيه الخاصه بهم ذاك الوقت وليتبناها البدو بعد ذالك كبديل للعمامه العربيه كما ذكرت مع تحياتي