حين يتدخل أولياء الأمور الكويتيون في اختيارات أبنائهم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تأثير اولياء الامور في اختيار تخصصات ابنائهم الاكاديمية حقيقة ام خيال
هاني البحراني من الكويت: في هذا الوقت من العام يحاول أولياء امور الطلبة الذين يبلغون من العمر 18 عاما اقناع ابنائهم حديثي التخرج من كلا الجنسين وفي كل مكان وزمان بالانضمام الى مؤسسات تعليمية راقية او جامعات معتمدة عالميا. وفور انتهاء موسم امتحانات الثانوية العامة واعلان النتائج التي حملت انباء طيبة للبعض نتيجة أدائهم المتميز تكتظ الشوارع في جميع انحاء الكويت بالاعلانات التي تستعرض للخريجين الجدد تاريخ تلك الجامعات الاكاديمي واعتمادها وبرامجها والخدمات والتسهيلات التي تقدمها في محاولة لكسب هؤلاء الطلبة ليكونوا جزءا من "الاسرة الاكاديمية" وهو نهج تجاري معتاد ومشروع.
وحققت الصحف المحلية ارباحا غير مسبوقة منذ انتهاء موسم انتخابات مجلسي الامة والبلدي حيث تصدرت اعلانات المؤسسات التعليمية الحكومية والخاصة والجامعات فضلا عن كليات الشرطة والمدارس العسكرية الصفحات الاولى والرئيسة في معظم الصحف اليومية.
وفي خضم تلك الحملة الاعلامية "المشتتة للانتباه" احيانا يبرز سؤال جوهري الى جانب اسئلة فرعية اخرى عما ان كانت هناك علاقة بين مهن الاهل واختيار الابناء لتخصصاتهم الاكاديمية وهل للوالدين تأثير على اولادهم عند اختيار تلك التخصصات.
وقال اخصائي علم النفس الادراكي الدكتور ايوب اشكناني لوكالة الانباء الكويتية (كونا) انه من الناحية العلمية لا وجود لمثل هذه العلاقة التي تربط بين مهن الآباء وطموح ابنائهم.
واستدرك اشكناني قائلا ان عددا من الدراسات الاجتماعية والنفسية بينت أن الأطفال يميلون الى اختيار تخصصاتهم المستقبلية وفقا للصورة العقلية لمهن آبائهم خصوصا اذا كانت تلك المهن ناجحة.
واشار الى انه في حال وجود علاقة "بناءة وايجابية" بين الوالدين وابنائهما فانه من المرجح ان يميل الاطفال لا شعوريا في بعض الحالات لمحاكاة شخصيات والديهم الفكرية سعيا الى تحديد مكانتهم الاكاديمية المستقبلية.
وأضاف اشكناني ان لسان حال الابناء عند اختيار تخصصات مشابهة لتخصصات آبائهم يقول "انا مثل والدي في كل شيء فهو ذو شخصية ايجابية وناجحة ومتميزة وبما انني ابنه لذا ينبغي علي ان احذو حذوه لاحقق السعادة لاسرتي المستقبلية كالسعادة التي شعرت بها عندما كنت في كنف عائلتي".
واوضح ان الاباء والامهات القادرين على اظهار مثل هذه الشخصية القوية والفريدة من نوعها بصورة منطقية امام ابنائهم يقومون في واقع الامر بتكوين نسخة معدلة عن انفسهم متمثلة في اطفالهم.
واردف اشكناني قائلا ان الطبيعة البشرية وغريزة الوالدين تقتضي تمني اقصى قدر من النجاح للابناء مضيفا ان هذا الامر لا يقتصر على بلد معين او منطقة او حتى ثقافة محددة وذلك لوجود عوامل تربوية واجتماعية عدة مؤثرة في تكوين النفس البشرية.
واشار الدكتور اشكناني الى المثل الشعبي الشائع "الولد سر ابيه" بالقول ان هذا المثل يمكن ان يكون مقبولا اجتماعيا في بعض الحالات بشرط ان تجمع الآباء علاقة سليمة بابنائهم.
واوضح ان الابناء ولدوا ونشأوا في فترة زمنية مختلفة عن آبائهم وأمهاتهم وان كانت مهن الوالدين ناجحة ومتميزة فان للابناء حاليا خيارات اكثر بكثير من تلك التي كانت متاحة لآبائهم وأمهاتهم.
من جانبه قال ابراهيم احمد (50 عاما) - وهو اب لثلاثة ابناء فتاتين وولد حيث سبق لاثنين من ابنائه التخرج من المرحلة الثانوية وهما الآن مستمران في دراستهما الجامعية - ل(كونا) انه لا يتدخل في اختيارات ابنائه.
وأكد انه يريد ان يكون ابناؤه قادرين على اختيار تخصصاتهم بأنفسهم مشيرا الى ان ابنه البكر تخصص في العلوم البحرية في حين ان ابنته الآن متخصصة في ادارة الاعمال اذ كلاهما اختار تخصصا يختلف كليا عن شهادته الجامعية في العلوم الاجتماعية.
وشدد احمد على ان رؤية ابنائه "موفقين" في دراستهم اهم بكثير من مدى موافقته على هذه التخصصات من عدمها.
من جهته قال عضو هيئة التدريس في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب الدكتور غنام عبدالعزيز الغنام ان توقعات الآباء للمستقبل والحياة بصورة عامة تحدد رؤى ابنائهم للعالم مع الأخذفي الاعتبار ان معظم الاطفال يرون في آبائهم وامهاتهم القدوة والمثال.
واوضح انه من هنا ترسخت الفكرة النمطية لابن الطبيب ان يصبح طبيبا ونجل المهندس ان يلتحق بكلية الهندسة وغيرها من الانماط الشائعة في المجتمع.
ولفت الغنام الى النموذج الياباني الذي نجد فيه ان الآباء ربوا اطفالهم على التصرف بسرعة ودقة وذلك لتمكينهم من انجاز المهام المدرسية في الوقت المحدد الامر الذي سينعكس على اداء هؤلاء الاطفال في حياتهم العملية المستقبلية بغض النظر عن تخصصاتهم الاكاديمية.
واستطرد قائلا "انه من المهم جدا عندما نضع اطفالنا على طريق النجاح ان ننتقي لهم المهمات التي تتناسب مع مواهبهم التي تراعي الفروق الفردية بينهم" مشددا علىانه من الضرورة بمكان "الا نقارن ابناءنا مع اقرانهم آخذين في الاعتبار عدم وجود ما يسمى بالنموذج الحياتي المثالي".
ومضى قائلا ان التحدي الذي يواجه الآباء يتمثل بالمبالغة في توقعاتهم لابنائهم بينما الافضل من ذلك هو جعل تلك التوقعات اكثر واقعية وملاءمة للمستوى العلمي والذهني للابناء بما يتلاءم مع مصلحتهم.
وحض الدكتور الغنام الاباء على تشجيع وتوجيه ابنائهم موضحا انه عند تخرج الابناء من المرحلة الثانوية ينبغي على الآباء مرافقتهم الى الكليات المختلفة والاستماع الى تطلعاتهم وهمومهم وعدم اجبارهم على الالتحاق بكلية معينة لمجرد ارضاء رغباتهم الشخصية او محاولة تحقيق احلام مفقودة.
وخلص الى القول إنه يجب على الآباء والامهات ان يدعموا ابناءهم ويساعدوهم في استكشاف ميولهم الاكاديمية بالاضافة الى المساهمة في تحقيق احلامهم ورغباتهم دون جعلهم يرزحون تحت ضغوط وتمنيات الوالدين.