إيلاف+

الشاي العراقي سحر الطقوس وثراء التقاليد

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

محمد الطالبي من بابل: رغم أن علاقة العائلة العراقية بالشاي ليست قديمة العهد، إلا أنها ارتبطت به ارتباطا وثيقا، فغدا جزءا من حياتها وطقسا استثنائيا من طقوسها خاصة في الشتاء. فحين تطأ أقدام الضيف البيت العراقي يهرع احد ما لوضع الماء على النار وتُجهَز الاستكانات والقوري (ابريق الشاي) والسكر الموضوع في إناء خاص (الشكردان). وفي ليالي الشتاء الباردة تجتمع العائلة حول موقد النار، وتتناول الشاي مع القصص والحكايات، فلليل حكاية وللموقد حكاية.

أما في الأعياد فيجري تناول الشاي طوال اليوم بسبب كثرة الضيوف. وأحيانا يتناوله الناس للتسلية وإبعاد السأم والضجر. حتى أن قسما من الناس اعتاد تناوله، فحين يفقده لسبب ما يشعر بالصداع. والى هذا تشير أغنية قديمة للمطرب الراحل حضيري ابو عزيز:

"دمضي العريضة امضي العريضة

عيني يبو التموين امضي العريضة

الحلوه عله الجاي طاحت مريضة".

ولأن علاقة العائلة العراقية بالشاي علاقة فريدة. هكذا دخل الشاي في مفاصل حياتها، فهو كالخبز لا يخلو منه بيت. وللشاي قصص وقصائد ولوحات فنية وأغنيات. ففي أربعينات القرن الماضي اشتهرت أغنية عن الشاي وما زالت معروفة حتى الآن بعد أن توطنت في الذاكرة الشعبية. تقول الأغنية

"خدري الجاي خدريه عيوني المن أخدره

مالج يبعد الروح دومج مكدرة

احلف ما أخدره ولا اقعد كباله

الا يجي المحبوب واتهنه بجماله"

وهناك لوحة للرسام نزار سليم عنوانها "شرب الشاي"، ويرد الشاي في قصيدة لنزار قباني في رثاء زوجته العراقية بلقيس، اذ يسائلها "أين شايك العراقي المهيل".

من الحيدرخانة إلى المحافظات

ولشدة ولع العراقيين بالشاي تفننوا في إعداد خلطته، وطريقة شربه، فالبعض يتناوله بالاستكان والبعض الآخر بالصحن بعد تطعيمه بالهال. وهناك من يخلط السكر معه، وغيره يشربه (دوش أو دشمله) حين يتناول السكر منفصلا. والسكر أنواع فمنه الخشن والناعم والقطعة الهرمية الشكل التي تسمى "كله"، وتستخدم بعد تكسيرها إلى فصوص صغيرة، أو المكعبات التي تسمى "قند".

يقول الباحث الأكاديمي احمد الناجي في حديثه لـ"نيوزماتيك"، إن "العراقيين عرفوا الشاي بعد الاحتلال البريطاني عام 1914، وقد انفرد في بيعه احد العطارين في محلة الحيدرخانه المطلة على شارع الرشيد، وشيئا فشيئا اتسع نطاق تجارته وانتقل إلى بقية المدن العراقية".

ويضيف "قوري الشاي يصنع من المعدن أو الخزف، ويسكب في كأس يسمى الاستكان، واصل الكلمة انكليزية، كما أظن، وهي مكونة من ثلاثة مقاطع East -tea - can أي كوب الشاي الشرقي، وهذه الكلمة متداولة في الروسية والألمانية ولغات أخرى".

ويقول المؤرخون إن أول من عرف الشاي هم الصينيون قبل آلاف السنين، ثم اكتشفت نبتته في إقليم آسام الهندي عام 1832، من قبل روبرت بروس وهو ضابط بريطاني كان يعمل في شركة الهند الشرقية. أما موطن الشاي فهو سيلان والهند وكينيا وروسيا واندونيسيا وإيران وشمال العراق. ويعتبر شاي سيلان من الأنواع الجيدة، وزراعته تحتاج إلى أرض جبلية رطبة.

عضو هيئة الإحياء والتحديث الحضاري في بابل محمد عبد الجليل يقول لـ"نيوزماتيك"، "أصبح العراق من البلدان الأولى في استهلاك الشاي على الرغم من حداثة دخوله إليه أيام الاحتلال البريطاني، وتعلمه العراقيون. أما قبل ذلك، أيام الحكم العثماني فقد كان موجودا لكنه قليل جدا وفي البيوت الميسورة فقط ويتم تناوله في المناسبات والأعياد".

ويشير عبد الجليل إلى أن "المقاهي حين كانت تستخدم القهوة سميت كهاوي وحين انتشر الشاي وحل محل القهوة أصبحت تسمى جاي خانه، وبذلك غدا الشاي الشراب السحري المفضل لدى عامة الناس، فهو صديق الصغار والكبار".

أما الشيخ وهاب المرشدي فيقول "أتذكر رواية طريفة عن الشاي. ففي عشرينات القرن الماضي زار وفد من أهالي الريف احد الأعيان فقدم لهم الشاي ولم يكونوا على معرفة سابقة بهذا المشروب. وبعد أن وضعت أمامهم استكانات الشاي ظلوا صامتين لا يعرفون كيف يشربونه. وبعد فترة برد الشاي فطلب المضيف تغييره. وعندما لاحظ أن ضيوفه مستمرون في صمتهم بادر إلى تحريك الملعقة الصغيرة داخل الاستكان، واخذ يشرب منه. فعمل الضيوف مثله. وعند خروجهم سألوه عن المشروب، فقال لهم انه الشاي".

خلاصة الوردة

رؤوف الطاهر، 70 سنة تاجر شاي منذ الخمسينيات يقول لـ"نيوزماتيك" "واكبت مراحل زراعة الشاي في بلدان عديدة منها الهند وروسيا وكينيا وإيران. والشاي الجيد هو الذي يعطي اللون والنكهة في الوقت نفسه".

ويضيف الطاهر "تؤخذ أوراق الشاي وهي خضراء اللون وتحمص ثم تغربل لتصنيفها حسب الحجم، الخشن والوسط والناعم".

وينبه الطاهر قائلا "عند شراء الشاي عليك أن تنظر إلى الأوراق إذ ينبغي أن توجد بينها خيوط بيض. هذه الخيوط هي التي تعطي النكهة وهي خلاصة النبتة- الوردة".

وحول طرق تناول الشاي يقول الطاهر "لشرب الشاي عدة طرق منها طريقة تسمى الدشلمة وهي أن يتم تناول قطعة من السكر منفصلة عن الشاي وهذه الطريقة اتبعت في إيران ومورست في العراق إلى وقت قريب، وللدشلمة عُدَة خاصة تتكون من أوعية وفأس صغير تسمى "الدكاكه" لتكسير "كلة القند"، التي غالبا ما كانت ترسل كهدية في الأعراس.

ويشير الطاهر إلى أن"العراقيين يتلذذون بشرب الشاي بواسطة الاستكان فقط ولا يميلون إلى شربه بالكؤوس. ومع الشاي نشأت طرائف فمثلا إذا وضعت في استكانك ملعقتين يقولون لكن سوف تتزوج بأخرى إذا كنت متزوجا، أو ستتزوج اثنتين إذا كنت أعزب.

يقول حسين سياحي، 55 سنة، "لا استطيع الاستغناء عن شرب الشاي فعند آذان الفجر اعد الشاي مع الهيل وأتلذذ برائحته"، مضيفا "مادمت مستيقظا أتناول استكان شاي كل ساعة فيجعل يومي مليئا بالحيوية".

الحاجة سميرة علوش، 60 سنة، تقول في حديثها لـ"نيوزماتيك"، "أتناول الشاي باستمرار، لكني قبل مجيء شهر رمضان بأسبوع، ابدأ بتقليل شربي له حتى أتمكن من أداء الصوم".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اه ياعراق
ام نور -

اه يابلد الخير ياعراق كل شي فيك جميل حتى الشاي له طعم خاص يختلف عن كل شاي العالم.اللهم اجعل الخير دائما في بلد الخير واحفظ ابناؤه من كل سوء,اللهم امين

ماالذك ياشاي المهييل
زريــد -

ماكو اطيب من شاي على طريقتنا العراقية انا منذ سنين طويلة بهولندا وماقدرت على شرب غير الشاي العراقي فهاي عادة عدنا العراقيين وحتى اللي اعرفهم هنا شاي المهييل اساس البيوت العراقية وحتى من متزوج من الاجنبية تعودت على شرب شاء العراقي بالاستكانات معنا ريحة الشاينا كافية لتريح الراس غير طعمه اللي يخبل

آه جاي أبو الهيل !
عراقي مغترب ! -

منذ زمن بعيد لم أذق طعم الجاي ( الشاي ) العراقي أبو الهيل وجاي أبو الدارسين ذو الرائحة الطيبة ! . شكرا ً للاخ كاتب المقال الذي ذكرني بالاهل والاصدقاء والكهاوي العتيقة الرائعة التي لاتوجد لها مثيل في الكون غير العــــــــــــــــــراق .

.......
رجب أبو العنبه -

كان منزلنا يقع بالقرب من معمل خلط وتعليب الشاي في بغداد مدينة الحريه لذلك كانت رائحة الشاي الزكيه تملئ حينا وبيوتنا أه ماأجملها من رائحه وما أجملها من أيام

جاي سنكين
عراقي -

اهل قبل من حبهم للشاي وتفضيلهم له على باقي المشروبات يقولون (الجاي (الشاي ) هو فراشي وهو غطاي)الله على ذيج الايام -ياريت تعود

خدري الجاي خدري
القاسم -

(نسمع طك استكاين جا وين الجاي) صارلي كذا سنه واني بعيد عن تراب الوطن بسبب الظروف الاخيرة ويزداد حنيني الى كل ما هو عراقي واقسم بالله اني لم اتذوق طعم الشاي المهيل والمخدر على الطريقة العراقية منذ غادرت مطار بغداد رغم اني اشتري افضل انواع الشاي المتوفرة بالسوق ولكنها لاتعطينى طعم ونكهه حتى (شاي الحصة)، وحقيقةً لا يقتصر الامر على الشاي فقط حتى الخضراوات والفاكهه ليست كما في بلدي وكذا طعم لحم الغنم العراقي آآآآآآآه ياعراق يا مقله العين والروح.

الشاي للهضم
ليندا عبد العزيز -

بارك الله فيك على هاذا المقال. اخيرا افتهمنا منين كلمة استيكان!انا من المدمنين على الشاي المهييل وكل الزوار في بيتي يتعرفون على الشاي المخدر والمهييل الذي اقتنيه من لندن. واذا ما صحت لي الزيارة فالاصدقاء يدزوا لي ! على العموم حبيت اضيف نقطة عن استخدام الشاي لتصريف الغذاء الدسم وهناك عادة بشرب الشاي بعد الكباب وامي تقول دائما انه يقطع العطش ولذلك لا ننقطع عن تناول الشاي حتى في ايام الصيف.

سلم العراق واهلة
السيناوي -

فد استكانة شاي باللة ياخوياعبارة تعلمتها في العراق ومازال عالقا في ذهني منظر الاستكانة والبخار يتصاعد وتاثيرها علي حالتي المزاجية بعد تناولها شيء واحد فقط سئلت عنة ولم الق ردا لماذا الاستكانة ولم لا تستخدمون الاكواب الكبيرة التي نعب منها في مصر قال الظرفاء من العراقين الاستكانة لملا الراس والكوب للمعدة يامصري افتهم!سلم العراق واهلة ان شاء اللة سالمين

خدري الجاي خدري...
شوشوالغيرمغترب -

تذكرت اغنيه (خدري الجاي خدري وعيوني المن اخدره) والله ماكو اطيب والذ من جاي العراقي المهيل ولايوجد اي بلد يعرف كيف يخدر الجاي جيدا مثل العراق طبعا مع احترامي لجميع البلدان ولكل بلد طريقه او مذاق خاص فمثلا اهل الشام والاردن وفلسطين يتفننون بطريقه عمل القهوه ونحن اهل العراق بالشاي(الجاي) وهم يستخدمون شاي اللبتون ابو الاكياس.والله شهيتني ياصاحب المقال وذكرتني بايام بغداد وايام الشغل وكيف كنتي اشرب الجاي من يد صاحب المقهى مصري الجنسيه وعربي اصيل واحبه كثيرا وهو لحد الان دوما يسأل عني وكنت اعشق الجاي من عمل يديه وكان يخلط حوالي 7 الى 9 انواع من الشاي السيلاني لكي يطلعه بهذا المذاق الرائع وكم كنت اشرب باليوم حوالي 7 الى 10 استكاين جاي وحتى في شده الحر في تموز وفي الشورجه خاصه وتحت لهيب الحر وانقطاع الكهرباء والعرق يزخ على اجسادنا ووجوهنا.وبهذه المناسبه اهدي جميع اخواني وخواتي ستكان جاي مهيل ومخدر بيدي لاني بارع في عمل الجاي ونحس جدا في طريقه تخديره.وجربوا ان شاءالله مراح تخسروا شيئا...هههه وصبي الجاي صبي....يله شنو رأيكم يا نجوى وعشتار الغاليتين...اخوكم شوشوالغيرمغترب

ارجوا النشر ؟
عشتار -

الشاي , قبل اشهر عقبت عن *الشاي الصيني* ومزاياه . من جانبي ياشوشو الرقيق الصديق اذا كنت اكره شيئا في الحياة ؟ سيكون الشاي !! وفي ايام الحمل اي عندما كنت حاملا باولادي كان زوجي لايتجرئ ان يشرب الشاي بالقرب مني او حتى امامي ومستحيل ان يطلب مني ولحد هذه اللحظة او يكلفني بصنع الشاي له !! والعراقيون واعزاء قلبي الغالين المصريون الاشقاء هم من يستمتعون بشربه ولايبرد الجمر او يهدء الطباخ لدقائق دون صنع الشاي يعني وباختصار ايام العز في بتنا في العراق وقبل الهجرة كان *قوري* الشاي او ابريق الشاي يئن بلا رحمة لانه ودائما ساخنا مليئا من فجر الصباح والى ساعات المساء المتاخرة ! يعني يا شوشو عزومتك طلعت بلا طعم ولا لون ولا رائحة ! حتى لو وضعت لي في الشاي بدل الهيل الماس والؤلؤ لن ولم اشربه وعقوبة لك حتى متتورط وية عشتار مرة ثانية , ياريت تشتريلي 20 كيلو بقلاوة كوني اعشق الحلويات اكثر من نظر عيني ! واعزها اكثر من اولادي ! وخصوصا *البقلاوة* وبما انك من ابناء جلدتي اي عراقي مثلي تتذكر زنود الست من *ابو علي الحمداني* اويلي يمة اموووووت عليها , وابو عفيف وحلويات العسل ووو الخ *الله يرحمك يالعراق ويرحم ايامك التي لاتنسى , تحياتي ووئامي لكل شبر فيك ومنك ايها المبتلى . وخدري الجاي خدري عيوني المن اغدرة اقصد اخدرة ههههه دمتم . عشتاركم