إيلاف+

ظاهرة الأجداد وأحفادهم في أميركا

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

جورجيا، الولايات المتحدة الاميركية: بدأت تلحظ في المجتمع الأميريكي ظاهرة مشابهة بعض الشيء للمجتمعات الشرقية، وهي قيام الأجداد بتربية أحفادهم بدلا من اللجوء لحاضنة أو مؤسسة رعاية أخرى، مدفوعين بأسباب عدة، أبرزها المشاكل الاجتماعية.

إلا أن هذا الواقع الجديد، وإعادة الأجداد سنوات للوراء للعب دور المربي لأحفادهم، يحمل معه بعض الأعباء المادية التي ترمي بثقلها على الوضع النفسي والجسدي للمربين.

فالاميركية روزا فوستر، وهي واحدة من بين 2.5 مليون من الأجداد الأمريكيين المعيلين الوحيدين لأحفادهم، تقول إن واجبها لا يتعلق بالاهتمام بأحفادها في عطلة نهاية الأسبوع والعطل الرسمية فقط، بل أن المسألة أشبه بوظيفة بدوام كامل، معلنة أنهم يعيشون معها.

فوستر، وهي في الثانية والخمسين، وتقطن في مدينة "ستون تاون" بولاية جورجيا الاميركية، أم عزباء قبل أن تصبح جدة تربي أربعة أحفاد تحت سن التاسعة عشرة.

وتقول ممازحة: "المسألة لا تشبه إمضاء نزهة في الهواء الطلق.." مضيفة بأن الأمر صعب جداً.

ووفق نادين كاسلو، كبيرة الخبراء النفسانيين في مؤسسة "غرادي هيلث سيستم" بأتلانتا، فإن وصف هذه المهمة بالصعبة هو قليل، إذ أن قيام الأجداد بتربية أحفادهم يحمل معه تحديات عدة.

وتقول كاسلو: "العديد من الأجداد الذين يأخذون على عاتقهم هذه المهمة هم أصلا كبار في السن، مما يعني أن الفرد الواحد ليس لديه الطاقة الكافية كالوالدين الذين في العشرينيات أو الثلاثينيات، ويمكنهم الركض خلف صغارهم الذين يحبونهم."

ففي حالة فوستر على سبيل المثال، فلم يكن لديها خياراً، وقالت إنها أعطيت حق حضانة طفل ابنتها، الذي كان في عامه الثاني عام 1991، أي منذ 17 عاماً، ومنذ ذلك الحين انضم للصغير شقيقتيه التوأم روزيا ورونيا، والآن هما في سن الـ17، والصغيرة راكيل في الثانية عشرة من العمر.


وتتذكر فوستر قائلة: "في بعض الأيام كنت أشعر بالحزن والاكتئاب وأبكي خلال تحضير زجاجات الحليب، إلا أنني كنت أعرف في صميم قلبي أنه من واجبي العمل على لم شملهم.. إذ لم يكن لديهم غيري.."

وتقول طبيبة النفس كاسلو إن لهذا الواقع الملح، تداعيات صحية على الأجداد.

وتوضح: "عادة ما ترى هؤلاء الأفراد يعانون من الصداع أو أوجاع في البطن، وقد تكون مرتبطة بمشاكل بدنية أكثر تعقيداً، منها ارتفاع في ضغط الدم أو أشياء تعرضك لخطر الإصابة بمرض القلب أو الذبحة."

وتتذكر فوستر إنها أمضت ليالي لم تنل خلالها أكثر من ساعتين من النوم أثناء عملها في وظيفتين لسد النفقات والفواتير.

وأكدت كاسلو أنه من الطبيعي أن يشعر الأجداد بالعبء المادي لتربية أحفادهم، خاصة وأنهم يقومون بالمسألة للمرة الثانية في حياتهم بعد تربية أطفالهم.

وتشير قائلة إلى أن "الأموال التي كنتم تحاولون ادخارها لمستقبلكم، تنفقونها الآن على أحفادكم."

ونصحت الطبيبة الأجداد بتحديد الأولوية عندما يتعلق الأمر بمهنتهم أو وظيفتهم، مادامت الموارد محدودة، موصية هذه الفئة من المجتمع الأمريكي اللجوء إلى الوكالات الحكومية أو الجماعات الدينية أو أقارب لهم طلباً لعونهم، مادياً.

كذلك شددت مطالبة الأجداد الاهتمام بأنفسهم وتخصيص بعض الوقت للممارسة الرياضة وتناول غذاء صحي.


والسؤال المطروح هنا: هل يتسنى لفوستر إيجاد هذا الوقت لنفسها؟

وتجيب بابتسامة متعبة أنها أجلت حياتها لسبعة عشرة عاماً، مضيفة بقناعة "لن أرغب في إبدالها بحياة أخرى."

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف