إيلاف+

آخر نافخ للكير في الجزائر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تشتهر مدينة المسيلة الجزائرية (330 كلم شرق العاصمة) بحرفة "نفخ الكير" التقليدية المتوارثة منذ زمن الجزائريين الأوائل، لكن متغيرات المرحلة الراهنة في الجزائر دفعت كثيرا من حرفيي الكير إلى الابتعاد، "إيلاف" ارتأت تسليط الضوء على هذه الحرفة الشائقة من خلال اقترابها من واقع آخر فرسانها ويتعلق الأمر بالحرفي المتمرس " عيسى رمضان" ومصارعته الظروف من أجل إبقاء هذه الحرفة حيّة.

كامل الشيرازي من الجزائر: في حي الكوش العتيق وسط مدينة المسيلة الجميلة، يخطف " عيسى رمضان " انتباه الزوار في محله العتيق الذي تمتلئ جنباته بأدوات حديدية يتفنن عيسى في صقلها من خلال تحويل أصلب المواد الحديدية إلى ما يشاء من آلات وعتاد مستعملا في ذلك الكير والفحم الحجري وبعض الأدوات البسيطة، ويقول عيسى إنّه ورث هذه (الصنعة) عن والده أحمد، ويجد نفسه ينفق الساعات الطوال كل يوم في سبيل هذه الحرفة التي يعشقها، لذا يبرز بسعادة غامرة أنّه لا يشعر بأي كلل أو ملل في تحويل كل المواد الفولاذية بدقة متناهية إلى أشياء يستخدمها مواطنوه في حياتهم اليومية.


وبشأن نوعية الأدوات التي يشتغل عليها بكثرة، يشير عيسى بينما هو منهمك في العمل، إلى قطع غيار السيارات مثل المقابض المفصلية (كاردان) التي يحوّلها ببراعة إلى أزاميل "مناقير"، تماما مثل قضبان حديد التسليح التي يحولها أيضا إلى أدوات نازعة للمسامير، إضافة إلى القطع الحديدية المختلفة التي يقوم عيسى بتصنيعها إلى مناجل ومعاول وقضبان صغيرة تستخدم لشد النوافذ، علما أنّه تمكن من تحويل نابض السيارات إلى سكاكين ونابض الشاحنات إلى سواطير، مثلما يتطلع إلى تفنن أكبر في مجال رسكلة الحديد غير المستعمل.


ويلفت عيسى إلى أنّه يعتمد كليا على أدوات كان قد صنعها بنفسه ليستعين بها في عمليات تحويل الحديد إلى ما يريد من عتاد، ويوظف عيسى بعض الماسكات الحديدية والمطارق إضافة إلى سندان ومجمرة وقليل من الفحم الحجري المتقد، ويشرح عيسى أنّ الكير التقليدي الذي يتم نفخه بالكيس الجلدي قد اختفى كليا ليحل محله كير صناعي ينفخ فيه بوسائل كهربائية مثل المروحة الهوائية.
ورغم التحديث المسجّل، إلاّ أنّ هذا الحرفي يفضل الاعتماد على ما هو يدوي، ويبرر ذلك بكون الطريقة اليدوية تضفي مزيدا من الجودة والنوعية الراقية على منتجات الحدادة، ويلاحظ عيسى أنّه لا يتردد في بعض الأحيان عن استخدام قطع غيار السيارات والشاحنات بل وحتى الرافعات، لإخراج تحفه في أبهى الحلل.


ويستعرض عيسى لائحة المنتجات الأكثر طلبا ورواجا، وهي لا تكاد تتعدى بحسبه الأزاميل والفؤوس والمناجل، مع الإشارة إلى أنّه حتى الأخيرة لم تعد مطلوبة بالشكل الذي كانت عليه من قبل، في وقت توقفت عمليات التلحيم التي كان يُعتمد عليها في وضع حوافر الخيول، ويحذّر عيسى من عواقب إلحاق "الحدادة" بأي نشاط آخر، مسوّغا نظرته بأنّ لهذه الحرفة مجالها الذي لا يمكن الخروج عنه، مشددا على أنّ تحويل كل ما هو يدوي إلى كهربائي، معناه زوال الحرفة التقليدية.


ويعزو "عيسى رمضان" سر بقائه وحيدا في مدينة المسيلة، إلى مقاومته الدائمة وغيرته الكبيرة على الحرفة لأجل الحفاظ عليها والحيلولة دون اندثارها، ولا يخفي عيسى مواجهته مصاعب جمّة، على غرار نقص الفحم الحجري الذي حتى وإن توفر، فإنّ سعره الباهظ (14000 دينار للقنطار) ليس في المتناول، ولا يمكن لأي حدّاد الاستغناء عن الفحم الحجري، كون المواد الأخرى مثل الفحم الخشبي وغيره لا تعطي طاقة حرارية قوية، أضف إلى أنّ استعمال فحم الخشب يتطلب توفير كميات كبيرة تعادل عشرين مرة الفحم الحجري، ويصطدم آخر حرفيي الكير بصعوبات أخرى كقلة الطلب على المنتوج المصنع يدويا، بالمقابل، صارت الحدادة العصرية تحظى برواج أكبر، ما يستدعي التفاتة ذات بال من لدن القائمين على ميدان الصناعات التقليدية، في وقت لا يزال عرّابو الهيئات الرسمية يواظبون على التوكيد بأنّهم يولون أهمية قصوى لحماية الحرف من الزوال وإعادة بعثها حتى لا تمحى من الذاكرة.


ويجمع "مصطفى"، "مجيد" و"محمد الصالح" وهم حدادّون قدامى تخلوا عن هذه الحرفة، على أنّ الاهتمام بحرفة الحدادة ذات القيم الاجتماعية، يتوجب دعمها ماديا ومعنويا من طرف الجميع، ولا ينبغي أن يتم بطرق تحمل في طياتها الجانب الاستعراضي أو المناسباتي، حيث عادة ما يُطلب من الحدادين إنجاز أشغال معنية ليتم التخلي عنه لمدة طويلة، ويلتقي محدثونا في كون تأمين هذه الحرفة يجب أن يمر عبر قنوات التكوين وتوجيه الشباب إلى هذا الميدان عبر فتح تخصصات على مستوى مراكز التكوين المهني، وتشجيع الممارسين من خلال قروض وتسهيلات تسمح لهم بالوفاء للحرفة وموجباتها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الكير
بن ناصرالبلوشي -

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: ; إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك أما أن يجذبك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاُ طيبة .. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة

نافخ الكيرالى البلوش
اياد العراقي -

الى الرقم 1مادخل الرسول بكلامنا عن رجل يشتغل ويحول الحديد الى ادوات انتاج وربما سيكون الاخير الذي يعمل بيده لمنافسه المكننه. لماذا تدخلون الدين في كل امورنا الانستطيع ان نخلص من الاوهام لنعيش بالعقل والعلم بعيدا عن اوهام واحلام وخرافات الاديان

الى الرقم 1
صلاح الدبن /الجزائر -

الى رقم واحد.1لماذا تنظرون الى العمل بهذه النظرة الدونية وتريد ان تلصقها بالدين الاسلامي والرسول .ص. اشك في انك فهمت الموضوع اصلا انت تشبه بعض المفتين الذين حرموا مااحل الله وحللوا ماحرم الله.

algeri pour les
ahmed -

vive les barbar

إلى إياد العراقى
يحيى -

تعليق رقم واحد لم يقصد إهانة الرجل نافخ الكير , ولكن المؤمن دائما يفكر فى الدين بل وكل كلمة تمر أمامة تدكرة بكلمة أو قول أو أيه فى القرآن الكريم , إنما بكل أسف ردك هو الخالى من الدين , أتريد أن تعيش بعقلك , ومن خلق عقلك ؟ أهو صناعة أمريكية كما أحتلت أمريكا بلدك وعلمتك أن كل شئ بالعلم ولا مكان للدين , وأن الدين هو خرافات , أتق الله فيما تقول أن كان عندك خلق ودين , الدين هو عمود الحياة , ولا حياة بدون دين والدين لا يتعاض مع العلم يا عراقى .

يحيى
اياد العراقي -

انا بصراحه اعيش بعقلي لابديني لان الدين ليس عمود الحياه لانه يفرقني بين اخي الانسان من كل شكل ونوع ومله واعيش بدون اي دين وديني وديدني هو الانسان فقط ولااريد ان اعيش في تحليل كتابات واحاديث لايثبت صحتها ولانعرف مصدرها واعلم ان الدول تتقدم بعقولها لابأيمانها بالاساطير والسحر والشعوذه والتداوي ببول البعير وغيرها والدليل بين العقل والاوهام هو فرق مدى التطور بين الدول المتقدمه ذات الابحاث العلميه والتي لولاها لما استطعت انت الكتابه بالنت او قياده سياره لانهم هم طوروها وليس المعمم او مثل الذي يدعي علاجه للايدز وغيرها بمختبرات جامعه كالزنداني فانظر الى تخلف الدول التي تؤمن باي شيء وانظر الى تقدم الدول التي تؤمن بالعقل الذي لايقبل النصوص القطعيه ويؤمن بالتجربه والقياس والرياضيات والملموس ولايؤمن باي شيء غيره اما بالنسبه للامريكان في العراق فما تفعل امريكا في بلد جل اهله الباقين من المتخلفين والمومنين الذين اذا قال لهم رجل الذين موتوا يموتون لانه يفكر بدلهم ويقودهم للجنه فلو فكروا بعقولهم وابتعدوا عن الغيبيات ونظروا الى مصلحه بلادهم لبنوا العراق بمساعده المحتل لانها اقوى واطور دوله في العالم بلا منازع ولبنوا بلادهم بدل قتل احدهم الاخر طمعا في الدنيا والاخره ولولا الدين لما ذبح السني الشيعي والمسيحي المسلم وكماترى انهار الدماء باسم الاديان ولكن هل سمعت يوما بان عالم فيزياء اوكيمياء قد انشىء مليشيا مسلحه لينشر فكره بين الناس؟ فقط رجال الدين يفعلون هذا ويحللون سفك دماء من لايؤمن بهم من فجر التاريخ ولحد اليوم وبلا استثناء والدليل اقرا التاريخ الانساني

أحسنت أخي يحي
عقلانية -

نعم أخي يحي ليس أجمل من توظيف العقل بالمفيد ...وما أجمل أن نربط بين ما نقرأ وما نشاهد....وهذا ما تفضل به أخينا بن ناصر...ففعلا نافخ الكير جاءت في الحديث الشريف..وكثير من ثقافات بعض البلدان العربية والاسلامية لا توجد بها مثل هذه المهنة...فشكرا لمن ينير العقول بشئ مفيد ويستخدم سلاح الكلمة بما ينفع ..

الامام البلوشي
مولاي -

أريد أن أسأل الامام البلوشي ومن والاه من المعلقين ألم يسمعوا بحديث رسول الله هذه يد يحبها الله ورسوله ; ، حقيقة بعض العرب من كسلهم وهوانهم أصبح العمل الشريف عندهم مما يعير به لدرجة أن للعائلة في دول الخليج سائقا خاصا يوصل الأولاد والست لمشاويرهم بل ويقيم في نفس السكن العائلي لقد أصبح محرما يجوز الخلوة معه أليس كذلك يا امام بلوشي ؟