إيلاف+

في موريتانيا مهنة الغسالين تستعصي على التحديث

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نواكشوط: ربما تكون مهنة تنظيف الثياب المعروفة شعبيا بــ"الغسالة" من المهن التي تحولت إلى صناعة تستوعب عددا كبيرا من اليد العاملة وتوفر لممتهنها دخلا يناسب أولا يناسب ما هو مبذول فيها من جهد ذلك ما يختلف فيه العاملون في المهنة وتعيش هذه الشريحة وضعية صعبة كما يقول أحد الزبناء للأخبار "حيث تعيش مئات الأسر مع ذويها العاملين في هذه المهنة في نفس المحلات الضيقة والمتعفنة بالملابس المتسخة أو النظيفة في ظروف مزرية".

ويضيف أحد العمال"إننا نباشر مهمة خطرة بدون أي ضوابط صحية أو أدوات تقنية تمكن من تقليل المخاطر المحتملة جراء التعرض للملابس التي تعود في بعض الأحيان لمرضى أمراضهم معدية إضافة أن الجهات الإدارية التي تتولى الإشراف على القطاع لا تهتم إلا بجانب واحد هو جانب الجباية دون أن يكون ذلك بمقابل خدمات تؤديها".

البلدية والضرائب أكبر تحد يواجه المهنة


تمت محاورتهمحول وضعياتهم المختلفة همومهم وتحدياتهم وكيف تؤثر العديد من المتغيرات المتعلقة بالأسعار والضرائب على واقع حياتهم الذي يشتكون من صعوبته حيث يرى صاحب المحل "محمد" أن أكبر مشكلة تواجه المشتغلين في هذه المهنة تكمن في الشرطة والبلدية والحملات التي تنظمها البلدية بين الفينة والأخرى لأخذ الضرائب والتعنيف المستمر علي نشر اللباس في الشارع وعلي صب الأوساخ فيه وتهدد باستمرار بحبسه".


ويضيف الغسال محمد "ماذا يريدون منا هل يريدون أن نشرب الغسيل أم ماذا نفعل؟ ولماذا لا يأتون بحاويات أو خزانات لإفراغه فيها ؟ وبالتالي لا يبقي أمامنا إلا أن نفرغه في الشارع، والمشكلة الثانية هي ارتفاع أسعار مواد الغسيل من ماء وصابون وعلك "صمغ" وجافيل... وكذلك الغبار الذي يضطرنا في بعض الأحيان إلي إعادة غسل اللباس مرة ثانية أو تأجيل تنشيفه لحين انجلاء الغبار أو تأخير غسله أصلا، أما فيما يخص الأمراض المعدية فقال أن بعض الزبناء لا يخبرونهم ببعض أمراضهم وهو ما يسبب لهم أمراضا مثل بعض الحبوب علي اليدين والأزناد، والمرض المعروف شعبيا بـ "بواشديك".

ثلاث مشاكل كبرى بدون حل

أما الغسال "السالك ولد بلخير" فيرى أن المشاكل الرئيسية التي تواجههم هي ثلاث مشاكل:
أولا: الأوساخ (ماء الغسالة ) ونتعامل معها بثلاث طرق هي:
1- إقامة حفير في الشارع لإفراغ الغسالة وهو ما يسبب أذى للمارة والسيارات التي ربما تقع في إحدى الحفر ، هذا فضلا عن الرائحة الكريهة التي تنتج عن تراكم الأوساخ في الحفرة.
2- أما الطريقة الثانية فهي إعطاء الغسيل لبعض أصحاب الحمير ليفرغوه في مناطق فارغة فيتجهون لبعض الأحياء ، وهو ما يسبب أذي لأصحاب ذلك الحي.
3- أما الطريقة الثالثة فهي صب الأوساخ في الشارع فالتراب والرياح والشمس كفيلة بمسح أثره كل يوم.
وأضاف "السالك" إن البلدية أخذت منهم الكثير من المال -علي دفعات متفرقة ومازالت تأخذها - لتعطيهم خزانات لتفريغ غسيلهم، ولكنها لم تعطيهم لحد الساعة أي خزانات لحل هذه المشكلة.
ثانيا: تعليق اللباس في الشارع وهذه المشكلة لا تقل خطورة عن سابقتها فنحن والبلدية في حرب مستمرة، فهم لم يوفروا لنا ما نعلق عليه الثياب حتى تجف ونحن ليس لنا مكان لنعلق عليه ثيابنا ، وبالتالي فنحن كما قلت في شد وجذب مع البلدية .
ثالثا: أما المشكلة الرئيسية الثالثة التي نواجهها فهي مشكلة شح المياه وندرتها وزيادة علي ذلك فإننا نستخدمها بكثرة وإسراف لابد منه.

لا وسيلة للوقاية من العدوى


أما فيما يخص الأمراض المعدية فقال إنها علي ثلاثة أشكال إما أن تري بالعين أو تشم بالأنف أو تكون خفية وفي هذه الحال علي الزبون أن يشعر بها ، وعلي العموم فإننا نعزل اللباس المشكك فيه ونغسله وحده . وفي رده علي ماقاله "محمد" من أن بعض الأمراض تنتقل إلي أيديهم وأذرعهم، ويضيف:" وذلك ناتج من أن بعض الغسالين يصبون "جفل"علي أيديهم والبعض الآخر لا يغسل يديه بعد استخدامه للمحلول"أوم". وفي ما يخص ضياع الملابس أعتبر"السالك" أن الموريتانيين بطبعهم مسامحون ومتفهمون لإمكانية ضياع ملابسهم رغم قناعتهم بحرص الغسال عليها.
الغسال عالي عاتب على وسائل الإعلام


أما"عالي" فقد استقبلنا علي طريقته الخاصة قائلا بـــ"أنهم ملوا من المقابلات والتقارير فالكل يعرف أحوالهم وواقعهم ثم لا يهمهم من أمرهم شيئا ويضيف أن الإعلاميين يذهبون بصورهم وبواقعهم للخارج يستجلبون المساعدة ثم يرجعوا بأموال طائلة ليبنوا بها القصور والأسواق ناسين أو متناسين أن هذه الأموال ما هي إلا مساعدة لهم هم وأمثالهم من الضعفاء الغسالين ويضيف فمغسلتي أنا خرجت علي شاشة الجزيرة وخرج هو "يعرك"اللباس ويغسله ، فماذا استفدت أنا؟ لم أستفد شيئا سوي أن أهل البلدية زادوا علي الضغط لأنني أظهرت المدينة بمظهر غير لائق وفرضوا علي السعي لتغيره أو أن تزاد على إتاوات جديدة علي الأقل حتى لا أعود لمثلها ".

والزبناء وأصاحب الدار لا ينصفونه ويظنون أنه يكدس الأموال علي الأموال، فالقميص الذي كان يرجوا من غسله 50 أوقية صار عليه أن يبحث عن ثمنه بعد ضياعه. أما المشاكل فهي نفس مشاكل سابقيه، غير أنه يدعوا إلي جمع الغسالين في صعيد واحد مما يسهل مهمتهم ويجعلهم يصبون أوساخهم في مكان واحد لتفرغ بعدما تمتلئ .
أما "عبد الله" فأضاف أنه مما يزيد التكاليف عليهم أن بعض الزبناء يتركون لباسهم لأسبوع أو أسبوعين وحتى لشهر ،وأنهم لو كانوا أخبروهم بهذا لما كانوا قبلوا به فالحانوت يطالبهم ب(مواد الغسيل) والكراء ب(15.000)أوقية علي الأقل، والعامل ب(20.000) أوقية علي الأقل، والكهرباء والمكواة تستنزف الكهرباء، والماء..إلخ
أما الغسالات الحديثة فقد أكد لنا من التقينا بهم بأنهم لا تنافسهم علي الإطلاق وكل يحظى برزقه أما الأرباح فهم مجمعون علي ضآلتها إن وجد أصلا.

وضع ضوابط تنظيمية للمهنة مطلب ملح

ويرى محمد عالي وهو أحد المهتمين أن قطاع الغسالين برز في السنوات الأخيرة بصفة منظمة مكنته من رفع سعر اللبسة 250%في فترة وجيزة لا تتعدي السنتين علي عموم نواكشوط، حتى إن ولايات الداخل تأثرت هي الأخرى بهذا التسعيرة ، ويرى أن مشكلة هذا القطاع الرئيسية تكمن في النظافة وفي إراقة الأوساخ في الطرقات، ويبدي استغرابه لعدم اهتمام الدولة بهذا القطاع ، فالمغاسل بدائية والغسيل يسكب في الشوارع ، ونشر الملابس في الشوارع أيضا ... ويرى بأنه يجب علي كل غسال أن يكون له مستودع للأوساخ يتولى تفريغه كلما ما امتلئ ، وكذلك يجب علي إدارة الشغل أن تنظم دورات تحسيسية لصالح هذا القطاع تبين فيه الواقع وما يجب أن تكون عليه صورتهم ومظهرهم الحضاري، فالمطلوب باختصار هو تنظيم وتحسين وتطوير القطاع لتلافي المخاطر التي تؤدي إليها الفوضوية الموجودة في الوقت الحالي والتي يتضرر منها العمال والسكان في آن معا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف